أخرج منها ماءها – دراسة جديدة

المهندس الدكتور عبد الدائم كحيل*

اكتشاف جديد يؤكد أن المحيطات والأنهار قد تشكلت في باطن الأرض وخرجت منها، أي أن الله أخرج ماء الأرض من الأرض ذاتها. وان كمية المياه المخزونة في جوف الأرض تعادل ثلاثة أضعاف ما على سطحها.

من أين جاء ماء الأرض؟ الاكتشاف يؤكد وجود كميات هائلة من المياه على عمق 400-620 كيلومتر تحت سطح الأرض، هذه الكميات توجد تحت الصخور الملتهبة بدرجات حرارة عالية وضغوط هائلة.

 دلت الدراسة العلمية البريطانية  التي قامت بها جامعة ليفربول University of Liverpool على أن الكميات الكبرى من ماء الأرض لا توجد على سطحها، بل في باطنها… هذا الماء يتسرب ويخرج عبر ملايين السنين باتجاه الأعلى ليشكل البحار… وذلك بسبب حركة ألواح الأرض عبر ملايين السنين. والماءيخرج من بين هذه الألواح.

يقول الباحثون:

When the Earth formed, it had huge bodies of water in its interior, and has been continuously supplying water to the surface via plate tectonics.

الدراسة نشرت في مجلة الجيولوجيا Geology وتؤكد أن الماء يتسرب أيضاً من البحار باتجاه طبقات الأرض (وبخاصة طبقة الوشاح)، ولذلك تكثر الزلازل والتسونامي في مناطق قريبة من اليابان وإندونيسيا بسبب وجود صدوع في أعماق البحار القريبة من هذه الدول.

إنه من غير المتوقع وجود كميات كبيرة من الماء في باطن الأرض حيث درجات الحرارة هائلة والضغوط كبيرة جداً. ولكن تتميز الصخور في هذه الطبقة على عمق (410-660 كم) بأنها تعمل مثل الاسفنج الذي يختزن الماء!

يقول الباحث:  Steven Jacobsen  من جامعة  Northwestern University:

The new discovery forms good evidence that the Earth’s water came from within; it supports an alternative idea that the oceans gradually oozed out of the interior of the early Earth.

إن وجود بحار هائلة في أعماق الأرض يعمل على المحافظة على حجم الماء على ظهر الأرض… ولولا وجود هذه البحار تحت طبقات الأرض الملتهبة واتصالها بالبحار على سطح الأرض، لاختل النظام المائي خلال ملايين السنين… ولذلك قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 18].

فالذي يثير دهشة العلماء: كيف تمكنت هذه الكميات من المياه من المكوث في باطن الأرض؟ ولماذا لم تتبخر على الرغم من درجات الحرارة الهائلة والضغوط الكبيرة؟ ولكن القرآن أزال هذه الحيرة وقدم لنا الجواب في قوله تعالى: (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ)، سبحان الله!

 البحث الجديد نال اهتمام الباحثين على مستوى العالم والمهتمين بمعرفة أسرار المياه على الأرض… حيث كانوا يعتقدون أن الماء قد جاء من مصدر خارجي مع النيازك التي اصطدمت بالأرض، ولكن تبين أن الماء قد خرج من الأرض … الاكتشاف نشر في منتصف 2014 ولكن القرآن أشار إليه قبل أكثر من 1400 سنة بما يثبت صدق هذا الكتاب العظيم!

ويتابع الباحث Jacobsen قوله :

“We should be grateful for this deep reservoir. If it wasn’t there, it would be on the surface of the Earth, and mountain tops wouldbe the only land poking out.”

لولا وجود هذه البحار في باطن الأرض لكانت هذه الكميات الضخمة تغطي سطح الأرض، ولم نجد منطقة صالحة للسكن إلا قمم الجبال!

ولذلك فإن هذه النعمة التي شعر بها هذا الباحث وهو يرى هذه الحقيقة تتجلى أمامه… أنبأ عنها القرآن الكريم عندما قال تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22]… هذه آية تحدثنا عن نعمة تخزين الماء في الأرض… وهذا باحث يستشعر هذه النعمة وهو لم يقرأ القرآن، ماذا يدل ذلك؟

إن هذه الآية دليل على صدق كلام الحق تبارك وتعالى، وأن هذه النعم التي أخبر عنها القرآن في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يشعر بها، قد أثبتها العلم الحديث، فمن كان يعلم في ذلك الزمن بأهمية الماء المختزن في باطن الأرض (وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)؟

مخطط يوضح الدورة الكبرى للماء اعتباراً من نزوله كأمطار وتجمعه في المحيطات وتسربه إلى باطن الأرض ومن ثم خروجه للسطح وفق دورة شديدة الانتظام والدقة تستغرق ملايين السنين… هذا ما عبر عنه القرآن بكلمة (بِقَدَرٍ) أي بنظام محكم وقوانين ثابتة، في قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 18]. فلولا أن الصخور في الطبقة الانتقالية (على عمق 600 كم) تتميز بأنها تمتص الماء وتخزنه، لتبخر هذا الماء ومع ملايين السنين اختفى الماء من الأرض (وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)! فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة.

ويقول الباحثون 

The melting the researchers have detected is called dehydration melting. Rocks in the transition zone can hold a lot of H2O, but rocks in the top of the lower mantle can hold almost none. The water contained within ringwoodite in the transition zone is forced out when it goes deeper (into the lower mantle) and forms a higher-pressure mineral called silicate perovskite, which cannot absorb the water. This causes the rock at the boundary between the transition zone and lower mantle to partially melt.

ويعجب العلماء من طبيعة طبقات الأرض، فالطبقة الانتقالية التي تقع على عمق 400-700 كيلومتر تحت سطح الأرض، هذه الطبقة الانتقالية تحوي صخوراً Ringwoodite ‎ مصممة لتستطيع تخزين المياه على خلاف بقية الطبقات، ولكن الصخور في الطبقات الأعلى (طبقة الوشاح الأعلى) لا تستطيع تخزين الماء، وكذلك الطبقات الأدنى أيضاً!

أرضنا تتألف من سبع طبقات بعضها فوق بعض. خلال ملايين السنين تحركت الألواح الأرضية التي تشكل القشرة والغلاف الصخري تحتها، هذه الحركة نتج عنها تشكل الجبال الذي فسح المجال لتشكل الوديان وخروج الماء من الأرض لتشكل البحار… جميع آيات القرآن تؤكد أن الله مدّ الأرض (أي حرك ألواحها) وبعد ذلك نشأت الجبال الرواسي مما فسح المجال لتشكل الأنهار والبحار… كما قال تعالى: (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً)… سبحان الله!

سبق علمي رائع للقرآن الكريم

هذه الاكتشافات العلمية الجديدة، ليست جديدة على كتاب الله تعالى! فقد أشار القرآن الكريم إلى إخراج ماء الأرض منها في بداية الخلق… قال تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) [النازعات: 30-33]. ففي كلمة (دَحَاهَا) تعبير دقيق عن حقيقة علمية لم تعرف إلا في عصرنا هذا.

معنى كلمة (دحا) في لسان العرب “الدحو: البسط”. دحا الأرض يدحوها دحواً: بسَطها.

علمياً نعلم أن القشرة الأرضية تتألف من مجموعة من الألواح التي تتحرك وتتمدد عبر ملايين السنين وتشكل بنتيجة هذه الحركة الجبال ومجاري الأنهار… ولذلك قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) [الرعد: 3]. وهذا يعني أن كلمة (مَدَّ) تشير إلى حركة ألواح الأرض، والذي يؤكد هذا المعنى قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) [الحجر: 19].

وهكذا يكون معنى (دحاها) أي حرّك ألواحها بطريقة منتظمة ومحددة وكان من نتائج هذه الحركة خروج الماء من طبقات الأرض إلى البحار أي (أخرج منها ماءها)، إذاً أصبح لدينا كلمتين تمثلان عمليتين:

1- عملية مد الأرض: تشير إلى حركة ألواح الأرض عبر ملايين السنين كما قال تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا)… ومن نتائج هذه الحركة نشوء الجبال كما قال تعالى: (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ).

2- عملية دحو الأرض: تشير إلى مرحلة متأخرة في حركة الألواح الأرضية وخروج الماء من باطن الأرض كما قال تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) [النازعات: 30]،وكان من نتائج هذه العملية خروج الماء ولذلك قال تعالى: (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا) [النازعات: 31].

صورة تمثل الدورة المائية الكاملة حيث يخرج الماء من باطن الأرض باتجاه المحيطات على سطح الأرض، ثم يتبخر ويعود على شكل أمطار وينابيع… ثم يتسرب لباطن الأرض بسبب حركة الألواح الأرضية… هذه الدورة الكبرى تعتبر من المعجزات التي تستحق التفكر طويلاً.

يقول تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) [النازعات: 30-31]، هذه الآية تشير إلى الدورة المائية الشاملة… والتي تحدث عبر مليارات السنين. والآية تتحدث عن مرحلة من مراحل خلق الأرض.

سبق نبوي رائع

الإعجاز لا يقتصر على القرآن، بل نجد في كلام النبي الكريم إعجازاً يشهد على صدق نبوته، فقد أخبر هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام بوجود طبقات صخور ملتهبة تحت القشرة الأرضية الرقيقة تحت البحار… وأخبر عن وجود طبقات غنية بالماء في باطن الأرض تقع تحت الطبقات الملتهبة وتشكل بحاراً هائلة!!

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً) [رواه أبوداود]… سبحان الله! ففي قوله (إن تحت البحر ناراً) إشارة لوجود طبقات ملتهبة من الصخور تحت ماء البحر، وهذا لم يكن يتصوره إنسان في ذلك الزمن… وفي قوله (وتحت النار بحراً) إشارة لوجود ماء غزير مثل البحر يقع تحت الطبقات الملتهبة، وهذا أبعد ما يكون عن الخيال الإنساني…

بالله عليكم: هل كل هذه المعلومات التي وردت في القرآن الكريم، جاءت من قبيل المصادفة؟ أم أن محمداً صلى الله عليه وسلم تعلمها من غيره أو من كتب السابقين؟ ألا تشهد هذه الحقائق على أن القرآن كلام الله وأن محمداً رسول الله؟؟!

“الإعجاز”: اكتشاف جديد آخر يؤكد خروج الماء من الأرض

رجح فريق من العلماء ظهور الماء على الكرة الأرضية، منذ بداية تكونها، دحضاً للنظريات التي ترى دورا للمذنبات والكويكبات في إنزال الماء على الأرض.

وفي نشرة 13 نوفمبر المنصرم 2015، بمجلة “جورنال ساينس”، ذكرت عالمة الجيولوجيا “ليديا هاليز”Dr Lydia Hallis، من جامعة جلاسكو في إسكتلندا، أن دراسة بعض الصخور القديمة، التي اكتشفت في عام 1985 بالمنطقة القطبية الشمالية في كندا(جزيرة بافن بمقاطعة نونافوت الكندية)، كشفت وجود جزيئات من الماء، وهو ما يرجح خطأ الاعتقاد بنزول الماء من الفضاء.

ويبلغ عمر الصخور التي عثر عليها من عمر الأرض 4.5 مليار سنة تقريبا، ويعتقد العلماء أنها تحتوي المادة الأولية لتكوّن الأرض، وأنها لم تختلط بأي من الصخور الأخرى اللاحقة للقشرة الأرضية.وقد موّلت هذه الأبحاث مؤسسة “نازا الفلكية البيولوجية” التابعة لجامعة هاواي.(1)

ــــــــــــ

* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقعwww. kaheel7.com

(1)  http://www.gla.ac.uk/news/headline_432707_en.html