عبادة بن الصامت

الأنصاري رضي الله عنه

مقدمة: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ابن قيس بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج أبو الوليد الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحد الاثني عشر نقيبا ليلة العقبة بدري أحدي، سكن الشام ودخل دمشق قبل فتحها وبعده روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة من أولاد بني عم أبيه. يكنى أبا الوليد وكان لعبادة بن الصامت من الولد الوليد وأمه جميلة بِنْت أَبِي صعصعة من بني النجار، ومحمد وأمه أُمُّ حَرَامِ بِنْت مِلْحَانَ من بني النجار كذلك. وعبادة رضي الله عنه من القواقلة وهم وجهاء من الخزرج الذين يجيرون الرجل ويؤمنوه من الخوف على نفسه في مدينتهم فيقولون له قوقل حيث شئت، والقوقلة هي مشية الحجل.

وشهد عبادة العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا وهو أحد النقباء الاثني عشر وآخى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين عبادة بن الصامت وأبي مرثد الغنوي وشهد عبادة بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان عبادة عقبيا نقيبا بدريا أنصاريا. أخوه أوس بن الصامت وابن أخيه شداد بن أوس الصحابي الصالح الواعظ ببلاد الشام.

أول من ولي قضاء فلسطين، وكان أخرجه إليها عمر بن الخطاب معلما (ذكره البخاري).

في تسمية عمال عمر على الشامات قال وولى أبا عبيدة بن الجراح فولى أبو عبيدة حين فتح الشامات حبيب بن مسلمة على حمص ثم عزله وولى عبد الله بن قرط ثم عزله وولى عبادة بن الصامت الأنصاري ثم عزله ورد عبد الله بن قرط ومات أبو عبيدة وولى عمر سعيد بن عامر بن حذيم حمصا ثم جمع الشام كلها لمعاوية بن أبي سفيان.

من ثمرات صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم:

عن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشغل إذا قدم الرجل مهاجرا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن فدفع إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا وكان معي في البيت أعشيه عشاء أهل البيت فكنت أقرئه القرآن فانصرف إلى أهله فرأى أن عليه حقا فأهدى إلي قوسا لم أر أجود منها عودا ولا أحسن منها عطفا فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت ما ترى يا رسول الله فقال جمرة بين كتفيك تعلقتها.

وكان لكعب بن عجرة صنم في بيته يكرمه ويمسحه من الغبار ويضع عليه ثوبا وكان يكلم في الإسلام فيأباه وكان عبادة بن الصامت له خليلا فقعد له يوما يرصده فلما خرج من بيته دخل عبادة ومعه قدوم وزوجته عند أهلها فجعل يفلذه فلذة فلذة وهو يقول: ألا كل ما يدعى مع الله باطل ثم خرج وأغلق الباب فرجع كعب إلى بيته فنظر إلى الصنم قد كسر فقال هذا عمل عبادة فخرج مغضبا وهو يريد أن يشاتم عبادة إلى أن فكر في نفسه فقال ما عند هذا الصنم من طائل لو كان عنده طائل حيث جعله جذاذا لامتنع ومضى حتى دق على عبادة فأشفق عبادة أن يقع به فدخل عليه فقال قد رأيت أن لو كان عنده طائل ما تركك تصنع به ما رأيت وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

لما حارب بنو قينقاع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي وقام دونهم فمشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان أحد بني عوف بن الخزرج لهم من خلفهم مثل الذين لهم من حلف عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم فقال يا رسول الله أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت الآيات في المائدة ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ” (3) إلى قوله ” فترى الذين في قلوبهم مرض ” (3) يعني عبد الله بن أبي لقوله إني أخشى الدوائر ” يسارعون فيها يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ” حتى بلغ قوله ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ” (4) يقول عبادة: أتولى الله ورسوله والذي آمنوا تبرئه من بني قينقاع وحلفهم وولايتهم إلى قوله ” ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون “.

وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبادة بن الصامت يجليهم بني قينقاع فجعلت بنو قينقاع تقول يا أبا الوليد من بين الأوس والخزرج ونحن مواليك فعلت هذا بنا قال لهم عبادة: لمّا حاربتم جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله إني أبرأ إليك منهم ومن حلفهم وكان ابن أبي وعبادة بن الصامت منهم بمنزلة واحدة في الحلف فقال عبد الله بن أبي تبرأت من حلف مواليك ما هذه بيده عندك فذكره مواطن قد أبلوا فيها فقال عبادة أبا الحباب تغيرت القلوب ومحا الإسلام العهود أما والله إنك لمعتصم بأمر سترى غبه غدا فقالت قينقاع وأخذهم عبادة بالرحيل والإخلاء فطلبوا التنفيس فقال لهم ولا ساعة من نهار لكم ثلاث لا أزبدكم عليها هذا أمر.

عن عبادة بن الصامت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثه على الصدقة فقال له اتق الله يا أبا الوليد اتق لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء أبو بقرة لها خوار أو شاة لها ثؤاج فقال يا رسول الله إن ذلك كذلك؟ قال إي والذي نفسي بيده ذلك لكذلك إلا من رحم الله عز وجل قال: فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبدا

أهديت لعبادة بن الصامت هدية وإن معه في الدار اثني عشر أهل بيت فقال عبادة اذهبوا بهذه إلى آل فلان فهم أحوج إليها منا قال فما زالوا كلما جئت إلى أهل بيت يقولون اذهبوا إلى آل فلان هم أحوج إليه منا حتى رجعت الهدية إليه قبل الصبح.

رسولاً إلى عظيم القسطنطينية في عهد أبي بكر: وعن عبادة قال: بعثني أبو بكر إلى ملك الروم يدعوه إلى الإسلام ويرغبه فيه ومعي عمرو بن العاص بن وائل السهمي وهشام بن العاص بن وائل السهمي وعدي بن كعب ونعيم بن عبد الله بن النحام فخرجنا حتى قدمنا على جبلة بن الأيهم بدمشق فأدخلنا على ملكهم بها الرومي فإذا هو على فرش له مع الأسقف فأجلسنا فبعث إلينا رسوله وسألنا أن نكلمه فقلنا لا والله لا نكلمه برسول بيننا وبينه فإن كان له في كلامنا حاجة فليقربنا منه فأمر بسلم فوضع ونزل إلى فرش له في الأرض بقربنا فإذا هو عليه ثياب سود مسوح فقال له هشام بن العاص بن وائل ما هذه المسوح التي عليك قال لبستها ناذرا أن لا أنزعها حتى أخرجكم من الشام فقلنا قال القاضي وذكر كلاما خفي علي من كتابي معناه بل نملك مجلسك وبعده ملككم الأعظم فوالله لنأخذنه إن شاء الله فإنه قد أخبرنا وذلك نبينا (صلى الله عليه وسلم) الصادق البار قال إذا أنتم السمراء قال قلنا ما السمراء قال لستم بها قلنا (3) ومن هم قال الذين يقومون الليل ويصومون النهار قال فقلنا نحن والله هم قال فقال وكيف صومكم وصلاتكم وحالكم فوصفنا له أمرنا فنظر إلى أصحابه وراطنهم (4) وقال لنا ارتفعوا قال ثم علا وجهه سواد حتى كأنه قطعة مسح من شدة سواده وبعث معنا رسولا (5) إلى ملكهم الأعظم بالقسطنطينية فخرجنا حتى انتهينا إلى مدينتهم ونحن على رواحلنا علينا العمائم والسيوف فقال لنا الذين معنا إن دوابكم هذه لا تدخل مدينة الملك فإن شئتم جئناكم ببراذين وبغال قلنا لا والله لا ندخلها إلا على رواحلنا فبعثوا إليه يستأذنونه فأرسل إليهم أن خلوا سبيلهم ودخلنا على (6) رواحلنا حتى انتهينا إلى غرفة مفتوحة الباب وإذا هو فيها جالس ينظر قال فأنخنا تحتها ثم قلنا لا إله إلا الله والله أكبر فيعلم الله لانتفضت حتى كأنها نخلة تصفقها (7) الريح فبعث إلينا رسولا إن هذا ليس لكم أن تجهروا بدينكم في بلادنا وأمر بنا فدخلنا عليه وإذا هو مع بطارقته وإذا عليه ثياب حمراء وإذا فرشه وما حواليه أحمر وإذا رجل فصيح بالعربية يكتب فأومأ إلينا فجلسنا ناحية فقال لنا وهو يضحك ما منعكم أن تحيوني بتحيتكم فيما بينكم فقلنا نرغب بها عنك وأما تحيتك التي لا ترضى إلا بها فإنها لا تحل لنا أن نحييك بها قال وما تحيتكم فيما بينكم قلنا السلام قال فما كنتم تحيون به نبيكم قلنا بها قال فما كان تحيته هو قلنا بها قال فبما تحيون ملككم اليوم قلنا بها قال فبم يحييكم قلنا بها قال فما كان نبيكم يرث منكم قلنا ما كان يرث إلا ذا قرابة قال وكذلك ملككم اليوم قلنا نعم قال فما أعظم كلامكم عندكم قلنا لا إله إلا الله قال فيعلم الله لانتفض حتى كأنه ذو ريش من حسن ثيابه ثم فتح عينيه في وجوهنا قال فقال هذه الكلمة التي قلتموها حين نزلتم تحت غرفتي قلنا نعم قال كذلك إذا قلتموها في بيوتكم تنفضت لها سقوفكم قلنا والله ما رأيناها صنعت هذا قط إلا عندك وما ذاك إلا لأمر أراده الله تعالى قال ما أحسن الصدق أما والله لوددت أني خرجت من نصف ما أملك وأنكم لا تقولونها على شئ إلا انتفض لها قلنا ولم ذاك قال ذاك أيسر لشأنها وأحرى أن لا تكون من النبوة وأن تكون من ولد آدم قال فماذا تقولون إذا فتحتم المدائن والحصون قلنا نقول لا إله إلا الله والله أكبر قال تقولون لا إله إلا الله والله أكبر قال تقولون لا إله إلا الله والله أكبر ليس غيره شئ قلنا نعم قال تقولون الله أكبر هو أكبر من كل شئ قلنا نعم قال فنظر إلى أصحابه فراطنهم ثم أقبل علينا فقال تدرون ما قلت لهم قلت ما أشد اختلاطهم فأمر لنا بمنزل وأجرى لنا نزلا فأقمنا في منزلنا تأتينا ألطافه غدوة وعشية ثم بعث إليناد فدخلنا عليه ليلا وحده ليس معه أحد فاستعادنا الغلام فأعدناه عليه ثم دعا بشئ كهيئة الربعة ضخمة مذهبة فوضعها بين يديه ثم فتحها فإذا فيها بيوت صغار عليها أبواب ففتح منها بيتا فاستخرج منها خرقة حرير سوداء فنشرها فإذا فيه صورة حمراء وإذا فيها رجل صخم العينين عظيم الإليتين لم ير مثل طول عنقه في مثل جسده أكثر الناس شعرا فقال لنا أتدرون من هذا قلنا لا قال هذا آدم (صلى الله عليه وسلم) ثم أعاده وفتح بيتا آخر فاستخرج منه خرقة سوداء فنشرها فإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل له شعر كثير كشعر القبط قال القاضي أراه قال ضخم العينين بعيد ما بين المنكبين عظيم الهامة فقال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا نوح (صلى الله عليه وسلم) ثم أعادها في موضعها وفتح بيتا آخر فاستخرج منخرقة خضراء فإذا فيها صورة شديدة البياض وإذا رجل حسن الوجه حسن العيش (1) شارع الأنف سهل الخدين أشهيب الرأس أبيض اللحية كأنه حي يتنفس فقال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا إبراهيم ثم أعادها وفتح بيتا آخر فاستخرج منه خرقة حرير خضراء فإذا فيها صورة محمد (صلى الله عليه وسلم) فقال تدرون من هذا قلنا هذا محمد صلى الله عليه وسلم وبكينا فقال الله يعلم أنه محمد قلنا نعم بديننا إنها صورته كأنما ننظر إليه حيا قال فاستخف حتى قام على رجليه قائما ثم جلس فأمسك طويلا فنظر في وجوهنا فقال أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم فأعاده وفتح بيتا آخر فاستخرج منه خرقة حرير خضراء فإذا فيها صورة رجل جعد أبيض قطط غائر العينين حديد النظر عابس متراكب الأسنان مقلص الشفة كأنه من رجال أهل البادية فقال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا موسى وإلى جانبه صورة شبيهة به رجل مدور الراس عريض الجبين بعينه قبل (1) قال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا هارون وفتح بيتا آخر فاستخرج منه خرقة حرير خضراء فنشرها فإذا فيها صورة بيضاء وإذا رجل يشبه المرأة وعجيزة وساقين قال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا داود فأعادها وفتح بيتا آخر فاستخرج منه خرقة حرير خضراء فنشرها (2) فإذا فيها صورة بيضاء فإذا رجل أوقص (3) قصير الظهر طويل الرجلين على فرس لكل شئ منه جناج فقال تدرون من هذا قلنالا قال هذا سليمان وهذه الريح تحمله ثم أعادها وفتح بيتا آخر فيه حريرة خضراء فنشرها فإذا صورة بيضاء وإذا رجل شاب حسن الوجه حسن العينين شديد سواد اللحية يشبه بعضه بعضا فقال تدرون من هذا قلنا لا قال هذا عيسى بن مريم فأعادها وأطبق الربعة (4) قال قلنا أخبرنا عن قصة الصور ما حالها فإنا نعلم أنها تشبه الذين صور ت صورهم وإنا رأينا نبينا (صلى الله عليه وسلم) تشبه صورته قال أخبرت أن آدم سأل ربه أن يريه أنبياء نبيه فأنزل عليه صورهم فاستخرجها ذو القرنين من خزانة آدم في مغرب الشمس فصورها لنا دانيال في خرق الحرير على تلك الصور فهي هذه بعينها أما والله لوددت أن نفسي طابت بالخروج من ملكي وتابعتكم على دينكم وأن أكون (5) عبدا لأسوئكم ملكة ولكن نفسي لا تطيب فأجازنا فأحسن جوائزنا وبعث معنا من يخرجنا إلى مأمننا فانصرفنا إلى رحالنا

بعث إلى الشام معلماً ومفقها في عهد عمر: جمع القرآن في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) خمسة من الأنصار معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء فلما كان عمر كتب يزيد بن أبي سفيان إن أهل الشام كثير وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم فقال أعينوني بثلاثة فقالوا هذا شيخ كبير لأبي أيوب وهذا سقيم لأبي فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء فقال ابدءوا بحمص فإذا رضيتم منهم فليخرج واحد إلى دمشق وآخر إلى فلسطين فأقام بها عبادة وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين ومات معاذ عام طاعون عمواس وصار عبادة بعد إلى فلسطين فمات بها ولم يزل أبو الدرداء بدمشق حتى مات.

أتينا عبادة بن الصامت أيام أرواد (جزيرة بساحل الشام فتحت في أيامه)، فإذا هو قائم يركع فقالت له أم حرام يا أبا الوليد هؤلاء إخوانك جاؤوك تحدثهم فقال لها إن كنت صحبت فقد صحبت وإن أكن سمعت فقد سمعت فحديثهم أنت فقالت أتانا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال أين أبو الوليد فقلت الساعة يأتيك فألقيت وسادة فجلس عليها فضحك فقلت ما أضحك قال أو جيش من أمتي يركبون البحر قد أوجبوا قلت ادع الله لي أن أكون معهم قال اللهم اجعلها معهم قالت ثم ضحك فقلت ما الذي أضحكك قال أول جيش من أمتي يرابطون مدينة قيصر مغفور لهم.

وولى عبادة بن الصامت الأنصاري حمص قالوا فلما قدمها قام في الناس خطيبا فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال إلا أن الدنيا خضرة يأكل منها البر والفاجر وان الآخرة وعد صادق يحكم فيه ملك قادر إلا وان للدنيا بنين وللاخرة بنين فكونوا من بني الآخرة ولا تكونوا من بني الدنيا فإن كل أمة يتبعها بنوها يوم القيامة

مر بقرية يقال لها دمر من قرى الغوطة فأمر غلامه أن يقطع له سواكا من صفصاف على نهر بردى فمضى ليفعل ثم قال له ارجع فإنه إلا يكن بثمن فإنه ييبس فيعود حطبا بثمن

عن عبادة بن الصامت قال صلى بنا رسول الله الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا بوجهه ثم قال هل تقرءون خلفي إذا جهرت فقال بعضنا إنا لنصنع ذلك قال فلا تقرءوا خلفي بشئ من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن.

إجتنب الفتنة حين غلبت الناس في عهد عثمان: أن عبادة بن الصامت حين ذكر الناس من شأن عثمان ما ذكروا قال والله لا أحضر هذا الأمر أبدا فخرج من المدينة حتى لحق بعسقلان فمكث حتى فُرِغ من عثمان.

صراحته وصدقه:

كان عبادة قد بايع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن لا يخاف في الله لومة لائم، وجاءت مواقفه الشجاعة والصريحة تؤكد التزامه بعهده للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.

عن عبادة بن الصامت أنه قال: أنا من النقباء الذين بايعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال بايعنا على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل النفس التي حرم الله ولا ننتهب ولا نعصي فالجنة إن فعلنا ذلك فإن غشينا من ذلك شيئا كان قضاؤه إلى الله عز وجل (رواه مسلم).

كما بايع في الحديبية تحت الشجرة.

عن يعلى بن شداد قال ذكر معاوية الفرار من الطاعون في خطبته فقال عبادة أمك هند أعلم منك فأتم خطبته ثم صلى ثم أرسل إلى عبادة فنفذت رجال الأنصار معه فاحتسبهم ودخل عبادة فقال له معاوية ألم تتق الله وتستحيى إمامك فقال عبادة أليس قد علمت أني بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة العقبة أني لا أخاف في الله لومة لائم ثم خرج معاوية عند العصر فصلى العصر ثم أخذ بقائمة المنبر فقال أيها الناس إني ذكرت لكم حديثا على المنبر فدخلت البيت فإذا الحديث كما حدثني عبادة فاقتسموا منه فهو أفقه مني.

كان عبادة بن الصامت مع معاوية بن أبي سفيان في عسكره فأذن يوما فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه فقام عبادة بتراب في يده فحثاه في في الخطيب فغصب معاوية فقال له عبادة مجيبا له إنك يا معاوية لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالعقبة على السمع والطاعة في منشطنا ومكسلنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) احثوا في أفواه المداحين التراب.

أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة وهو وبالشام تحمل الخمر فقال ما هذه أزيت قيل لا بل خمر تباع لفلان فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها رواية إلا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال ألا تمسك عنا أخاك عبادة بن الصامت أما بالغدوات فيغدوا إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم وأما بالعشي فيقعد بالمسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا فأمسك عنا أخاك فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال يا عبادة ما لك ولمعاوية ذره وما حمل فإن الله يقول ” تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ” قال عبادة لأبي هريرة يا أبا هريرة إنك لم تك معنا إذ بايعنا (7) على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى التفقه في اليسر والعسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله ولا نخف لومة لائم وعلى أن ننصر النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي بايعنا عليها فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفى الله له بما بايع عليه نبيه (صلى الله عليه وسلم) فكتب معاوية إلى عثمان بن عفان أن عبادة بن الصامت قد أفسد على الشام وأهله فإما أن تكف إليك عبادة وإما أخلي بينه وبين الشام فكتب إليه أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة فبعث بعبادة حتى قدم المدينة فدخل على عثمان في الدار وليس في الدار غير رجل من السابقين أو من التابعين قد أدرك القوم فلم يفج عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار فالتفت إليه فقال يا عبادة بن الصامت ما لنا ولك فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا القاسم محمدا يقول إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى فلا تضلوا بربكم

كان عبادة بن الصامت بالشام فرأى آنية من فضة تباع الإناء بمثلي ما فيه أو نحو ذلك فمشى إليهم عبادة فقال أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبادة بن الصامت ألا وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مجلس من مجالس الأنصار ليلة الخميس في رمضان لم يصم رمضان بعده يقول الذهب بالذهب مثلا بمثل سواء بسواء وزنا بوزن يدا بيد فما زاد فهو ربا والحنطة بالحنطة قفيز بقفيز يد بيد فما زاد فهو ربا والتمر بالتمر قفيز بقفيز يد بيد فما زاد فهو ربا قال فتفرق الناس عنه فأتى معاوية فأخبر بذلك فأرسل إلى عبادة فأتاه فقال له معاوية لئن كنت صحبت النبي (صلى الله عليه وسلم) وسمعت منه لقد صحبناه وسمعنا منه فقال له عبادة لقد صحبته وسمعت منه فقال له معاوية فما هذا الحديث الذي تذكره فأخبره فقال له معاوية اسكت عن هذا الحديث ولا تذكره فقال له عبادة بلى وإن رغم أنف معاوية قال ثم قام فقال له معاوية ما نجد شيئا أبلغ فيما بيني وبين أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) من الصفح عنهم

أتى عبادة بن الصامت حجرة معاوية بن أبي سفيان وهو بأنطرطوس فألزم ظهره الحجرة وأقبل على الناس بوجهه وهو يقول بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا أبالي في الله لومة لائم ألا إن المقداد بن الأسود قد غل بالأمس حمارا قال وأقبلت أوسق من مال فاشرأب الناس إليها فقال عبادة أيها الناس ألا إنها إنما تحمل الخمر والله ما يحل لصاحب هذه الحجرة أن يعطيكم منها شيئا ولا يحل لكم أن تسألوه وإن كانت معبلة يعني سهما في جنب أحدكم قال فأتى رجل المقداد بن الأسود في يده قرصافة فجعل يتل بها الحمار وهو يقول يا معاوية هذا حمارك شأنك به حتى أورده الحجرة

وفي وقوفه بوجه معاوية حين كان يخطيء: ثم قال علمت كيف كانت البيعتان حين دعينا إليهما دعيت على أن نبايع على أن لا نزني ولا نسرق ولا نخاف في الله لومة لائم فقلت أما هذا فاعفني يا رسول الله ومضيت أنا عليها فبايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولأنت يا معاوية أصغر في عيني من أن أخافك في الله عز وجل فقال معاوية صدقت قد كان هذا في شأن البيعتين فأمر به فأرسل.

موقعه بين الصحابة:

عبادة بن الصامت حدثه قال خلوت برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت أي أصحابك أحب إليك حتى أحب من تحب كما تحب قال أكتم علي حياتي أحبائي يا عبادة فقلت نعم فقال أبو بكر الصديق ثم عمر ثم علي ثم سكت فقلت ثم من يا رسول الله قال من عسى أن يكون إلا الزبير وطلحة وسعد وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وأبو طلحة وأبو أيوب وأنت يا عبادة وأبي بن كعب وأبو الدرداء وابن مسعود وابن عوف وابن عفان ثم هؤلاء الرهط من الموالي سلمان وصهيب وبلال وعمار بن ياسر(رواه إبن عساكر عن أبي عبد الله الصنابحي.

أن عبادة أنكر على معاوية شيئا فقال لا أساكنك بأرض فرحل إلى المدينة فقال له عمر ما أقدمك فأخبره فقال ارحل إلى مكانك فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك فلا إمرة له عليك.

-عن جنادة بن أبي أمية الأزدي عن عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال يا عبادة اسمع وأطع في يسرك وعسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إلا أن يكون معصية بواحا

-عن أبي أيوب الأنصاري قال غزونا حتى إذا انتهينا إلى المدينة مدينة قسطنطينية فإذا قاص يقول من عمل عملا من أول النهار عرض على معارفه إذا أمسى من أهل الآخرة من عمل عملا من آخر النهار عرض على معارفه إذا أصبح من أهل الآخرة فقال له أبو أيوب انظر ما تقول قال والله إن ذلك لكذلك فقال اللهم لا تفضحني عند عبادة بن الصامت ولا عند سعد بن عبادة فيما عملت بعدهما قال القاص والله ما كتب الله ولايته لعبد إلا ستر عليه عورته وأثنى عليه بأحسن عمله.

-أن عبادة بن الصامت دعا نبطيا يمسك له دابته عند بيت المقدس فأبى فضربه فشجه فاستعدى عليه عمر بن الخطاب فقال له ما دعاك إلى ما صنعت بهذا فقال يا أمير المؤمنين أمرته أن يمسك دابتي فأبى وأنا رجل فيَّ حدة فضربته فقال اجلس للقصاص فقال زيد بن ثابت أتقيد عبدك من أخيك فترك عمر القود وقضى عليه بالدية.

-رؤي عبادة بن الصامت وهو على سور بيت المقدس الشرقي وهو يبكي قال فقيل ما يبكيك يا أبا الوليد قال من ها هنا أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه رأى جهنم

-قيل لم يبق من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالشام كان أوثق ولا أفقه ولا أرضا من عبادة بن الصامت وشداد بن أوس.

-عن أبي الأشعث الصنعاني أنه راح إلى مسجد دمشق فلقي شداد بن أوس الأنصاري والصنابحي فقالا له اذهب بنا إلى أخ لنا نعوده فدخلا على عبادة بن الصامت فقالا كيف أصبحت قال أصبحت بنعمة من الله وفضل قال له شداد أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول قال الله عز وجل إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني وصبر على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز وجل للحفظة إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك من الأجر.

قال ابن الفراء ألفينا عبادة بن الصامت فأخذ يميني بشماله وشمال أبي الدرداء بيمينه فخرج يمشي بيننا فقال عبادة إن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما ليوشك أن تريا الرجل من ثبج (اكابر) المسلمين قد قرأ القرآن على لسان محمد (صلى الله عليه وسلم) أعاده وأبداه وأحل حلاله وحرم حرامه ونزل عند منازله أو قرأ به على لسان أحد لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت فبينما نحن كذلك إذ طلع علينا شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا إلينا فقال شداد إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من الشهوة الخفية والشرك فقال عبادة وأبو الدرداء اللهم غفرا أو لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها فهي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد قال أرأيتكم لو رأيتم أحدا يصلي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له أترون أنه قد أشرك قالوا نعم قال شداد فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من صلى يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك فقال عوف ولا يعمد الله إلى ما ابتغى فيه وجهه من ذلك العمل كله فيتقبل منه ما خلص له ويدع ما أشرك به فيه فقال شداد فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول (الله تعالى): أنا خير قسيم فمن أشرك بي شيئا فإن جسده وعمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك بي أنا عنه غني.

غزو قبرص:

عن أبي راشد الحبراني من حمير قال ركبت البحر عام قبرس مع ثلاثة عشر من رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منهم عبادة بن الصامت وأبو أيوب الأنصاري وأبو ذر الغفاري وأبو الدرداء وفضالة بن عبيد وعمير بن سعد ومعاوية وهو الأمير.

عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيرا مما يزور أم حرام فيقيل عندها فنام عندها يوما ففزع (فاستيقظ) وهو يضحك فقالت يا رسول الله فيم ضحكت قال ” عجبت من أناس من أمتي عرضوا علي آنفا على سرر أمثال الملوك يركبون ثبج هذا البحر الأخضر في سبيل الله ” قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال ” اللهم اجعلها منهم ” ثم نام نومة ففزع وهو يضحك فقلت يا رسول الله ما أضحكك قال ” ضحكت من أناس من أمتي عرضوا علي آنفا أمثال الملوك على الأسرة يركبون ثبج هذا البحر الأخضر في سبيل الله ” قلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال ” إنك من الأولين ولست من الآخرين ” وكنت لا أدري كيف كانت منيتها – وقد بلغني هذا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى قدم علينا أنس بن مالك وهي خالته أخت أمه قلت لعمري لئن كان لأحد بذلك علم إن ذلك عند أنس قال فجئته فسألته عن أم حرام كيف كان منيتها؟ قال على الخبير سقطت قال كان من شأنها أنها تزوجت ابن عمها عبادة بن الصامت فذهب بها إلى الشام فلما غزا معاوية البحر غزا فخرج بها معه حتى لما قضوا غزوهم ثم خرجت فلما كانت بالساحل أتيت بدابتها فركبت فسارت قليلا ثم وقصت بها الدابة فخرت فماتت قبل أن تبلغ أهلها.

مما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

وعن جنادة بن أبي أمية يقول سمعت عبادة بن الصامت يقول قال رجل يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وتصديق بوعده وجهاد في سبيله قال أريد أهون من ذلك قال السماحة والصبر قال أريد أهون من ذلك قال لا يتهم الله في شئ من قضائه

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إني لسيد الناس يوم القيامة غير فخر ولا رياء، وما من الناس من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج، وإن بيدي للواء الحمد، فأمشي ويمشي الناس معه، حتى آتي باب الجنة فأستفتحه، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد. فإذا رأيت ربي عز وجل خررت له ساجداً شكراً له، فيقال: ارفع رأسك وقل تطع. واشفع تشفع. قال: فيخرج من النار من قد احترق، برحمة الله وبشفاعتي “.

-قال عبادة بن الصامت وعنده أبو الدرداء أن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) صلّى إلى بعير من المغنم فلما فرغ من صلاته أخذ قردة بين اصبعيه وهي وبرة فقال ألا إن هذا من غنائمكم وليس لي منه إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأصغر من ذلك وأكبر فإن الغلول عار على أهله في الدنيا والآخرة جاهدوا الناس في الله القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر وعليكم بالجهاد فإنه باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله به من الغم والهم.

عن عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا

عن عبادة بن الصامت أن رجلا سأله عن هذه الآية ” لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة (يونس 64). فقال عبادة بن الصامت لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له وهو كلام يكلم به ربك عز جل عبده

عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول (خمس صلوات كتبهن الله على العباد من جاء بهن يوم القيامة لم يضيعهن استخفافا بحقهن كان له عند الله تعالى عهد أن يدخله الجنة ومن جاء وقد استخف بحقهن لم يكن له عند الله عزوجل عهد إن شاء الله غفر له وأن شاء عذبه)

عن عبادة بن الصامت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ما تعدون الشهيد فيكم قالوا الذي يقاتل فيقتل في سبيل الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن شهداء أمتي إذا لقليل القتيل في سبيل الله شهيد والمطعون شهيد والمبطون شهيد والمرأة تموت بجمع شهيد يعني النفساء

عبادة بن الصامت قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله (3) ورسوله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة شاء

عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من مات لا يشرك بالله شيئا فإن النار محرمة عليه

عن عبادة قال طلق بعض آبائي امرأته ألفا فانطلق بنوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا فهل له من مخرج فقال إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من أمره فخرجا بانت منه بثلاث غير السنة وتسع مئة وسبع وتسعون إثم في عنقه

عبادة بن الصامت وشداد بن أوس وواثلة بن الأسقع قالوا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا تجشأ أحدكم أو عطس فلا يرفعن بهما الصوت فإن الشيطان يحب أن يرفع بهما الصوت

عن جنادة بن أبي أمية حدثني عبادة بن الصامت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير سبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال رب اغفر لي أو قال ثم دعا استجيب له فإن عزم يصلي فتوضأ ثم صلى تقبلت صلاته

عن عبادة بن الصامت أنه قال سمعته يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال من قتل مؤمنا ثم اعتبط ( ظلماً أو دون تحقق) بقتله لم يقبل الله منه صرفا (توبة) ولا عدلا (ما يعدلها من الفدية أي الدية)، قال خالد فسألت يحيى بن يحيى عن اعتبط (2) بقتله قال هم الذين يقتلون (يقاتلون) في الفتنة فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله منه أبدا.

عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أول ما خلق الله عز وجل القلم فقال له اكتب قال يا رب ما أكتب قال اكتب مقادير كل شئ

عبادة بن الصامت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ما في الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليهم ولها الدنيا إلا الشهيد فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى

مرضه ووفاته: مات عبادة بفلسطين الشام وفي أهلها عداده سنة أربع وثلاثين. مات لسنتين بقيتا من إمارة عثمان وهو ابن ثنتين وسبعين سنة.

قال عبادة بن الصامت ألستم تروني هذا فإني ما أقوم إلا رفدا ولا آكل إلا ما لوق لي وقد مات صاحبي منذ زمان وما أحب أن لي ما تطلع عليه الشمس وأني خلوت بامرأة لا تحل لي لي مخافة أن تأتيني فتحركه علي إنه لا سمع له ولا بصر.

عن الصنابحي قال دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت فبكيت فقال مهلا وفي حديث قتيبة فقال مه لم تبكي (6) فوالله لئن استشهدت لأشهدن لك ولئن شفعت لأشفعن لك ولئن استطعت لأنفعنك ثم قال والله ما من حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لكم فيه خير الا حدثتكموه الا حديثا واحدا وسوف أحدثكموه اليوم وقد أحيط بنفسي (7) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من شهد ان لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار

وعن الوليد بن عبادة أن أباه عبادة بن الصامت لما احتضر قال له ابنه عبد الرحمن يا أبتاه أوصني قال أجلسوني لأبني فأجلسوه له ثم قال يا بني اتق الله ولن تتقي (5) الله حتى تؤمن بالله ولن تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول القدر على هذا من مات على غير هذا أدخله الله (6) النار

عن عبادة (الحفيد) بن محمد بن عبادة بن الصامت قال لما حضرت عبادة الوفاة قال أخرجوا فراشي إلى الصحن يعني الدار ثم قال اجمعوا لي موالي وخدمي وجيراني ومن كان يدخل علي فجمعوا له فقال إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا وأول ليلة من الآخرة وإني لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شئ وهو والذي نفس عبادة بيده القصاص يوم القيامة وأحرج على أحد منكم في نفسه شئ من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي قال فقالوا بل كنت والدا وكنت مؤدبا قال وما قال لخادم سوءا قط فقال أغفرتم لي ما كان من ذلك قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال أما لا فاحفظوا وصيتي أحرج على إنسان منكم يبكي علي فإذا خرجت نفسي فتوضؤا وأحسنوا الوضوء ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر لعبادة ولنفسه فإن الله تبارك وتعالى قال ” استعينوا بالصبرة والصلاة ” ثم أسرعوا بي إلى حفرتي ولا تتبعوني نارا ولا تضعوا تحتي ارجوانا

كان عبادة بن الصامت رجلا طوالا جسيما جميلا ومات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.