السباق المحموم وغير المحسوم

{قل كلٌ يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً} (سورة الإسراء 84)

أ. صلاح سلام

 

وأنت تمخر عباب العمر تصادف الخير وأهله وتتعثر بالشر وأهله. وعجب أمر هذه الحياة فمرة ترى أهل الشر يسيطرون ويطول بهم الزمن وهم يسودون لتفاجأ بسقوطهم شرّ سقطة والى غير رجعة، واذا بالشر يعود ليظهر من جديد بحلة جديدة وبأقوام آخرين، بينما يستمر قطار الخير في سير وئيد لا يضرّه من خالفه.

اذا جلت في النهار تجد من يطبخ الشر ومن يطعمه، كما تجد من يسعى في الخير ويطعمه، واذا عسست في الليل تجد للرذيلة أهلها وحماتها، وما أن يشق الصبح نوره الأول حتى يخرج أهل الصلاح والتقوى فتصدح أصواتهم ويعلو أذان الفجر على أصوات الفجور.

سباق محموم دعاة إلى الهداية دؤوبون قليلة أعدادهم قليل اتباعهم، ومروجون للهو بارعون، في كل وادٍ يهيمون، ولهم روادهم وعشاقهم يصفقون ويروجون.

هؤلاء وأولئك يتقاسمون كل مدينة ويتجاذبون كل حيّ ولعل لكل منهم في البيت الواحد أتباع ومناصرون.

يمسي أحد الأتباع مؤمنًا ويصبح في الغد هاربًا، ويمسي الآخر كافرًا ويصبح غدًا مؤمنًا، لا حسم لأي منهم ولا موقف نهائي. قلوب تتقلب ونفوس تشتهي مرة تغرِف ومرة تعفّ، مرة تفسق ومرة تستقيم والموقف غير محسوم حتى اللحظة الأخيرة من العمر والموفق من سَلِم في تلك اللحظة وسلّم الأمانة آمنًا مؤمنًا.

ليس الأمن فقط في أن يكون المرء آمنًا في سربه، الأمن الحقيقي هو لمن أمِنَ من سوء الخاتمة وأحسن طي سجله في النهاية.

{إن في ذلك لعبرةً لمن يخشى}. صدق الله العظيم.

فهل من يعتبر..؟!