تعريف بالإسلام

__________________________________________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هو السلم والسلام والطمأنينة والصفاء والمحبة والرحمة، يسبر أعماق النفس فيريحها، وينير الطريق إلى الحق، ويحبب صاحبه إلى الخلق. هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، فيه زبدة ما سبق وحاجة ما قد يأتي، يرشدهم إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة. من حقق فيه الاستقامة أمّن به السلامة، ولم تأكله الندامة، إن أقر به اطمأن قلبه، وسكن قلقه، وفرح واستبشر، وإن تجاهله فلن يضر الله شيئا بل هو الذي صار عرضة للأهواء والمخاطر، وأسير القلق والضياع والصراع، كأنه خرّ من السماء أو هوت به الريح في مكان سحيق.

أشهد أن لا إله إلا الله

 وأشهد أن محمداً رسول الله.

هي أثقل ما في السموات وما في الأرض، تخرِج العبد من ضيق الكفر إلى سعة رحمة الله، وتفتح له أبواب الخير كله، شهادة إن قالها الكافر صادقاً غفرت له ما تقدم من ذنبه وإن عَظُم، وبها يجدد المسلم إيمانه، ويثبت قلبه، ويعزز اعتقاده.

الإسلام دين سماوي ارتضاه الله تعالى لخلقه، أرسل لهم الرسل فكذبهم الناس، وأنزل عليهم الكتب فاندثر أغلبها، فختم الرسل بالنبي الحكيم الرحيم محمد صلى الله عليه وسلم، وختم الكتب بالقرآن الكريم، وتعهد بحفظه، فيه ما يدل على الخالق وعظمته وعلى محبته ورأفته.

إلى من يبحث عن الحقيقة المطلقة: الإسلام هو أقصر الطرق إلى معرفة الله وما يريد. غفور رحيم ولو بلغت ذنوب العبد عنان السماء. يأمر بالعدل والإحسان، ويحرّم ظلم النفس وظلم الغير، جعل لعلوّ الهمة أجرا، وعلى التكاسل والتقاعس وزرا. حض على فعل الخيرات وعلى ترك المنكرات، وعلى نصرة المظلوم وقول الحق.

          دلّ العبد على بواطن نفسه، ونبّهه من خطر انحرافها وعلّمه كيف يزكّيها، وحذّره من اتباع الشهوات والشيطان، ومن الحسد والحقد والغضب والطغيان.

جعل في القرآن الكريم رحمةً وشفاء، وفي أداء الفرائض صحةً ودواء . أباح التقرب إليه وشجع عباده عليه، ومن أراد أن يتقرب إليه فليبدأ بما فرضه عليه، ومن زاد بالنوافل وتحصيل العلم وفعل الخير ازداد تقربا.

أباح للناس ما ينفعهم، وحرّم عليهم ما يضرّهم، ولو عصى أهل الأرض جميعاً فلن يضروا الله شيئا. أمر ببر الوالدين، ونظم العلاقات داخل الأسرة والمجتمع وبين الشعوب والأمم.

نبذ التفرقة وشجع على الجماعة ووحدة الكلمة. ليس بمسلم من لا يرحم الصغير ولا يوقر الكبير، ولا يشكر المنعم ولا يعطف على الفقير، ولا يعطي للعالِم حقّه. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده. والخلق كلهم عيال الله مؤمنون وكافرون وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله. والصدقة تطفىء غضب الرب وتقي مصارع السوء، ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله، وما عُبِدَ الله بأفضل من جبر الخواطر.

الإسلام ارتقاء مستمر، أوله أن يأتي المرء بأركانه الخمسة: فالإسلام بُنِيَ على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ  البيت للمستطيع. والغسل من الجنابة أمانة، فيكون المسلم قد أدى الحد الأدنى المطلوب منه.

ويمكن للمسلم أن يرتقي بأداء الأركان إلى تكسّب الإيمان، والإيمان ” بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”.

ثم يسعى الموفق من المؤمنين إلى تحصيل الإحسان، وفيه الإكثار من ذكر الله، والاجتهاد والمجاهدة، والتربية والتزكية والأدب، والتحصيل والعمل والخدمة، حتى يبلغ مرتبة:

“أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.

أول الإيمان: أن نؤمن بالله تعالى، وملائكته، وكتبه المنزلة، ورسله والأنبياء، والقضاء والقدر، خيره وشره، وأن الخلق كما بُدِيءَ يُعَاد، وأن الموت حق وسؤال القبر حق، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الساعة حق والحشر حق والعرض حق والحساب والميزان والصراط حق وبعد ذلك الجنّة أو النّار.

ولله تعالى أنبياء، أوّلهم آدم وآخرهم محمّد صلّى الله وسلّم عليهم أجمعين، أكرمهم بالمعجزات والآيات، تجب لهم العصمة والصدق والأمانة، ويستحيل عليهم أضدّادها، ولم يكن نبيٌّ صاحبَ عاهةٍ منفّرةٍ أبدا، وما زنت امرأة نبي قط .

 ولا نذكر أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا بخير، ونقرّ بالخلافة بعد النّبي صلى الله عليه وسلّم لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم أجمعين، أجمعت عليهم الأمة فلا نفاضل بينهم ولا نفضل أحداً عليهم. ونحب أهل البيت وخاصة السبطين الحسن والحسين، وأمهما فاطمة الزهراء، وجدتهما خديجة الكبرى وهي أول أمهات المؤمنين، ثم عائشة وسائر أمهات المؤمنين من أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن أجمعين. ولا نخوض في ما جرى بين الصحابة إذ هو اجتهاد، ولا نقول عنهم إلا خيراً، ولا نزكي أنفسنا ولا ننصب أنفسنا للحكم على أحد منهم، إن الحكم إلا لله، وهو أعلم بمن اتقى.

وفي العقيدة أنّ هذا العالم وُجِد بعد العدم، وموجِدُهُ هو الله تعالى، وأنه يَجِبُ له تعالى الوجود والقِدَم، والبقاء، ومخالفة الحوادث، والقيام بنفسه أي لا يحتاج إلى مكان، والوحدانيّة والحياة، والعلم والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. وأنّه حيٌّ بذاته، عليمٌ قادرٌ مريدٌ سميعٌ بصيرٌ متكلّمٌ بكلام قديم. وأنّ أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون. ويستحيل في حقّه تعالى أضدادها. ولا يُوصف تعالى بعَرَضٍ ولا جوهر ولا جسم ولا بلون أو رائحة ولا يُشبه الخلق إذ ليس كمثله شيء،  ويجوز له فعل الممكنات وتركها.

ولا نتكلم في  ذاته تعالى بالعقل بل نتفكر بآلائه وآياته. ولا نخوض في الرّوح ولا نقول بقِدَم العالم فهو مخلوق.

ولا يحاسب الإنسان إلا في ما خيّر فيه من اعتقاد أو قول أو عمل. وأن للعباد كسبًا على الحقيقة من حركة وسكون بمشيئته تعالى وعلمه وقضائه وقدره.

لا يغيب عن الله تعالى شيء، يسمع كل الأصوات، ويرى كل الحركات والسكنات، ويتقبل بكل اللغات، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

 ولا نُكَفِّر بذنب من الذنوب بمُطلَق ارتكابه، ولا نقول إن الذّنب لا يضرُّ مع الإيمان، لكن الله غفور رحيم، قد يقبل التوبة في ما ارتكبه العبد بينه وبين ربه، إلا حقوق الناس فيجب أن تؤدى إليهم قبل الموت أو عبر الورثة من بعده.

والمقتول ميّت بأجله، والقِصَاصُ للمخالفة، ولا نرى الخروج على الأئمة وولاة الأمور، لأن الفتنة أشد من القتل، وندعو لهم بالصلاح والرشد ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدًا من طاعتهم إذا اختارتهم الأمة.

وأن القتل جريمة، ولا يحل لأحد أن يقتل أو يقاتل إلا في الحرب، ولا تعلِن الحربَ إلا الدول، وكل عمل يرتكبه فرد أو جماعة يؤدي إلى الترويع أو القتل فهو جريمة ويؤدي إلى الفتنة، ولا فتوى فيه. وأن الأقلية التي تعيش بين المسلمين هي في ذمتهم، عليها الأمان ولها ما لهم، وعليها ما عليهم من الحقوق والواجبات، ولا يجوز الغدر بها ولا الانتقام منها ولا التعرض لممتلكاتها ولا إلحاق الأذى بأشخاصها، ولا تزر وازرة وزر أخرى فلا يتعرض لأهل المجرم او ذويه او عشيرته. وأن الأقلية المسلمة هي في ذمة البلد الذي تعيش فيه، لها ما لأهله وعليها ما عليهم، ولا يجوز الغدر بها أو إلحاق الأذى بأشخاصها أو ممتلكاتها. وأن كل أمة حرة في اعتماد النظام السياسي والاقتصادي الذي تختاره، وأن المبتغى هو إيمان الناس بالله ولا إكراه في الدين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

وأن الأجنبي الذي يزور بلاد المسلمين بطريقة شرعية هو في ذمة الدولة وذمة مواطنيها ولا يجوز خطفه أو إلحاق الأذى به.

يعلّم الإسلام صاحبه تطوير صلته باتجاهات ثلاثة: ربه، وأعماق نفسه، وسائر الخلق.

مع الله تعالى: من أكثر ذكر الله أحبه الله، ومن توكل على الله كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن دعاه أجابه. نجتنب الكفر والشّرك، والكذب خصوصًا على النّبي صلى الله عليه وسلّم، والإفطار عمدًا وكذلك تقديم صلاة عن وقتها أو تأخيرها بدون عذر، وترك ركن من أركان الإسلام، واليأس من رحمة الله تعالى، والأمن من مَكره، وذبح الحيوان لغير اسم الله، والدّعاء إلى ضلالة ما، والإلحاد في الحَرم أي هتك حرمته، وتصديق كاهن أو منجّم بخبره، والتّكذيب بالقدر، والبيع وقت صلاة الجمعة. ونجتنب النّجاسات كالدّم وغيره في البدن والثّوب والمكان، وأكلها وشربها ومسّها واستعمالها. والصورة أو النحت بين يدي السّاجد. وإبطال العبادة بلا عذر وترك الجمعة والجماعة بلا عذر. والكلام عند الخطبة وعند تلاوة القرآن. وإيمان اليأس لا ينفع صاحبه ( إذا غرغر). ونرى المسح على الخُفّين بالشرطين، وأن الحسنة بعشرة أمثالها وجزاء السيئة سيئة مثلها، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره. أما دخول الجنّة فبفضل الله تعالى ورحمته، وأما درجاتها فبحسب أعمال العبد. فمن أطاع الله في حياته الأولى ضمِن السعادة والخلود في الآخرة.

مع الخلق: نجتنب عقوقَ الوالدين أي العصيان والنكران، وحتى التأفف أوالتذمر منهما، وقطعَ الرّحم، وبخسَ كيلٍ أو وزن أي نقصه، وإضرارَ الخلق ولو بغمز العين، وهجرَ المسلم للمسلم فوق ثلاثة أيام، وأكلَ مال اليتيم، والسّعيَ في الأرض بالفساد وقطعَ الطّريق. والإعانةَ على المعاصي والحثّ عليها، وغدرَ الخلق وغشّهم. والشّتمَ خصوصًا بالقول للمسلم يا كافر، والقذف كقوله يا فاجر وقذف المحصنات. ودخولَ بيت الغير بدون إذنه، وغصبَ أموال النّاس واللّعن ولو لحيوان. والهجاءَ والتّطلُّعَ إلى بيوت النّاس. والوشمَ، واحتكارَ القوت. والتّفريقَ بين الصغير وأهله وخاصة أمه، وإعاقة الطّريق ببيع أو غيره، ونقضَ العهد المشروع. والمداهنة، وخُلفَ الوعد والخيانة في الأمانة، والإساءة للجار، وإفشاء السّر. ولا نشد على يد الظالم ولا نتملق الفاسق ولا نميل إلى الفاجر ولا نظاهر المؤمن.

مع النفس: الدنيا مطية إلى الآخرة، نجتنب المحرمات كالزّنا والفحش واقتراب الرجل من الرجل والمرأة من المرأة وشرب الخمر وإن قلّ، وكلّ مسكر ومخدر وما يذهب العقل ويضعف الإرادة ويسبب الخمول، ولا نحضر مع أهله عند قيامهم بفعله، والقمار والسرف والسّرقة، وقتل النّفس بغير حق، وشهادة الزّور، واليمين الكاذبة، والفرار من الزّحف بلا عذر، وكشف العورة بحضرة النّاس أو منفردا. وقتل الإنسان نفسه أو إتلاف عضو من أعضائه. وأكل الرّبا، وأكل لحم الخنزير والميتة من غير اضطرار. والغيبة والنميمة والبهتان والتحريش والتحريض والسخرية والتعيير والشماتة. وإدمان الصّغائر. والتّجسس، وأخذ الرّشوة، والنّظر إلى المحرّم صورة أو حقيقة، والخلوة بالأجنبيّة. والأكل فوق الشّبع. واستعمال آنية الذّهب والفضّة، ولبس الحرير للذكور. وظنّ السّوء، والحسد والكبر والعُجب والرّياء. وكثرة الخصام بغير علم، والخوض في الباطل والكلام في ما لا يعني، والتّعصب لقوم أو لفئة ونعتزل عند الفتن ولا نقاتل إلا دفاعاً مشروعاً عن الدين والعرض والحياة والمال.

للإسلام نور باطن، يحيي القلوب، ويوقظ الأرواح، وينير البصائر، ويوضح الرؤى، ويسمو بالأهداف، ويميّز بين الحق والباطل، ويرتقي بصاحبه في الدنيا والدين. به تكتمل الشخصية، وتتعزز الشجاعة، وتقوى الفراسة، ويستنير العقل، ويزداد اليقين بأن الله تعالى ينقذنا ويحمينا، ويطعمنا ويسقينا، ويداوينا ويشفينا، ويسترنا ويؤوينا. ولئن ضاع حقه عند الناس فعند الله لا يضيع، لا يضل ربنا ولا ينسى، ويمهل ولا يهمل. وما كتب لنا من رزق لا بد أن يبلغنا، فليكن بالكسب الحلال. وللمسلم سِمَة ظاهرة هي حسن الخلق وحسن المعاملة والصدق والنظافة والتواضع.

وما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، فمن جمع من خصال الإسلام ما استطاع، تطهر باطنه، وانشرح صدره، واطمأنت نفسه، وسكنت جوارحه، وخشع قلبه، وسيطر على أعصابه، وتجاوز آلامه وهمومه وأحزانه، وأوتي الحكمة، ورضي بما قدر الله له وقضاه، إذ علم أن الله به أعلم وبه أحكم وبه أرحم. يمضي عمره بنفسٍ راضية مرضية تنعم بالأنس الدائم والطمأنينة الغامرة وذلك هو سر صفاء المسلم.

الصّدقة في الإسلام أمر مرغوب. والدّعاء والتضرّع إلى الله تعالى مطلوب، وكلاهما نافع للحيّ والميت، يقول الله تعالى لمن وعى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفى، وأن إلى ربك المنتهى}. (سورة النجم). ويقول لمن تجاهل: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {40} (سورة فصلت). صدق الله العظيم.

اللهمّ اجعلنا من الذين هديتهم إلى الصراط المستقيم، وصلى الله على سيدنا محمد، والحمد لله رب العالمين.

كتبه الراجي رحمة ربه م.ع.ح.م.ف.

غفر الله له، ولمعلمه، ولوالديه، ولمن أحبه، أو دعا له، أو انتسب إليه.