هجمة جديدة

رئيس التحرير

العدد الرابع والعشرون – شتاء 2013

 

أقبل الربيع العربي وأطلت معه حملة جديدة، عيون ترصد وأقلام تكتب، وأصوات تحذّر، بعضها محلّي وأغلبها أجنبي، تحسب كل خطوة وتعلّق عليها محذّرة ومشككة، تنسب كل كبوة إلى الإسلام كمعتقد، إن سرق سارق أو قتل مارق أو ارتكب فاسق فالحق على هذا الدين.

كل مجرمي العالم ينسبون إلى هوية بلادهم وقراهم، إلا إذا كان المجرم مسلماً فإن الإعلام العالمي يركز على دينه! بحيث صار الإسلام مسؤولاً عن كل جريمة أو جنحة يرتكبها أي فرد من أصل مليار ونصف المليار من المسلمين في العالم.

منذ العام 2000 والتحامل الإعلامي يشتد على الإسلام لكي يدخل في روع الناس أن الإسلام دين الإرهاب والقتل والاغتصاب، وأن على دول العالم أن تجتمع لتقمع هذا الشر قبل استفحاله!

أما المسلمون فلا يزالون مختلفين حول جنس الملائكة وحول قيام الخلافة والدولة الأممية والعقد النفسية التاريخية بينما تستعرّ الصراعات المذهبية وتأكل منا العالم والفقيه والنابغة ولا تبقي سوى الأميين والجهلة وأنصاف العلماء.

بعد الربيع العربي، أصبحت الحملة أكثر تركيزاً، ونحن كالعادة غافلون، فمن يتصفح مواقع الانترنت يكتشف أدواراً منسقة ومهاماً موزعة، ثمة من ينبش الأحقاد التاريخية الدفينة، وثمة من ينتقد الشرع الحنيف، وآخرون ينالون من قانون الأحوال الشخصية عند المسلمين، وغيرهم يروي من تاريخ المسلمين ما يدفع إلى الشك او التناقض في المعتقد وفي سيرة عدد من الشخصيات التاريخية، وآخرون يدعون إلى التحرر من “قيود” العائلة ومن “الهيمنة” في الحياة الزوجية، عدا عن الطعن في صحة القرآن الكريم ورواية الحديث الشريف.

وبين أساليب النقد اللاذع أو التحريف أو السخرية يقف الجاهل منا بتاريخ الإسلام وبشرعه الحنيف موقف المندهش الذي لم يسبق له أن سمع بمثل هذه المعلومات ويخامره الشك بأن الماضي العريق للإسلام والمسلمين لم يكن إلا وهماً ، وأن بعض الزلّات التي مرت في التاريخ هي كل التاريخ وأن الإسلام كله زلّات وارتكابات، دون أن يكلف المرء نفسه عناء السؤال والاستفهام حتى يميز الخبيث من الطيّب.

نصدق ما يروى لنا دون تحقق أو بحث، ولا ندرس الإسلام لا تاريخاً ولا فقهاً ولا عبادات ولا معاملات، بل نستقي المعلومات عن الإسلام من أعدائه التاريخيين!

العبرة هي أن نحذر من الهجمة الجديدة التي قد تطيح بإيمان من آمن سطحياً ولم يتابع، فحذار من الهجمة الجديدة، وقد قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. صدق الله العظيم.