الوضوء من منظور علم النقاط الانعكاسية

د. ماجدة عامر*

 

            يعتبر علم تدليك النقاط الانعكاسية في الجسم Reflexology من علوم الطب المكمل أو البديل وهو علم مبني على وجود مسارات للطاقة الفسيولوجية غير مرئية في الجسم، وان هناك نقاطاً عديدة على سطح الجسم ترتبط بطاقة أجهزة وأعضاء الجسم الداخلية، ومعظم هذه النقاط يتركز في الأطراف والوجه واليدين والأذنين والقدمين. وتدليك هذه النقاط يعيد التوازن والنشاط لأجهزة الجسم الداخلية ويستثير القدرة الشفائية الذاتية للجسم وينبني على قواعد هذا العلم عدة طرق علاجية أهمها العلاج بالإبر الصينية والعلاج بالحجامة Cupping والعلاج بالتدليك.

 

وقد استخدمت هذه الطرق لعلاج كثير من الأمراض المزمنة كآلام الظهر والرقبة والعمود الفقري وارتفاع الضغط الدموي والإمساك المزمن والأرق والصداع والتوتر إلى غير ذلك. مما قد حقق نتائج علاجية جيدة. وتدليك هذه النقاط الانعكاسية بالضغط عليها (Acupressure) يخفف حدة التوتر الناشئ من ضغوط الحياة اليومية وهي المسؤولة عن نشأة معظم الأمراض الجسدية. ويعيد للإنسان الشعور بالراحة والاسترخاء Relaxation وتدليك هذه النقاط أيضاً ينشط الدورة الدموية واللمفاوية وبالتالي يساعد على التخلص من  المواد السامة والضارة في الجسم. وبما أنه خلال العمل اليومي للإنسان تنخفض طاقته وقدرته على العمل والتركيز ويزداد الشعور بالتعب والإرهاق من حين لآخر فعند تدليك هذه النقاط يتجدد نشاطه وتعود إليه حيويته.

بعد هذه المقدمة يمكن أن نستنتج بعض الحكم العلمية والطبية في بعض أعمال الوضوء والغسل المتعلقة بالتدليك والتخليل بين أصابع اليدين والقدمين.
يعتبر التدليك من واجبات الوضوء والغسل عند بعض فقهاء المالكية، وسنة من السنن عند باقي الفقهاء فهو على الجملة مطلوب فعله عند تنفيذ هذه العبادة المتكررة ففي الوضوء يمارس المسلم تدليك الوجه واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الكعبين ومسح الرأس والأذنين في فترات زمنية محددة في اليوم والليلة وهي أوقات الصلاة ولعدة مرات متتالية مما يجعل تدليك هذه النقاط الانعكاسية عند المسلم من المخلفات الضارة المتراكمة في الجهاز اللمفاوي والهضمي كما يتخلص من التوتر يزداد نشاطه الحيوي وتتوازن طاقة أعضاء جسمه الحيوية وبالتالي يتوقى ما يمكن حدوثه من علل أو يصلح بعض ما حل به عطب.
فتدليك اليدين والقدمين مسكنة للآلام وذلك لأن تدليك هذه النقاط يتسبب في إفراز مادة الاندروفين وهي مادة المورفين المسكنة بقوة لآلام الطبيعة الداخلية وبالتالي تجعل الإنسان يشعر بالاسترخاء وتخلصه من التوتر والغضب، ولذا قال صلى الله و سلم:” فإذا غضب أحدكم فليتوضأ” رواه الترمذي. كما أن تدليك بعض النقاط ينشط الجهاز المناعي وغيرها كثير كالنقاط التي تعيد نشاط العمود الفقري و الركبة  والمثانة  ونقاط الاسترخاء والهدوء. كما ان تدليك اليدين إلى المرفقين يحسن من وضع مسارات الطاقة التي تمر بهذه المنطقة وهي ستة مسارات فتتحسن طاقة الرئتين والأمعاء الغليظة والقلب والأمعاء الدقيقة.
وكذلك تدليك القدمين إلى الكعبين يحسّن أداء مسارات الطاقة التي تمر بهذه المنطقة وهي ستة مسارات أيضاً فتتحسن طاقة المعدة والبنكرياس والمثانة والكلى والقناة المرارية والكبد.
أما التخليل بين أصابع اليدين والقدمين فيدلك نقاطاً بين هذه الأصابع (يسميها علم الإبر الصينية النقاط الخارجية extra points) وتدليك هذه النقاط يخفف كثيراً من آلام الصداع وبعضها له تأثير مهدئ.
وعليه فعملية تخليل ما بين الأصابع المتكررة وتدليك نقاط الطاقة هذه تساهم في منع إصابة المسلم بكثير من الأوجاع كالصداع وتخفف من درجة التوتر الناتج عن ضغط العمل اليومي. أما الرأس الذي هو مركز الطاقة الروحي ففي هذا العلم الذي يستقبل ذبذبات المستويات الروحية وتبدأ منها مسارات الطاقة المختلفة بطول الجسم من الرأس إلى القدمين وهي التي تشكل الهالة أو المجال الكهرو مغناطيسي توجد وتصور بأجهزة خاصة حول الجسم ولها ثلاثة مستويات: التنفسي، والعضلي، والبدني.

 

ومسح الرأس يمكن أن ينشط هذه المسارات ونأمل أن يقوم الباحثون المسلمون بتصوير تلك المسارات بهذه الآلة الكهرومغناطيسيسة وبعد الوضوء، وكذلك قبل وبعد الصلاة حتى ندرك أثر عبادة الوضوء والصلاة على المستويات الثلاثة لهذه الهالة. أما مسح الأذن التام فهو بالسبابة والإبهام لجميع أجزاء الأذن وهو منشط لطاقة معظم أجهزة الجسم البشري.
وبهذا ندرك أهمية التدليك في الغسل حيث تتوزع المسارات الطاقة الفسيولوجية غير المرئية وعددها أربعة عشر مساراً بطول الجسم من الأمام ومن اخلف.

 واذا نظرنا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية الغسل لإدراكنا بعض أسراره التي تجلت بهذا العلم حيث كان صلى الله عليه وسلم. يغسل ويدلك النصف الأيمن من الجسم من الأعلى إلى الأسفل أولاً ثم يغسل ويدلك النصف الثاني الأيسر من الأعلى إلى الأسفل أيضاً وهذا من شأنه أن يعيد نشاط طاقة هذه المسارات ويزيل أي انسداد بها مما ينعكس إيجابياً على صحة وسلامة أعضاء الجسم الداخلية. إن حديثي في هذا الموضوع ما هو إلا محاولة مني لفهم بعض أسرار الوضوء والغسل وفق ما درسته وتلقيته في علم الرفلكسولوجي وإلا فأسرار الوضوء والغسل أكثر من أن تحصى: فهو أولاً عبادة لله رب العالمين، وهو شطر الإيمان، ومزيل الخطايا كما اخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وهو العلامة البارزة التي يتعرف بها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وكل ذلك يضفي على نفس المؤمن راحة وطمأنينة وسعادة لا يعادلها شئ مما يؤثر إيجابياً على صحة البدن من الأعداد الهائلة من الكائنات الدقيقة والمتطفلة الممرضة والتي يمكن أن تكون سبباً في إصابة الإنسان بكثير نم الأمراض والعلل، فالحمد الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

______________________________
* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع  www.eajaz.org