الأدلـة بالـقـرآن

روي عن الشيخ أبي يزيد البسطامي[1]، أنه سئل في مناظرة شهيرة له عدة أسئلة فردّ بأجوبة مع أدلتها ومعظمها من القرآن الكريم أو من الحديث الشريف.

سأله مناظره:

أخبرني عن واحد لا ثاني له، وعن اثنين لا ثالث لهما، وعن ثلاثة لا رابع لهم، وعن أربعة لا خامس لهم، وعن خمسة لا سادس لهم، وعن ستة لا سابع لهم، وعن سبعة لا ثامن لهم، وعن ثمانية لا تاسع لهم، وعن تسعة لا عاشر لهم، وعن عشرة كاملة، وعن أحد عشر، وعن اثني عشر، وعن ثلاثة عشر.

وعن قوم كذبوا وأدخلوا الجنة…

وأين مستقر اسمك من جسمك؟

وعن الذاريات ذروا، وعن الحاملات وقرا، وعن الجاريات يسرا، وعن المقسمات أمرا.

وعن شيء تنفس بغير روح.

وعن أربعة عشر تكلموا مع رب العالمين.

وعن قبر مشى بصاحبه.

وعن ماء لا نزل من السماء ولا نبع من الأرض.

وعن أربعة لا من ظهر أب ولا من بطن أم.

وعن أول دم أهريق على وجه الأرض.

وعن شيء خلقه الله ثم اشتراه. وعن شيء خلقه ثم أنكره. وعن شيء خلقه الله واستعظمه. وعن شيء خلقه الله وسأل عنه.

وعن أفضل الشهور. وعن أفضل الليالي.

وعن الطامة. …

وأخبرنا عن قوم (أمة) أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة…

وما هو مفتاح السموات ومفتاح الجنة؟

فأجاب أبو يزيد:

أما الواحد الذي لا ثاني له فهو الله الواحد القهار.

وأما الاثنان اللذين لا ثالث لهما فهما الليل والنهار، لقوله تعالى:{ وجعلنا الليل والنهار آيتين}(الإسراء، 12).

وأما الثلاثة الذين لا رابع لهم فهم العرش والكرسي والقلم.

وأما الأربعة الذين لا خامس لهم فهم (أهم) الكتب المنزلة: التوراة والانجيل والزبور والفرقان (القرآن).

وأما الخمسة الذين لا سادس لهم فهم الصلوات الخمس المفروضة (في اليوم والليلة) على كل مسلم ومسلمة.

وأما الستة الذين لا سابع لهم فهم الأيام الستة التي ذكرها الله تعالى في قوله:{ ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام}( ق، 38).

وأما السبعة الذين لا ثامن لهم فهم السماوات السبع لقوله تعالى:{سبع سموات طباقا}( الملك، 3).

وأما الثمانية الذين لا تاسع لهم فهم حملة العرش لقوله تعالى: { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية}( الحاقة، 17).

وأما التسعة الذين لا عاشر لهم فهم التسعة رهط المفسدون لقوله تعالى:{ وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}( النمل، 48).

وأما العشرة الكاملة فهي الأيام العشرة التي يصومها المتمتع عند فقد الهدي لقوله تعالى:{فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة}(البقرة، 196).

وعن الأحد عشر فهم إخوة يوسف لقوله تعالى حكاية عن يوسف:{إني رأيت أحد عشر كوكبا}( يوسف، 4).

وأما الإثنا عشر فهي عدة الشهور لقوله تعالى:{ إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله}( التوبة، 36).

وأما الثلاثة عشر فهي رؤية يوسف أيضاً لقوله تعالى:{ إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}( يوسف، 4).

وأما القوم الذين كذبوا وأدخلوا الجنة فهم إخوة يوسف:{ قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب}( يوسف، 17)، فكذبوا (ثم تابوا واستغفروا ) فأدخلوا الجنة.

وأما مستقر اسمك من جسمك فهو في أذنيك.

وأما الذاريات ذروا فهي الرياح الأربع.

وأما الحاملات وقرا فهي السحب لقوله تعالى:{والسحاب المسخّر بين السماء والأرض}( البقرة، 164).

وأما الجاريات يسرا فهي السفن الجاريات في البحر(قوله تعالى:{ وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام}( الرحمن، 24)).

وأما المقسمات أمرا فهم الملائكة الذين يقسمون على الناس أرزاقهم من نصف شعبان إلى نصف شعبان.

وأما الأربعة عشر الذين تكلموا مع رب العالمين فهم السموات السبع والأرضين السبع لقوله تعالى:{ فقال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين}( فصلت، 11).

وأما القبر الذي مشى بصاحبه فهو حوت يونس عليه السلام.

وأما الشيء الذي يتنفس بغير روح فهو الصبح لقوله تعالى:{ والصبح إذا تنفس}( التكوير، 18).

وأما الماء الذي لا نزل من السماء ولا نبع من الأرض فهو الماء الذي بعثته بلقيس في قارورة من عرق الخيل إلى سليمان بن داود عليهما السلام.

وأما الأربعة الذين ليسوا من ظهر أب ولا من بطن أم فهم آدم وحواء وكبش إسماعيل وناقة صالح.

وأول دم أهريق على وجه الأرض فهو دم هابيل قتله أخوه قابيل.

وأما ما خلقه الله ثم اشتراه فهو نفس المؤمن لقوله تعالى:{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}( التوبة، 111).

وأما ما خلقه الله تعالى وأنكره فهو صوت الحمير لقوله: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}(لقمان، 19).

وأما ماخلقه الله واستعظمه فهو كيد النساء لقوله تعالى:{إن كيدكن عظيم}( يوسف، 28).

وأما ما خلقه الله وسأل عنه فهو عصا موسى إذ قال:{ وما تلك بيمينك يا موسى؟ قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي}( طه، 17).

وأما أفضل الشهور فهو شهر رمضان لقوله تعالى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}(البقرة، 185).

وأفضل الليالي ليلة القدر لقوله تعالى:{ ليلة القدر خير من ألف شهر}(القدر، 3).

وأما الطامة فهي يوم القيامة.

وأما القوم (الأمة[2]) الذين أوحى الله إليهم، لا هم من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهم النحل لقوله تعالى:{ وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون}( النحل، 68).

وأما مفتاح السموات ومفتاح الجنة فهو قول ” لا إله إلا الله محمد رسول الله”[3].

 


* عن كتاب الروض الفائق في المواعظ والرقائق للشيخ شعيب الحريفيش، صادر عن. مطبعة رستم الحلبي بالقاهرة  1949  وعن دار الإيمان بدمشق الطبعة الأولى.

[1]  الشيخ أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي ( 188- 261هـ)، من مشاهير العباد الزهاد والأولياء  والصالحين،  له أقوال مأثورة ومناقب كثيرة، مشهور في كتب التراجم.

[2]  قال الله تعالى :{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم } (الأنعام، 38).

[3]  كشف الخفاء ومزيل الإلباس، للإمام العجلوني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية 1351 هـ. حديث رقم 2324.‏