إنَّا سَمِعْنا قُرْآنًا عَجَبًا

أ.ك.

عجبًا لهذا الكتاب الكريم.

عمره في الأرض حوالي 1400 سنة، لم يَنْقُصْ منه حرف ولم يُزَدْ عليه حرف.

تقرأه ولا تملّ منه.

كلّما قرأت فيه وجدت له أثرًا جديدًا في نفسك.

تقرأ آية تعرفها جيدًا من قبل فتفهم لها معنى جديدًا.

عد إلى الآية مرة بعد مرة لتفاجئك كلمة منها أو حرفٌ فيها بأنها تعنيك أنت- أنت دون غيرك من الناس.

كأن الذي يخاطبك يعرفك انت بالذات يعلم ما في نفسك كيف تفكر وماذا تشعر.

تقرأ فيه مرة فتجده يشرح لك بديع صنع الأفلاك والأجرام السماوية.

وتفتحه مرة ثانية لترى فيه وصفًا طبيًا دقيقًا لظاهر الجسم أو باطنه.

وتتفرس فيه مرّة لتجده يحاكي النفس البشرية في أدق مكنوناتها.

قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{14}} (سورة الملك).

لا تمر سنة من السنوات إلا ويكشف العلم شيئًا جديدًا ذكره القرآن الكريم، وكنا نتلوه من قبل أن تظهر آيته.

أذكر المغفور له سماحة الشيخ أحمد كفتارو، المفتي العام السابق في سورية رحمه الله، في جلسة ضيقة ضمت بعض العلماء قال: “إيمان الأجيال السابقة أفضل من إيماننا لأنهم آمنوا تسليمًا ونحن اليوم لا عذر لنا بعد أن آمنا يقينًا بفضل تطابق العلوم الحديثة مع كلام الله القديم”

عجبًا لهذا الكتاب الكريم وعجبًا لأهل هذا الدين العظيم.

القرآن بين أظهرنا والعلوم في أيدي غيرنا، وصلة الوصل بينهما تكاد تكون مفقودة، وهي نحن المسلمين فلا حملنا القرآن ولا حملنا العلوم الحديثة.

أفلا نتساءل عجبًا كيف يعتنق العلماء والمثقفون من غير المسلمين الإسلام في وقت تركه ورثته وأهمله أهله؟

يتساءل بعض المسلمين سخريةً ماذا نفعنا هذا الدين؟ وقد أصبحنا في آخر قافلة الحضارة والمتحضرين؟

عجبًا يريدون أن يحملهم القرآن إلى مصاف الأمم المتقدمة دون أن يحملوه وأن يحفظهم دون أن يحافظوا عليه ويحفظوه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “احفظ الله يحفظك” (الترمذي عن ابن عباس).

فمن أراد أن يرتقي ويستمر فليحالف ما لا يفنى ولا يندثر قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{9}} (سورة الحجر).

البعض يخجل من إعلان إلتزامه بالشرع الحنيف، وآخرون يجاهرون بعدائهم له.

وكثيرون علقوا المصاحف للزينة وغلفوها بالحرير والفضة ونادرًا ما قرأوا فيها ولئن قرأوا فيها مرّوا على معانيها وأوامرها ونواهيها مرورًا عابرًا. أخلّ أحد الطرفين بالعقد والعهد ويريد من الطرف الآخر أن ينجز وعده.

نريد لأنفسنا الخير والخير مشروط بفهم دين الله “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” (متفق عليه).

مائدة الخير موضوعة وأكوابها مسكوبة وها هي مائدة جديدة تضاف إلى موائد الخير السابقة بأطعمة جديدة وأشربة ملوّنة.

فهل لها من روّاد وهل لأعدادها المقبلة -بإذن الله- من عُوَّاد؟