تفاءلوا بالخير تجدوه

بريد القراء [1]

إذا كنت تنتمي إلى فئة الأشخاص المتشائمين الذين ينظرون إلى أبسط الأمور من الناحية السلبيّة، عليك التوقّف فوراً عن ذلك لما له من تداعيات خطِرة على صحّتك.

أضحى الجميع يدرك أنّ المشاعر السلبيّة تُسيء إلى الصحّة العامّة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالتوتر الذي يُضعف جهازك المناعي، ويعرّضك لارتفاع ضغط الدم وبالتالي يزيد خطر أمراض القلب، فيما يساعد الفرح على خفض احتمال التعرّض لأمراض القلب إلى معدّل النصف، ويُقلّص فرص الإصابة بالسرطان والسكّري (…).
لكن ماذا عن التفاؤل؟ هل فكّرت للحظة أنّ التغلّب على التشاؤم يساهم بدوره في ضمان حياة صحّية، إلى جانب التقيّد بنظام غذائي جيّد وحركة متواصلة؟ لقد أكّدت كلّ الأبحاث العلميّة أنّ التفاؤل أساسيّ في حياة كلّ إنسان، وكانت آخرها دراسة أميركية نُشرت على الموقع الإلكتروني لصحيفة «Medical News Today»، حلّلت معلومات أساسيّة لكبار السنّ، من حيث بيانات التاريخ الصحّي والنفسيّ، وتتبّعتهم لأربعة أعوام.
وعلى رغم أنّ الباحثين أخذوا في الإعتبار عوامل معيّنة يمكن أن تؤثّر في القلب، مثل السلوكيّات الصحّية والأمراض المزمنة والعوامل البيولوجية والديموغرافية، إلاّ أنهم وجدوا أنّ الأفراد الذين لديهم مستويات أعلى من التفاؤل انخفض لديهم خطر التعرّض لقصور القلب خلال فترة الدراسة بنسبة 73 في المئة، مقارنة بنظرائهم الذين كانوا متشائمين.
إلى ذلك، بيّنت نتائج أخرى أنه حتّى إذا كنت معرّضاً لخطر الإصابة بأمراض القلب بشكل كبير لوجود استعداد وراثي، أو تاريخ العائلة، أو ارتفاع مستوى الكولسترول السيّئ (LDL)، أو معدل الضغط، أو السكّر في الدم، أنّ العيش مع الأمل قد يساعد على خفض تعرّضك لأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 في المئة. أمّا إذا واجهت نوبة قلبيّة، فقد يُقلّص التفاؤل احتمالات تعرّضك للموت في غضون خمسة أعوام بعد حدوث النوبة بنسبة هائلة بلغت 40 في المئة.
وإضافة إلى تأثيره الإيجابي في صحّة القلب، ثبُت أنّ الإبتعاد عن التشاؤم:
– يحسّن الدهون في الدم: إستناداً إلى تقرير أميركي حديث، يرفع التفاؤل مستويات الكولسترول الجيّد (HDL) وفي المقابل يخفّض مستويات التريغليسريد التي تهدّد القلب. إنّ الأشخاص المتفائلين جداً لديهم معدل «HDL» أعلى بأربع نقاط مقارنة بالأشخاص الذين يعانون الكآبة، وهو الأمر الكافي لخفض خطر أمراض القلب بنسبة 12 في المئة.
– يقوّي المناعة: تبيّن أنّ التفاؤل يعزّز جهازك المناعي وبالتالي يساعده على محاربة غزو البكتيريا والفيروسات وحتّى بعض الخلايا السرطانية.
– يحمي من السكتات الدماغيّة: يساعدك التفاؤل على خفض خطر تعرّضك لسكتة دماغية بنسبة 10 في المئة وحتّى أكثر، لأنّ الأشخاص الذين يتحلّون بنظرة إيجابيّة يميلون أكثر إلى ممارسة الرياضة، واختيار الأطعمة الصحيحة، والنوم بطريقة أفضل، والشعور بتوتر أقلّ، وهي العوامل التي تساعد على تقليص خطر السكتة.
– (…) يحفظ الشباب: التقدّم في العمر بطريقة صحّية لا ينتج فقط من جينات جيّدة. فقد أظهرت البيانات الجديدة أنّ المواطنين في أميركا الشمالية الذين يعيشون وقتاً أطول يتميّزون بحبّهم للحياة، فيتمسّكون بالتفاؤل وبالعلاقات الإجتماعية ويتعاملون مع الأمور برويّة.
– تحسين صنع القرار: يعزّز التفاؤل قدرتك على اتخاذ القرار الصحيح تحت الضغط. (…) وهذا يعني أنك ستحلّ تحدّيات الحياة مهما كان نوعها.
ماذا تنتظر؟ حاول التمسّك بنظرة إيجابية عندما تواجه موقفاً دفاعيّاً أو تهديداً أو خوفاً من الفشل. ووفق العلماء، إنّ مجرّد تذكير نفسك بضرورة التفكير إيجاباً، هو أبرز ما يتطلّبه الأمر.(إنتهى مقال “الجمهورية”).

وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ»[2]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ» والطيرة التشاؤم. وقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ»[3].

__________________________________________________________________

[1] بريد القراء، نقلاً عن مقال لسنتيا عواد (بتصرف)، جريدة الجمهورية 12/9/2014.

[2] صحيح البخاري (7/ 139)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

[3] في الأدب المفرد للإمام البخاري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود.