في ذكرى مولدك صلى الله عليك وسلم

 يا خير خلق الله وخاتم أنبيائه ورسله

رئيس التحرير

العدد الثاني والثلاثون – شتاء 2015

 

سنحتفل هذا العام بذكرى مولدك الشريف بطريقة مختلفة، نتخيّل أننا سنغادر من فورنا هذا إلى الحياة الآخرة، فيكون وجهك الأنور المبارك أول ما تقع عليه أنظارنا. أنسرع الخطى لنلقي عليك السلام؟ أم نتحاشى النظر إليك ونتوارى بين الخلق خجلاً مما تركناه وراءنا؟

نخشى أن تسألنا كيف حال المسلمين اليوم، فبماذا نجيب؟ ونخاف أن تحدد الأسئلة أكثر فيزداد ارتباكنا ووجلنا. فكل منا في تلك اللحظة لا يملك إلا نفسه وبالكاد فكيف يجيب عن كل الجيل الذي ننتمي إليه!

إن سألتنا كم عددكم سنجيبك كما علمتنا: نحن كثير ولكننا غثاء كغثاء السيل. ولئن قلت: هل فتحتم بلاداً جديدة؟ فنتلعثم ويقول أجرؤنا كيف؟ فتجيب: بالحب والرحمة يا مسلم وهل استقر فتح بغير ذلك؟

وتنهال أسئلتك دون أن نجد جواباً لائقاً واحدا: هل يشبع الناس؟ وهل هم آمنون في ديارهم؟ وهل فتحتم صدوركم لتتلقوا طالبي العلم من كل الآفاق؟ وهل تتلقون الشعوب التي هجّرها الظلم من مشارق الأرض ومغاربها؟

وننظر إلى نظراتك العميقة لنفهم أنك لا تسأل مستفسرا بل معاتبا، ثم تغور في عمق واقعنا أكثر: هل أدبتم أولادكم؟ هل حفظوا القرآن أو بعضه؟ هل يعطون المثل الصالح لبقية شبان العالم الحائر وشاباته؟ وتبدو من بين شفتيك ابتسامة الأسف والملامة: يبدو أنهم يتبعون سنن الآخرين شبراً بشبر وذراعا بذراع ولو دخلوا جحر ضب لدخله أولادكم انسياقاً لا يخلو من بلاهة وسخف.

وتسألنا هل صدّرتم اللغة العربية إلى الأصقاع الأجنبية؟ أم أنكم تخليتم عن لغة “كتابكم” العربية، ثم عن هويتكم المشرقية لتذوبوا في بلادٍ غربية طلباً لهوية ويا لها من هوية.

 

وقبل أن ينحسر المشهد عن وجهك الصبوح الوضّاء تختم اللقاء فتقول: عودوا إلى دنياكم واستدركوا ما فاتكم، فالله غني عنكم، ولن يفلح آخركم إلا بما أفلح به أولكم. وتذكّروا وتذاكروا قول الله عز وجلّ:{والله الغني وأنتم الفقراء، وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم}.

اللهم يا سميع يا مجيب وفي ذكرى مولد نبيّك الحبيب، إكشف الغمامة عن القلوب وبصّرنا بذنوبنا والعيوب.