الإعجاز مستمر

رئيس التحرير

العدد الثالث- تشرين الاول 2007

 

 

كان القلق يساور بعض الزملاء فيهمس في أذن أحدنا ماذا سننشر إذا نضبت مواضيع الإعجاز واستنفدنا البحوث واحدًا بعد الآخر مع هذه الوتيرة الدسمة التي نعتمدها في مجلتنا لعرض مواضيع الإعجاز؟

وقد شارك بعض الاصدقاء من القراء زميلنا في قلقه فأبدوا تساؤلات حول قدرة “الإعجاز” على الإستمرار.

والحقيقة أن هذا القلق غير مبرر لمن يعرف أين وصلت بحوث الإعجاز ولمن يعرف أصلاً مستوى البحوث والاكتشافات العلمية في عصرنا الحالي.

لقد بتنا نقيم على بئر غزير من العلوم لا ينضب وعلى عدد من الباحثين والعلماء المؤمنين الذين لا حصر لهم ولا عدّ. ومع أن أغلبية علمائنا لا يجدون من يدعم أبحاثهم مع الأسف فإن دوافعهم الايمانية والعلمية تجعلهم يستمرون لايفترون ولا ييأسون.

مع كل صبيحة يوم نطالع في الصحف والمنشورات اكتشافًا علميًا أو اختراعًا واحدًا على الأقل. وقد أخذ العالم يشهد شيئًا جديدًا في كل دقيقة وعلى مدار الساعات والأيام.

ومع تقدم العلم والتكنولوجيا نشهد المزيد من التطابق بينها وبين ما ذكره الله تعالى في قرآنه الكريم وما حدّث به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بل أكثر من ذلك، نشهد بمرور الوقت سقوط النظريات العلمية السابقة التي كانت تتعارض مع ما جاء في الكتاب العظيم. نذكر منها على سبيل المثال بطلان نظرية النشوء والارتقاء لداروين بعد اكتشاف الخريطة الوراثية التي أثبتت أن أصول القرود الوراثية لا تلتقي بأي شكل من الأشكال ولا في أي نقطة من النقاط مع الأصول الوراثية للإنسان.

وصدق الله تعالى الذي ميّز العنصر البشري عن سائر مخلوقاته وقال:{اني خالق بشرًا…فقعوا له ساجدين} وقال:{انا خلقنا الانسان في احسن تقويم} وقال:{ولقد كرمنا بني آدم}.

كما سقطت نظرية العلماء الملحدين التي كانت سائدة في أواسط القرن الماضي حول عدم وجود خالق لهذا الكون وأن هذا الكون موجود بنفسه ومستمر كذلك. وقد أثبتت بحوث الفضاء العلمية أن لهذا الكون عمر وأنه لا يتجاوز 15 مليار سنة وأنه خلق من عدم وأن عمر الشمس والأرض 4.5 مليار سنة. فأين كانت الطبيعة قبل هذا الوقت وهل يمكن للمعدوم أن يخلق من نفسه شيئًا مذكورًا؟

حتى الحفريات وبحوث الآثار لا تزال يومًا بعد يوم تثبت صحة القصص التي وردت في القرآن الكريم حول الحضارات الزائلة والطوفان والزلازل وغيرها…قال تعالى عن بعضها {وتركناها آية} (قرى قوم لوط وجسد فرعون).

العجيب في الأمر والمبدع في هذا المجال هو أن كل بحث مفيد وكل اكتشاف جديد يجعل كل عاقل يتوقف أمامه مليًا متأملاً متفكرًا ليخرج بعد ذلك موقنًا ومذعنًا بأن الله هو الحق وأن كلامه الحق وأنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لايعلمون.

لا نقول فقط بأن الإعجاز مستمر لكن من المؤكد بالعقل قبل الإيمان أن الإعجاز إلى مزيد وإلى وفرة حتى يوقن كل الخلق أنه الحق من ربنا، وأنه لا إله إلا هو. قال تعالى:{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم…}.