ذبح الحيوان قبل موته ضمان لطهارة لحمه من الجراثيم والميكروبات

الدكتور جون هونوفر لارسن*

 

تقديم:

تعد قضية الذبح التي يأمر بها الإسلام قبل الإفادة من لحم الحيوان – الذي أحله الله – من جملة القضايا الساخنة التي دارت معارك كلامية وحوارات مع الأقليات المسلمة، في كل من بريطانيا، وأمريكا، وفرنسا، وغيرها حولها. وتعد جمعية الرفق بالحيوان في هذه البلدان وغيرها من أبرز الجمعيات التي تثير هذه القضية، وتستنكرها، وتظهر مناظر الأغنام بعد قيام المسلمين بذبحها وهي ترفس بأطرافها وتتلوى؛ علمًا أن التقدم العلمي يقدم الأدلة الواضحة على صحة تلك الشرائع الربانية، وحكمتها السامية، ومن ذلك ما نسمعه من كلام أهل الاختصاص في قضية ذبح الحيوان المقررة شرعًا.

ولتجلية فوائد ذبح الحيوان طبيًا قبل الإفادة من لحمه وبقية أجزائه، اعتبر الدكتور جون هونوفر لارسن أن لحم الميتة يشكل مستودعًا للجراثيم، ومستودع للأمراض الفتاكة، والقوانين في أوروبا تحرم أكل الميتة.

اكتشف مؤخرًا أن هناك علاقة بين الأمراض التي يحملها الحيوان الذي يموت مختنقا وبين صحة الإنسان. حيث يعمل جدار الأمعاء الغليظة للحيوان كحاجز يمنع انتقال الجراثيم منها – حيث توجد الفضلات – إلى جسم الحيوان وإلى دمه طالما كان الحيوان على قيد الحياة. فإذا حدث للحيوان خنق فانه يموت موتًا بطيئًا. وتكمن الخطورة في هذا الموت البطيء عندما تفقد مقاومة الجدار المغلف للأمعاء الغليظة تدريجيًا مما يجعل الجراثيم الضارة تخترق جدار الأمعاء إلى الدماء وإلى اللحم المجاور. ومن الدماء تنتقل هذه الجراثيم مع الدورة الدموية إلى جميع أجزاء الجسم لأن الحيوان لم يمت بعد، كما تخرج من جدار الدماء إلى اللحم بسبب نقص المقاومة في جدر هذه الأوعية الدموية فيصبح الحيوان مستودعًا ضخمًا لهذه الجراثيم الضارة.

وهناك تشابه في الخطورة بين موت الحيوان خنقا وبين موته ضربًا. حيث يصاب هذا الحيوان كذلك بالموت البطيء كالمختنق تمامًا فيقع له ما وقع للمختنق؛ وزيادة على ذلك فان الضرب يتسبب في تمزيق الأوعية الدموية في مكان الضرب، كما يمزق الخلايا فيه، فيختلط تركيب الدماء مع تركيب الخلايا مما يتسبب في حدوث تفاعلات للمواد السامة الضارة. ولذلك تلحظ وجود تورم يقع في مكان الضرب إن هذا التورم الحادث سببه وجود التفاعلات الكيميائية الضارة التي أصبحت مولدات لمواد سامة إلى جانب التسلخ الذي يحدثه الضرب بجسم الحيوان. وبهذا يصبح الحيوان الذي مات من الضرب مستودعًا للجراثيم الضارة وخطرًا على صحة الإنسان.

أما إذا ذبح الحيوان قبل موته تخلص الجسم من هذه المادة التي تسبب انتقال هذه الجراثيم إليه؛ لأن الدم هو السائل الحيوي المهم في جسم الكائن الحي والذي يستطيع مقاومة ملايين الطفيليات بما يحويه من كرات بيضاء وأجسام مضادة مادام الكائن حيًا وفي درجة حرارته الطبيعية، فإذا مات الحيوان وتوقف الدم عن الجريان أصبحت الميكروبات بدون مقاومة، وفي هذه الحالة يكون أسلم الطرق هو الإراقة الكاملة لهذا الدم، وإخراجه من الجسم في أسرع وقت ممكن.

وقد اكتشف العلم أن مراكز الإحساس بالألم تتعطل إذا توقف ضخ الدم عنها لمدة ثلاث ثوان فقط، لأنها بحاجة إلى وجود أكسجين في الدم باستمرار. أي إن هذا الحيوان لا يحس بالألم مع أننا نراه يرفس ويتحرك ويتلوى ويتخبط. فهذا سببه أن الجهاز العصبي لا يزال حيًا، وما تزال فيه حيوية، ولم يفقد منه غير وعيه فقط.

وفي هذه الحالة مادمنا لم نقطع العنق فإننا لم نعتد على الجهاز العصبي فتظل الحياة موجودة فيه، لكن الذي يحدث في عملية الذبح – أي بطريقة المسلمين – أن يبدأ الجهاز العصبي بإرسال إشارات من المخ إلى القلب طالبًا منه إمداده بالدماء لأنها لم تصل إليه. وكأنه ينادي: لقد انقطعت عني الدماء.. أرسل إلينا دمًا أيها القلب، يا عضلات..أمدي القلب بالدماء، أيها الجسم..أخرج الدماء فإن المخ في خطر.

عندها تقوم العضلات بالضغط فورًا ويحدث تحرك سريع للأحشاء والعضلات الداخلية والخارجية، فتضغط بشدة وتقذف بكل ما فيها من دماء، وتضخها إلى القلب، ثم يقوم القلب بدوره بالإسراع في دقاته بعد أن يمتلئ بالدماء تمامًا فيقوم بإرسالها مباشرة إلى المخ، ولكنها – بطبيعة الحال – تخرج للخارج ولا تصل إليه، فتجد الحيوان يتلوى، وإذا به يضخ الدماء باستمرار حتى يفرغ جسم هذا الحيوان تمامًا من الدماء..وبذلك يتخلص جسم هذا الحيوان من أكبر بيئة خصبة لنمو الجراثيم، وأخطر مادة على الإنسان.

الخلاصة:

إن الحيوان المذبوح يفقد الحياة خلال ثلاث ثوان فقط إذا ذبح بالطريقة الصحيحة، وإن ما نراه في الحيوان من رفس، وتشنج، وما شابه ذلك هي مؤثرات بقاء الحياة في الجهاز العصبي ولا يشعر الحيوان المذبوح بها على الإطلاق.

لقد وردت كل هذه الأسرار الطبية والحكم الصحية في طيات هذا الكتاب العزيز حيث قال الله: {حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدّيَةُ وَالنّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السّبُعُ إِلاّ مَا ذَكّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النّصُبِ…} ( المائدة 3)

ـــــــــــــــــــ

* أستاذ قسم البكتريا في مستشفي غيس هوسبيتال – المستشفى الرسمي – اكبر مستشفيات كوبنهاجن. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.eajaz.org