أنس بن مالك

رضي الله عنه

أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بن النضر بن ضمضم بْن زيد بْنِ حَرَامِ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غنم بن عدي بن النجار. وأمه أم سليم بنت ملحان زوجة أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهما. وهي أم أخيه البراء بن مالك. وخالته ام حرام زوجة عبادة بن الصامت رضي الله عنهم اجمعين. وزوجته زينب حفيدة أبي امامة أسعد بن زرارة أحد نقباء الأنصار.

خَدَم رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهو ابْنُ عشر سِنِينَ.

أسلم بإسلام أمه:

آمَنَتْ ام سليم بِرَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِبًا فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟ قَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ. قَالَتْ: فَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَسًا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا أَبُوهُ: لا تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُولُ: إِنِّي لا أُفْسِدُهُ. قَالَ: فَخَرَجَ مَالِكُ أبو أنس فلقيه عدو فقتله فلما بَلَغَهَا قَتْلُهُ قَالَتْ: لا جَرَمَ لا أَفْطِمُ أَنَسًا حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ حَيًّا وَلا أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرَنِي أَنَسٌ. فَيَقُولُ قَدْ قَضَتِ الَّذِي عَلَيْهَا. فَتَرَكَ الثَّدْيَ. فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ. فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا فِيمَا تَقُولُ: أَرَأَيْتَ حَجَرًا تَعْبُدُهُ لا يَضُرُّكَ وَلا يَنْفَعُكَ أَوْ خَشَبَةً تَأْتِي بِهَا النَّجَّارَ فَيَنْجُرُهَا لَكَ هَلْ يَضُرُّكَ هَلْ يَنْفَعُكَ؟ قَالَ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ الَّذِي قَالَتْ. قَالَ: فَأَتَاهَا فَقَالَ: لَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي الَّذِي قُلْتِ. وَآمَنَ. قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَزَوَّجُكَ وَلا آخُذُ مِنْكَ صَدَاقًا غَيْرَهُ.

مع النبي صلى الله عليه وسلم:

خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتسمى به، ويفتخر بذلك، وكان يجتمع هو، وأم عبد المطلب جدة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسمها: سلمى بنت عمرو بْن زيد بْن أسد بْن خداش بْن عامر في عامر بْن غنم، وكان يكنى: أبا حمزة. كناه رسول الله وهو غلام وكان يناديه “يا بني”.

وكان يخضب بالصفرة، وقيل: بالحناء، وقيل: بالورس، وكان يخلق ذراعيه بخلوق للمعة بياض كانت به، وكانت له ذؤابة، فأراد أن يجزها فنهته أمه.

وقالت: كان النَّبِيّ يمدها، ويأخذها بها، وداعبه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: يا ذا الأذنين.

شهد بدرا بخدمة النبي وكان عمره 12 سنة، كما شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خرج أنس مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بدر وهو غلام يخدمه، وكان عمره لما قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا عشر سنين، عن أنس، قال: قدم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة.

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَخَذَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ بِيَدِي، فَأَتَتْ بِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنِي، وَهُوَ غُلامٌ كَاتِبٌ، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ قَطُّ صَنَعْتُهُ: أَسَأْتَ، أَوْ بِئْسَ مَا صَنَعْتَ “.

فكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَهِنْدُ وَأَسْمَاءُ ابْنَا حَارِثَةَ يَحْمِلُونَ قُدُورَ الْمَاءِ إِلَى بُيُوتِ نِسَائِهِ مِنْ بِئْرِ السُّقْيَا.

ذَهَبَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. خُوَيْدِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمُرَهُ. وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ. قَالَ أَنَسٌ: فَقَدْ دَفَنْتُ مِنْ صُلْبِي مِائَةً غَيْرَ اثْنَيْنِ. أَوْ قَالَ مِائَةً وَاثْنَيْنِ. وَإِنَّ ثَمَرَتِي لَتَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. وَلَقَدْ بَقِيتُ حَتَّى سَئِمْتُ الْحَيَاةَ وَأَنَا أَرْجُو الرَّابِعَةَ.

وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ الْفَاكِهَةَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهِ رَيْحَانٌ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ.

وكان نقش خاتمه صورة أسد رابض، لأن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَهَى أَنْ يُكْتَبَ فِي الْخَوَاتِيمِ شَيْءٌ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ وكان يشد أسنانه بالذهب، وكان أحد الرماة المصيبين، ويأمر ولده أن يرموا بين يديه، وربما رمى معهم، فيغلبهم بكثرة إصابته، وكان يلبس الخز، ويتعمم به.

توفي حوالي سنة إحدى وتسعين للهجرة. وكان عمره حوالي مائة سنة وثلاث سنين.

وهو من المكثرين في الرواية عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه: ابن سيرين، وحميد الطويل، وثابت البناني، وقتادة، والحسن البصري، والزُّهْرِيّ، وخلق كثير. لكنه كَانَ ضنيناً بِكَلامِهِ هو. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لا يَتَّقِي اللَّهَ عَبْدٌ حَتَّى يَحْزَنَ مِنْ لِسَانِهِ.

قتل عمه أنس بن النضر يوم أحد دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْتَثِثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ. فَدَخَلَ دَارَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَحَلَبْنَا لَهُ مِنْ شَاةٍ لَنَا داجن، وَشَرِبَ بِمَاءِ بِئْرٍ فِي الدَّارِ. وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ شِمَالِهِ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ نَاحِيَتَهُ. فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَنَاوَلَهُ الأَعْرَابِيَّ وَقَالَ: الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ.

وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهُ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ. يَعْنِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

وكَانَ أَنَسٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أُهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث طوائر، فأطعم خادمه طائراً. فلما كان من الغد أتته بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألم أنهك أن ترفعي شيئاً لغدٍ فإنَّ الله تعالى يأتي برزق كل غد» .

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل عليه قوم يعودونه في مرض له، فقال: يا جارية هلمِّي لأصحابنا ولو كِسَراً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مكارم الأخلاق من أعمال الجنة» .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرَّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً من شعير ومرقاً فيه دُبَّاء وقَدِيد. قال أنس: فرأيت يتتبع الدبّاء من حوالي الصحفة، فلم أزل أحب الدُّبَّاء منذ يومئذٍ.

 

مع أبي بكر:

بعث ابو بكر بهذا الكتاب مع أنس بن مالك رضي الله عنه: إلى أهل اليمن للجهاد في سبيل الله

«بسم الله الرحمن الرحيم. من خليفة رسول الله إِلى من قُرىء عليه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين من أهل اليمن. سلام عليكم. فإني أحمد إِليكم الله الذي لا إِله إلا هو، أما بعد: فإنَّ الله تعالى كتب على المؤمنين الجهاد، وأمرهم أن ينفروا خفافاً وثقالاً ويجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والجهاد فريضة مفروضة، والثواب عند الله عظيم. وقد استنفرنا المسلمين إِلى جهاد الروم بالشام، وقد سارعوا إِلى ذلك وقد حسنت بذلك نيَّتهم، وعظمت حسبتهم؛ فسارعوا عباد الله إِلى ما سارعوا إِليه، ولتحسنْ نيتكم فيه؛ فإِنكم إِلى إِحدى الحُسْنَيَيْن: إِما الشهادة، وإِما الفتح والغنيمة، فإن الله تبارك وتعالى لم يرضَ لعباده بالقول دون العمل، ولا يزال الجهاد لأهل عداوته حتى يدينوا بدين الحق، ويقرُّوا لحكم الكتاب. حفظ الله لكم دينكم، وهدى قلوبكم، وزكَّى أعمالكم، ورزقكم أجر المجاهدين الصابرين» .

مع عمر بن الخطاب:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَقُلْتُ لعمر: ارفع يديك أُبَايِعْكَ عَلَى مَا بَايَعْتُ عَلَيْهِ صَاحِبَكَ قَبْلَكَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ مَا اسْتَطَعْتُ.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إستعملني أبو بكر رضي الله عنه على الصَّدَقة، فقدمت وقد مات أبو بكر فقال عمر رضي الله عنه: يا أنس أجئتنا بظَهْر؟ قلت: نعم، قال: جِئْنا بالظَّهْر والمال لك.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً – وخرجت معه حتى دخل حائطاً – فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: أمير المؤمنين، والله لتتقينَّ الله أو ليعذبنَّك الله.

قاتل أنس في العراق وفي أرض فارس، مع اخيه البراء في عهد عمر بن الخطاب. وكاد يخطف بكلاليب الفرس عند أحد الحصون حتى استنقذه البراء أخوه. وسكن قريباً من البصرة.

انقذ الهرمزان من سطوة عمر:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حاصرنا تُستَر، فنزل الهُرْمُزان على حكم عمر رضي الله عنه، فقدمت به على عمر، فلما انتهينا إليه قال له عمر رضي الله عنه: تكلَّم. قال: كلام حيَ أو كلام ميِّت؟ قال: تكلَّم لا بأس. قال: إنا وإياكم معاشر العرب؛ ما خلَّى الله بيننا وبينكم، كنا نتعبدكم، ونقتلكم، ونغصبكم. فلما كان الله معكم لم يكن لنا يدان. فقال عمر رضي الله عنه: ما تقول؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، تركت بعدي عدواً كثيراً، وشوكة شديدة، فإن قتلته ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم. فقال عمر رضي الله عنه: إستحيي من قاتل براء بن مالك، ومجْزأة بن ثور؟ فلما خشيت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل قد قلت له: تكلم لا بأس. فقال عمر رضي الله عنه: إرتشيت وأصبت منه؟ فقال: والله ما ارتشيت ولا أصبت منه. قال: لتأتِيَني على ما شهدت به بغيرك أَو لأبْدَأنّ بعقوبتك. قال: فخرجت فلقيت الزبير بن العوام، فشهد معي، وأمسك عمر رضي الله عنه، وأسلم – يعني الهرمزان – وفرض له.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو متكىء على وسادة فألقاها له، فقال سلمان: صدق الله ورسوله، فقال عمر: حدثنا يا أبا عبد الله، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكىء على وسادة فألقاها إليَّ، ثم قال لي: «يا سلمان ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم فيُلقي له وسادة إكراماً له إلا غفر الله له» .

سَأَلَ سِيرِينُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْكِتَابَةَ فَأَبَى أَنَسٌ فَرَفَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ وَقَالَ: بَلَى كَاتِبُوهُمْ. فَكَاتَبَهُ. قَالَ محمد ابن سِيرِينَ يَقُولُ: كَاتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَبِي عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَدَّاهَا.

مع ابي موسى في بلاد فارس:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَعَثَنِي الأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تَرَكْتَ الأَشْعَرِيَّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: تَرَكْتُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَبِيرٌ وَلا تُسْمِعْهَا إِيَّاهُ.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع أبي موسى رضي الله عنه في مسيرٍ له، فسمع الناس يتحدَّثون، فسمع فصاحة فقال: ما الي يا أنس؟ هلمَّ فلنذكر ربنا فإن هؤلاء يكاد أحدهم أن يفريَ الأديم بلسانه ثم قال لي: يا أنس ما أبطأ بالناس عن الآخرة وما ثبَّرهم عنها؟ قال: قلت: الشهوات والشيطان، قال: لا والله، ولكن عُجِّلت لهم الدنيا وأُخرت الآخرة ولو عاينوا ما عَدَلوا وما ميّلوا.

مع الصالحين:

أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ: عَلَيْكُمْ مَوْلانَا الْحَسَنَ فَسَلُوهُ. فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ نَسْأَلُكَ وَتَقُولُ سَلُوا مَوْلانَا الْحَسَنَ! فَقَالَ: إِنَّا سَمِعْنَا وَسَمِعَ فَحَفِظَ وَنَسِينَا.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهُ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْ هَذَا الْفَتَى. يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

ما لاقاه من الحجاج:

عن علي بن زيد قال: كنت في القصر مع الحجّاج وهو يعرض الناس من أجل الأشعث، فجاء أنس بن مالك رضي الله عنه حتى دنا، فقال له الحجاج: هيه يا خِبْثة، يا جوالُ في الفتن. مرة مع علي بن أبي طالب، (ومرة مع ابن الزبير) ، ومرة مع ابن الأشعث، أما والذي نفسي بيده لأستأصلنَّك كما تُستأصل الصمغة، ولأجردنَّك كما يجرد الضب. فقال: من يعني الأمير – أصلحه الله؟ – قال الحجاج: إياك أعني – أصمَّ الله سمعك -، فاسترجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم خرج من عنده فقال: لولا أنِّي ذكرت ولدي فخشيته عليهم لكلمته في مقامي بكلام لا يستحييني بعده أبداً.

وقد رؤي أنس بْن مالك مختومًا في عنقه ختمه الحجاج، أراد أن يذله بذلك، وكان سبب ختم الحجاج أعناق الصحابة إذلالهم بذلك، وأن يجتنبهم الناس، ولا يسمعوا منهم.

من مآثره رضي الله عنه:

وعن ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ: شَكَا قَيِّمٌ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي أَرْضِهِ الْعَطَشَ. قَالَ: فَصَلَّى أَنَسٌ وَدَعَا فَثَارَتْ سَحَابَةٌ حَتَّى غَشِيَتْ أَرْضَهُ حَتَّى مَلأَتْ صِهْرِيجَهُ فَأَرْسَلَ غُلامَهُ فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ هَذِهِ. فَنَظَرَ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعُدْ أَرْضَهُ.

وعن الْجُرَيْرِيَّ قال: أَحْرَمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ. قَالَ: فَمَا سَمِعْنَاهُ مُتَكَلِّمًا إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ حَتَّى حَلَّ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي هَكَذَا الإِحْرَامُ.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ.

عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّ بَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالُوا لأَبِيهِمْ: يَا أَبَانَا أَلا تُحَدِّثُنَا كَمَا تُحَدِّثُ الْغُرَبَاءَ؟ قَالَ: أَيْ بَنِيَّ إِنَّهُ مَنْ يُكْثِرْ يُهْجِرْ.

أمر أنس بستر امرأة: عن صالح بن كرز أنه جاء بجارية له زنت إلى الحكم بن أيوب. قال: فبينا أنا جالس إذ جاء أنس بن مالك رضي الله عنه فجلس، فقال: يا صالح ما هذه الجارية معك؟ قلت: جارية لي بغت فأردت أن أرفعها إلى الإِمام ليقيم عليها الحد، فقال: لا تفعل، ردَّ جاريتك واتَّقِ الله، واستر عليها، قلت: ما أنا بافعل؟ قال: لا تفعل وأطعني، فلم يزل يراجعني حتى رددتها.

وفاة أنس:

وكان عنده عصية لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما مات أمر أن تدفن معه، فدفنت معه بين جنبه وقميصه.

وهو آخر من توفي بالبصرة من الصحابة، وكان موته بقصره بالطف، ودفن هناك عَلَى فرسخين من البصرة.

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ عِمَامَةً سَوْدَاءُ عَلَى غَيْرِ قَلَنْسُوَةٍ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ.

وكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ أَحْرَصِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ عَلَى الْمَالِ.

ولما عَجَزَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الصَّوْمِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَنَةٍ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ ثَلاثِينَ مِسْكِينًا.

ولَمَّا حَضَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْمَوْتُ أَوْصَى أَنْ يُغَسِّلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. وَكَانَ محمد محبوسا. فأتوا الأمير وهو يومئذ من رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُسَيْدٍ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ فَذَهَبَ فَغَسَّلَهُ وَكَفَّنَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ فِي قَصْرِ أَنَسٍ بِالطَّفِّ ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ كَمَا هُوَ السِّجْنَ. وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى أَهْلِهِ.

جُعِلَ فِي حَنُوطِهِ صُرَّةُ مِسْكٍ وَشَعْرٌ مِنْ شَعْرِ النبي ص. وَفِيهِ سُكٌّ. وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ عَنْ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

ما علّمه انس بن مالك مما تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم:

في الأخلاق:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس يصوم يوم وقال: «لا يُفطرنَّ أحد منكم حتى آذن له» ، فصام الناس حتى إذا أمسَوا، فجعل الرجل يجيء فيقول: يا رسول الله إني ظللت صائماً فائذنْ لي فأفطر. فيأذن له، الرجل والرجل، حتى جاء رجل فقال: يا رسول الله فتاتان من أهلي ظلتا صائمتين وإنهما تستحييان أن تأتياك فأذن لهما فلتُفطرا. فأعرض عنه. ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه. فقال: «إنهما تصوما وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس؟ اذهب فمُرهما إن كانتا صائمتين فلتستقيئا» فرجع إليهما فأخبرهما استقاءتا، فقاءت كل واحدة علقة من دم. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار».

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرِّق بيننا شجرة، فإذا التقينا يسلِّم بعضنا على بعض.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سبابا ولا فحاشا ولا لعانا. كان يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمُعَاتَبَةِ: [مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ؟] .

أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ كَانَ يَعُودُ الْمَرِيضَ. وَيَشْهَدُ الْجَنَازَةَ. وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَيَأْتِي دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ (أي العبد). وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ خِطَامُهُ لِيفٌ.

في ملاطفته للناس عليه السلام

عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشد الناس لطفاً، والله ما كان يمتنع في غَداة باردة من بعدٍ ولا من أمة ولا صبي أن يأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه، وما سأله سائل قط إلا أصغى إليه أذنه فلم ينصرف حتى يكون هو الذي ينصرف عنه، وما تناول أحد بيده إلا ناوله إياها، فلم ينزع حتى يكون هو الذي ينزعها منه.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا لَقِيَهُ الرَّجُلُ فَصَافَحَهُ لَمْ يَنْزَعْ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزَعُهَا وَلا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُهُ. وَلَمْ يُرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ قَطُّ.

وأخرج أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنا حاملوك على ولد ناقة» ، فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وهل تلك الإبل إلا النوق» .

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يَزُورُ أُمَّهُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَتُتْحِفُهُ بِالشَّيْءِ تَصْنَعُهُ لَهُ. قَالَ أَنَسٌ: وَأَخٌ لِي أَصْغَرُ مِنِّي يُكَنَّى أَبَا عُمَيْرٍ. فَزَارَنَا النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا شَأْنِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ ابْنَكِ خَاثِرَ النَّفْسِ؟ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَاتَتْ صَعْوَةٌ لَهُ كَانَ يَلْعَبُ بِهَا. قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَيَقُولُ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟] .

روى أنس بْن مالك: أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أقبل من غزوة تبوك، استقبله سعد الأنصاري، فصافحه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: ” ما هذا الذي أكتب يديك “، قال: يا رَسُول اللَّهِ، أضرب بالمر والمسحاة فأنفقه عَلَى عيالي، فقبل يده رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: ” هذه يد لا تمسها النار “.

في المعتقد:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سئل: كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: «الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا صَوَّرَ آدَمَ تَرَكَهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لا يَتَمَالَكُ]

وعَنْه قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءُ. وَكَانَتْ لا تُسْبَقُ. قَالَ: فَقَدِمَ أَعْرَابِيُّ عَلَى قُعُودٍ لَهُ فَسَابَقَهَا فَسُبِقَتْ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالُوا سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ.

قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم – فَقَالَ: إِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لا يَرْتَفِعَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلا وَضَعَهُ] .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ من الأنصار لرسول الله. ص: [ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لابْنِ أَخِينَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِدَاهُ. فَقَالَ: لا وَلا دِرْهَمًا] .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَعَى جَعْفَرًا وَزَيْدًا. نَعَاهُمَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمَا. نَعَاهُمَا وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

عن أنس قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمرض، فأتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: ” أسلم “. فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم. فأسلم. فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عنده وهو يقول: ” الحمد لله الذي أنقذه من النار “

شجاعته صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَشْجَعَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ. قَالَ: فَزِعَ أهل المدينة ليلة. قَالَ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَدْ سَبَقَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ: [لَنْ تُرَاعُوا! وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ. قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ لِلنَّاسِ: لَنْ تُرَاعُوا!] وَقَالَ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ. يَعْنِي الْفَرَسَ.

في العادات والعبادات:

عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عن قراءة رسول الله. ص؟ قَالَ: كَانَ يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم – إذا أَتَى الْغَائِطَ لَمْ يَرْفَعْ ثِيَابَهُ حَتَّى يَدْنُوَ من المكان الذي يريد.

عَنْ أَبِي طَالُوتَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَأْكُلُ الْقَرْعَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا لَكِ شُجَيْرَةً مَا أحبك إلي لِحُبِّ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِيَّاكِ.

أن أنس بن مالك قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ خُرُوجَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِرِيحِ الطِّيبِ.

عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَخْضِبُ؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغِ الْخِضَابَ. كَانَتْ فِي لِحْيَتِهِ شُعَيْرَاتٌ بِيضٌ.

رقته مع النساء:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: [لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُ بَيْتًا غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِ. فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَرْحَمُهَا. قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي] .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ. فَقِيلَ لرسول الله. ص: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِسَبْعَةِ آرُسٍ وَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ حَتَّى تُهَيِّئَهَا وَتَصْنَعَهَا وَتَعْتَدَّ عِنْدَهَا.

عن أنس قال: [قال النبي. ص: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً بَيْنَ يَدَيْ فَإِذَا أَنَا بِالْغُمَيْصَاءِ بِنْتِ مِلْحَانَ] . (أي أم سليم لفرط دينها وإيمانها).

وعَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا آمَنَ عِنْدِي أَوْ أَوْثَقَ فِي نَفْسِي مِنْكَ. ائْتِ إِلَى زَيْنَبَ فَاخْطُبْهَا عَلَيَّ. قَالَ: فَانْطَلَقَ زَيْدٌ فَأَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا. فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا حِينَ عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ذَكَرَهَا. فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ عَلَى عَقِبِي وَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ أَبْشِرِي. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَذْكُرُكِ. قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي. فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا. وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: «فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها» (سورة الأحزاب: 37). قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَصُبُّ لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – غُسْلَهُ مِنْ نِسَائِهِ جَمِيعًا.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [زَارَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أُمَّ سُلَيْمٍ فَصَلَّى فِي بَيْتِهَا صَلاةً تَطَوُّعًا وَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا صَلَّيْتِ الْمَكْتُوبَةَ فَقُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ عَشْرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَشْرًا وَاللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرًا ثُمَّ سَلِي اللَّهَ مَا شِئْتِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَكِ نَعَمْ نَعَمْ نَعَمْ] .

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عمرو بن أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقِيلُ فِي بَيْتِي فَكُنْتُ أَبْسُطُ لَهُ نِطَعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ فَيَعْرَقُ. فَكُنْتُ آخُذُ سُكًّا فَأَعْجِنُهُ بِعَرَقِهِ.

واسْتَيْقَظَ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مرة فَقَالَ: مَا تَجْعَلِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقَالَتْ: بَاقِي عَرَقِكَ أُرِيدُ أَنْ أُدَوِّفَ بِهِ طِيبِي.

قَالَ مُحَمَّدٌ بن سيرين: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَتْ لِي مِنْهُ. قَالَ أَيُّوبُ: فَاسْتَوْهَبْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ فَوَهَبَ لِي مِنْهُ فَإِنَّهُ عِنْدِي الآنَ. قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدٌ حُنِّطَ بِذَلِكَ السُّكِّ. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدٌ يُعْجِبُهُ أَنْ يُحَنَّطَ الْمَيِّتُ بِالسُّكِّ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ [أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ فَقَالَ: أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِكُمْ وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِكُمْ فَإِنَّنِي صَائِمٌ. ثُمَّ قَامَ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَصَلَّى صَلاةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلأَهْلِ بَيْتِهَا. فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خُوَيِّصَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ:

خَادِمُكَ أَنَسُ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلا دُنْيَا إِلا دَعَا لِي بِهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ. فإنني لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالا] . وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ قَدْ دُفِنَ لِصُّلَّبِي إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ الْبَصْرَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً.

الإخلاص:

عن أنس بْن مالك، عن ربيعة بْن وقاص، عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: ” ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة: رجل يكون في برية حيث لا يراه أحد فيقوم فيصلي، فيقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لملائكته: أرى عبدي هذا يعلم أن له ربًا يغفر الذنوب، فانظروا ماذا يطلب؟ فتقول الملائكة: أي رب، رضاك ومغفرتك. فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له.

ورجل يكون معه فئة، فيفر عنه أصحابه، ويثبت هو في مكانه، فيقول اللَّه للملائكة: انظروا ما يطلب عبدى، فتقول الملائكة: يا رب، بذل مهجته لك يطلب رضاك. فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له.

ورجل يقوم من آخر الليل، فيقول اللَّه للملائكة: اشهدوا أني قد غفرت له “.

التبرك برسول الله صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي حَجَّتِهِ لَمَّا حَلَقَ بَدَأَ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ. قَالَ هَكَذَا فَوَزَّعَهُ بَيْنَ النَّاسِ فَأَصَابَهُمُ الشَّعَرَةُ وَالشَّعْرَتَانِ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ. ثُمَّ قَالَ بِشِقِّهِ الآخَرِ هَكَذَا فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو طَلْحَةَ؟ قَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.

وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِمِنًى أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ شِقَّ شَعْرِهِ فَحَلَقَ الْحَجَّامُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ. فَكَانَتْ أُمُّ سليم تجعله في سكها.

عن أنس بن مالك، عن أمه، قالت: كان لي شاة، فجعلت من سمنها عكة، فبعثت بها مع زينب، فقلت: يا زينب، أبلغي هذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعله يأتدم بها. قالت: فجاءت زينب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله، هذا سمن بعثته إليك أم سليم فقال: ” أفرغوا لها عكتها “.ففرغت العكة، ودفعت إليها.

فجاءت وأم سليم ليست في البيت فعلقت العكة على وتد فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر سمنا، فقالت: يا زينب، أليس أمرتك أن تبلغي هذه العكة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتدم بها؟ ! قالت: قد فعلت، فإن لم تصدقيني فتعالي معي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم سليم وزينب معها إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني قد بعثت إليك معها بعكة فيها سمن، فقال: ” قد جاءت بها “.

فقلت: والذي بعثك بالهدى ودين الحق إنها ممتلئة سمنا تقطر، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أتعجبين يا أم سليم أن الله عَزَّ وَجَلَّ أطعمك “.

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [وَلَدَتْ أُمِّي أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ فَبَعَثَتْ بِهِ مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقُلْتُ: هَذَا أَخِي بَعَثَتْ بِهِ أُمِّي إِلَيْكِ. قَالَ:

فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ فَمَضَغَ لَهُ تَمْرَةً فَحَنَّكَهُ بِهَا فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: حُبُّ الأَنْصَارِ لِلتَّمْرِ] .

وعند مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يُؤتى بإناء إلا غمس يده فيه، وربما جاءه في الغداة الباردة بغمس يده فيها.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ بَيْتَهَا وَفِي الْبَيْتِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِيهَا مَاءٌ فَتَنَاوَلَهَا فَشَرِبَ مِنْ فِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ. فَأَخَذَتْهَا أُمُّ سُلَيْمٍ فَقَطَعَتْ فَمَهَا فَأَمْسَكَتْهُ عِنْدَهَا.

في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ الاثْنَيْنِ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ تَخَشْخَشُوا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا مَكَانَكُمْ.

فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ. ثُمَّ أَلْقَى السِّجْفَ وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما كان اليوم الذي قُبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم أظلم منها – يعني المدينة – كل شيء، وما نفضنا عنه الأيدي من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا. وعنده أيضاً عن أنس في حديث الهجرة قال: فشهدته يوم دخل المدينة علينا فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا، وشهدته يوم مات فما رأيت قط يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات.

كان أَنَس بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلا وَأَنَا أَرَى فِيهَا حَبِيبِي (رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ثُمَّ يَبْكِي.