علم الطاقة وإصلاح المملكة الإنسانية

د.جورج ضاهر*

بسم الله الرحمن الرحيم

1. تعريف:

علم الطاقة هو علم قائم بذاته، يدرس تأثير الإنسان في محيطه، والعكس، يدرس تأثير المحيط في الإنسان. فالذبذبات الناتجة من كل الموجودات تتفاعل ويؤثر بعضها ببعض وينتشر أثرها في الكون مهما صغرت أو كبرت؛ مثلها كمثل النقطة في البحر التي ينتج منها دوائر لا منتهى لها حتى تبلغ شواطئ العالم. فلو علم الإنسان أن كل كلمة يقولها أو عمل يقوم به يترك أثراً في الكون سلباً كان أم إيجاباً، لأعاد النظر في جميع أعماله من قول أو عمل وحتى النيّةٍ، وضمن هذا المعنى نفهم قوله تعالى {ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد}، وقوله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}.

ولقد قصم هذا الأمر – أي عملية انتقاش العمل في الكون- ظهور العقلاء والملحدين، وهو ما يفسّر أن جُعِل العمل الصالح، الذي يعود على صاحبه بالسعادة والطمأنينة وصحة البدن والعقل، بعد الدعوة إلى توحيد الله، أساس دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، الذين نهوا، في المقابل، عن الأعمال السيئة التي ينجم عنها طاقة سلبية تحيط صاحبها بالتعاسة والاضطراب والأسقام؛ وهو ما نفهمه من قوله تعالى {ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله} وقوله، صلى الله عليه وسلم : ” اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن”. والمقصود: لو لم تنتقش السيئة لما كان علينا محوها.

وأما ما يتعلق حصراً بطب الطاقة، فهو يدرس كيفية سريان الطاقة في كل خلية من خلايا جسد الإنسان، وتأثيرها في محيطه الخارجي، كما يدرس الأسباب التي تؤدي إلى تبطيء أو تسريع سريانها؛ فالتسريع يؤدي إلى الأمراض الالتهابية، والتبطيء يؤدي إلى الأمراض المزمنة (المستعصية). وفي بلدان شرق آسيا، مثل الصين وكوريا، والآن في العديد من دول أوروبا وأمريكا، يُعتبر هذا المبدأ أساس المفهوم الطبي للمرض إنما الاختلاف يكمن في كيفية التعاطي مع تشخيصه وعلاجه بين طب تقليدي وآخر غير تقليدي. وهنا أود القول أن ما نعتبره عندنا تقليدياً هو في بلدان شرق آسيا غير تقليدي، والعكس صحيح، من دون أن يعني ذلك تخلي أي معالِج بالطاقة أو الأعشاب أو بغير ذلك، عن إتمام مراحل الدراسة الأساسية المتوجبة على كل طبيب.

 

2. الأسباب التي تؤدي إلى تبطيء سريان الطاقة أو تسريعها:

هذه الطاقة يمكن أن تكون إيجابية كما يمكن أن تكون سلبية، تماماً كما ينطوي الخير والشر في داخل كل إنسان؛ والعنصر المحدد في ظهور هذه الطاقة أو تلك هو سلوك الإنسان وتفكيره ونواياه. وهنا تكمن أهمية علم الطاقة في توجيه الإنسان نحو السلوك والأفكار التي تفرز طاقة إيجابية و/أو تحول الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية، تسري في جميع أعضائه وتتفاعل وتعمل، بشكل متوازن، على إسعاد الإنسان وتحسين سلوكه تجاه نفسه والآخرين.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الحقد يؤدي إلى توقيف سريان الطاقة، وهو الأخطر على صحة الإنسان نفساً وجسداً، كما أن حب السلطة والتكالب عليها يؤدي إلى تسريع سريان الطاقة، وبالتالي، إلى الإصابة بالأمراض الإلتهابية. وإذا أراد الإنسان التخلص من هذه الأمراض، يجب عليه، بالإضافة إلى تناول الدواء، أن يقلع عن رذيلة الحقد والغل..إلخ، وإلاّ فلا سبيل إلى العلاج الكامل، ما يعني تناول الأدوية مدى الحياة. أما الحالة المثلى فلا تستقيم إلاّ إذا أيقن الإنسان بأن الذي خلقه ليس بغافل عن أحواله مهما قست، وأنه أرحم به منه، عندها يعتدل مسار الطاقة في جسمه، وتسري فيه مشاعر الرضى والطمأنينة والقناعة ما ينعكس بصورة إيجابية على حياته، من جهة، وعلى المحيطين به، من جهة أخرى.

 

3. كيف نفهم علاقة طب الطاقة بالمرض؟

الأمراض في طب الطاقة ليست إلاّ إنذارات يبثها الجسد ليدل الإنسان على خطأ بالتصرف أو بالنوايا. ومن جهتي أؤكد أن النوايا السيئة تجعل الإنسان مهموماً على الدوام ويعتقد أن المحيطين به أعداء له، وحقيقة الأمر أن العدائية موجودة في داخله، وهذا الهمّ يتسبب بوهن في الجسم. كذلك، هناك أعضاء في الجسم تتأثر بمشاعر الخوف والقلق والتوتر، وفي هذه الحال من الطبيعي أن تضيق الأوعية الدموية الخاصة بالقلب والدماغ، الأمر الذي يضعف مناعة الجسم، ويرفع، بالتالي، نسبة الإصابة بالأمراض. كما أن الوسوسة تزيد احتمال الإصابة بالأمراض، وهي نفسها، أي الوسوسة، مرض يتسبب بأمراض أكثر. وهنا يجدر التوضيح بأن كل الأمراض موجودة أصلاً في الإنسان، وظهورها رهن بتعرضه لطاقة شبيهة بطاقة هذا الميكروب أو ذاك.

 

4. هل لانتشار الأمراض علاقة بالنوايا السيئة والمشاعر السلبية؟

مع الأسف هذه حقيقة معتَرف بها، ولكن لا يخلو العالَم من أصحاب النوايا الحسنة ومن الصالحين، وهنا يكمن حجر الزاوية في اختلاف الطب التقليدي عن الطب غير التقليدي بأن الأول يعالج المرض أما الثاني فيعالج المريض، ولو تكاملا فيما بينهما لتمّ العلاج على أكمل وجه وعوفي المريض في نفسه وبدنه وانعكس أثر ذلك إيجاباً على كل حياته ولحمد الله وشكره على نعمة المرض ‍‍! وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا يفتك فيروس بجسم ما بينما يبقى الفيروس نفسه ساكناً في جسم آخر؟

أما بالنسبة إلى ارتفاع انتشار الأمراض بين الناس، فإنه يختلف باختلاف شروط معيشتهم. فبلد مثل لبنان يرزح تحت وطأة الحروب من الطبيعي أن ترتفع فيه أمراض الشرايين والكلى والسكري والسرطانيات التي تنجم، بحسب طب الطاقة، عن مشاعر الرعب والخوف وعدم الرضا. وهكذا في كل بلد تختلف الأمراض باختلاف نمط حياة الناس وهواجسهم، وهذا حديث يطول لسنا هنا بصدده.

 

5. ما هي الأمراض التي يمكن معالجتها بطب الطاقة، وهل يمكن علاج الأمراض المستعصية؟

طبعاً هناك إمكانية لعلاج أمراض تبدو مستعصية في نظر الطب التقليدي، ولكن في نظرنا نعتبر أن هناك أشخاصاً “مستعصون” وليس أمراضاً‍ ‍‍! وأمراض مثل السرطان والسيدا لها أسبابها الخاصة، كما ذكرنا، ويتم علاجها بواسطة جلسات يقوم بها الطبيب المختص مع المريض، يعتمد فيها العلاج على الطبيب، الذي يقوم بسحب الطاقة السلبية الناتجة من المرض وإبدالها بطاقة إيجابية، كما تعتمد على المريض نفسه وعلى إيمانه بالشفاء واقتناعه بالعلاج، والأهم تصميمه على تغيير نفسه. لذلك أقول كطبيب أنني أعجز عن معالجة بعض الأشخاص وليس الأمراض! وهؤلاء الأشخاص هم الذين يرفضون تغيير أنفسهم وتحسين سلوكهم، وفي هذا المعنى نفهم الآية الكريمة {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.

ويتعرض هذا الأسلوب للإنتقاد من قِبل البعض الذين لم يفهموا ماهية هذا العلاج وجهلوا أبعاده، سيما أن العلاج بطب الطاقة قد يستغرق وقتاً أكثر من المسكنات التي يتجرعها الناس والتي، غالباً، لا يكون لها أية علاقة بأسباب المرض. وهنا يمكننا تعميم القول بأن: العلاج بطب الطاقة مفعوله أدوم، وأن احتمال تكرار الإصابة بالمرض معدوم إلاّ في حال عودة الإنسان إلى ارتكاب الأخطاء نفسها التي أدت إلى الإصابة بالمرض، وفي هذا المعنى نفهم قوله تعالى {وإن عدتم عدنا}.

 

6. الصعوبات التي تعترض الطبيب أثناء العلاج:

يمكن تسميتها مخاطر أكثر منها صعوبات. فبالرغم من قِدم هذا الطب، إلاّ أن كيفية التخلص من الطاقة السلبية التي يتم سحبها من المريض من دون التأثر بها بقيت محدودة، لذلك، يتعرّض عدد كبير من الأطباء العاملين في هذا المجال لخطر انتقال الأمراض إليهم، بل إن بعضهم قضى فيها، وكثيرون لم يصمدوا طويلاً لعدم قدرتهم على تجنب حمل المرض من المريض.

 

7. كيف يحدد طب الطاقة مفهوم الوقاية؟

لكل مخلوق طاقة أوجدها الله تعالى فيه ومنحه حرية الإرادة للتصرف بها إنما وفق قواعد وقوانين (شرائع) لكي لا يطغى الناس بعضهم على بعض، منهم من اتبعها ومنهم من خالفها. ودليل على ذلك أنك قد تجلس في مكان ما أو بجانب شخص من الأشخاص وتشعر بالراحة فيما قد تجلس بجانب آخر وتشعر بالضيق، والعنصر المحدد في ذلك هو نوعية الطاقة التي تنبعث منه سلبية منفرة أم إيجابية جاذبة. وقلنا أن الأمراض في مفهومنا هي إنذارات للإخبار عما يحدث داخل الجسد، يصدرها العضو المريض المختص. لذلك، فإن أفضل طريقة للوقاية هي في فهم لغة هذا العضو أولاً، والاستجابة إلى تنبيه هذا العضو بالعودة إلى الفطرة السليمة، والمقصود ألاّ يظلم الإنسان نفسه، وأن يستعمل هذا العضو ضمن الشروط ووفق الأغراض الذي خُلِق من أجلها. والأهم في مفهومنا، ألاّ يُخالِف الإنسان القوانين الكونية ويُكثر من الأعمال الصالحة التي تحميه عند الضرورة وتشكل الدرع الواقي، ليس من الأمراض فقط، بل من الكوارث، أيضاً. ولقد حدّد رسول الله محمد [صلى الله عليه وسلم] واحداً من أهم طرق الوقاية بقوله: “إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه، وأنسى ذلك جوارحه ومعالمه من الأرض حتى يلقى الله وليس عليه شاهد من الله بذنب”.

 

8. هل يستغني المريض عن استعمال الأدوية عبر الطب البديل؟

استعمال الأدوية ضروري عند العلاج، لكننا نسعى إلى استعمال الأدوية الطبيعية التي لا تؤثر بصورة سلبية على الأعضاء الأخرى غير المصابة؛ ونتحفظ على استعمال المسكنات التي تؤثر في الجهاز العصبي المركزي، لأن مبدأنا في العلاج يعتمد على أن يواجه المريض المرض لا أن ينساه، ولذلك، فقد تستغرق جلسة العلاج الأولى ثلاث ساعات تتناول الحديث عن الطاقة الإيجابية وتأثيرها على الإنسان، تسبق الحديث عن المرض نفسه.

 

9. ما هي علاقة هذا الطب بالعلاج النفسي، وهل يتدخل الطبيب بخصوصيات المريض؟

يقر هذا الطب بأن النفس لا يعلمها إلا خالقها، ويقف ضد أي تدخل في باطن الإنسان، فالتشخيص والعلاج بالتنويم المغناطيسي وغيره من الطرق العلاجية المشابهة مرفوض عندنا؛ كما نرفض الأسس التي اعتمد عليها بعض المحللين النفسانيين والتي تفترض أن الجنس والمال يتحكمان بسلوك الإنسان دون وجود الروح. أما طريقة عملنا فتستند إلى احترام عقل الإنسان ومشاعره، وبالتالي خصوصياته، ويمكن رصد طاقة المريض عبر استخدام آلة تعمل على قياس الطاقة وتشخيص المرض، نقوم بعدها بتوعية المريض على أسباب إصابته بالمرض والسلوك الذي عليه أن ينتهجه للعلاج.

 

10. كيف تعمل هذه الآلة؟

اسمها (Gas Discharge Visualization)، وهي آلة دقيقة للغاية، تقوم بكشف الأمراض الكائنة والموجودة وكذلك الأمراض المحتملة، من خلال تصوير بصمات الأصابع العشرة، وقراءة دلالات البصمة إنطلاقاً من ارتباط كل بصمة بعضو معين من أعضاء جسم الإنسان؛ كما تقوم هذه الآلة بقياس حجم الطاقة وتغييرها عبر برامج متخصصة. وإجمالاً، يمكن توصيف هذه الآلة بأنها “جهاز استخبارات” مختص بكشف الأمراض!

 

خاتمة:

يؤمن طب الطاقة بأن الله تعالى وضع الروح في الإنسان، وهذه الروح تسري فيه كما يسري الزيت بحبة الزيتون، وكل ذرة مسؤولة عن عضو معين، ومن ينحرف عن الخط الذي رسمه له الله يبدأ بتلقي الإنذارات إما بالأمراض وإما بحوادث قد تتعلق بمنزله أو بسيارته أو بممتلكاته. كما أن كل حدث في حياتنا يحمل إشارة ما، ولا شيء تحكمه المصادفة بل القضاء والقدر، والإنسان بأعماله يقدر على نفسه، والله يحكم بالأمر ويمهل ولا يهمل ويعفو عن كثير؛ وهو ما يفسّر إصابة البعض بالأمراض، بدرجات مختلفة، دون البعض الآخر. لذلك، ليس على الأصحّاء، المقيمين على ظلم أنفسهم ومن حولهم، الإغترار بصحّتهم.

وأنصح الإنسان أنه مهما بلغت أخطاؤه واستعصت أمراضه وعظمت عذاباته، ألاّ ييأس وأن يعود إلى الطريق القويم، لأن الذي خلقه قابل لتوبته، غفار لذنوبه؛ وقد أكّد هذا المعنى الله تعالى في قوله {وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون}.

____________________

 * الدكتور جورج ضاهر اختصاصي في الطب الداخلي، وحائز على درجات متخصصة في الطب غير التقليدي، الذي يتضمن فروعاً عدة من بينها طب الطاقة.