عبد الله ابن سلام

رضي الله عنه

رجلٌ من أهل الجنة

أبو يوسف عبد الله ابن سلام بن الحارث من بني قينقاع (من يهود المدينة)، ومن ولد يوسف بن يعقوب، أعلم اليهود بعلم الكتاب، حليف القواقلة[1] من الخزرج. الإِمَامُ، الحَبْرُ، المَشْهُوْدُ لَهُ بِالجَنَّةِ، أَبُو الحَارِثِ الإِسْرَائِيْلِيُّ، حَلِيْفُ الأَنْصَارِ. مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أسلم خلال العام الأول لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وتوفي فيها. كان اسمه الحصين فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ.

رُويَ له عن رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خمسة وعشرون حديثًا. وحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعْقِلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ بنِ الغَسِيْلِ، وَابْنَاهُ؛ يُوْسُفُ وَمُحَمَّدٌ، وَبِشْرُ بنُ شَغَافٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المُقْرِئُ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَقَيْسُ بنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَآخَرُوْنَ.

وقيل إنه شَهِدَ مع عمر بن الخطاب الجابية وفتح بيت المقدس. وَرَوَى: بِشْرُ بنُ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ: أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ نَهَاوَنْدَ. واتفِق أنه توفي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.

إسلامه:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ، (أي: ذهبوا مسرعين نحوه.)، وَكُنْتُ فِيْمَنِ انْجَفَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ.

فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوْا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ

فبينما هو خارج يريد أن يجتني لها رطبا فلقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجعل يلتفت وينظر إلى ظهره فعرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه يريد أن ينظر إلى الخاتم فألقى له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رداءه فصدقه وسأله عن ثلاث آيات.

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ ابْنُ سَلاَمٍ، فَقَالَ: سَائِلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ نَبِيٌّ، فَإِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَا، آمَنْتُ بِكَ:

إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهَا إِلَّا نَبِي مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة وَأول مَا يَأْكُل أهل الْجنَّة وَالْولد ينْزع إِلَى أَبِيه وَإِلَى أمه قَالَ أَخْبرنِي بِهن جِبْرِيل آنِفا قَالَ عبد الله بن سَلام ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة قَالَ: أما أول أَشْرَاط السَّاعَة فَنَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَأما أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت وَأما الْوَلَد فَإِذا سبق مَاء الرجل نزع وَإِن سبق مَاء الْمَرْأَة نَزَعته قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله.

وورد أن عبد الله بن سلام سمع بمخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) فلقيه فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) أنت ابن سلام عالم أهل يثرب قال نعم. قال بالله الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء هل تجد صفتي في كتاب الله تعالى الذي أنزل على موسى قال عبد الله بن سلام انسب ربك يا محمد فارتج النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال له جبريل ” قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ” فقال ابن سلام أشهد لك أنك رسول الله وأن الله مظهرك ومظهر دينك على الأديان وإني لأجد صفتك في كتاب الله تعالى ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ” أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا تجزي بالسيئة مثلها ولكن تعفو وتصفح ولن يقبضه الله تعالى حتى تستقيم به الملة المعوجة حتى يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا

حوار أحبار اليهود:

قَالَ عبد الله ابن سلام: يَا رَسُول الله الْيَهُود قوم بهت وَإِن علمُوا بِإِسْلَامِي قبل أَن تَسْأَلهُمْ عني بَهَتُونِي عنْدك فَجَاءَت الْيَهُود فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي رجل عبد الله فِيكُم فَقَالُوا خيرنا وَسَيِّدنَا وَابْن سيدنَا وَأَعْلَمنَا قَالَ أَرَأَيْتُم إِن أسلم عبد الله بن سَلام قَالُوا أَعَاذَهُ الله من ذَاك فَخرج إِلَيْهِم فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالُوا شَرنَا وَابْن شَرنَا واستنقصوه فَقَالَ هَذَا كنت أخافه يَا رَسُول الله.

وقصة ذلك أن عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ قَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم: أَشْهَدُ أَنَّ اليَهُوْدَ يَجِدُوْنَكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ. وفيه وبأمثاله نزل قول الله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)} [الرعد].

ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فُلاَنٍ، وَفُلاَنٍ – نَفَرٍ سَمَّاهُمْ – فَقَالَ: (مَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ فِيْكُمْ؟ وَمَا أَبُوْهُ؟) . قَالُوا: سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَعَالِمُنَا، وَابْنُ عَالِمِنَا. قَالَ: (أَرَأَيْتُم إِنْ أَسْلَمَ، أَتُسْلِمُوْنَ؟) . قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُسْلِمُ!

فَدَعَاهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَتَشَهَّدَ، فَقَالُوا: يَا عَبْدَ اللهِ! مَا كُنَّا نَخْشَاكَ عَلَى هَذَا! وَفِيْهِ، قَالُوا: شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا … ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ: يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ. وَخَرَجُوا، وَأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} [الأحقاف: 10]

وعَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:

انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيْسَةَ اليَهُوْدِ، فَقَالَ: (أَرُوْنِي يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً يَشْهَدُوْنَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ؛ يَحُطُّ اللهُ عَنْكُمُ الغَضَبَ) . فَأُسْكِتُوا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ. قَالَ: (فَوَاللهِ لأَنَا الحَاشِرُ، وَأَنَا العَاقِبُ ، وَأَنَا المُصْطَفَى، آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُم) . فَلَمَّا كَادَ يَخْرُجُ، قَالَ رَجُلٌ (يقصد عبد الله ابن سلام) : كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، أَيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُوْنَنِي فِيْكُمْ؟

قَالُوا: مَا فِيْنَا أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ الَّذِي تَجِدُوْنَهُ فِي التَّوْرَاةِ.

فَقَالُوا: كَذَبْتَ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَذَبْتُمْ) . قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنَ ثَلاَثَةٌ، وَأُنْزِلَتْ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} [الأحقاف: 10]

وعن ابن عباس قال لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ونتجوا فيه قالت أحبار يهود أهل الكفر منهم ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) } [آل عمران: 113 – 115].

عن محمد ابن سيرين. قال: ما أسلم من أحبار اليهود غير عبد الله بن سلام. وعبد الله بن صياد. وقلة من عامتهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ، لآمَنَ بِي اليَهُودُ». ( صحيح البخاري (5/ 70)

«لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، لَآمَنَ بِي كُلُّ يَهُودِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ». ( مسند أحمد مخرجا (15/ 227)

الشهادة له بالجنة:

عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ،(بن وقاص)، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ لأَحَدٍ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلاَّ لِعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، وَفِيْهِ نَزَلَتْ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} [الأحقاف: 10]

وعَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ) . فَجَاءَ ابْنُ سَلاَمٍ .

وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا، فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: (تَمُوْتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى) . وذلك لرؤيا رآها ابن سلام وقصها في الصباح على النبي صلى الله عليه وسلم:

عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوْعٍ، فَقَالَ القَوْمُ: هَذَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَوْجَزَ فِيْهِمَا، فَلَمَّا خَرَجَ، اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثْتُهُ؛ فَلَمَّا اسْتَأَنَسَ، قُلْتُ: إِنَّهُم قَالُوا لَمَّا دَخَلْتَ المَسْجِدَ: كَذَا، وَكَذَا.

قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا يَنْبِغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُوْلَ مَا لاَ يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:

إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، وَسَطُهَا عَمُوْدٌ حَدِيْدٌ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ، وَأَعْلاَهُ فِي السِّمَاءِ، فِي أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ، فَقِيْلَ لِي: اصْعَدْ عَلَيْهِ.

فَصَعِدْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيْلَ: اسْتمْسِكْ بِالعُرْوَةِ. فَاسْتَيْقَظْتُ، وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ: (أَمَّا الرَّوْضَةُ، فَرَوْضَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَمَّا العَمُوْدُ، فَعَمُوْدُ الإِسْلاَمِ، وَأَمَّا العُرْوَةُ؛ فَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى؛ أَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوْتَ) . قَالَ: وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ.

مؤازرته النبي على اليهود:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ : كفك فَأخر كَفه أي ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالَ صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَة.

دور عبد الله خلال غزوة بني النضير:

فَأرْسل حييّ بن أَخطب إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ من سَادَات بني النَّضِير إِنَّا لَا نفارق دِيَارنَا فَاصْنَعْ مَا بدا لَك فَكبر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون وَقَالَ حَارَبت يهود ثمَّ زحف إِلَيْهِم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحمل لِوَاءُهُ عَليّ بْن أبي طَالب واستخلف على الْمَدِينَة بْن أم مَكْتُوم حَتَّى أَتَاهُم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَة عشر يَوْمًا وَقطع نَخْلهمْ وحرقها وَكَانَ الَّذِي حرق نَخْلهمْ وقطعها عبد الله بن سَلام وَعبد الرَّحْمَن بن كَعْب أَبُو ليلى الْحَرَّانِي من أهل بدر فَقطع أَبُو ليلى الْعَجْوَة وَقطع بن سَلام اللَّوْن فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم قطعْتُمْ الْعَجْوَة قَالَ أَبُو ليلى يَا رَسُول الله كَانَت الْعَجْوَة أحرق لَهُم وأغيظ فَنزل مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا الْآيَة فاللينة ألوان النّخل والائمة على أُصُولهَا الْعَجْوَة فَنَادوا يَا مُحَمَّد قد كنت تنْهى عَن الْفساد وتعيبه على من صنعه فَمَا لَك وَقطع النّخل وَتَحْرِيقهَا ثمَّ تربصت الْيَهُود نصْرَة عبد الله بن أبي إيَّاهُم فَلَمَّا لم يجىء وَقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب صَالحُوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَن يحقن لَهُم دِمَاءَهُمْ وَله الْأَمْوَال وينجلون من دِيَارهمْ على أَن لَهُم مَا حملت الْإِبِل من أَمْوَالهم فاحتملوا مَا اسْتَقَلت بِهِ الْإِبِل حَتَّى أَن كَانَ الرجل مِنْهُم يهدم بَيته فَيَضَع بَابه على ظهر بعيره فَينْطَلق بِهِ وَخَرجُوا إِلَى خَيْبَر (الثقات لابن حبان (1/ 242)

على أثر غزوة بني قريظة بسبب خيانتهم:

أَمَرَ بِهِمْ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مُحَمَّد بْن مسلمة فكتفوا ونحّوا ناحية وأخرِج النساء والذرية فكانوا ناحية. واستعمل عليهم عَبْد اللَّه بْن سلام وجمع أمتعتهم وما وجد فِي حصونهم مِن الحلقة والأثاث والثياب فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع وألفا رمح وألف وخمسمائة ترس وحجفة وخمر وجرار سكر فأهريق ذَلِكَ كله ولم يخمس. ووجدوا جمالا نواضح وماشية كثيرة.

كان وافر العلم بين الصحابة:

روى البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ:

لَمَّا حَضَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ المَوْتُ، قِيْلَ لَهُ: أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ: الْتَمِسُوْا العِلْمَ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن سَلاَمٍ الَّذِي أَسْلَمَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُوْلُ: (إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ) .

{وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} ، قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ.

كان عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ يَقُولُ: إِنَّ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ» . أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ. وَلا صَخِبٍ بِالأَسْوَاقِ. وَلا يَجْزِي السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ. وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْمُتَعَوِّجَةَ. بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. فَيَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلْفًا.

في عهد الخليفة عمر:

مر عبد الله بن سلام بعبد الله بن عمر بن الخطاب وهو راقد في مشرقة (مكان دافيء في فصل الشتاء) فحركه برجله فقال من هذا قال أنا عبد الله ابن أمير المؤمنين عمر قال قم يا ابن قِفل جهنم قال فقام عبد الله وقد تغير لونه حتى أتى والده عمر فقال يا أبة أما سمعت ما قال ابن سلام لي قال وما قال لك يا بني قال قال لي قم يا ابن قفل جهنم قال فقال عمر الويل لعمر إن كان بعد عبادة أربعين سنة ومصاهرته لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقضاياه بين المسلمين بالإقتصاد أن يكون مصيره إلى جهنم حتى يعني يكون قفلا لجهنم قال ثم قام وتقنع بطيلسان له وألقى الدرة على عاتقه فاستقبله عبد الله بن سلام فقال له عمر يا ابن سلام بلغني أنك قلت لابني قم يا ابن قفل جهنم قال نعم قال عمر وكيف علمت أني في جهنم حتى أكون قفلا قال معاذ الله يا أمير المؤمنين أن تكون في جهنم ولكنك قفل جهنم قال وهل يكون أحد لا يكون في جهنم وهو قفل لجهنم قال نعم قال وكيف ذلك قال إنه أخبرني أبي عن آبائه عن موسى بن عمران عن جبريل عليه السلام أنه قال يكون في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) رجل يقال له عمر بن الخطاب أحسن الناس دينا وأحسنهم يقينا ما دام بينهم الدِين عالٍ والدين فاش واستمسك بالعروة الوثقى من الدين فجهنم مقفلة فإذا مات عمر يرقّ الدين ويقلّ اليقين وتقل أعمار الصالحين وافترق الناس على فرق من الأهواء وفتحت أقفال جهنم فيدخل في جهنم من الآدميين كثير.

جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَقَدْ صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُمْ سَبَقْتُمُونِي بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ لا تَسْبِقُونِي بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. فَقَامَ عِنْدَ سَرِيرِهِ فَقَالَ: نِعْمَ أَخُو الإِسْلامِ كُنْتَ يَا عُمَرُ. جَوَّادًا بِالْحَقِّ بَخِيلا بِالْبَاطِلِ. تَرْضَى حِينَ الرِّضَى وَتَغْضَبُ حِينَ الْغَضَبِ. عَفِيفَ الطَّرْفِ طَيِّبَ الظُّرْفِ. لَمْ تَكُنْ مَدَّاحًا وَلا مُغْتَابًا. ثُمَّ جَلَسَ.

مقتل عثمان:

أخبر عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِكَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ إِنِّي مَقْتُولٌ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ لِي يَا عُثْمَانُ أَنْتَ عِنْدَنَا غَدًا وَأَنْتَ مَقْتُولٌ غَدًا.( التاريخ الكبير للبخاري بحواشي المطبوع (1/ 262)

وكان عَبْد اللَّه بْن سلام يأتي أولئك النفر الَّذِين يريدون عثمان فَيَقُولُ لا تقتلوه، ويقول لهم: وَاللَّهِ لا تُهْرِقُونَ مِحْجَمًا مِنْ دَمٍ إِلا ازْدَدْتُمْ بِهِ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا يَا أَخِي، مَا يَسُرُّنِي أَنَّكَ كُنْتَ وراك، فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْخُوخَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا عُثْمَانُ حَصُرُوكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: «أَعْطَشُوكَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَلَّى لِي دَلْوًا فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِّيتُ فَإِنِّي لَأَجِدُ بَرْدَ الْمَاءِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَبَيْنَ كَتِفَيَّ. قَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتُ عِنْدَنَا، وَإِنْ شِئْتَ نُصِرْتَ عَلَيْهِمْ» ، فَاخْتَرْتُ أَنْ أُفْطِرَ عِنْدَهُ.

فَقُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

لما أريد قتل عثمان رضي اللَّه عنه، جاء عَبْد اللَّهِ بْن سلام فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرك. قال: أخرج إِلَى الناس فاطردهم عني، فإنك خارج خير إلي منك داخل. فخرج عَبْد اللَّهِ إِلَى الناس

عن محمد بن يوسف عن جده عبد الله بن سلام قال قال للمصريين لا تقتلوه فإن الله قد رفع عنكم سيف الفتنة منذ بعث نبيه (صلى الله عليه وسلم) فلا يزال مرفوعا عنكم حتى تقتلوا إمامكم فإن قتلتموه سل عليكم سيف الفتنة ثم لم يرفعه عنكم حتى يخرج عيسى بن مريم والثانية إن مدينتكم لم تزل محفوفة بملائكة منذ نزلها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولئن قتلتموه ليرفعن عنها ثم لا تحفونها حتى تلتقوا عند الله تعالى والثالثة تالله لقد حق له عليكم ما يحق للوالد على ولده إن رآه نائما ألا يوقظه والرابعة إنه لا يستكمل ذا الحجة حتى يأتي على أجله ولولا ما على العلماء لعلمت أن ما هو كائن سيكون

وقال: أيها الناس، إنه كان اسمي في الجاهلية الحصين، فسماني رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّهِ، ونزلت فيّ آيات من كتاب اللَّه عز وجل، نزل في: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ. ونزل في: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمن عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ 13. إن للَّه سيفًا مغمودًا [عنكم] ، وَإِن الملائكة قد جاوزتكم في بلدكم هذا، الذي نزل فيه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاللَّه اللَّه في هذا الرجل، أن تقتلوه، فو الله لئن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة، وليُسَلنّ سيف اللَّه المغمود عنكم فلا يغمد إِلَى يَوْم القيامة. فشتموه وهما به وقالوا يا ابن اليهودية وما أنت وهذا؟ اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان. فانصرف عنهم.

سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ يَقُولُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ الْيَوْمَ هَلَكَتِ الْعَرَبُ. وقال: لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عُثْمَان باب فتنة لا ينغلق عنهم إِلَى قيام الساعة. وقَالَ: يَحْكُمُ عُثْمَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقَاتِلِ وَالْخَاذِلِ.

في أول عهد عليّ رضي الله عنه:

ولما ولى عليٌ الخلافة بعد عثمان أراد الانحدار إلى العراق؛ فقال له عبد الله ابن سلام: أقم عند منبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أراك تتحرك ولا تنحدر إلى العراق، فإنك إن انحدرت لم ترجع. فهمّ به ناس من أصحابه؛ فقال: دعوه فإنه منّا أهل البيت. فانحدر إلى العراق، فكان من أمره ما كان. فلما قتل قال عبد الله بن سلام: هذا رأس الأربعين، وسيكون مصلح، (مبشرا بالإمام الحسن رضي الله عنه)، وما قتلت أمّة نبيّها إلا قتل الله به منهم سبعين ألفا، ولا قتلوا خليفة- أو قال خليفتهم- إلا قتل به منهم خمسا وثلاثين ألفا.

علمه وأخلاقه وفضائله:

عَنْ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ، قَالَ: أخبر عَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلاَمٍ مَرَّ فِي السُّوْقِ، عَلَيْهِ حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ أَغْنَاكَ اللهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْمَعَ الكِبْرَ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُوْلُ: (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ).

وعن قتادة عن عبد الله بن سلام: لم يبعث الله عز وجل رسولا إلى قومه حتى وجده أرجحهم عقلا .

روى دَاوُد بن أَبي دَاوُد عَن: عَبد اللَّهِ بْن سلام ، قال: قال لي: إن سمعت بالدجال قد خرج، وأنت عَلَى ودية تغرسها، فلا تعجل أن تصلحها، فإن للناس بعد ذلك عيشا.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: ” يَا رَبِّ مَا الشُّكْرُ الَّذِي يَنْبَغِي لَكَ ” قَالَ: ” يَا مُوسَى لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطِبًا مِنْ ذِكْرِي “.

وعَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِين، قَالَ: نبئت أن عَبْد اللَّهِ بْن سلام قَالَ: سيكون بينكم وبين قريش قتال، فإن أدركني القتال وليس فِيّ قوة فاحملوني على سرير حَتَّى تضعوني بين الصفين.

وحَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، قَالَ:

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبوَابَ رَحْمَتِكَ. وَإِذَا خَرَجَ، سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَعَوَّذَ مِنَ الشَّيْطَانِ.

وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بن أَبِي مُوْسَى الأشعري، قَالَ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلاَمٍ جَالِسٌ فِي حَلَقَةٍ مُتَخَشِّعاً، عَلَيْهِ سِيْمَاءُ الخَيْرِ، فَقَالَ:

يَا أَخِي، جِئْتَ وَنَحْنُ نُرِيْدُ القِيَامَ، فَأَذِنْتُ لَهُ، أَوْ قُلْتُ: إِذَا شِئْتَ.

فَقَامَ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ أَخِيْكَ؛ أَنَا أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى. فَرَحَّبَ بِي، وَسَأَلَنِي، وَسَقَانِي سَوِيْقاً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ بِأَرْضِ الرِّيْفِ، وَإِنَّكُمْ تُسَالِفُوْنَ الدَّهَاقِيْنَ، فَيُهْدُوْنَ لَكُم حُمْلاَنَ القَتِّ (علف الدواب) وَالدَّوَاخِلِ؛ فَلاَ تَقْرَبُوْهَا، فَإِنَّهَا نَارٌ (وفي رواية فإنها ربا) .

لقي عبد اللَّه ابن سلام كعبا عند عمر، فقال: يا كعب، من العلماء؟ قال: الذين يعملون بالعلم، قال:

فما يذهب العلم من قلوب العلماء؟ قال: الطمع، وشره النفس وتطلّب الحاجات إلى الناس. قال: صدقت.

عَن عبد الله بن سَلام قَالَ بَدَأَ الله خلق الْأَرْضين فخلقهن سبع أَرضين فِي يَوْمَيْنِ يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الْإِثْنَيْنِ وَقدر فِيهِنَّ أقواتهن فِي يَوْم الثُّلَاثَاء وَيَوْم الْأَرْبَعَاء ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فخلقهن فِي يَوْمَيْنِ يَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة فقضاهن فِي آخر يَوْم الْجُمُعَة وهى السَّاعَة الَّتِي خلق فِيهَا آدم من عجل وَالَّتِي تقوم فِيهَا السَّاعَة وَمَا خلق الله من دَابَّة إِلَّا وهى تفزع يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا الْإِنْسَان والشيطان.

قَالَ عبد الله ابن سلام: يا رسول الله، إنا نجدك فِي الكتب قائما عند العرش محمرة وجنتاك مما أحدثت أمتك بعدك.

عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلامٍ قَالَ: أَكْرَمُ الْخَلِيقَةِ عَلَى الله عزوجل أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بعض ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الحرب خدعة

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال اللهم بارك لأمتي في بكورها

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الحياء من الإيمان

وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال بينما نحن نسير مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ سمع القوم وهم يقولون أي الأعمال أفضل يا رسول الله قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيل الله وحج مبرور ثم سمع نداء في الوادي يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا أشهد ولا يشهد بها أحد إلا برئ من الشرك.

عن يوسف ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا صَلاةَ لِلْمُلْتَفِتِ

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سلام رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُرِّمَ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا.

وقال: إِنَّمَا بَيْنَ عَيرٍ وَأُحُدٍ حَرَامٌ حَرَّمَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عَن أَنَس قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَكَانُ الإِسْلامُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ عَبد اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وَمَا نُقْصَانُهُ قَالَ تَقَاطُعُ الأَرْحَامِ وَكَثْرَةُ الْبُنْيَانِ وَكَثْرَةُ الْمَسَاكِينِ عَلَى أَبْوَابِ النَّاسِ وقلة الْمُعْطِينَ وَيَلْبَسُ النَّاسُ الشُّحَّ وَاقْتِرَابُ السَّاعَةِ.

عن عبد الله ابن سلام: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمِرْبَدِ، فَرَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُودُ نَاقَةً تَحْمِلُ دَقِيقًا وَسَمْنًا وَعَسَلا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَنِخْ ” فَأَنَاخَ فَدَعَا بِبُرْمَةٍ فَجَعَلَ فِيهَا مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالدَّقِيقِ، ثُمَّ أَمَرَ فَأَوْقَدَ تَحْتَهَا حَتَّى نَضَجَ.

ثُمَّ قَالَ: ” كُلُوا ” فَأَكَلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: ” هَذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ أَهْلُ فَارِسٍ الْخَبِيصَ “.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ الضِّيْقُ، أَمَرَهُمْ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: 132]

وروى قصة إسلام زيد بن سعنة:

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَّامٍ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَرَادَ هَدْيَ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلَّا اثْنَتَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَتَلَطَّفُ لَهُ لِأَنْ أُخَالِطَهُ، فَأَعْرِفُ حِلْمَهُ وَجَهْلَهُ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ قَرْيَةَ بَنِي فُلَانٍ، وَقَالَ الْحَوْطِيُّ: إِنَّ بُصْرَى قَرْيَةَ بَنِي فُلَانٍ، قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ، فَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا، وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ وَشِدَّةٌ وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، وَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُغِيثُهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ أَرَاهُ عَلِيًّا فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى أَجْلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: «لَا، يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنْ أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجْلِ كَذَا وَكَذَا، وَلَا أُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلَانٍ» ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايَعَنِي، فَأَطْلَقْتُ هِمْيَانِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجْلِ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْطَاهُ الرَّجُلَ وَقَالَ: «أَعْجِلْ عَلَيْهِمْ وَأَغِثْهُمْ بِهَا» . قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَدَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ إِلَيْهِ أَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلَا تَقْضِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمُطْلٌ، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ، قَالَ: وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ فَقَالَ: أَيْ عَدُوَّ اللهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ مَا أَسْمَعُ، وَتَفْعَلُ بِهِ مَا أَرَى فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلَا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ، وَرَسُولُ اللهِ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ أَحْوَجُ إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْكَ، يَا عُمَرُ أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ النِّدَاءِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ» . قَالَ زَيْدٌ: فَذَهَبَ بِي عُمَرُ فَقَضَانِي حَقِّي وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ؟ فَقَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَزِيدَكَ مَكَانَ مَا رُعْتُكَ، فَقُلْتُ: أَتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ: لَا، فَمَنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ قَالَ: الْحَبْرُ؟ قُلْتُ: الْحَبْرُ، قَالَ: فَمَا دَعَاكَ أَنْ تَقُولَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتَ، وَتَفْعَلَ بِهِ مَا فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: يَا عُمَرُ، كُلُّ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ قَدْ عَرَّفْتُهَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ، لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، فَقَدْ أُخْبِرْتُهُمَا، فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَأَشْهَدُ أَنَّ شَطْرَ مَالِي، فَإِنِّي أَكْثَرُهَا مَالًا، صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَإِنَّكَ لَا تَسَعُهُمْ كُلَّهُمْ، قُلْتُ: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَبَايَعَهُ وَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ.

وفاته:

وَفِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين مَاتَ عبد الله بن سَلام وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَمُحَمّد بن مسلمة

ولدا عبد الله ابن سلام: يوسف ومحمد ولدا مسلمين.

يوسف بن عبد الله ابن سلام. وهو رجل من بني إسرائيل. من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه وسلامه.

سمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوسف، وأقعدني في حجره، ومسح برأسي- وفي رواية:

ومسح على رأسي- ودعا لي بالبركة. وهو من ثقات الرواة.

عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْد اللَّه بْن سَلامٍ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً فَقَالَ هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ فَأَكَلَهَا.

وعن مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ يُوسُفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: «اعْتَمِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً لَكُمَا فِي رَمَضَانِ كَحَجَّةٍ»

عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا يُحَدِّثُ إِلَّا لَمَعَ بِعَيْنِهِ إِلَى السَّمَاءِ»

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ ” أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: آذَانِي جَارِي، فَقَالَ: «اصْبِرْ» ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: آذَانِي جَارِي، فَقَالَ: «اصْبِرْ» ، ثُمَّ عَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: آذَانِي جَارِي، فَقَالَ: ” اعْمِدْ إِلَى مَتَاعِكَ فَاقْذِفْهُ فِي السِّكَّةِ، فَإِذَا أَتَى عَلَيْكَ آتٍ فَقُلْ: آذَانِي جَارِي، فَتَحِقَّ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ، مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ ” (راجع المتون)

عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ، جدة يوسف بن عبد الله ابن سلام: أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَعْدِلُ الْحَجَّ؟ فَقَالَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً».

 __________________________________________________________

 [1] القواقلة هم سادة الأوس والخزرج، كانوا إذا حالفوا أحدهم يؤمّنوه فيقولون له: (إذهب وقوقل حيث شئت).