رمضان ووجهه الخفي

رئيس التحرير

العدد الثلاثون – صيف 2014

 

كل عام وأنتم بخير، قد أهلّنا شهر عظيم مبارك ومعه كل الخير على الرغم من كل المحاولات لجعله شهر الغفلة والأطعمة والتسلية والفضائيات والملذات.

ورب سائل، لماذا يأتي رمضان مرة في العام ثم يغيب ليعود، كأننا به رسول ربه يزورنا ويتفقد أحوالنا ليرى من عباداتنا وتقوانا وصدقاتنا، وليجسّ حالتنا الروحية وما إذا طرأ عليها ارتقاء وقرب أم تدهور وبعد، ثم يصعد مسرعاً إلى من أرسله وربه بنا أعلم، ليكتب عن كل منا فرادى وعن حالتنا الروحية مجتمعين، وما إذا أصبحنا أكثر تمسكاً وتماسكاً أم أكثر تفلتاً وانعزالاً!

وجه رمضان الحقيقي يظهر لكل منا بحسب حالته الروحية فمنا من يعيشه بالتقرب، ومنا من يدير له ظهره غافلاً او متجاهلا، حق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كانكالبعير عقله أهله ثم أطلقوه فلا هو يدريفيما عقلوه ولا فيما أطلقوه”.

تخيّل أيها الانسان أنه سيأتي وقت يقف رمضان فيه يستقبلك بعرفان ويحضنك بحنان، يقول لك: أنا الذي أظمأت نهارك وأسهرت ليلك، يعرّف عنك ويدافع عنك ويدخلك من باب خاص إلى مكان خاص لا يخطر ببال من شدة الجلال والجمال، أعد لك بعناية وتلقى فيه الرعاية. بينما وقف إلى جانبك كثيرون ممن تعرف وممن لا تعرف، ينتزعون بعنف ويعاملون بقسوة، أشاح رمضان بوجهه عنهم لا يكلمهم ولا يأبه لهم، فتسأله لمَ اعرضت عنهم فيجيبك: كنت أزورهم في كل عام وكانوا لا يستقبلونني ولا يعيرونني ولو التفاتة فاليوم يوم رد الجميل بأجمل الجميل، والقبيح بأقبح منه.

بالله عليك لا تدع وجه رمضان المنير يخفى عليك كما خفي عن كثير من الغافلين المتجاهلين.