أبي بن كعب الأنصاري

سيد المسلمين رضي الله عنه[1]

مقدمة: أبي بن كعب عقبي بدري من بني مالك بن النجار من الخزرج. من كبار الصحابة رضوان الله عليهم كاتب وحي رسول الله ومن كتاب كتب النبي للقبائل. ومقريء الوفود القرآن في زمن رسول الله ومعلم الناس القرآن بعده.

أبي بن كعب بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْن زيد بْن معاوية بْن عَمْرو بْن مالك بْن النجار. ويكنى أَبَا المنذر وأمه صهيلة بِنْت الأسود بْن حرام بْن عَمْرو من بني مالك بْن النّجّار.

كَانَ أُبَيُّ رَجُلا دَحْدَاحًا لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ لا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.

وكان لأبي بْن كعب من الولد الطفيل ومحمد وأمهما أم الطفيل بِنْت الطُّفَيْل بْن عَمْرو بْن المنذر بْن سبيع بن عبدنهم من دوس. وأم عَمْرو بِنْت أبي ولا ندري من أمها. [وكان أبي يكتب فِي الجاهلية قبل الإسلام وكانت الكتابة في العرب قليلة.

أُبَيُّ بْنُ كَعْبِ في الإسلام:

أسلم أبي بْن كعب على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة، وشهِدَ العقبة مع السبعين من الأَنْصَار وعندما هاجر رسول الله إلى المدينة صار يكتب الوحي لرسول الله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكتب كذلك كتب النبي إلى القبائل.

آخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وآخَى بَيْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ. وشَهِدَ أُبَيُّ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

-كان أبي بن كعب أول من كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان إذا لم يحضر دعا صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت فكانا يكتبان له الوحي ويكتبان إلى من كاتبه من الناس.

-عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه. فقالوا: تَروْن أنّا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله؛ فنزلت: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 55).

في غزوة أحد:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: ” مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ؟ ” فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَذَهَبَ يَطُوفُ فِي الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول اللَّهِ لآتِيهِ بِخَبَرِكَ، قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً، وَإِنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلِي، وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّهُمْ لا عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ قُتِلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَحَدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ قيل: إن الرجل الذي ذهب إليه أَبِي بْن كعب، قاله أَبُو سَعِيد الخدري، وقال له: قل لقومك: يقول لكم سعد بْن الربيع: اللَّه الله وما عاهدتم عليه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة، فوالله مالكم عند اللَّه عذر إن خلص إِلَى نبيكم وفيكم عين تطرف، قال أَبِي: فلم أبرح حتى مات، فرجعت إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فقال: ” رحمه اللَّه، نصح لله ولرسوله حيًّا وميتًا “.

وعى أبي القرآن فرفعه الله مكانةً عليّة:

كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِي لَيَالٍ وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَخْتِمُهُ فِي سَبْعٍ.

عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: أَقْرَأُ أُمَّتِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ].

جَمَعَ الْقُرْآنَ (أي حفظه) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم – سِتَّةُ نَفَرٍ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعْدٌ وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ: وَكَانَ مُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ إِلا سُورَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ أَخَذَ بِضْعًا وَتِسْعِينَ سُورَةً وَتَعَلَّمَ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ مِنْ مُجَمِّعٍ.

سأل ابن عباس أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَوْمًا. وَكَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. عَمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: نَزَلَ بِهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سُورَةً وَسَائِرُهَا بِمَكَّةَ.

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي. قَالَ له رجل لأُبَيٍّ: وَفَرِحْتَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَهُوَ يَقُولُ: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:

-عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرأف أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في الإسلام عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم عليٌ وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأقرأهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.

-وعن عمرو بن العاص قال كنت جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في يوم عيد فقال (ادع لي سيد الأنصار) فدعوا أبي بن كعب فقال (يا أبي بن كعب أئت بقيع المصلى فأمر بكنسه ثم مر الناس فليخرجوا) فلما بلغ عتبة الدار رجع فقال يا نبي الله والنساء قال (نعم والعواتق والحيض يكن في اخر الناس يشهدن الدعوة.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ فلاناً يدخل على امرأة أبيه، فقال أبّي: لو كنت أنا لضربته بالسيف، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أغيرك يا أبي إني لأغيْرَ منك، والله أغْيَر مني».

عن أبي بن كعب أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى بالناس فترك اية فقال (أيكم أخذ علي شيئا من قراءتي ” فقال أبي أنا يا رسول الله تركت اية كذا وكذا فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) (قد علمت إن كان أحد أخذها علي فإنك أنت هو).

-وصلى النبي صلاة الصبح فتعايا في اية فلما فرغ قال (يا أبي لم لم تفتح علي).

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوهنا واحدة حتى فارقنا، فاختلفت وجوهنا يميناً وشمالاً؛ وفي رواية أخرى عنه عنده قال: كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ووجهنا واحد فلما قُبِض نظرنا هكذا وهكذا.

مكانته في عهد عمر: كانا يتناصحان ولا يتمالقان

كان للعباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – دار إلى جنب مسجد المدينة، فقال له عمر رضي الله عنه: بِعْنيها، فأراد عمر أن يزيدها في المسجد، فأبى العباس أن يبيعها إِيّاه. فقال عمر: فهَبْها لي، فأبى. فقال: فوسِّعْها أنت في المسجد، فأبى. فقال عمر: لا بدّ لك من إِحداهنّ، فأبى عليه. فقال: خذ بيني وبينك رجلاً، فأخذ أبيّ بن كعب رضي الله عنه، فاختصما إليه. فقال أبيّ لعمر: ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيَه. فقال له عمر: أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله وجدته أم سنّةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبيّ: بل سنّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: وما ذاك؟ فقال: إِني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن سليمان بن داود – عليهما الصلاة والسلام – لما بنى بيت المقدس جعل كلّما بني حائطاً أصبح منهدماً، فأوحى الله إليه أن لا تبني في حقِّ رجل حتى ترضيَه» . فتركه عمر، فوسَّعها العباس بعد ذلك في المسجد.

-قال أبيّ بن كعب لعمر بن الخطاب رضي الله عنهم: ما لك لا تستعملني؟ قال: أكره أن يُدنَّس دينك.

أن أُبي بن كعب قرأ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاْوْلَيَانِ} (المائدة: 107) فقال عمر رضي الله عنه: كذبت. قال: أنت أكذب. فقال رجل: تكذِّب أمير المؤمنين؟ قال: أنا أشد تعظيماً لحقِّ أمير المؤمنين منك، ولكن كذَّبه في تصديق كتاب الله، ولم أُصدِّق أمير المؤمنين في تكذيب كتاب الله. فقال عمر: صدق.

عن سليم بن حنظلة قال: أتينا أبيَّ بن كعب رضي الله عنه لنتحدث عنده، فلما قام قمنا نمشي معه، فلحقه عمر رضي الله عنه فقال: أما ترى فتنة للمتبوع ذلة للتابع.

وشهد مع عمر بن الخطاب الجابية وكتب كتاب الصلح لأهل بيت المقدس

أن عمر بن الحطاب خطب الناس بالجابية فقال من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاد بن جبل ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني له خازنا وقاسما.

صلاة التراويح: عن عبد الرحمن بن عبد القاريّ قال: خرجت مع عمر بنا لخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلِّي الرجل لنفسه فيصلِّي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب. ثم خرجت معه ليلة أخرى ولناس يصلُّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نِعْمَتِ البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون – يريد آخر الليل – وكان الناس يقومون أوله.

وعن نوفل بن إياس الهذلي قال: كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب فِرَقاً في المسجد في رمضان ههنا وههنا، فاكن الناس يميلون إلى أحسنهم صوتاً فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغانيَ؟ أما – والله – لئن استطعتُ لأغيرنَّ هذا، قال: فلم يمكث إلا ثلاث ليالٍ حتى أمر أُبيِّ بن كعب فصلَّى بهم، ثم قام في آخر الصفوف فقال: لئن كانت هذه بدعة لنعمت البدعة هي.

في عهد عثمان:

عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُثْمَانَ جَمَعَ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ.

وعن مجاهد أن عثمان أمر أبي بن كعب يملي ويكتب زيد بن ثابت ويعربه سعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث .

مآثره وفضائله:

-كان عمر يقول: أُبَيّ سيد المسلمين.

-عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من شيء يصيب المؤمن في جسده إلا كفّر الله عنه به من الذنوب» . فقال أُبيّ بن كعب رضي الله عنه: اللهمَّ إني أسألك أن لا تزال الحمَّى مصارعة لجسد أُبيّ بن كعب حتى يلقاك؛ لا تمنعه من صلاة، ولا صيام، ولا حجٍ، ولا عُمْرة، ولا جهاد في سبيلك. فارتكبته الحمَّى مكانه، فلم تفارقه حتى مات. وكان في ذلك يشهد الصلاة، ويصوم، ويحج، ويعتمر، ويغزو.

وكَانَ من الَّذِي يفتون عَلى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم من المهاجرين: عمر، وعثمان، وَعَليّ، وثلاثة من الأنصار: أَبِي بْن كعب، ومعاذ بْن جبل، وزيد بْن ثابت. عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَكَانَ هَذَا؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَأَحْمِنَا حَتَّى يَكُونَ فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَكَ رَأَيْنَا.

قال ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ قَطُّ حَدِيثًا فَاسْتَفْهَمْتُهُ. فَلَقَدْ كُنْتُ آتِي بَابَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَقِيلُ عَلَى بَابِهِ. وَلَوْ عَلِمَ بِمَكَانِي لأَحَبَّ أَنْ يوقظ لي لمكاني من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّهُ.

-كان أبي بن كعب صاحب عبادة فلما احتاج إليه الناس ترك العبادة وجلس للقوم

-عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: كَانَتْ فِي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ شَرَاسَةٌ فَقُلْتُ لَهُ: أَبَا الْمُنْذِرِ. أَلِنْ لِي مِنْ جَانِبِكَ فَإِنِّي إِنَّمَا أَتَمَتَّعُ مِنْكَ. (-ح: إن لصاحب القرآن حدة…).

علم إضافي ثمرة قربه من النبي صلى الله عليه وسلم:

1-عن أبي بن كعب عن النبي. ع. [أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ آدَمَ كَانَ رَجُلا طُوَالا كأنه نَخْلَةٌ سَحُوقٌ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ. فَلَمَّا رَكِبَ الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ لا يَرَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ شَجَرَةٌ. فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي. فَقَالَتْ: لَسْتُ بِمُرْسِلَتِكَ. قَالَ: وَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: رَبِّ إِنِّي اسْتَحْيَيْتُكَ].

2-عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ اطْلُبُوا لِي مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَإِنِّي قَدِ اشْتَهَيْتُهَا. فَذَهَبَ بَنُوهُ. وَذَاكَ فِي مَرَضِهِ. يَطْلُبُونَ لَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ. فَإِذَا هُمْ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ. قَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ مَا تَطْلُبُونَ؟ قَالُوا: إِنَّ أَبَانَا اشْتَاقَ إِلَى ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَنَحْنُ نَطْلُبُهَا. قَالُوا: ارْجِعُوا. فَقَدْ قُضِيَ الأَمْرُ. فَإِذَا أَبُوهُمْ قَدْ قُبِضَ.

فَأَخَذْتِ الْمَلائِكَةُ آدَمَ فَغَسَّلُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَفَرُوا لَهُ قَبْرًا وَجَعَلُوا لَهُ لَحْدًا. ثُمَّ إِنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ تَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفَهُ الْمَلائِكَةُ وَبَنُو آدَمَ خَلْفَهُمْ. ثُمَّ وَضَعُوهُ فِي حُفْرَتِهِ وَسَوَّوْا عَلَيْهِ. فَقَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذَا سَبِيلُكُمْ وَهَذِهِ سُنَّتُكُمْ.

3-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ تُبَّعٌ الْمَدِينَةَ وَنَزَلَ بِقَنَاةٍ فَبَعَثَ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: إِنِّي مُخَرِّبٌ هَذَا الْبَلَدَ حَتَّى لا تَقُومَ بِهِ يَهُودِيَّةٌ وَيَرْجِعَ الأَمْرُ إِلَى دِينِ الْعَرَبِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَامُولُ الْيَهُودِيُّ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَعْلَمُهُمْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذَا بَلَدٌ يَكُونُ إِلَيْهِ مُهَاجَرُ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ مَوْلِدُهُ مَكَّةُ اسْمُهُ أَحْمَدُ. وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ. إِنَّ مَنْزِلَكَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ بِهِ يَكُونُ بِهِ مِنَ الْقَتْلَى وَالْجِرَاحِ أَمْرٌ كَبِيرٌ فِي أَصْحَابِهِ وَفِي عَدُوِّهِمْ. قَالَ تُبَّعٌ: وَمَنْ يُقَاتِلُهُ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ نَبِيٌّ كَمَا تَزْعُمُونَ؟ قَالَ: يَسِيرُ إِلَيْهِ قَوْمُهُ فَيَقْتَتِلُونَ هَهُنَا. قَالَ: فَأَيْنَ قَبْرُهُ؟ قَالَ: بِهَذَا الْبَلَدِ. قَالَ:

فَإِذَا قُوتِلَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ؟ قَالَ: تَكُونُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَلَهُ مَرَّةً. وَبِهَذَا الْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ تَكُونُ عَلَيْهِ. وَيُقْتَلُ بِهِ أَصْحَابُهُ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلُوا فِي مَوْطِنٍ. ثُمَّ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ لَهُ.

وَيَظْهَرُ فَلا يُنَازِعُهُ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ. قَالَ: وَمَا صِفَتُهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ. فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ. يَرْكَبُ الْبَعِيرِ. وَيَلْبَسُ الشَّمْلَةَ. سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ لا يُبَالِي مَنْ لاقَى أَخًا أَوِ ابْنَ عَمٍّ أَوْ عَمًّا حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ. قَالَ تُبَّعٌ: مَا إِلَى هَذَا الْبَلَدِ مِنْ سَبِيلٍ.

وَمَا كَانَ لِيَكُونَ خَرَابُهَا عَلَى يَدَيَّ. فَخَرَجَ تُبَّعٌ مُنْصَرِفًا إِلَى الْيَمَنِ.

4-عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ” أي [آية في] كتاب الله أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، حتى أعادها عليه ثلاثا ثم قلت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال: فضرب صدري ثم قال: ليهنك العلم أبا المنذر.

5-عن ابن عباس قال: أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم (جدار يريد أن ينقض فأقامه) قال عمرو: فأرانا سفيان كأنه استقبله بيديه.

6-عن أبي بن كعب أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له ” إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني ” لرأى من صاحبه عجبا.

7-عن أبي بن كعب ” ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ” قال الشام وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس.

8- عن أبي قال: سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) ما أول ما أبكرت من أمر النبوة قال لقد سألت قال إني لفي صحراء وكلام فوقي يهوي إلي أسمعه فإذا رجل يقول للآخر أهو هو قال نعم فاستقبلاني بوجوه لم أر على بياضها قط وعليهما ثياب لم أر مثل حسنها قط ولهما أرواح لم أجد ريحا من أحد قط مثله قال فأخذ أحدهما بضبعي وأخذ الآخر بضبعي الآخر لا أحد يمسهما مسا فقال أحدهما للآخر اضجعه قال فأضجعاني بلا هصر ولا قصر فقال لصاحبه افلق صدره ففلق صدري فيما أرى بلا وجع ولا ألم ولا دم فقال أخرج منه الغل والحسد وأدخل فيه الرأفة والرحمة قال فأخرج علقة فرمى بها ثم استخرج شيئا مثل الفضة فأدخله فيه وقال هذه الرأفة والرحمة ثم قال بإبهامه اليمنى على صدري ثم قال ثم عد وأسلم قال ثم قمت ثم جئت يعني ما غدوت به من رحمتي الصغير ورأفتي على الكبير.

9-عن السكتات في الصلاة: قَالَ: دَخَلَ فِي صَلاتِهِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِذَا قَالَ: وَلا الضَّالِّينَ “.(عن سعيد عن قتادة عن سَمُرَةَ بن جندب عن أبيّ).

10-قال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

11-عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله عز وجل ” وإذا أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم إلى قوله المبطلون ” قال فجمعهم فجعلهم أزواجا ثم صورهم ثم استيقظهم ليتكلموا فأخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم ” ألست بربكم قالوا بلى ” الاية قال فإني أشهد عليكم السموات السبع وأشهد عليكم اباكم ادم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري فلا تشركوا بي شيئا فإني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي فقالوا شهدنا أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فأقروا يومئذ بالطاعة ورفع عليهم أباهم ادم فنظر إليهم فرأى فيهم الغنى والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال يا رب لو سويت بين عبادك فقال أني أحببت أن أشكر ورأى فيهم الأنبياء مثل السراج عليهم النور وخصوا بميثاق في الرسالة والنبوة وهو الذي يقول ” وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ” وهو الذي يقول” فأقم وجهك للدين حنيفا ” الآية، قال فكان روح عيسى في تلك الأرواح التي أخذ الله عزوجل عليها العهد والميثاق قال نعم أرسل ذلك الروح إلى مريم قال تعالى ” فأرسلنا إليها روحنا “.

12-وفي قوله تعالى فحملته فانتبذت به: قال أبي بن كعب: عن ابي بن كعب انه دخل من فيها(فمها).

علّم رضي الله عنه آداب القرآن والصلاة:

-عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس في رمضان وهم يصلُّون في ناحية المسجد فقال: «ما هؤلاء» ؟ قيل له: هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأُبيّ بن كعب يصلِّي يهم وهم يصلُّون بصلاته، فقال: «أصابوا ونِعَّما صنعوا» .

-جاء أبيّ ابن كعب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه كان مني الليلة شيء -يعني في رمضان -قال: «وما ذاك يا أُبي»؟ قال: نسوة في داري قلن: إنَّا لا نقرأ القرآن فنصلِّي بصلاتك، قال: فصلَّيتُ بهن ثمان ركعات وأوترت، فكانت سنّة الرضا ولم يقل شيئاً.

في عهد عمر: كان أُبيّ بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما يقومان في مقام النبي عليه السلام يصلِّيان بالرجال، وأن سليمان بن أبي حَثْمة كان يقوم بالنساء في رَحبة المسجد.

-عن قيس بن عبادة قال: شهدت المدينة، فلما أقيمت الصلاة تقدَّمت فقمت في الصف الأول، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فشقَّ الصفوف ثم تقدم، وخرج معه رجل آدمُ خفيف اللِحية فنظر في وجوه القوم، فلما رآني دفعني وقام مكاني واشتد ذلك عليَّ، فلما انصرف التفت إليَّ فقال: لا يسؤْك ولا يحزنْك، أشقّ عليك؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقوم في الصف إلا المهاجرون والأنصار» فقلت: من هذا؟ فقالوا: أبيّ بن كعب رضي الله عنه.

-عن عبد الله بن مسعود قال في القرآن آيتان ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غفر له فسمع بذلك رجلان من أهل البصرة فأتياه فقال ائتيا أبي بن كعب فإني لم أسمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهما شيئا إلا سمعه أبي فأتيا أبيا فقال اقرآ القرآن فإنكما ستجدانها فقرآ حتى بلغا آل عمران: ” والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم “، وآية: ” ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ” فقالا قد وجدناهما فقال أبي وأين فقالا في النساء وآل عمران فقال أبي ها هما.

-عن أبي بن كعب قال ما ترك أحد منكم لله شيئا إلا أتاه الله بما هو خير له منه من حيث لا يحتسب ولا يهاون به وأخذه من حيث لا يعلم به إلا أتاه الله بما هو أشد عليه من حيث لا يحتسب.

-عن عبد الله بن أبي نصير قال عدنا أبي بن كعب في مرضه فسمع المنادي بالأذان فقال لنا إلاقامة هذه أو الأذان فقلنا الإقامة فقال ما تنتظرون ألا تنهضون إلى الصلاة فقلنا ما بنا إلا مكانك قال فلا تفعلوا قوموا إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى بنا صلاة الفجر فلما سلم أقبل على القوم بوجهه فقال (أشاهد فلان أشاهد فلان) حتى دعا بثلاثة كلهم في منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال (إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا واعلم أن صلاتك مع رجل أفضل من صلاتك وحدك وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل وما أكثرتم فهو أحب إلى الله ألا وإن الصف المقدم على مثل صف الملائكة ولو يعلمون فضيلته لابتدروه ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده أربعا وعشرين أو خمسا وعشرين).

وحتى في العقيدة: الرضى عن الله: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون:

عن ابن الديلمي قال وقع في نفسي شئ من القدر فأتيت أبي بن كعب فقلت يا أبا المنذر إنه وقع في نفسي شئ من القدر قد خشيت أن يكون فيه هلاك ديني أو أمري فحدثني من ذلك شيئا لعل الله عز وجل أن ينفعني فقال لو أن الله عز وجل عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو كان لك مثل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا فأنفقته في سبيل الله عز وجل ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأنك إن مت على غير هذا أدخلت النار ولا عليك أن تأتي أخي عبد الله بن مسعود فتسأله فأتيت عبد الله بن مسعود فقال لي مثل ذلك وقال لا عليك أن تأتي أخي حذيفة بن اليمان فتسأله فأتيت حذيفة فسألته فقال مثل ذلك وقال لو أتيت زيد بن ثابت فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الله عز وجل لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحمد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وإن مت على غير هذا دخلت النار

وفاة كعب:

أمضى أيامه الأخيرة زاهدا ينتظر الآخرة:

أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَإِذَا النَّاسُ فِيهِ حَلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ. فَجَعَلْتُ أَمْضِي الْحَلَقَ حَتَّى أَتَيْتُ حَلْقَةً فِيهَا رَجُلٌ شَاحِبٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ كَأَنَّمَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ. قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَلَكَ أَصْحَابُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَلا آسَى عَلَيْهِمْ. أَحْسِبُهُ قَالَ مِرَارًا. قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَتَحَدَّثَ بِمَا قُضِيَ لَهُ. ثُمَّ قام. قال فسألت عنه بعد ما قَامَ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. قَالَ فَتَبِعْتُهُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ رَثُّ الْمَنْزِلِ رَثُّ الْهَيْئَةِ. فَإِذَا رَجُلٌ زَاهِدٌ مُنْقَطِعٌ يُشْبِهُ أَمْرُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

مات ولا يزال يحمل أسرارا لم يبح بها:

عن عُتَيُّ بْنُ ضَمْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: مَا لَكُمْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

نَأْتِيكُمْ مِنَ الْبُعْدِ نَرْجُو عِنْدَكُمُ الْخَبَرَ أَنْ تُعَلِّمُونَا فَإِذَا أَتَيْنَاكُمُ اسْتَخْفَفْتُمْ أَمْرَنَا كَأَنَّا نَهُونُ عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذِهِ الْجُمُعَةِ لأَقُولَنَّ فِيهَا قَوْلا لا أُبَالِي اسْتَحْيَيْتُمُونِي عَلَيْهِ أَوْ قَتَلْتُمُونِي. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا أَهْلُهَا يَمُوجُونَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فِي سِكَكِهِمْ. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَؤُلاءِ النَّاسِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ.

قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فِي السِّتْرِ أَشَدَّ مِمَّا سَتَرَ هَذَا الرَّجُلَ.

مَاتَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَذَلِكَ بعد أَن أمر عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَجمع الْقُرْآنَ فجمعه مع أصحابه.

مما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

– أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقول فِي مجلسه بآخره: ” سبحانك اللَّهُمَّ، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك “.

عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة؛ فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يُكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد جمع الله لك ذلك كله» .

– قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلاتِي كُلَّهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: إِذَنْ يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ.

-عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن جبريل عليه السلام حين ركض زمزم بعقبه جعلت أم إسماعيل تجمع البطحاء فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) ” رحم الله هاجر أم إسماعيل لو تركتها كانت عينا معينا “.

عن أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من رفع نفسه في الدنيا قمعه الله يوم القيامة ومن تواضع لله في الدنيا بعث الله إليه ملكا يوم القيامة فانتشطه من بين الجمع فقال أيها العبد الصالح يقول الله عز وجل إلي إلي فإنك ممن ” لا خوف عليهم ولا هم يحزنون “.

عن أبي بن كعب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب.

عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ قَالَ: أَقْرَأَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْقُرْآنَ، فَأَهْدَيْتُ إِلَيْهِ قَوْسًا، فَغَدَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تَقَلَّدَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقَلَّدَهَا مِنْ جَهَنَّمَ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا رُبَّمَا حَضَرْنَا طَعَامَهُمْ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ. فَقَالَ: «أَمَّا مَا عُمِلَ لَكَ فَإِنَّكَ إِنْ أَكَلْتَهُ، فَإِنَّمَا تَأْكُلُهُ بِخَلَاقِكَ، وَأَمَّا مَا عُمِلَ لِغَيْرِكَ، فَحَضَرْتَهُ فَأَكَلْتَ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ»

-عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً»

-عن أبي هريرة قال أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بجنازة ليصلي عليها فقال الناس نعم الرجل فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجبت ثم أتى بجنازة أخرى فقال الناس بئس الرجل فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجبت قال فقال أبي بن كعب يا رسول الله ما قولك وجبت قال ” لتكونوا شهداء على الناس “.

-قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنا حصينا من النار”، قال أبو ذر: (قدمت اثنتين يا رسول الله)، قال: “واثنتين”، قال أبي بن كعب أبو المنذر سيد القراء: قدمتُ واحدا يا رسول الله فقال: “وواحد” قال: “ولكن ذاك في أول صدمة”. وأولاده: مُحَمَّد والطُّفَيْل وأخوهما الربيع بْن أُبَيُّ. وعبد الله (قيل أنه توفي صغيرا في حياة أبيه).

-عن أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ويبقى واحد

عن أبي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

 _____________________________________________________

[1] تاريخ دمشق لابن عساكر (7/ 339): (قال رجل منا يدعى جرير جئت في حاجة إلى عمر بن الخطاب في خلافته وإلى جنبه رجل أبيض الثياب أبيض الشعر قلت يا أمير المؤمنين من هذا الرجل إلى جنبك قال سيد المسلمين أبي بن كعب).