الشيشة أكثر ضرراً وسمّية من السيجارة

*إعداد م. وسيم فرشوخ

العدد التاسع والأربعون ربيع 2019 – 49

كان الناس يظنون أن النارجيلة صديقة ودية خفيفة الضرر حتى صارت تغوي المزيد والمزيد من الشباب والشابات في فرنسا وفي كثير من المجتمعات الشرقية والغربية على السواء. إلى أن جرت عليها الاختبارات الجدية مما أثار قلقاً لدى دوائر المنظمة العالمية للصحة.
إنه الغليون المائي، المعروف باسم الشيشة أوالنرجيلة أو الهوكا، ممارسة ناشئة في الشرق الأوسط وانتشرت على نطاق واسع في الغرب. فتحت له حوانيت أغْوَت الفئات الأصغر سناً فصاروا يستهلكونه في المقاهي وفي الشوارع والمنازل.

أولاً- ما هي آثارها على الصحة؟الشيشة أخطر من السجائر!
الدكتور آليس داشينو أخصائي علاج الإدمان النفسي، يقيّم: يظن معظم مدخني الشيشة، وحتى غير المدخنين، أن السمّية الناجمة عن تدخين النارجيلة قليلة نسبياً ويقللون من أهمية الأضرارالصحية الناجمة عن استنشاق كمية من المواد السامة الصادرة من دخانها.
كما يظن أولئك أن التبغ الممزوج بالفواكه المعطرة وأن ترطيب الدخان لدى مروره بماء النارجيلة يجعلانها أقل ضرراً من دخان السجائر، لكن الحقيقة أن هذا الظن ليس سوى مسألة إحساس وتوقع بلا دليل علمي.
أما نتيجة الاختبارات فقد أفضت إلى أن الماء لا يحتفظ سوى بنسبة 3% فقط من المعادن الثقيلة المنبعثة من دخان النارجيلة، وأن الـ97% من هذه المعادن تدخل في صدور مدخني النارجيلة وصدور من يجلس بقربهم. عدا عن كمية أول اوكسيد الكربون الناجمة عن الاحتراق غير الكامل وهي غاز سام بالغ التأثير على القلب وعلى الأوعية الدموية.

ثانياً- سمية الشيشة حقيقية:
أجريت دراسة نشرت في عام 2016، قارنت بين أثري النارجيلة والسيجارة وأفضت إلى النتائج الآتية:
يستنشق مدخن النارجيلة 74 ليتراً من الدخان السام، بينما يستنشق مدخن السيجارة الواحدة 0.6 ليتراً. وأن الرئة تمتص عند تدخين النارجيلة ضعفي كمية النيكوتين، و25 ضعفاً من القطران ، و11 ضعفاً من أول أكسيد الكربون.

ولا تزال الدراسات تحتاج إلى تطوير وتدقيق، في المقارنة بين طرق التدخين والمواد المستخدمة الطبيعية منها والصناعية وآثار كل منها على صحة الإنسان سواء كان مدخناً أو مجالساً، خاصة إذا كان المكان مغلقاً. لكنها تبقى بلا شك ذات أثر سيء على فئة المراهقين والشباب.
يضاف إلى ذلك عدم تغيير ماء النارجيلة بعد كل (رأس تبغ)، وعدم ترك المنتج يفحم، وعدم التدخين الجماعي للنارجيلة الواحدة وعدم تنظيف المعدات بشكل منتظم.
كل من هذه العناصر يضيف مزيداً من الأضرار على الصحة.

ثالثاً- الأمراض الناتجة عن تدخين الشيشة:
يؤدي تدخين الشيشة إلى أضرار كبيرة على صحة القلب، وقد قام باحثون في جامعة كاليفورنيا بقيادة الباحثة ماري رزق؛ وهي أستاذة مساعدة في الجامعة نفسها، بإجراء دراسة عن تأثير جلسة واحدة فقط من تدخين الشيشة لمدة ثلاثين دقيقة، على معدل ضربات القلب، وضغط الدم، وتصلُّب الشرايين، وتم نشر نتائج هذه الدراسة في المجلة الأمريكية لأمراض القلب، والتي كانت كالآتي:
أ‌) زيادة صلابة الشرايين
ب‌) فقدان مرونة الشرايين وتَيَبسها، وذلك يعد مؤشراً موثوقاً للسكتة الدماغية
ت‌) ارتفاع معدلات نبضات قلب المشاركين بنسبة 16 نبضة في الدقيقة
ث‌) ارتفاع ضغط الدم
ج‌) يزيد الفحم المستخدم في تسخين التبغ، من نسبة الإصابة بالسرطان، وذلك بسبب إنتاجه لمستويات عالية من أول أكسيد الكربون، والمعادن، والمواد الكيميائية المسرطنة. تعمل مواد التبغ والمعسل على تهيُّج الفم، وتزيد من خطر الإصابة بسرطانات الفم
ح‌) تُسَهِّل الشيشة انتقال عدوى الأمراض المختلفة بين المدخنين، عند مشاركة الشيشة
خ‌) يعتبر الأطفال المولودون لمدخني الشيشة، أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي
د‌) يزيد الدخان الموجود في الشيشة نسبة الإصابة ببعض الأمراض، ومنها: سرطان المريء، وسرطان المعدة، ومشاكل في الرئة، وانخفاض الخصوبة

رابعاً- أسباب التعلق بالنرجيلة:
أ‌) هي أحد أساليب الظهور بمظهر التحرر والاستقلالية من سلطة الوالدين، يعتمدها المراهق كأسلوب ليحقق لنفسه شعوراً بخروجه من دور الطفولة واكتمال نموه واستقلاله
ب‌) يظن المراهق أنه تحرر بذلك من السلطة الأسرية وأن التدخين هو علامة نمو شخصيته وفرديته وأنه يستكمل بذلك رجولته واعتزازه بكيانه
ت‌) يدمن عليها بسبب مادة النيكوتين
ث‌) هي موضة العصر
ج‌) هي أداة من أدوات التسلية والترويح عن النفس
ح‌) يتناولها كبديل عن السجائر
خ‌) البطالة المنتشرة في بلادنا
د‌) يقول علماء الاجتماع إن من أسباب إقبال المراهقين على التدخين هو نقص التوعية الأسرية، والغيرة التي تتفشى في الأوساط الاجتماعية المرفهة، وعدم استغلال أوقات الفراغ بشكل جدي أو مفيد، كقراءة الكتب والمجلات، ومشاهدة البرامج الثقافية

خامساً- سبل المعالجة وطريقة الإقلاع عنها:
أ‌) يفضل تجنب الجلوس في تجمعات المدخنين، وحلقات تدخين الشيشة في المناسبات الاجتماعية العديدة، ويفضل البقاء في الخارج عند بدء جلسة تدخين الشيشة للحصول على بعض الهواء النقي، أو المغادرة.
ب‌) تجنب الأصدقاء المدخنين: يفضل تجنب الأصدقاء الذين يدخنون الشيشة لفترة من الوقت عند اتخاذ قرار الإقلاع عنها، والطلب منهم عدم التدخين عند التواجد معهم.
ت‌) إيجاد طرق للتعامل مع المواقف العصيبة: يفضل البحث عن طرق للشعور بالاسترخاء والراحة للتخفيف عن النفس، كأخذ حمام ساخن، وذلك لمنع التفكير بتدخين الشيشة.
ث‌) تجنب الملل: يعتبر الاهتمام بهواية جديدة والانشغال بنشاط ما، من الطرق الجيدة لإشغال الوقت، وتجنب التفكير بتدخين الشيشة.

سادساً- أثر التوعية في فرنسا إيجابي نسبياً:
أعلن المرصد الفرنسي للمخدرات والإدمان في عام 2017، أن نصف الشباب الذين يبلغون من العمر 17 عامًا قالوا إنهم قد دخّنوا بالفعل الشيشة مقابل 65٪ في عام 2014، وهذا يعني انخفاضًا مقبولاً في نسبة مدخني النارجيلة، وخاصة بين الفتيات وأن 7.7٪ من المراهقين قد دخنوا الشيشة بالفعل دون تجربة السجائر. لكن لا تزال تجربة السجائر تتعلق بستة مراهقين من أصل عشرة.

ختاماً- ما حكم تدخين النارجيلة ؟
جاءت الشريعة الإسلامية لمقاصد عظيمة، تحفظ للناس دينهم، ومقومات حياتهم، ومن أعظم هذه المقاصد التي اتفق عليها الفقهاء: (حفظ النفس)، فمنعت في سبيل تحقيقه كل مؤذ ومُضر، وأمرت باجتناب كل خبيث.
وفي ذلك يقول الله تعالى – في مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم -: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}(الأعراف: 157).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ”(رواه أحمد في “المسند (1/313)).
ومن المعلوم في هذه الأزمان -بعد تقدم العلوم التجريبية وتطور الطب الحديث- أن الدخان و(النارجيلة) من المواد المضرة ضررًا مباشرًا وبالغًا، لاحتوائها على مواد سامة، ومركبات ضارة، تسبب في العاجل أو الآجل الأمراض الخطيرة المميتة، وهذا باتفاق الأطباء.
وقد أصدرت دار الافتاء المصرية بتاريخ 5 سبتمبر 1999م فتوًى بأن التدخين حرامٌ شرعاً بعدما تبين بالعلم الحديث أضراره وخطورته، وذلك استناداً إلى قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء: 29)، وإلى قوله تعالى:{ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195).
وبناءً عليه فلا يجوز تعاطيها ولا تدخينها، بل يجب اجتنابها وحفظ المجتمعات من ضررها، وهو واجب لا يتحقق إلا بتقوى الله تعالى أولاً، ثم بتعاون جميع الأفراد والمسؤولين. والله تعالى أعلم.


*من أصدقاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان
المراجع
 Anna Schaefer (25-2-2016), “Hookah vs. Cigarettes: The Truth”، www.healthline.com, Retrieved 20-8-2018. Edited.
“Shisha”, www.bhf.org.uk, Retrieved 20-8-2018. Edited.
Ana Sandoiu (7-8-2018), “How 30 minutes of hookah smoking.
affects your heart”، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 20-8-2018. Edited.
“Hookahs”, www.cdc.gov, Retrieved 20-8-2018. Edited.
Terry Martin (5-2-2018), “An Overview of Quitting Smoking”، www.verywellmind.com, Retrieved 14-9-2018. Edited.
“Reasons to stop hookah/shisha – How to quit hookah”, www.beautyhealthtips.in, Retrieved 14-9-2018. Edited.
“Ways To Quit Shisha / Hookah”, www.quitshisha.com, Retrieved 14-9-2018. Edited.