الترياق لن يأتي به الخصوم

أ.صلاح سلام

مما يؤسف له أن الإعلام العالمي في مكان وأن حقيقة الوضع في بلادنا في مكان آخر، ثروات بلادنا تنتهب تحت شعار أننا غير قادرين على حسن إدارتها، وبذلك يشرعون لاجتياح بعض البلاد ولإثارة الفوضى في البعض الآخر، يؤسسون ويطلقون حركات تتخذ الدين شعاراً لتقوم بممارسات لا تمت إلى الدين بصلة، ثم يلقون باللائمة على الدين وعلى الطيبين المسالمين من أتباعه.

وبعد أن تطلق يد هذه الحركات في مناطقنا إرهاباً وتقتيلا وتهجيرا، يقررون اجتثاثها ، فتعمل آلات حربهم المتطورة المرعبة على المناطق المنكوبة مجدداً لتقتل من بقي وتهجِّر من سَلِم. ثم يطلقون حركة متطرفة جديدة تظهر في منطقة أخرى من بلادنا لتكرر مأساة القتل والتدمير والتهجير ذهاباً وإيابا. فلا يبقى مسلم في أرضه ولا مسيحي مشرقي سالماً في موطنه.

يقفلون أبواب هجرة النازحين إلى بلادهم الآمنة وبدلاً من العمل على إحلال السلم عندنا لإعادتهم إلى ديارهم تراهم يثيرون الحروب ويؤججون الفتنة كلما لاحت في الأفق بادرة للسلام. كأنهم يبغون تشريدنا وتفرقتنا إلى الأبد.

لم يعد هذا الأمر خافياً على كثير من الناس، لكن المؤسف هو صمت الذين يمتلكون القدرة على الكلام، وعجز الذين لديهم القدرة على المعالجة، وسكون الناس على الرغم مما يجري كسكون الخراف التي تنتظر أن تقاد إلى المنحر.

يقول الله تعالى في سورة الرعد :{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وأبسط ما يمكن فعله هو تنادي أصحاب كل اختصاص، لدراسة هذا الوضع المتردي، وللخروج بخطة عمل منسّقة، تسمي الأمور بأسمائها وتشير إلى مكامن الخطر، تعمل على توعية الفرد والأمة، تحد من انضمام الشباب إلى قوافل المضللين، وتسد الذرائع الواهية التي تنهال بها الدول الكبرى علينا.

أول المعالجة الوعي والتوعية، فأين الإعلام الهادف والذي أصبحت وسائله اليوم بمتناول الجميع، أين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأفذاذ، أين هواة تصوير الأفلام القصيرة وأين مبتكرو الفيديوهات الهادفة والمعبرة، أين المراسلون المتطوعون لتغطية الواقع الحقيقي في مجتمعاتنا. فنحن قبل كل شيء مسلمون مسالمون.

بسبب عجزنا وغفلتنا عن المتابعة والمعالجة صار كذبهم عند الناس حقيقة وصار واقعنا المؤلم عند الرأي العام العالمي طبيعياً وعادياً، إلى درجة أنهم يدعون إلى الرفق بالحيوان ولا يدعون إلى الرفق بشعوبنا واطفالنا. بينما بتنا نحن نتقبل هذا الواقع ونقرّه ولا نفكر حتى في دحضه أو رفضه. فهل قبلنا بأن نكون خرافاً والله تعالى يقول إني جاعل في الأرض خليفة. خليفة في كل أسرة وفي كل شركة ومزرعة ومعمل ومصنع. فمتى نبدأ؟ أم أننا نتوقع أن يأتي الترياق من عند الخصوم؟