أجهزة ستغيّر طريقة حياتنا

شادي عواد*

 

من المعلوم أنّ التطور التقني فتح الباب للعديد من المنتجات التي لم تكن معروفة سابقاً، وساعدها على الظهور للعالم على أساس أنها أجهزة ستغيّر طريقة حياتنا.

فبعد الهواتف الذكية جاء دور المنتجات التقنية القابلة للإرتداء التي تشمل أجهزة محددة، مثل الساعات الذكية، والنظارات والأساور والأحذية الرياضية الذكية، والألبسة الذكية… ويعود الاهتمام الكبير بالتكنولوجيا القابلة للإرتداء في الوقت الحالي، نتيجة دخول شركات مهمة على غرار آبل وسامسونغ وغوغل وسوني الى حقل المنافسة، ما أدى بالتالي الى ارتفاع حدتها في هذا القطاع، إضافة إلى ما تقدمه تلك المنتجات في حد ذاتها بالنسبة للمستخدمين، حيث باستطاعتها تزويدهم بالمعلومات الضرورية إينما كانوا، وتبقيهم على اتصال دائم بالشبكات الإجتماعية بطريقة سهلة.

وعلى رغم اعتماد هذه الأجهزة الذكية بشكل أساسي على وجود اتصال وتزامن بينها وبين هاتف المستخدم، إلاّ أن تلك الأجهزة ستشهد تطوراً كبيراً في المستقبل، بحيث سيصبح في مقدورها تخفيف اعتمادها على الهواتف الذكية الى أن تستقِلّ عنها بشكل كامل. وإليك تعريف مفصّل بما تفعله هذه الأجهزة:

– الساعة الذكية، وهي عبارة عن ساعة إلكترونية تشارك مهمام الهاتف بشكل كبير، وتستطيع من خلالها التحكم بهاتفك ومكالماتك ورسائلك ومراقبة بريدك الإلكتروني وتحديث حسابك في الشبكات الإجتماعية، إضافة الى إلتقاط الصور والفيديو والقيام بالتسجيلات الصوتية، لكنها تبقى محدودة حيث أنها تعتمد على الهاتف الذكي لإجراء هذه الأعمال.

وتتصِل هذه الساعات عبر البلوتوث مع الهاتف، لتستمد من خلاله المعلومات وتنتقل عبره الى الشبكة العنكبوتبة. علماً أنّ سوني وسامسونغ أبرز شركتين أطلقتا ساعات ذكية.

– النظارات الذكية، ويمكن ارتداؤها كأيّ نظارة عادية، لكنها لا تمتلك عدسات، وتحتوي بداخلها على أجزاء تجعلها أشبه بجهاز كمبيوتر متنقّل. وتعتمد النظارة الذكية على تقنية الواقع المُعزز لإظهار المعلومات في الزاوية اليمنى العليا لعَين المستخدم.

ومن أبرز ما تقوم به النظارات الذكية: تمكين المستخدم من الحصول على أي معلومة بشكل فوري، إضافة الى إمكانية التعرّف الى الصوَر والوجوه، وتحديد الأماكن وتنفيذ الأوامر الصوتية، وعرض الخرائط، وتصوير الفيديو…

يذكر أنه لنقل الصوت إلى المستخدم، لا تحتوي النظارة على مكبّر للصوت بل على تقنية تقوم بإرسال اهتزازات الصوت إلى الجمجمة مباشرةً عبر العظام، بحيث يكون الصوت مسموعاً للمستخدم فقط، من دون الحاجة لأيّ سمّاعات.

وكانت غوغل من أبرز الشركات المطورة لهذه النظارات، علماً أنها أطلقت مؤخراً ما يعرف بـ”غوغل غلاس” التي أثارت جدلاً واسعاً في بعض الدول، حيث اعتبرها بعض النقاد أنها تشكل انتهاكاً صارخاً لخصوصية الآخرين، بسبب إمكانية برمجتها للتعرف الى الوجوه.

– السوار الذكي، وهو يشبه السوار التقليدي، لكنه يُخفي تحت غطائه تقنية البلوثوت التي تتيح له الإقتران مع الهاتف الذكي. وأبرز ما يقوم به هذا السوار هو الاهتزاز عند استلامك رسالة أو تلقّيك مكالمة هاتفية. كذلك يمكن التحكّم في السوار عن طريق تطبيق خاص يأتي مُرفقاً به.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ السوار يمتلك منفذ USB للشحن وأضواء “LED” للتنبيه، ويكون من خلال أضواء ملوّنة لورود اتصال أو رسالة قصيرة أو إشعارات من فيسبوك أو تويتر، أو التذكير بموعد محدد مسبقاً. كما يمكن اختيار أشكال وألوان من الإشارات الضوئية لكلّ متصِل أو لكل نوعية من الإشعارات.

– الأحذية الذكية، وهي عبارة عن أحذية ناطقة يمكنها أن تتحدث إلى صاحبها لتحفّزه على ممارسة تمارينه الرياضية. ويحتوى الحذاء على معالج صغير ومجموعة من الحساسات، كحساس التسارع والضغط والإتجاه، بالإضافة إلى البلوتوث من أجل الاتصال مع الهاتف. كما يمتلك مكّبراً للصوت كي يتحدث بشكل مباشر مع صاحبه، كما يمكن للصوت أن يصِل للمستخدم عبر سماعة البلوتوث.

كذلك يجيد الحذاء الذكي التعامل مع شبكات التواصل الإجتماعي، فهو يستطيع تحديث صفحتك بآخر الإحصائيات التي قام بجمعها حول تمرينك الرياضي، كالمسافة التي قطعتها وأقصى سرعة وصلت إليها.

– الملابس الذكية، وتندرج مباشرة تحت عنوان التكنولوجيا القابلة للإرتداء، كالقمصان والسراويل الذكية.

وكغيرها من الأجهزة، تتصِل الملابس الذكية بالهاتف عبر تقنية البلوتوث، لإرسال المعلومات وتلقّيها. وبالطبع فإنّ هذه الملابس ذات التقنية العالية يمكن غسلها وتنظيفها كباقي الألبسة، بحيث انّ إلكترونيّاتها لا تتأثر بالماء.

والألبسة الذكية مزوّدة بمجسّات دقيقة تستشعر حالة الشخص النفسية من خلال مراقبة التغيّرات الفيزيولوجية عند مرتديها، بما في ذلك درجة حرارة الجسم ودقات القلب، وترسلها عبر هاتف ذكي إلى قاعدة بيانات على الإنترنت، تقوم بتحليل المعلومات المرسلة بدقة وسرعة فائقة، تحدد على أساسها حالة مرتدي الألبسة هذه، والإجراءات الواجب اتخاذها.

كذلك ستساعد ملابس المستقبل الذكية في إنقاذ حياة مرتديها. فبعض سائقي السيارات مثلاً يصابون فجأة بجلطة قلبية ويفقدون وعيهم أثناء حركة المرور، فتقوم هذه الملابس بنقل إشارات إنذار إلى محرك السيارة وإجبار المركبة على الإبطاء والسير الى جانب الطريق والتوقف، والإتصال بخدمة الطوارىء لتبلّغ عن الحالة ومكان توقّف السيارة.

كتاب ينذر البشر: “عصر الآلة الثاني” بدأ وعلى الإنسان “الخضوع”


اكد باحثان أميركيان مختصان بالعلوم التقنية ان العالم دخل منذ قرابة عقد ونصف مرحلة “عصر الآلة الثاني” الذي تحل فيه الأجهزة محل الدماغ البشري وتتفوق عليه، مؤكدين أن البشر يفقدون أدوارهم وأعمالهم بوتيرة متسارعة بوجود الآلات الذكية، ما يحتم إعادة التفكير في تداعيات الأحداث على تطور البشر ككل.

خلاصة هذه الآراء وردت في كتاب “عصر الآلة الثاني” الذي عمل عليه كل من إريك براينغولفسون، أستاذ الإدارة في جامعة سلون، وأندرو ماكفي، الباحث في مركز الأعمال الرقمية، وقد أوضحا، في مقابلة مع CNN أن النقطة المفصلية في ظهور “عصر الآلة الثاني” تمثلت في انتصار الكمبيوتر بلعبة الشطرنج.

وقال ماكفي موضحا: “أول ما لفت انتباهنا كانت المباراة التي جمعت بطل العالم بالشطرنج، غاري كاسباروف مع جهاز الكمبيوتر ’ديب بلو‘ التي انتهت بهزيمة كاسباروف، ونحن نعتبر لعبة الشطرنج من بين أفضل الأمثلة على العبقرية البشرية، وتمثل هزيمة كاسباروف حصول تحول، ولاحقا ظهرت أجهزة أخرى هزمت البشر بألعاب عقلية متعددة، وبالتالي فنحن نرى نمطا من متكررا من تفوق الآلة على الإنسان.”

وحول الفارق بين عصر الآلة الأول والعصر الحالي رأى براينغولفسون، انه خلال العصر الأول حلت الآلة محل قوة الإنسان أو الحيوان في الأعمال الشاقة، فالمحرك البخاري وبعد ذلك محرك الوقود سمح باستبدال قوة عضلات البشر أو الحيوانات، غير أن العصر الثاني يركز على استبدال قوة البشر الذهنية ، معتبرا ان ذلك، سيفتح الباب أمام نقطة تحول في مسيرة البشر.

ولفت براينغولفسون إلى أن دور البشر في عصر الآلة الثاني “غير واضح” مضيفا: “هل سيكون البشر مجرد عامل إضافي أو يمكن الاستغناء عنهم؟ ففي كثير من الأحيان يمكن الاستغناء عن البشر تماما، بل إن وجودهم قد يشوش على العمل السليم للآلة، وهذا ما حصل مثلا بالنسبة للمحاسبين الذين انتهى عملهم فعليا مع طرح برامج تقوم بكل مهامهم.”

ولدى سؤاله عن الوقت الذي سيصبح فيه البشر دون وظائف بالكامل اكد براينغولفسون، ان هذا لن يحصل في وقت قريب، مشددا على ضرورة إعادة تعريف الطرق التي نعمل خلالها مع الكمبيوتر ، لافتا الى ان التكنولوجيا تتقدم بسرعة تفوق سرعة تطور مواهب البشر وأساليب تنظيمهم أو سياساتهم الاقتصادية، وقال:”ما نريد قوله من خلال هذا الكتاب هو أن على البشر تسريع تقدمهم لمجاراة ما يحصل.”

____________________________

* جريدة الجمهورية 4/12/13 و 18/2/14.