رافع بن مالك

رضي الله عنه

مقدمة: رافع بن مالك بن العجلان الزرقي الأنصاري:

هو ومعاذ بن عفراء أول أنصاريين أسلما من الخزرج. وهو أحد الستة النقباء، والنقباء الستة قتلوا كلهم في سبيل الله.

وهو أحد الإثني عشر، وأحد السبعين، أول من قدم المدينة رافع بن مالك الزرقي، قدم بسورة يوسف.

يكنى أبا مالك. وأمه ماوية بِنْت العجلان

وكان لرافع بْن مالك من الولد رفاعة وخلاد وقد شهِدَ بدْرًا ومالك وأمهم أم مالك بِنْت بِنْتِ أُبَيَّ ابْنِ سَلُولٍ. أسلمت أم مالك وبايعت رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

وكان رافع بْن مالك من الكملة. وكان الكامل فِي الجاهلية الَّذِي يكتب ويحسن العوم والرمي. وكان رافع كذلك. وكانت الكتابة فِي القوم قليلًا.

إسلامه:

أَنَّ رَافِعَ بْنَ مَالِكٍ الزُّرَقِيَّ وَمُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ خَرَجَا إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرَيْنِ فَذُكِرَ لَهُمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَتَيَاهُ. فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَا. فَكَانَا أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ. وَقَدِمَا الْمَدِينَةَ. فَأَوَّلُ مَسْجِدٍ قُرِئَ فِيهِ الْقُرْآنُ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ.

فكان رافع بْن مالك ومعاذ بْن عفراء أوّل من لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بمكة من الأنصار وأسلما وقدما بالإسلام المدينة. ويجعل رافع فِي الثمانية النفر الّذين يروى أنهم أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الستة النفر الذين يروى أنهم أول من اسلم من الأَنْصَار وليس قبلهم أحد.

وكَانَ أَوَّلَ مَنْ طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ. ثُمَّ تَوَافَى السَّبْعُونَ وَمَعَهُمُ امْرَأَتَانِ.

ولم يشهد رافع بْن مالك بدْرًا وشهدها ابناه رفاعة وخلاد ولكنه قد شهِدَ أحدًا وقتل يومئذٍ شهيدا فِي شوَّال عَلَى رأس اثنين وثلاثين شهرا مِن الهجرة.

آخَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الزُّرَقِيِّ وَبَيْنَ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. فَهَؤُلاءِ النُّقَبَاءُ مِنَ الأَنْصَارِ الَّذِينَ نَقَّبَهُمْ رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم – على قدومهم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا.

أخذه للقرآن وبناؤه للمسجد:

أنّ رافع بن مالك لما لقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بالعقبة أعطاه ما أنزل عليه في العشر سنين التي خلت، فقدم به رافع المدينة، ثم جمع قومه فقرأ عليهم في مسجده، وهو مسجد بني زريق أول مسجد قرئ فيه القرآن، قال: وعجب النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم من اعتدال قبلته.

صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

عَنْ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسْتُ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟» فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَكَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: قُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ ابْتَدَرَهَا بَضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكًا أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا»

نصيب الفقراء لا يمس:

عن رافع قال: دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندهم قدر تفور بلحم فأعجبني شحمه فأخذتها فازدردتها فاشتكيت عنها سنة ثم أني ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه كان فيها أنفس سبعة أيامي ثم مسح بطني فألقيتها خضراء فوالذي بعثه بالحق ما اشتكيت بطني حتى الساعة.

مرويات رفاعة بن رافع بن مالك:

عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَهْلُ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَفَاضِلُنَا. فَقَالَ جِبْرِيلُ: وَمَنْ شَهِدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا فَهُمْ أَفَاضِلُنَا»

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمِّهِ (رفاعة)- وَكَانَ بَدْرِيًّا – قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُهُ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» قَالَ: فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، فَرَجَعَ ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ الثَّالِثَةَ أَوِ الرَّابِعَةَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدِ اجْتَهَدْتُ وَحَرِصْتُ فَأَرِنِي وَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّيَ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ، فَإِذَا أَتْمَمْتَ عَلَى هَذَا، فَقَدْ أَتْمَمْتَ وَمَا نَقَصْتَ مِنْ هَذَا نَقَصْتَهُ مِنْ نَفْسِكَ»

عن معاذ بن رفاعة بن رافع الأنصاري عن أبيه رفاعة بن رافع قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول على منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول، فبكى أبو بكر حين ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ثم سرّي عنه، ثم قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول في هذا القيظ عام الأوّل: “سلوا الله العفو والعافية واليقين في الآخرة والأولى”.

زوجته:

أم مالك أخت عبد الله بن أبي ابن سلول:

أسلمت أم مالك وبايعت رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وتزوج أم مالك رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق بن عامر بن الخزرج فولدت له رفاعة وخلادا ابني رافع. شهدا بدرا.

ولداه في غزوة بدر:

عن رفاعة بن رافع قال: خرجت أنا وأخي خلاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر على بعير أعجف، حتى إذا كنا بموضع البريد الذي خلف الروحاء برك بنا بعيرنا، فقلت: اللهم لك علينا لئن أتينا المدينة لننحرن البعير، فبينا نحن كذلك مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مالكما؟ فأخبرناه أنه برك علينا، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم بزق في وضوئه، ثم أمرنا ففتحنا له فم البعير، فصب في جوف البكر من وضوئه، ثم صب على رأس البكر، ثم على عنقه، ثم على حاركه، ثم على سنامه، ثم على عجزه، ثم على ذنبه، ثم قال: اللهم احمل رافعًا وخلادًا، فمضى رسول الله وقمنا نرتحل فارتحلنا، فأدركنا النبي عليه السلام على رأس المنصف، وبكرنا أول الركب، فلما رآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك، فمضينا حتى أتينا بدرًا، حتى إذا كنا قريبا من وادي بدر برك علينا، فقلنا: الحمد لله، فنحرناه وتصدقنا بلحمه.

رفاعة وامية بن خلف:

عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَجَمَّعَ النَّاسُ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ إِلَى قِطْعَةٍ مِنْ دِرْعِهِ قَدِ انْقَطَعَتْ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ، قَالَ: فَأَطْعَنْتُهُ بِالسَّيْفِ فِيهَا طَعْنَةً فَقَتَلْتُهُ، وَرُمِيتُ بِسَهْمٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَفَقَأَتْ عَيْنِي «فَبَصَقَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لِي فَمَا آذَانِي مِنْهَا شَيْءٌ» صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

حفيد رافع:

يحيى بن خلاد: لَمَّا وُلِدَ يَحْيَى بْنُ خَلادٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ فَحَنَّكَهُ وَقَالَ: لأُسَمِّيَنَّهُ اسْمًا لَمْ يُسَمَّ بِهِ بَعْدُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ. فَسَمَّاهُ يَحْيَى. فأحيا به النبي إسم نبي كان قد نُسي.

فخلّد الله تعالى ذكر هذه العائلة: مَاتَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ حِينَ قَامَ مُعَاوِيَةُ»وبقي من ولِد رافع بْن مالك إلى يومنا هذا قوم كثير. وقِيلَ: إِنَّ مَوْضِعَ قَبْرِهِ الْيَوْمَ فِي دَارِ آلِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ الَّتِي فِي بَنِي زُرَيْقٍ فِي كُتَّابِ عُرْوَةَ، صَارَتْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ.