أنزل إليها الحديد وأخرج منها ماءها وجعل طبقاتها سبعاً

رئيس التحرير

العدد الثاني والعشرون – صيف 2012

 

لا تزال آيات الله تعالى وإعجازات كتابه الكريم تتوالى مع الأيام ليحظى كل جيل بشيء جديد من عند الله، يؤكده العلم وينحني أمامه العقل ويخشع له القلب. ويؤكد أن القرآن الكريم كلام الله المنزل وكل ما فيه حق. ومن هذه الحقائق العلمية الإعجازية ثلاثة خرج بها العلماء خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين.

أنزل الحديد في الأرض: الحديد مادة غريبة على مكونات المجموعة الشمسية، وكان يُظن سابقاً أن الحديد الموجود في الأرض نشأ نتيجة تفاعلات جرت على مر الأزمان. ولكن العلماء تيقنوا من أن كمية الطاقة اللازمة لتشكل الحديد كبيرة جداً، ولا تتوفر إلا في النجوم الضخمة، التي هي أضخم بكثير من الشمس؛ مما قاد العلماء إلى التأكيد بأن عنصر الحديد لا يمكن أن يتشكل داخل المجموعة الشمسية أو على الأرض، بل تشكل في نجوم أخرى بعيدة تمتعت بدرجات حرارة وطاقة عالية جداً، ولما نفدت طاقتها إنفجرت وقذفت بالحديد في الفضاء على شكل نيازك، هبط عدد منها إلى الأرض وصدق الله العظيم القائل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: 25]؛ وفي هذه الآية الكريمة ذكر الله تعالى أمرين الأول إنزال الكتب السماوية من عنده وعطف عليها إنزال الحديد مستعملاً كلمة “أنزلنا” ذاتها لتأكيد نزول الحديد إلى الأرض من مكان آخر من الفضاء.

أخرج الماء من باطنها: وأما الماء فهو ناجم عن التحام غازي الهيدروجين والأوكسيجين، ويؤكد العلماء أن الالتحام جرى في باطن الأرض وبحرارة عالية حولته إلى أبخرة، خرجت مع الحمم البركانية التي ثارت من باطن الأرض إلى سطحها ولا تزال. ولأن بخار الماء لا يمكنه أن يجوب الفضاء فلا يوجد احتمال واحد أن يأتي من خارج الأرض؛ وتؤكد ذلك الآيات الكريمة التالية من سورة النازعات: { وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) }. والمعجز في هذه الآيات كذلك ترتيب تكوين الأرض فقد كانت كرة غازية ثم انكمشت ويبست قشرتها الخارجية، ثم جرى عليها الماء فهذب سطحها تعينه الرياح وعوامل الحرارة والبرودة، إلى أن استقرت جبالها وترسخت.

جعل طبقاتها سبعاً:

ومن الإعجاز أيضاً عدد طبقات الأرض، وعلماء الجيولوجيا لم يتمكنوا من تجاوز عمق 13 كيلو متراً في باطن الأرض، مع العلم بأن قطرها يزيد على 12 ألف كلم. وذلك لأن درجة الحرارة وكذلك الضغط يرتفعان كلما ازداد العمق، ، فلا يمكن لأي آلة أن تتحمل مثل هذه الحرارة أو الضغط مهما بلغت من الصلابة! وهنا يتجلى التحدي الإلهي بقوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) [الرحمن: 33].

وبعد دراسات وأبحاث واختبارات مستفيضة اتفق علماء الغرب بأن الطبقات الرئيسية للأرض سبع غير عالمين بأن القرآن الكريم قد سبقهم بحصرها وعدّها ، وذلك قبل ألف وأربعمئة سنة.

 شكل طبقات الأرض السبعة، مأخوذ من موقع وكالة الجيولوجيا الأمريكية

وهذه الطبقات من الخارج إلى الداخل هي: 1- القشرة. 2- الغلاف الصخري. 3- نطاق الضعف الأرضي. 4- الوشاح الأعلى. 5- الوشاح الأدنى. 6- النواة الخارجية. 7- النواة الداخلية.

ويقول الله تعالى في ذلك: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }. [الطلاق: 12]

خلاصة: لا ينبغي التوقف عند الإعجاز العلمي لآيات كتاب الله تعالى، قبل الخلاص إلى المغزى والمقصد، فالإعجاز القرآني ليس غاية بقدر ما يرمي إلى الاعتبار والتصديق لينسحب هذا التصديق على الإيمان بوجود الله وبصحة كتاب الله وبدقة ما جاء فيه، وصولاً إلى التصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبأن الله يبعث من في القبور، وأن الحساب حق وأن كل نفس بما كسبت رهينة فإما إلى الجنة وإما إلى النار، ولا يظلم ربك أحدا.

____________________________________

المراجع: محاضرات د. زغلول النجار – موقع المهندس عبد الدائم كحيل www.kaheel7.com/ar

-الظواهر الجيولوجية في القرآن الكريم، د. مروان وحيد شعبان، دار الإعجاز، طرابلس، لبنان.