القيم في غياب القانون

أ.صلاح سلام

في التعامل بالقِيَم والأخلاق في غياب القانون وخلال ضعف السلطة، علامة على سلامة التربية البيتية والتربية الوطنية، فمن ينظر إلى انضباط الشعب الياباني، وإيثاره وتفانيه خلال الأزمات والكوارث، يعتريه شعور من الأسف والأسى للتصرفات التي تجري في بلادنا.

فالتربية الوطنية والدينية السليمة ليست تلك التي تظهر حين يسود القانون وعندما تفرض الدولة هيبتها وحزمها في المعالجة، لأن المواطن المتهيب من سلطة الدولة وحزم القوانين هو عبد الخوف وعبد العقوبة ولمّا يبلغ حريته بعد.

المواطن الحقيقي هو الذي يحافظ على بيئته وشارعه وبلدته وبلده خلال الأزمات، فليس الذي يطلق النار صائباً او إرهابا أو احتفالاً مواطناً حرا، بل إرهابياً سواء انتمى إلى جماعة أو “فتح على حسابه”. وليس المواطن حراً حينما يتفلّت من القوانين فيحتل منزلاً أو يبني بيتاً في الأملاك العامة والخاصة.

ولا يدعى حرّاً حين يقفل طريقاً أو ينصب حاجزاً أو يصادر رصيفاً لينشيء عليه مقهىً او “كشكا”.

أية حرية هذه في توصيل التيار الكهربائي بدون رسم وبلا اشتراك، وفي أية عقيدة يسمح بالسطو على مصرف أو على جارة! وما هو السند الشرعي في التضييق على جار حتى يخلي منزله لنحل محله ولداً لنا أو حفيدا؟

أية نظافة وأية تربية مدنية تبيح لمواطن ان يترك انبوب الصرف الصحي ينبع من بيته ويصب في الطريق العام.

تعودنا على الخطط الأمنية منذ الثمانينات والعبرة ليست في الإعلان عنها بل بالنتائج التي نخجل من الإعلان عنها. لا لضعف القوى الأمنية بل لأن التربية المدنية لم تصل بعد إلى قناعة عدد كبير من المواطنين.

حبذا لو يكف خطباء الفتنة من رجال الدين عن التحريض السياسي والقبلي والطائفي، وينصرفوا إلى التوجيه التربوي والأخلاقي والنفسي.

أقل ما ينجم عن المجتمع إذا تماسك واحترم حقوق بعضه البعض، أن يقوى على الصمود وأن تتعاون شرائحه فتتأمن احتياجات الفقراء وتصان ممتلكات الأغنياء، إلى أن تهدأ الفتنة وتستقر الأمور.

حذارِ النفاق، إذ لا يمكن التوفيق بين تطبيق شرائع الأديان في العبادات وتطبيق شريعة الغاب في المعاملات، فالخلق كلهم عيال الله (وليس المسلمون فقط)، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله. صدق رسول الله.