نحن والآخر يعني لا نحن ولا الآخر

رئيس التحرير

العدد السادس والثلاثون – شتاء 2016

كلمة يقصد بها التفاهم الوطني لكنها تشير إلى علّة الإقرار بالفرز ، يبدأ الفرز طائفياً ثم مذهبياً ثم مناطقياً حتى يبلغ حد التفتت لتسود شريعة الغاب ونأكل بعضنا بعضًا. ويصعب بعد ذلك لم الشمل ليبلغ حد الاستحالة.

يبدأ الزلزال حين يؤدي الحرمان الاجتماعي والفوارق الطبقية وخلل العدالة إلى رأيٍ عامٍ متذمر، فينشط خطباء الفتنة في تزكية نيران الحقد والنقمة، ويعضدهم طلاب الزعامة والطامحون للخوض في الحكم والسياسة، فيرفعون الصوت ويتبعهم المراهقون والعامّة، وإذ بوفود “الاستطلاع” الأجنبية، تزور وتبارك وتعرض المساعدة بالخبرة والمال. وها نحن نرسم فيما بيننا خطوط تماس عقائدية واجتماعية واقتصادية ثم ميدانية، جزر أمنية ومناطق محرمة وشوارع مقفلة.

وهكذا وتحت شعار المطالب المحقة صرنا فريقين نحن والآخر لنبلغ بعد جولة من العنف أو جولتين مرحلة إما نحن وإما الآخر. نسخة جديدة ومنقحة من أثرياء حرب جدد تنضم إلى أثرياء أقدم زاد غناهم على حساب شعبٍ زاد فقره ووطنٍ قلت موارده بعد أن قلت هيبته.

حبذا لو يكف بعض دعاة الفتنة عن التحدث بلغتين متناقضتين واحدة في العلن يسمعها “الآخر” ولا يصدقها، كما يسمعها اتباعه ولا يصدقونه، لأنه يحدّثهم في السر بما تهواه انفسهم فيزدادون تصلباً وتطرفاً .

كيف الخلاص وفي الأداء السياسي أخطاء قاتلة،في الخطابات السياسية رائحة عنصرية إقليمية، وفي مناهج التربية تقصير واختلافات جوهرية، وفي التوجيه الديني ظاهر وباطن، ولا خلاص مع استمرار هذه الازدواجية.

يبدو أن الديمقراطية لا تليق بنا فقد فهمناها خطأً وطبقناها خطأً، ويبدو أننا نحتاج إلى من يقنعنا بها بوسائل غير ديمقراطية إلى أن يصح أداؤنا وتعتدل أمزجتنا وتستقيم توجهاتنا.