أقرب إلى الجاهلية منها إلى الإسلام

أ.صلاح سلام

الذين يدَّعون أنهم يمثلون الإسلام والمسلمين ويريدون إقامة الخلافة الإسلامية، يقدمون أسوأ صورة عن الإسلام، وبدلا من أن يظهر الإسلام على حقيقته ديناً للرحمة والعدل والأمان، أظهروه ديناً لا يخلو من القتل والخوف والوحشية.

نعلم جميعاً ان دين الإسلام ما جاء إلا ليوقف مد القتل والبطش والعبودية والوحشية وأن ينقل الناس من عبادة العباد إلى عبادة الواحد الديّان جلّ وعلا. وانه دين المحبة والرحمة والرأفة.

ما بقيت المذاهب والأقليات الدينية والعرقية في المشرق صامدة طوال أربعة عشر قرناً، إلا لسماحة الإسلام ولواحة الحريات العريضة التي أتاحها لغير المسلمين. لم تهدم كنيسة ولا معبد ولم يرحّل أحد عن أرضه ولم يطرد إلا عندما تعاون مع أعداء الأمة فمهد لهم الطريق أو أغراهم ببلادنا. فلم يحرم من العهد إلا من خرق العهد. وقد وقف الإمام الأوزاعي وغيره من أئمة المسلمين في وجه السلطات الإسلامية الزمنية عند كل محاولة لنقض العهد. سواء في لبنان أو قبرص او في مصر او في العراق.وكان فقهاء الأمة صارمين بأن الجماعة الدينية لا تؤخذ بجريرة أحد أفرادها إذا خان أو أجرم، فقد قال الله تعالى: { وألا تزر وازرة وزر أخرى}. حتى صلاح الدين اكرم الكهنة المشرقيين وميّزهم عن الكهنة الفرنجة الذين  رافقوا الصليبيين وحرضوهم على قتال المسلمين.

ولا يستغرب غير المسلمين ما يجري فالاجحاف والضرر واقع في المسلمين أيضاً جراء هذه الآراء التعسفية. فقد تسببت بمقتل ثلاثمئة عالم مسلم سني ذنبهم أنهم لم يوافقوا هؤلاء على تشددهم. ونبشت قبور كبار أئمة المسلمين في سوريا. وليست الصومال ولا اليمن أفضل حالاً.

أخشى ما نخشاه أن يكون هؤلاء طعم مهيأ بعناية ليتسبب باستعمار بلادنا من جديد ويدمر معالم ديننا وحضارتنا. والله المستعان.