عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب

وأخواه الطفيل والحصين رضي الله عنهم

عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْنِ قُصَيٍّ:

وأمه سخيلة بنت خزاعي بْن الحويرث بْن حبيب بْن مالك بْن الْحَارِث بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمِ بْنِ قَسِّيٍّ. وَهُوَ ثقيف. وكان عبيدة أسن مِنْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بعشر سنين.

أسلم عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – دَارَ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا. كان عبيدة من الثلاثة عشر رجلاً وامرأة الذين أسلموا بعد الإثنين والعشرين الأوائل، قال ابن إسحق: انطلق أبو عبيدة بن الحارث، وَأَبُو سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون، حَتَّى أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرض عَلَيْهِم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، فأسلموا وشهدوا أَنَّهُ عَلَى هدى ونور. ومن الثلاثة عشر أيضاً عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها.

وآخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَبِلالٍ.

هجرة عبيدة وأخويه:

خَرَجَ عُبَيْدَةُ وَالطُّفَيْلُ وَالْحُصَيْنُ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ مِنْ مَكَّةَ لِلْهِجْرَةِ فَاتَّعَدُوا بَطْنَ نَاجِحٍ. فَتَخَلَّفَ مِسْطَحُ لأَنَّهُ لُدِغَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءَهُمُ الْخَبَرُ فَانْطَلَقُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ بِالْحَصَاصِ فَحَمَلُوهُ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَنَزَلُوا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلَمَةَ العجلاني.

وأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِعَبِيدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَالطُّفَيْلِ وَأَخَوَيْهِ مَوْضِعَ خُطْبَتِهِمُ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ فِيمَا بَيْنَ بَقِيعِ الزُّبَيْرِ وَبَنِي مَازِنٍ.

وآخَى بَيْنَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُمَيْرِ بْنِ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيِّ. وَقُتِلا جَمِيعًا يَوْمَ بَدْرٍ.

بعيد الهجرة:

أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، يَعْنِي بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ غَزْوَةِ وَدَّانَ، بَقِيَّةَ صَفَرٍ، وَصَدْرًا مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ السَّنَةَ الأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ، وَبَعَثَ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ في ثاني سرية بعد سرية حمزة بن عبد المطلب عقد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء انطلاقاً من المدينة المنورة. بحيث بدأ رسول الله تحضير المسلمين للجهاد بدءاً بالمهاجرين دون الأنصار وابتداء بأهل بيته وأقربائه.

أرسل رسول الله سرية عُبَيْدة بْن الحارث بْن عبد المطلب بْن عَبْد مناف إلى بطن رابغ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِن مهاجره – صلى الله عليه وسلم – عقد لَهُ لواء أبيض كَانَ الَّذِي حمله مسطح بْن أثاثة بْن المطلب بْن عَبْد مناف. بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي ستين رجلًا مِن المهاجرين لَيْسَ فيهم أنصاري. فلقي أَبَا سُفْيَان بْن حرب(وفي رواية ابن إِسْحَاق: أَنَّهُ كَانَ عَلَى القوم عكرمة بْن أَبِي جهل). وهو فِي مائتين مِن أصحابه. وهو عَلَى ماء يقال لَهُ أحياء مِن بطن رابغ عَلَى عشرة أميال مِن الجحفة. عَن يسار الطريق إلى قديد. وإنما نكبوا عَن الطريق ليرعوا ركابهم. فكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال. وإنما كانت بينهم المناوشة. إلا أن سعد بْن أَبِي وقاص قد رمى يومئذ بسهم. فكان أول سهم رُميَ بِهِ فِي الْإِسْلَام. ثُمَّ انصرف الفريقان عَلَى حاميتهم.

غزوة بدر: جاء عمير بْن وهب المشرك فناوش المسلمين فثبت المسلمون عَلَى صفهم ولم يزولوا. وشد عليهم عامر بْن الحضرمي ونشبت الحرب. فكان أول مِن خرج مِن المسلمين مهجع مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. فقتله عامر بْن الحضرمي. وكان أول قتيل قتل مِن الأنصار حارثة بْن سراقة. ويقال: قتله حبان بْن العرقة.

ثُمَّ خرج شيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بْن عتبة. فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة مِن الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث. فَكَرِهَ رَسُول اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أن يكون أول قتال لقي فِيهِ المسلمون المشركين فِي الأنصار. وأحب أن تكون الشوكة ببني عمّه وقومه. فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وَقَالَ لهم خيرا. ثُمَّ نادى المشركون: يا مُحَمَّد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا. [فقال رسول الله. ص: يا بني هاشم! قوموا قاتلوا بحقكم الَّذِي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور اللَّه.] فقام حَمْزَةَ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وعبيدة بن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف فمشوا إِلَيْهِ. فَقَالَ عتبة: تكلموا نعرفكم. وكان عليهم البيض. فَقَالَ حمزة: أَنَا حمزة بْن عَبْد المطلب أسد اللَّه وأسد رسوله. فَقَالَ عتبة: كفء كريم. وأنا أسد الحلفاء. مِن هذان معك؟ قَالَ: عَلِيّ بْن أَبِي طالب وعبيدة بْن الحارث. قَالَ: كفئان كريمان. فقام علي بن أبي طالب إلى الوليد بن عتبة وكان مشتبهين حدثين وقال بيده فجعل باطنها إلى الأرض (نسبة لطول قامتهما)، فقتله ثم قام شيبة بن ربيعة فقام إليه حمزة وكانا وأشار بيده فوق ذلك فقتله ثم قام عتبة بن ربيعة وقام إليه عبيدة بن الحارث(وهو يومئذ أَسَنَّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، وكانا مثل هاتين الإسطوانتين فاختلفا ضربتين فضربه عبيدة ضربة أرخت عاتقه الأيسر وأسف عتبة لرجلي عبيدة فضربهما بالسيف فقطع ساقه ورجع حمزة وعلي على عتبة فأجهزوا عليه وفيهم نزلت:

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) } [الحج: 19 – 23]

ونزلت فيهم سورة الأنفال أو عامتها: «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى الدخان: 16. يعني يوم بدر. وما أن كر المسلمون على المشركين حتى هزم هؤلاء، فرؤيَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي إثرهم مصلتا للسيف يتلو هذه الآية: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» القمر: 45. وأجهز عَلَى جريحهم وطلب مدبرهم واستشهد يومئذ مِن المسلمين أربعة عشر رجلا: ستة مِن المهاجرين. وثمانية مِن الأنصار. فيهم عُبَيدة بْن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف. وعمير بْن أَبِي وقاص وعاقل بْن أَبِي البكير. ومهجع مولى عُمَر بْن الْخَطَّاب. وصفوان بْن بيضاء. وقتل يومئذ سبعون من المشركين وأسر سبعون. كما هو معروف.

إستشهاد عبيدة رضي الله عنه:

حمل حمزة وعلي عبيدة وقد قطعت رجله إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في العريش فأدخلاه عليه فأضجعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوضع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأس عبيدة عَلَى ركبته، ووسده رحله وجعل يمسح الغبار عن وجهه فقال عبيدة أما والله يا رسول الله لو رآك أبو طالب لعلم أني أحق بقوله منه حين يقول * وتسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل * ألست شهيدا قال بلى وأنا الشاهد عليكم ثم مات فدفنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالصفراء ونزل في قبره وما نزل في قبر أحد غيره

قَتَلَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ يَوْمَ بَدْرٍ فَدَفَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِالصَّفْرَاءِ. وَكَانَ عُبَيْدَةُ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

وفيه وبأصحابه نزل قول الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة: 154].

إستشهاد أخيه في الله عمير بْن الحمام بْن الجموح بْن زَيْد بْن حرام الأَنْصَارِيّ السُّلَمِيّ.

شهد بدرا، وقتل بها شهيدا، قتله خَالِد بْن الأعلم، وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين عُبَيْدَة بْن الْحَارِث، فقتلا يَوْم بدر جميعا.

وقيل: إنه أول قتيل قتل من الأنصار فِي الإسلام. وذكر ابْن إِسْحَاق فِي خبره عَنْ يَوْم بدرٍ قَالَ: ثُمَّ خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى الناس فحرّضهم، ونفل كل امرئ منهم مَا أصاب. وقال: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة. فقال عُمَيْر بْن الحمام- أحد بني سَلَمَة، وفي يده ثمرات يأكلهن:

بخ بخ! فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، فقذف التمر من يده، وأخذ السيف، فقاتل القوم حَتَّى قتل، وهو يقول:

ركضا إِلَى الله بغير زاد … إلا التقى وعمل المعاد

والصبر فِي الله على الجهاد … وكلّ زاد عرضة النقاد

غير التقى والبر والرشاد

2- الطفيل بْن الحارث بْن المطلب بْن عَبْد مناف بْن قصي.

وأمه سخيلة بِنْت خزاعي الثقفية وهي أم عُبَيْدة بْن الْحَارِث. وكان للطفيل من الولد عامر ابن الطفيل. وآخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ الطفيل بْن الحارث والمنذر بْن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح. هذا في رواية محمد بن عمر. وأما في رواية محمد بن إسحاق فإنه آخى بي الطفيل بْن الْحَارِث وسفيان بْن نسر بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن كعب بْن زَيْد بن الحارث الْأَنْصَارِيّ. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وشهد الطفيل بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن سبعين سنة.

3- الحصين بْن الْحَارِث بْن المطلب بْن عَبْد مناف بن قصي.

وأمه سخيلة بِنْت خزاعي الثقفية. وهي أم عُبَيْدة والطفيل ابني الحارث. وكان للحصين من الولد عبد الله الشاعر وأمه أم عَبْد اللَّه بنت عَدِيِّ بْن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصي. وآخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ الحصين بْن الْحَارِث ورافع بْن عنجدة. هَذَا فِي رواية مُحَمَّد بْن عمر. وأما في رواية محمد بن إسحاق فإنه آخى بين الحصين وعبد الله ابن جُبَيْر أخي خوات بْن جُبَيْر. قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَر: وشهد الحصين بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وتُوُفيّ بعد الطفيل بْن الْحَارِث بأشهر فِي سنة اثنتين وثلاثين.

4- مسطح بْن أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْن قصي.

ويكنى أَبَا عباد. وأمه أم مسطح بِنْت أبي رهم بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وكانت من المبايعات. وآخى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ مسطح بْن أثاثة وزيد بْن المزين. هَذَا فِي رواية مُحَمَّد بن إسحاق. قال محمد بن عمر: وشهد مسطح بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وأطعمه رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وابن إلياس بخيبر خمسين وسقًا. وتُوُفيّ سنة أربع وثلاثين وهو يومئذ ابن ستٍّ وخمسين سنة.

5- زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ:

بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمرو بن عبد مَنَافِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وهي أم المساكين كانت تسمى بذلك في الجاهلية.

عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كانت زينب بنت خزيمة الهلالية تدعى أم المساكين. وكانت عند الطفيل بْن الْحَارِث بْن المطلب بْن عَبْد مناف فطلقها.

فتزوجها عبيدة بن الحارث فقتل عنها يوم بدر شهيدًا. فخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ الْهِلالِيَّةَ أُمَّ الْمَسَاكِينِ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَيْهِ فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَأَشْهَدَ وَأَصْدَقَهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. وَكَانَ تَزْوِيجُهُ إِيَّاهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى رَأْسِ أَحَدٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَتُوُفِّيَتْ في آخر شهر ربيع الآخر على رَأْسِ تِسْعَةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا. وَصَلَّى عَلَيْهَا رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَدَفَنَهَا بِالْبَقِيعِ.

مَنْ نَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا؟ إِخْوَةٌ لَهَا ثَلاثَةٌ. قُلْتُ: كَمْ كَانَ سِنُّهَا يَوْمَ مَاتَتْ؟ قَالَ: ثَلاثِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا.

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ [الْهِلالِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهَا كَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَعْتِقَ هَذِهِ.

فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ: أَلا تَفْدِينَ بِهَا بَنِي أَخِيكِ أَوْ بَنِي أُخْتِكِ مِنْ رِعَايَةِ الْغَنَمِ؟] .

6-أولاده وصفته:

كان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين. وكان لعبيدة من الولد مُعَاوِيَة وعون ومنقذ والحارث ومحمد وإبراهيم وريطة وخديجة وسخيلة وصفيه لأمهات أولاد شتى. وكان يكنى أبا الحارث أيضا. وكان مربوعا أسمر حسن الوجه.

من فضائل عبيدة رضي الله عنه:

كَانَ لعبيدة بْن الْحَارِث قدر ومنزلة عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ سَمِعت عَائِشَة وسئلت من كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخلفا لَو اسْتخْلف قَالَت أَبُو بكر ثمَّ قيل لَهَا من بعد أَبُو أبي بكر قَالَت عمر ثمَّ قيل لَهَا من بعد عمر قَالَت أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ثمَّ انْتَهَت إِلَى ذَا: عُبَيْدَة بن الْحَارِث رَضِي الله عَنهُ.

ويروى أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل بأصحابه بالنازية قَالَ لَهُ أصحابه: إنا نجد ريح المسك. قال: وما يمنعكم؟ وهاهنا قبر أَبِي مُعَاوِيَة. وقيل: كَانَ لعبيدة بْن الْحَارِث يَوْم قتل ثلاث وستون سنة، وَكَانَ رجلا مربوعا حسن الوجه.

العبرة: كان بعض أهل النبي صلى الله عليه وسلم قد عادوه، لكن أغلبهم نصروه وبايعوه وأوفوا له ولم يتأخر عليه الصلاة والسلام في إرسالهم للجهاد قبل غيرهم فكانوا في اوائل من طلب الشهادة وكانوا المثل والقدوة.