ندوة الإعجاز العلمي ظاهرة وتظاهرة

أ. صلاح سلام

 

شهدت عدة مناطق لبنانية في مطلع هذه السنة ظاهرة علمية لافتة: محاضرات منوعة في الإعجاز العلمي في صيدا وطرابلس والبقاع وإقليم الخروب.

ثم انتقلت المحاضرات مكثفة إلى بيروت لعدة أيام في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الملحقة بمسجد محمد الأمين صلى الله عليه وسلم في قلب العاصمة.

احتضنت دار الفتوى هذا العمل الذي نظمه منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وحاضرت في الندوة نخبة من العلماء المتخصصين من الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

كان من المتوقع أن يكون المشهد كالمعتاد حضورٌ عادي يقتصر على أهل الإختصاص وبعض المعارف والأصدقاء، ومواضيع قد ألف الناس سماع أمثالها.

لكن المشهد كان مختلفًا تمامًا، إقبال شعبي كثيف وحضور رسمي لافت ومشاركة من رجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب.

وأبهى الحضور على الإطلاق مشهد المئات من الشبان والشابات الجامعيين والجامعيات محجبات وغير محجبات تصدرن القاعة وشاركن بحماس بعضهم يصغي وكثير منهم يصغي ويدوّن الملاحظات.

وكانت المفاجأة التالية أن القاعة غصت بالحضور جلوسًا ووقوفًا مما اضطر منظمي الندوة إلى فتح المسجد وتشغيل الشاشة الكبيرة لمئات آخرين.

ليس القصد هنا الثناء على منتدى الإعجاز بشيبه وشبابه وبراعتهم في الإعداد والتنظيم. ولا على دار الفتوى التي اطلقت خطوة جديدة ورائدة، وأجادت برعايتها لها وباحتضانها. ولا على كل الذين ساهموا في انجاح هذه الخطوة من هيئات رسمية وشعبية.

إنما القصد الأوّل هو أننا رأينا الذي كنا نتمناه من قبل وهو أن تعود بيروت ملتقًى لأهل العلم والتقى، ومعها لبنان بكل فئاته، فأتحفتنا طرابلس وصيدا وبقية المناطق باستجابتها وتلبيتها.

القصد أن لبلدنا وجه علمي حضاري غيبته سنوات الحرب العجاف وطغت عليه سهرات الفنون والمجون حتى اعتقد العرب والعجم أن لبنان بلد متهتك، وفاتهم أن للإمام الأوزاعي فيه بقية وأن للمحبة والوداعة والثقافة أهلٌ وأنصار.

لقد حقق منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة خطوته الأولى بنجاح وحقق للرئيس الشهيد رفيق الحريري أحد أهدافه من بناء هذه القاعة، وحققت جماهير المؤمنين كلام النبوّة الشريفة: الخير بي وبأمتي إلى يوم القيامة. فمبروك وإلى الأمام.