الطيب علاج ووقاية من الأمراض النفسية والعضوية

د. منال جلال محمد عبد الوهاب*

مقدمة: النصوص المعجزة:

قال الله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْك..} (المطففين:26). وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وهو أطيب الطيب”[1].

وقال الله تعالى في نعيم الجنة :{فروح وريحان وجنة نعيم } ( الواقعة 89). والريحان نبات معروف طيب الرائحة وعممه ابن القيم فقال: كل نبات طيب الريح؛ وعرف ابن قدامة الطيب فقال في المغني: الطيب ما تطيب رائحته ويتخذ للشم، كالمسك، والعنبر والكافور، والغالية، والزعفران، وماء الورد، والأدهان المطيبة كدهن البنفسج ونحوه.

والتطيّب وشم الروائح الذكية من هدي النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليه ، فقد كانت للنبي صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها[2]. وحث أمته على التطيّب فقال: “إن لله حقًا على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، وإن كان له طيب أن يمس منه”[3].

clip_image721

clip_image7222

الحقائق العلمية في النصوص:

يسبب شم الروائح الطيبة مثل الريحان أو المسك أو أنواع الطيب الأخرى إثارة مستقبلات الشم التي تنتهي في جهاز اللمبك ( الحوفي ) الذي يتداخل معه نهايات مسار الشم بالقشرة الشمية في المخ the entorhinal cortex وتشكل جزءاً منه، فيفرز به ببتيدات عصبية neuropeptide وموصلات كيمائية عصبية (…) تؤثر بطريقة هائلة في وظائف الجسم وفي السلوك (…) ويتم افراز الببتيدات العصبية التالية في جهاز اللمبي : جلوتامات وأسبرتات جابا glutamate وgaba aspartate وهي مهدئات وتعالج الصرع، كما ثبت إفراز أنواع من المركبات المزيلة للألم منها: دينورفين والإنكفالين (inkephalin وdynorphin ) إضافة لإفراز مركبات مضادة للإكتئاب مثل مونوأمين والنور أدرينالين noradrenaline monoamine، كما يفرز أيضاً ببتيد عصبي جالب للسعادة والسرور وهوالسيروتينين دوبا serotonin dopa وقد ثبت أن في الأمراض النفسية تفرز الببتيدات العصبية والموصلات الكيمائية (…) مثل الأستيل كولين والنور إبينفرين والنور أدرينالين والتربتامين والسيروتينين وغيرها، 5-h tryptamine (5-ht)serotorin norepinepherin monoaminergic noradrenalinem acetylel choline(ach)

كما يلاحظ أن الببتيدات العصبية والموصولات الكيمائية التي تفرز من تهيج مستقبلات الرائحة عند شم الطيب نتيجة إثارة جهاز اللمبك هي نفسها الببتيدات العصبية التي تؤثر في الأمراض النفسية وعليه يمكن أن يكون شم الطبيب علاجًا ووقاية من الأمراض النفسية.

إفراز الأوكسيتوسين oxytocin

يتم نتيجة شم الطيب أو الريحان إثارة جهاز اللمبك في الدماغ الذي يؤدي تهيجه لإثارة غدة ما تحت المهاد والتي بدورها تثير الغدة النخامية فتفرز من فصها الخلفي مركب الاكسيتوسين والذي يعتبر موصل عصبي هام ويؤدي ذلك إلى إفرازه في أماكن أخرى في الجسم حيث يفرز في المبيض والعين والخصية والبروستات والغدة فوق الكلوية. ويسمى الاكسيتوسين هرمون الابتسام ويحسن جميع مستويات الوظائف الجنسية.

كما ثبت أن الاكسيتوسين يقلل التوتر ويربط بين الأفراد اجتماعيًا لذلك يسمى الاكسيتوسين أيضًا هرمون الحب، هرمون الثقة، هرمون الترابط الفائق، والانتماء وهرمون العاطفة (…) ويقلل الخوف (…) ويسهم في إدراك التعبيرات الوجهية الايجابية كما يسبب الترابط بين الأم والوليد ويجلب الاكسيتوسين السعادة للأم لأنه يفرز أثناء الرضاعة نتيجة ملامسة وحضن الرضيع ومص الثدي(…)

لذلك يمكن أن يكون شم الطيب والريحان يقي ويعالج الأمراض النفسية والعقلية ويهذب السلوك نتيجة لرفع مستوى الاكسيتوسين والاستروجين، كما أثبتت الأبحاث مؤخرًا إمكانية استخدام الاكسيتوسين لعلاج التوحد(…) والأمراض والاضطرابات النفسية (…) والاكتئاب والسلوك العدواني (…) كما لوحظ أن الاكسيتوسين يحسن الوظائف العقلية(…). إضافة للاضطرابات النفسية الأخرى مثل: الوسواس القهري والنحافة العصبية والقلق وآثار تناول المخدرات والانفصام والتوحد ويحتاج إلى مزيد من الأبحاث التجربية(…).

كما أثبتت الأبحاث الحديثة أن إثارة جهاز اللمبك بشم الطيب والريحان وأنواع الروائح الطيبة تؤدي إلى إثارة غدة ما تحت المهاد التي تثير الغدة النخامية فتفرز الهرمون المنشط للغدد الجنسية GnTH فيحفز المبيض لإفراز هرمون الاستروجين في المرأة، ويحفز الخصيتين لإفراز هرمون التستستيرون في الرجل، والذي يمكن أن يتحول جزء منه لأستروجين، وقد ثبت أن الاستروجين يعدل المزاج والحالة النفسية والسلوك العدواني حيث يؤثر على مستقبلات الاستروجين في جهاز اللمبك وغدة ما تحت المهاد (…) كما ثبت أن استنشاق الستيرويد وهو يتوفر في المسك (…)، يعدل المزاج والذاكرة ويؤثر في وظائف الجهاز العصبي الذاتي لذلك يمكن أن يقي الإستروجين ويعالج من بعض الأمراض مثل الزهيمر والشلل الرعاش وأمراض الشيخوخة وتآكل الأعصاب (…).

وجه الإعجاز:

مبالغة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتطيب والتأكيد عليه كل أسبوع والأمر بعدم رده وحث أمته عليه، دليل على أهميته ومنفعته للناس. وقد أثبتت الأبحاث العلمية الفوائد المحققة لشم الروائح الطيبة حيث تثير جهاز اللمبك في الدماغ فتفرز مركبات هامة كالبيبتيدات والمواصلات العصبية والاكسيتوسين والهرمونات الجنسية والتي لها تأثير عظيم على وظائف الجسم المختلفة. كما يمكن أن تكون وقاية وعلاج من أمراض خطيرة وشائعة مثل الاكتئاب والقلق والتوتر وكثير من الأمراض النفسية والعقلية والضعف الجنسي والسلوك العدواني.

كما ثبت أن المسك يحفظ عافية الجسم وتوازنه ويساعد في علاج الأمراض الناتجة عن نقص الهرمونات الجنسية التي تؤثر على الأعصاب كمرض الشلل والرعاش والزهيمر والتصلب المتعدد ويمثل ذلك سبق للأحاديث النبوية في الحث على التطيب فيما يعرف بالعلاج بالروائح الطيبة (aroma therapy) والذي يمارس في الطب التكميلي كوسيلة علاجية لكثير من الأمراض.

______________________________

* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مع المراجع كاملة العودة الى الموقع www.eajaz.org

[1] رواه النسائي في السنن الكبرى بسنده عن أبي سعيد قال: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة حشت خاتمها بالمسك…).

[2] رواه أبو داوود بسنده عن أنس ابن مالك

[3] أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري.