حان الوقت لكي نفهم القرآن

يوري ميخائيلوف*

دعا الباحث الروسي يوري ميخائيلوف إلى فهم حقيقة القرآن الكريم الذي يدعو إلى إبراز روح التسامح الديني والقيم الأخلاقية السامية للإسلام. جاء ذلك خلال توقيعه لكتاب: «حان الوقت لكي نفهم القرآن» حيث تحدث عن تجربته مع الدراسات الإسلامية وكيفية فهم الروس للإسلام سواء على المستوى الرسمي أم على المستوى الشعبي. وقال: إنه روسي مسيحي ويتألم لعدم وجود من يشرح الإسلام على حقيقته لغير المسلمين بل وحتى لمسلمي روسيا، وأضاف أن السياسيين في روسيا لا يتعمقون في فهم الإسلام، وغالبًا ما يقعون تحت تأثير الإعلام المعادي للإسلام. وحول تأليفه لكتاب «حان الوقت لكي نفهم القرآن» جاء بتشجيع من شخصيات مرموقة من المستعربين الروس مثل المستشرق الروسي بوبوف سفير المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الروسية الذي لعب دورًا كبيرًا في انضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.

القرآن الكريم؛ قلعة شامخة محكمة البناء

ويرى ميخائيلوف أن الإسلام دين متكامل والقرآن الكريم كتاب عميق وصعب، وأضاف شعرت وأنا أقرأ القرآن الكريم أنني أمام قلعة شامخة محكمة البناء فيه نظام متكامل ومتسق، فيه تعاليم إنسانية عظيمة. كما يؤكد أن القرآن الكريم تضمن مقولات علمية عظيمة، وأن الله عز وجل فتح أمام الانسان الطريق ليكتشف قوانين الكون على مراحل، كما أن القرآن الكريم ينسجم مع المكتشفات العلمية الحديثة. وتابع ميخائيلوف بأن منظومة القيم الأخلاقية التي دعا إليها الإسلام يتقبلها كل إنسان عاقل وحتى المتعصب ضد الإسلام إن لم تقل له أنها تعاليم الإسلام. وهذه القيم الأخلاقية السامية يحتاجها المجتمع الروسي في محاربته للظواهر المنحرفة مثل تعاطي المخدرات والإدمان على الكحول والقسوة في أنماط التعامل الاجتماعي، كما أن الإسلام يدعو إلى الحفاظ على حياة الفرد وأن من يقتل إنساناً بريئاً فكأنما قتل البشرية جمعاء. وهو دين يدعو للرحمة والرفق بالبيئة والحيوان أيضًا.

ويرى المؤلف أن كتابه لا يشرح القرآن بل يدعو إلى فهمه فهمًا صحيحًا بعيدًا عن التشويه، وأن من ينشروا أو يكتبوا عن القرآن ليسوا ممن يتقن اللغة الروسية كل الإتقان الأمر الذي ينعكس سلباً على المثقفين وقادة الرأي الروسي. كما أن الكتب التي تتحدث عن الإسلام ومحتوياتها ليست ذات جودة عالية، وحتى ترجمات القرآن فيها بعض الأخطاء التي تغيّر بعض المفاهيم وبالتالي تدعم آراء المعادين له.

ويقترح المؤلف مشروعًا يحتاج إلى تمويل مستمر تقوم من خلاله دار نشر مرموقة بطباعة كتب تشرح طبيعة الإسلام لغير المسلمين من الروس وحتى المسلمين الروس. حيث ستلعب دورًا تربويًا كبيرًا بين الشباب وتقطع الطريق أمام التيارات المتطرفة والمتعصبة الغريبة عن روح الإسلام – دين التسامح والسلام – مستشهدًا بقوله تعالى: {لا إكراه في الدين} وقوله جل وعلا: {وجادلهم بالتي هي أحسن}.

ولفت الى أنه يعتزم حاليًا إعادة طبع هذا الكتاب لأن نسخه قد نفدت بعد أن وزعت بكاملها.

كما أشار ميخائيلوف الى أن بعض القادة المسلمين في روسيا يدعون الى الإسلام بطريقة رفع الشعارات لكن المطلوب أسلوب علمي منطقي هادئ قائم على الحوار، وأن هناك مشكلة تطفو على السطح ألا وهي ندرة الكادر المتخصص في الإسلام فهو نادر جدًا ومعظم المتخصصين الموجودين حاليًا من المسنين. ولا ننسى أن جهات أخرى كإسرائيل تدفع رواتب مجزية لباحثين في روسيا لكي يقدموا لها خدمات ودعاية.

وأكد قائلاً: أنا مسيحي ولكنني أعتقد أنني أؤمن بالإسلام والقرآن الكريم وبالنبي محمد. وتابع قائلاً أن روسيا بحاجة لمحررين ومترجمين للكتب الإسلامية من ذوي الكفاءات العالية.

كما لفت قائلاً: هناك آفاق هائلة لتطوير العلاقات التاريخية الودية بين العالم الإسلامي وروسيا، وما زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمملكة العربية السعودية وقطر والأردن إلا خطوة كبيرة على طريق تعزيز هذه العلاقات وتطويرها.

وأشار إلى أن روسيا تقدم مثالاً رائعًا على التفاهم وحسن الجوار وتهيئة الجو الملائم للتعايش بين الإسلام والمسيحية، ولهذا فإن روسيا تمثل جسرًا بين الشرق والغرب في مجال الحوار والتعامل الحضاري. وحسب تعليقه فإن الكتاب موجه لممثلي السلطة وقادة الفكر والرأي والقوى المؤثرة في المجتمع الروسي وكذلك لكافة المواطنين الروس بكافة معتقداتهم وقومياتهم. ومن خلال الكتاب فإن المؤلف يعرض بلغة بسيطة ومفهومة أن الإسلام هو دين السلام والرحمة والحوار والتفاهم، وأن نشر تعاليمه بشكل صحيح تبعد المضللين عن الإنحراف وتقلل من عدد المتعصبين ضد الإسلام كما تساهم في نشر الإيمان بالله في المجتمع الروسي.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد أقيم أخيرًا حفل تقديم للكتاب بمركز التجارة العالمي بموسكو، كما أثار الكتاب اهتمامًا غير معهود خاصة من الذين شاركوا في مناقشة الكتاب من النخبة السياسية والفكرية المعروفة في روسيا والعالم.

 وهذه القيم الأخلاقية السامية يحتاجها المجتمع الروسي في محاربته للظواهر المنحرفة مثل تعاطي المخدرات والإدمان على الكحول والقسوة في أنماط التعامل الاجتماعي

 



*  الراي – الكويت، 23/8/2007، موسكو- من بدر محمد. نفدت الطبعة الأولى من الكتاب، ومؤلفه – يوري ميخائيلوف – باحث روسي.