المقداد بن عمرو

رضي الله عنه

(البهراني)

أصله من البهراء في اليمن

مقدمة: الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثُمَامَةَ بْن مطرود بْن عَمْرو بْن سعد بْن دهير بْن لؤي بْن ثَعْلَبَة بْن مالك بْن الشريد بْن أبي أهون بْن فائش بْن دريم بْن القين بْن أهود بْن بهراء بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة ويكنى أَبَا معبد.

وكان حالف الأسود بْن عَبْد يغوث الزُّهْرِيّ فِي الجاهلية فتبناه. فكان يُقَالُ له المقداد بْن الأسود. فَلَمَّا نزل القرآن: ادعوهم لآبائهم. قيل المقداد بْن عَمْرو.

ويقال لَهُ أيضا: المقداد الكندي، وَإِنما قيل لَهُ ذَلِكَ لأنه أصاب دما فِي بهراء، فهرب منهم إِلَى كنده فحالفهم، ثُمَّ أصاب فيهم دما فهرب إِلَى مكة فحالف الأسود بْن عبد يغوث.

والصحيح أَنَّهُ بهراوي، كنيته أَبُو معبد، وقيل: أَبُو الأسود.

إسلامه وهجرته: من أوائل من أتى النبي في دار الأرقم وأسلم.

هاجر المقداد إِلَى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، ثم لَمَّا هَاجَرَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.

أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ لَمَّا هَاجَرَا إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلا عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهَدْمِ فَلَمْ يَبْرَحَا مَنْزِلَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى بَدْرٍ بِيَسِيرٍ. فَتَحَوَّلا فَنَزَلا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَلَمْ يَزَالا عِنْدَهُ حَتَّى فُتِحَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ.

آخَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ الْمِقْدَادِ وَجَبَّارِ بْنِ صخر. وبينه وبين عبد الله بن رواحة.

وقَطَّعَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِلْمِقْدَادِ فِي بَنِي حُدَيْلَةَ دَعَاهُ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ أُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ.

عن المقداد بن عمرو الكندي قال: قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعي رجلان من أصحابي فطلبنا هل يضيفنا أحد فأتينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلنا يا رسول الله أصابنا جوع وجهد وإنا تعرضنا هل يضيفنا أحد فلم يضفنا أحد فدفع إلينا أربعة أعنز فقال:-ح: يا مقداد خذ هذه فاحتلبها فجزها أربعة أجزاء جزءا إلي وجزءا لك وجزءين لصاحبيك فكنت أفعل ذلك فلما كان ذات ليلة شربت جزئي وشرب صاحباي جزئيهما وجعلت جزء النبي (صلى الله عليه وسلم) في القعب وأطبقت عليه فاحتبس النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت لي نفسي إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد دعاه أهل بيت من المدينة فتعشى معهم ورسول الله وقال ابن المقرئ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يحتاج إلى هذا اللبن فلم تزل نفسي تديرني حتى قمت إلى القعب فشربت ما فيه فما تقار في بطني أخذني ما ندمت وما حدث فقالت لي نفسي يجئ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو جائع ظمآن فيرفع القعب فلا يجد فيه شيئا فيدعو عليك فتسجيت كأني نائم وما بي نوم فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلم تسليمة أسمع اليقظان ولم يوقظ النائم فلما لم ير في القعب شيئا رفع رأسه إلى السماء فقال:-ح: اللهم أطعم من أطعمنا واسق من سقانا فاغتنمت دعوة رسول الله فأخذت الشفرة وأنا أريد أن أذبح بعض تلك الأعنز فأطعمه فضربت بيدي فوقعت على ضرعها فإذا هي حافل ثم نظرت إليهن جميعا فإذا هن حفل فحلبت في القعب حتى امتلأ ثم أتيته زاد ابن المقرئ به وقالا وأنا أتبسم فقال:-ح: هيه بعض سوأتك يا مقداد فقلت: يا رسول الله اشرب ثم أخبر فشرب ثم شربت ما بقي ثم أخبرته فقال:-ح: يا مقداد هذه بركة كان ينبغي بك أن تعلمني حتى توقظ صاحبينا نسقيهما من هذه البركة قال فقلت: يا رسول الله إذا شربت أنت البركة وأنا فما أبالي من أخطأت (اخرجه مسلم في الاشربة).

-عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ قَالَتْ: سَمِعْتُ أُمِّي ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ بَهْرَاءَ مِنَ الْيَمَنِ وَهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا. فَأَقْبَلُوا يَقُودُونَ رَوَاحِلَهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو بِبَنِي جَدِيلَةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمِقْدَادُ فَرَحَّبَ بِهِمْ وَأَنْزَلَهُمْ فِي مَنْزِلٍ مِنَ الدَّارِ. وَأَتَوُا النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَسْلَمُوا وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وأقاموا أياما. ثم جاؤوا رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُوَدِّعُونَهُ فَأَمَرَ بِجَوَائِزِهِمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ.

جهاده:

عن كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ مَعِيَ فَرَسٌ يَوْمَ بَدْرٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ.

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو] .

أَوَّلُ مَنْ عَدَا بِهِ فَرَسُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود قَالَ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ مَشْهَدًا لأَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ:

أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا وَاللَّهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ. فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يُشْرِقُ لِذَلِكَ وَيَسُرُّهُ ذَلِكَ.

قَالُوا: وَشَهِدَ الْمِقْدَادُ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

وكان من الرماة المذكورين مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

وكان من الرماة المذكورين من أصحاب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغزا إفريقية مع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.

كما قاتل بخيبر فعن كريمة بنت المقداد قَالَتْ: بِعْنَا طُعْمَةَ الْمِقْدَادِ الَّتِي أَطْعَمَهُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بخيبر خمسة عشر وسقا شعيرا مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِمِائَةِ أَلْفِ درهم.

-سرية سعد بْن أَبِي وقاص إلى الخرار فِي ذي القعدة على رأس تسعة أشهر من مهاجر رسول الله – صلى الله عليه وَسَلَّمَ – وبعثه فِي عشرين رجلا مِن المهاجرين يعترض لعير قريش تمر بِهِ. عقد لَهُ لواء أبيض حمله المقداد بْن عَمْرو البهراني.

– سرية عبد الله بْن جحش الأَسَديّ إلى نخلة. فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِن مهاجر رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَعَثَهُ فِي اثني عشر رجلا مِن المهاجرين. كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى بطن نخلة. فأسروا اثنين وقتلوا واحدا وفر منهم واحد، واستاقوا العير. وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا بِهِ مِن الطائف. فقدموا بذلك كله عَلَى رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فوقفه وحبس الأسيرين. وكان الَّذِي أسر الحكم بْن كيسان المقداد بْن عَمْرو.

أسر المقداد للْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ:

مَوْلَى لبني مخزوم. وكان الحكم فِي عير قريش الّتي أصابها عَبْد الله بْن جحش بنخلة فأسر.

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّتِهِ عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ عَنْ أَبِيهَا الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنَا أَسَرْتُ الْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ فَأَرَادَ أَمِيرُنَا ضَرْبَ عُنُقِهِ فَقُلْتُ: دَعْهُ! نَقْدُمُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَدِمْنَا فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ فأطال. فقال عمر: علا م تُكَلِّمُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَاللَّهِ لا يُسْلِمُ هَذَا آخِرَ الأَبَدِ. دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ وَيُقْدِمُ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ لا يُقْبِلُ عَلَى عُمَرَ حَتَّى أَسْلَمَ الْحَكَمُ قَالَ الْحَكَمُ: وَمَا الإِسْلامُ؟ قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ. [فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَوْ أَطَعْتُكُمْ فِيهِ آنِفًا فَقَتَلْتُهُ دَخَلَ النَّارَ] .

فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهُ قَدْ أَسْلَمَ حَتَّى أَخَذَنِي مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ وَقُلْتُ: كَيْفَ أَرُدُّ عَلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَمْرًا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ثُمَّ أَقُولُ إِنَّمَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ النَّصِيحَةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: فَأَسْلَمَ وَاللَّهِ فَحَسُنَ إِسْلامُهُ وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا بِبِئْرِ مَعُونَةَ. وَرَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رَاضٍ عَنْهُ.

حتى إذا كَانَ دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش. فأخبر بِهِ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

أصحابه واستشارهم. فَقَالَ المقداد بْن عَمْرو البهراني: والذي بعثك بالحق. لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إِلَيْهِ. [ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ. ص: أشيروا عَلِيّ.

وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بْن معاذ فَقَالَ: أَنَا أجيب عَن الأنصار. كأنك يا رَسُول اللَّهِ تريدنا؟ قَالَ: أجل. قَالَ: فامض يا نبي اللَّه لما أردت. فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رَجُل واحد. فقال رسول الله.

ص: سيروا عَلَى بركة اللَّه. فإن اللَّه قد وعدني إحدى الطائفتين. فو الله لكأني أنظر إلى مصارع القوم] . إلخ….

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلا فَرَسَانِ. فَرَسٌ عَلَيْهِ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو حَلِيفُ الأَسْوَدِ خَالِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَفَرَسٌ لِمَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ فَرَسٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ فِي حَدِيثِهِ: كَانَتْ ثَلاثَةَ أَفْرَاسٍ فَرَسٌ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ.

غزوة رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الغابة:

وهي عَلَى بريد مِن المدينة طريق الشأم فِي شهر ربيع الأول سنة ست مِن مهاجره.

قَالُوا: كانت لقاح رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهي عشرون لقحة ترعى بالغابة. وكان أَبُو ذر فيها. فأغار عليهم عيينة بْن حصن ليلة الأربعاء في أربعين فارسا فاستاقوها وقتلوا ابن أَبِي ذر. وجاء الصريخ فنادى: الفزع الفزع! فنودي: يا خيل اللَّه اركبي.

وكان أول ما نودي بها. وركب رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَخَرَجَ غداة الأربعاء فِي الحديد مقنعا فوقف. فكان أول مِن أقبل إِلَيْهِ المقداد بْن عَمْرو وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه. فعقد لَهُ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لواء فِي رمحه وَقَالَ: [امض حتى تلحقك الخيول.

إنا عَلَى أثرك] . واستخلف رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم – على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم وخلف سعد بْن عبادة فِي ثلاثمائة مِن قومه يحرسون المدينة. قَالَ المقداد: فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد قتل أَبُو قتادة مسعدة فَأَعْطَاهُ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فرسه وسلاحه.

وقتل عكاشة بْن محصن أثار بْن عَمْرو بْن أثار. وقتل المقداد بْن عَمْرو حبيب بْن عيينة بْن حصن وقرفة بْن مالك بْن حذيفة بْن بدر. وقتل مِن المسلمين محرز بْن نضلة…

حب النبي للمقداد:

قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ أَنَّ [الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو خَطَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ (قيل أنه عبد الرحمن بن عوف)، فَأَبَى أن يزوجه فقال له النبي. ص: لَكِنِّي أُزَوِّجُكَ ضُبَاعَةَ ابْنَةَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ] .

وفي مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: من هذا الذي عن يمينك؟ قال: هذا المقداد. قال: إن الله يحبه ويأمرك بحبه.

وعن أبي كبشة الأنماري قال: لما فتح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة كان الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وكان المقداد بن الأسود على المجنبة اليمنى؛ فلما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة وهدأ الناس جاءا بفرسيهما، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح الغبار عن وجههما بثوبه ثم قال: إني جعلت للفرس سهمين وللفارس سهماً، فمن نقصهما نقصه الله.

احترام الصحابة له: أن عمر ضرب عبيد الله ابنه بالدرة، وقال: أتكتني بأبي عيسى؟ أو كان له أب؟! عن البهي: أن عبيد الله بن عمر سب المقداد بن عمرو، فقال عمر: علي نذر أن أقطع لسانه. فمشى إليه ناس من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلموه، فقال: دعوني أقطع لسانه، فلا يسب بعدي أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بعض مآثره:

وعن علي قال: ما كان فينا فارس يوم بدر إلا المقداد على فرس أبلق.

قال المقداد: شهدت بدراً على فرس يقال سبحة فضرب لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهم، ولفرسي بسهم، فكان لي سهمان.

كان أول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد بن الأسود. وأول من قاتل على ظهر فرسه المقداد بن الأسود.

وبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية وأمر عليهم المقداد، فلما رجعوا قال: كيف وجدت الإمارة يا أبا معبد؟ قال: خرجت يا رسول الله وأنا كأحدهم، ورجعت وانا أراهم كالعبيد لي. قال: كذلك الإمارة أبا معبد، إلا من وقاه الله شرها. قال: لا جرم، والذي بعثك بالحق، لا أتأمر على رجلين بعدها.

-عن الْمِقْدَادَ بْن الأَسْوَدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: -ح: لأَنْ يَزْنِيَ الرَّجَلُ بِعَشْرِ نسوة من عشر أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ. بِامْرَأَةِ جَارِهِ، وَلأَنْ يَسْرِقَ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ بَيْتِ جَارِهِ ( التاريخ الكبير للبخاري).

-عَنِ الْمِقْدَادَ بْن الأَسْوَدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ –ح: إِذَا بَاتَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نُصْرَتُهُ. ( التاريخ الكبير للبخاري).

عن ابن عباس قال جاء رجل فمدح رجلا في المسجد فقام إليه المقداد فحثا في وجهه التراب فقال ماانت بمنته أما أنا فلا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: -ح: احثوا في وجوه المداحين التراب.

المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:-ح: إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين قال سليم فلا أدري أمسافة الأرض أو الميل الذي يكحل به العين قال صهرتهم الشمس فيكونون في العرق على قدر أعمالهم فمنهم من تأخذه إلى عقبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حقويه ومنهم من تلجمه إلجاما قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى فيه قال تلجمه إلجاما.

قتل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر ثلاثة صبراً: عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث؛ وكان المقداد أسر النضر، فلما أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله قال المقداد: يا رسول الله! أسيري. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه كان يقول في كتاب الله ورسوله ما يقول. قال: فأمر بقتله، فقال: يا رسول الله! أسيري. فقال: إنه كان يقول في كتاب الله ورسوله ما يقول. يقال: يا رسول الله! أسيري. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم أغن المقداد من فضلك. قال: هذا الذي أردت. قال: ففيه نزلت هذه الآية: ” وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إلا أساطير الأولين “.

– عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا أَنَا بِالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ عَلَى تَابُوتٍ مِنْ تَوَابِيتِ الصَّيَارِفَةِ قَدْ فَضَلَ عَنْهَا عِظَمًا. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَعْذَرَ الله إليك. فقال: أبت علينا سورة البحوث (أي سورة التوبة): انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا.

وفاته: قيل أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ شَرِبَ دُهْنَ الْخِرْوَعِ فَمَاتَ.

عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ قَالَتْ: مَاتَ الْمِقْدَادُ بِالْجُرُفِ عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ حَتَّى دُفِنَ بِالْمَدِينَةِ بِالْبَقِيعِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ ابْنَ سَبْعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا.

وكان آدم، أبطن، اصفر اللحية، أقنى، طويلاً، كثير شعر الرأس، أعين، مقرون الحاجبين، يصفر لحيته.

-عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ أَنَّهَا وَصَفَتْ أَبَاهَا لَهُمْ فَقَالَتْ: كَانَ رَجُلا طَوِيلا آدَمَ. ذَا بَطْنٍ. كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ. يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَهِيَ حَسَنَةٌ وَلَيْسَتْ بِالْعَظِيمَةِ وَلا بِالْخَفِيفَةِ. أَعْيَنَ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ. أَقْنَأَ.

زوجته وأولاده: ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية ابنة عم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوج المقداد بن عمرو فولدت له عبدا الله وكريمة، قتل عبد الله يوم الجمل مع عائشة رضي الله عنها.

عن ابن عباس، أن ضباعة بنت الزبير أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: يا رسول الله، إني أريد الحج، أفأشترط؟ قال: ” نعم “. قالت: كيف أقول؟ قال: ” قولي: لبيك اللهم لبيك، لبيك محلي من الأرض حيث تحبسني “.