الكلم الطيب

صلاح سلام

صار تحريك الغرائز واستدرار العواطف وتأجيج المشاعر صنعة رابحة، تهيّج الرأي العام بتصريحات نارية أو إعلانات ساخرة هزلية أو شعر منظوم أو سجع منثور أو زجل متهتك يسهل على العامة حفظه وتداوله، بعبارات يتنافى بعضها مع الآداب العامة، وبلغةٍ دخلت عالم السياسة خلسةً كانت فيما مضى تقصي صاحبها عن نوادي الصحافة والتحرير وتجعل مقص المراقبة يحذفها عن المسموع والمقروء دونما تردد.

ما الذي جعل الأمر يصل إلى هذا الدرك الأسفل؟ هل هو رغبة الناس في سماع المهاترات والتلذذ برؤية الغسيل الوسخ ينشر في العلن؟ أم هو نقص في أدبيات السياسة الجديدة وأدبيات التعاطي بالشأن العام؟ أم هو فراغ في مواقع هامة ملئت بمن حضر؟ أم هو إفلاس ثقافي وسياسي يجري التعويض عنه بالتهويل والتقريع؟

ما هو موقف القانون من هذا التردي؟ أين ذهبت الثقافة؟ أين مردود التربية الوطنية طوال سنين؟ كيف زالت آثار التربية العائلية؟ ثم أين الدين؟

أعتقد أن عوامل النقص قد اجتمعت لتجعل الخطاب العام يتردى إلى هذه الحدود. ويصعب على المحافظين من أهل السياسة ورجال الدولة أن يردوا بالمثل وإلا لكانوا مثلهم. فما العمل وكيف الحل؟

أبدأ وأنهي من نقطة الأساس والملاذ ، نقطة العقيدة والتربية والسلوك، يقول الله تعالى في سورة النساء:{ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول…}، ويقول في سورة فاطر {إليه يصعد الكلم الطيب…}، وفي سورة الفرقان:{ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}.

نصيحتي أن يبقى صاحب المبادئ على موقفه الأديب وعلى عفة لسانه وأن يتجاوز مطبات السخرية والهزء والشتيمة، وأن يستمر في قول الحق والعمل بإخلاص لانتشال البلاد والعباد والله مع مثل هؤلاء، قال تعالى:{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت…}. فالأمر أخطر من عبارة ومصير الناس أهم من الكرامة الشخصية، وعلينا أن لا نمل ولا نكل من إعداد جيل أديب متعلم راقٍ مهما بلغت الضغوط، يقول تعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}.