ثقوب سوداء؟ بل مكانس كونية

المهندس عبد الدائم الكحيل*

 

ربما يكون أهم ما يميز القرن العشرين اكتشاف الثقوب السوداء Black Holes، فما هي حقيقة هذه الثقوب، وكيف اكتشفها العلماء، وهل تحدث القرآن بوضوح كامل عن هذه المخلوقات الغريبة؟

(…) من الآيات العظيمة التي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها بل وأقسم بها (الخُنّس) يقول تبارك وتعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} (التكوير: 15-16). هذه الآيات تحدثنا عن مخلوقات كونية سماها القرآن (الخُنّس)، ولكن ما هي هذه المخلوقات وكيف فهم أجدادنا رحمهم الله تعالى هذه الآية؟ وكيف نفهمها نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين بعدما تطورت علوم الفلك؟

التفسير القديم للآية

إذا ما تأملنا تفاسير القرآن نجد بأن معظم المفسرين يقولون: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} هي النجوم، تختفي بالنهار وتظهر في الليل، فكلمة (الخُنّس) جاءت من فعل (خنس) أي استتر وغاب واختفى، هذا في اللغة، ولذلك قالوا هذه النجوم تختفي أثناء النهار فهي خُنّس. و(الجوار) تعني تجري، هم يشاهدونها تجري أمامهم و(الكُنَّس) قالوا إنها تكنس صفحة السماء عندما تغيب.

ولكن الذي يتأمل هذا التفسير يلاحظ أنه غير دقيق.. لماذا؟ إن الله تبارك وتعالى عندما قال {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} إنما يحدثنا عن مخلوقات كونية لا تُرى، ولذلك سمى الله الشيطان بـ(الخناس) فعندما نقرأ قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [سورة الناس] فكلمة (الخناس) تعني الذي لا يُرى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ..} [الأعراف: 27].

الخُنّس هي أشياء لا ترى، ونحن اليوم بعدما تطورت وسائل القياس وتعرف العلماء على الكثير من أسرار الكون تبين بأن هذه النجوم التي نراها في الليل هي لا تغيب، تغيب بالنسبة لنا عندما يطلع علينا النهار، ولكنها تظهر بالنسبة لسكان الأرض في الجهة المقابلة من الأرض، وإذا خرجنا خارج نطاق الجاذبية الأرضية أو خارج الغلاف الجوي نرى ظلاماً دامساً ونرى هذه النجوم لا تغيب، نراها ليلاً نهاراً.

إذن كلمة (الخُنّس) لا تنطبق على النجوم، لأن الله تبارك وتعالى يعطينا حقائق يقينية مطلقة لا تتعلق فقط بأهل الأرض، ولكن هذا القرآن يصلح للكون بأكمله، يعني إذا خرجنا إلى أي مكان في الكون خارج الأرض، فإن هذا القرآن صالح لكل زمان ومكان، وبما أن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه المخلوقات وقال (فلا أقسم بالخنس) فهذا يعني أن الله تبارك وتعالى يتحدث عن أجسام أو كائنات لا تُرى أبداً، أما (الجوارِ) فتعني تجري من فعل “جرى” فهي جوارٍ تجري، و”كنّس” أي تجذب وتكنس أي شيء تصادفه في طريقها، هذه هي الصفات الثلاث لهذه المخلوقات التي حدثنا عنها القرآن.

كيف بدأت القصة؟

منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد على وجه الأرض يتصور أن في السماء نجوماً تجري وتكنسُ وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، ولم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، ولكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة، ولكن كيف بدأت قصة هذه النجوم الغريبة.

منذ عام 1790 اقترح الانكليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون وجود نجوم مخفية في السماء، ثم في عام 1915 توقعت نطرية النسبية العامة لآينشتاين وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثرها على الزمان والمكان، وأخيراً في عام 1967 تحدث الأمريكي جون ولير عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم.

كيف تأكد العلماء من وجود هذه الثقوب؟

في عام 1994 أثبت العلماء بواسطة مرصد هابل وجود جسم غير مرئي في مركز المجرة M87 ويلتف حوله الغاز في دوامة واضحة، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون ضعف وزن الشمس! ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة أشعة إكس.

ما هو الثقب الأسود؟

الثقب الأسود كما يعرّفه علماء وكالة ناسا هو منطقة من المكان ضُغطت بشكل كبير فتجمعت فيها المادة بكثافة عالية جداً بشكل يمنع أي شيء من مغادرتها، حتى أشعة الضوء لا تستطيع الهروب من هذه المنطقة. الثقب الأسود يتشكل عندما يبدأ أحد النجوم الكبيرة بالانهيار على نفسه نتيجة نفاد وقوده، ومع أن الثقب الأسود لا يُرى إلا أنه يمارس جاذبية فائقة على الأجسام من حوله [1].

كيف ينشأ الثقب الأسود؟

إن أي نجم يبلغ وزنه عشرين ضعفاً وزن شمسنا يمكنه في نهاية حياته أن يتحول إلى ثقب أسود، وذلك بسبب حقل الجاذبية الكبير وبسبب وزنه الكبير. (…) عندما يُستهلك وقود النجم فإنه يشرف على الموت أو الهلاك، وهنا آية عظيمة تتجلى عندما أقسم الله تعالى بهذه الظاهرة ظاهرة سقوط النجم على ذاته، يقول تبارك وتعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 1-2] فكل نجم في الكون لا بد أن يكون له نهاية، وهذه الآية (والنجم إذا هوى) ليست خاصة بنجم واحد، بل تنطبق على كل نجوم الكون. إن النجم عندما يتهاوى على نفسه وينغلق وينضغط، يتشكل ما يسمى بالثقب الأسود. وهذه الأجسام أيضاً يقول العلماء عنها أنها تجري مثلها مثل بقية النجوم {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] لا يوجد نجم واحد ساكن في الكون كل الأجسام في الكون بما فيها الغبار الكوني والدخان الكوني وغير ذلك جميعها تتحرك بنظام محكم.

 

ولكن النجم إذا كان صغيراً ونفد وقوده فإن قوة الجاذبية وبسبب وزنه الصغير غير كافية لضغطه حتى يتحول إلى ثقب أسود، وفي هذه الحالة يتحول إلى قزم أبيض white dwarf أي نجم ميت.

هل ستتحول جميع النجوم إلى ثقوب سوداء؟

حتى يتحول النجم إلى ثقب أسود في نهاية حياته يجب أن يتمتع بوزن كبير، فالشمس مثلاً وبعد أربعة آلاف مليون سنة سوف تستهلك وقودها النووي وتنطفئ بهدوء، ولن تتحول إلى ثقب أسود لأن وزنها غير كاف لذلك.

وربما نجد في كتاب الله تعالى إشارة لطيفة إلى هذا التحول في قوله تعالى: {إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]. إذن ليس هنالك أي انهيار للشمس إنما انطفاء بطيء، وهذا ما عبّر عنه القرآن بكلمة (كُوِّرَتْ). ففي القاموس المحيط نجد كلمة (كوَّر) أي أدخل بعضه في بعض [2] وهذا ما سيحدث للشمس حيث تتداخل مادتها بعضها في بعض حتى تستهلك وقودها وتنطفئ.

كيف يعلم الفلكيون بوجود الثقب الأسود؟

يتميز الثقب الأسود بجاذبية فائقة، ولذلك فإن أي غاز قريب منه مثلاً، فإنه سينجذب إليه ويدور في دوامه عنيفة مولداً حرارة عالية نتيجة هذا الدوران مثل الإعصار السريع، هذه الحرارة تبث الأشعة السينية باستمرار وهذه الأشعة يمكن للفلكيين التقاطها بسهولة بواسطة أجهزتهم، ولذلك يعلمون بأن هذه المنطقة تحوي ثقباً أسود. (…) عندما رصد العلماء هذه المخلوقات بواسطة كاميراتهم الموجودة في المراصد المثبتة على مدارات حول الأرض وفي الفضاء مثل مرصد هابل (الذي يلتقط صور دقيقة جداً للمجرات والأجسام البعيدة) وجدوا أن هنالك سحابة من الغبار الكوني تدور حول نفسها بحركة عنيفة جداً. وبعد إجراء الحسابات وجدوا أن سبب دوران هذا الدخان والغبار الكوني هو وجود ثقب أسود يبتلع هذه الغيمة من الدخان، فعندما يبتلعها تماماً يتشكل إعصار ودوامة ويدور هذا الغاز والغبار الكوني بسرعة هائلة حول هذا الثقب وفي النتيجة يمتص هذا الثقب كامل هذا الغبار الكوني، ولذلك قالوا إن هذه الأجسام تعمل مثل المكنسة الكهربائية، كأنها مكنسة تشفط وتجذب أي شيء يقترب منها لمسافة معينة.

سرعة الهروب

إن سرعة الهروب هي السرعة اللازمة للجسم لكي ينفلت من حقل الجاذبية المحيط به، وفي أرضنا نجد أن أي جسم حتى يتمكن من الخروج من نطاق الجاذبية الأرضية يجب أن يُقذف بسرعة أكبر من 11 كيلو متراً في الثانية الواحدة.

وفي حالة الثقب الأسود تكون سرعة الهروب عالية جداً ولا يمكن لأي جسم تحقيقها، حتى الضوء الذي يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية لا يستطيع الهروب من جاذبية الثقب الأسود لأن سرعته غير كافيه لذلك. وهذا ما يجعل الثقب الأسود مختفياً لا يُرى.

يقول العلماء إن جاذبية الثقب الأسود كبيرة جداً ولكنها تؤثر فقط على الأجسام القريبة، (…) ولذلك ومن رحمة الله تعالى بنا أن هذه الثقوب لا تعمل على المسافات الطويلة، وإلا لكانت أرضنا قد اختفت منذ زمن بعيد لأن مجرتنا تحوي ملايين الثقوب السوداء! يقول العلماء إن هذه الثقوب تعمل عمل المقابر الكونية لأنها تمثل المرحلة الأخيرة من موت النجوم! تصوروا حتى النجوم تموت ولا يبقى إلا الله تعالى!

الثقوب السوداء الثقيلة

وهي ثقوب سوداء تزن أكثر من ألف مليون مرة وزن الشمس!! وتنمو باستمرار في مراكز المجرات ومنها مجرتنا درب التبانة، وهذه الثقوب الهائلة تكنس الغازات والأجسام القريبة منها باستمرار، وتجذب إليها أي شيء قريب بنظام شديد الدقة.

بين كلام القرآن وكلام العلماء

يخبرنا علماء الغرب اليوم حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في إحدى الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء ما نصه:

It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner. As it moves, it sucks in all matter in its way — not even light can escape.

وهذا يعني: إنها – أي الثقوب السوداء – تخلق قوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها [3].

وفي هذه الجملة نجد أن الكاتب اختصر حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:

1- هذه الأجسام لا تُرى: invisible

2- جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة: vacuum cleaner

3- تسير وتتحرك باستمرار: moves

وربما نعجب إذا علمنا أن هذا النص المنشور في عام 2006 قد جاء بشكل أكثر بلاغة ووضوحاً في كتاب منذ القرن السابع الميلادي!!! فقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط.

يقول تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15-16]. ونحن في هذا النص أمام ثلاث حقائق عن مخلوقات أقسم الله بها وهي:

1- الْخُنَّسِ : أي التي تخنس وتختفي ولا تُرى أبداً، وقد سمِّي الشيطان بالخناس لأنه لا يُرى من قبل بني آدم. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة invisible أي غير مرئي.

2- الْجَوَارِ: أي التي تجري وتتحرك بسرعات كبيرة. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة moves أي تتحرك، مع العلم أن اللفظ القرآني أدق لأن فيه إشارة إلى الجريان والسرعة، أما كلمة moves فلا تعبر عن السرعة الكبيرة التي يتحرك بها الثقب الأسود.

3- الْكُنَّسِ: أي التي تكنس وتبتلع كل ما تصادفه في طريقها. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة vacuum cleaner أي مكنسة.

أصوات استغاثة أم أصوات تسبيح؟

اكتشف علماء وكالة ناسا الأمريكية للفضاء ذبذبات صوتية تصدر عن الثقوب السوداء! فقد رصدوا موجات تقع ضمن الترددات الصوتية تصدر عن الغاز المحيط ببعض الثقوب السوداء في تجمع للمجرات البعيدة [4]. وقد تكون هذه الأصوات التي تصدرها الثقوب السوداء هي تسبيح وامتثال لأمر الله تعالى، وهنا نتذكر البيان الإلهي: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44].

العلم الحديث يستعمل عن غير قصد تعابير القرآن الكريم:

دائماً يحدثنا كتاب الله تعالى عن حقائق مطلقة لا تتغير، ولا يتطرق إليها التبديل أو التعديل، أما علماء البشر فهم يكتشفون الأشياء تدريجياً وخلال رحلة اكتشافهم للثقوب السوداء يختارون من الأسماء لهذه المخلوقات حسب حدود معرفتهم.

فعندما أطلقوا على هذه النجوم اسم “الثقوب السوداء” كانت هذه التسمية خاطئة تماماً ولا تعبر عن حقيقة هذه النجوم، ولكنهم لم يعودوا قادرين على تغيير هذا الاسم لأنه التصق بهذه المخلوقات، فكلمة (ثقب) تعني (خرق) وهذا يعني أن الثقب هو فراغ في السماء وهذا خطأ، لأن هذه النجوم ثقيلة جداً تزن ملايين المرات وزن الشمس فكيف نسميها ثقوباً!!

وكذلك كلمة (أسود) هي لون من الألوان، والواقع أن هذه النجوم لا تُرى أي لا أحد يعرف لونها وحقيقة ما تبدو عليه فمن الخطأ وصفها باللون الأسود. ومن هنا نستنتج أن الوصف البشري غير دقيق، بينما كتاب الله تعالى أخبرنا عن الاسم الدقيق الذي يعبر عن حقيقة هذه النجوم.

فكلمة (الخُنَّس) جاءت من فعل (خَنَسَ) أي اختفى، وكلمة (الجوارِ) أي مجموعة النجوم التي تجري بسرعة. وكلمة (الكُنَّس) جاءت من فعل (كَنَسَ) أي جذب إليه كل شيء من حوله. وهذه الكلمات الثلاث تصف لنا آلية عمل هذه النجوم، فهي لا تُرى وهي تجري وهي تكنُس، ولذلك نجد أن العلماء حديثاً يفضلون تسمية هذه النجوم بـ “المكانس الكونية” ويجدونها أكثر دقة من “الثقوب السوداء”.

نستنتج أن القرآن يسبق العلماء دائماً في الحديث عن الحقائق الكونية، ويتفوق عليهم في إطلاق التسمية الصحيحة، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق في كونه، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى وليس كتاب بشر، ولذلك قال تعالى عن هذا القرآن: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

خاتمة: ما هو الهدف من هذه الحقيقة الكونية؟

(…) ترى ما الذي يريده الله منا أن نتعلمه أو ندركه من هذه الحقائق؟ هل مجرد أن ندرك أن هنالك أجساماً في السماء هي ثقوب سوداء، أو أن الهدف مجرد أن القرآن سبق علماء الغرب.. لا.. إنها أهداف ولكن الهدف الرئيسي عندما نقرأ هذا النص الكريم {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} يختمها الله تبارك وتعالى بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وهنا ندرك الهدف أن الله تبارك وتعالى كأنه يريد أن يقول لنا: كما أنكم أدركتم وجود هذه الأجسام التي لا ترى، والله تعالى يرى كل شيء وقد حدثكم عنها، وكما أنكم بأجهزتكم وقياساتكم أدركتم أن القرآن حدثكم عن اكتشافات استغرقت عشرات السنين والقرآن نزل قبل ألف وأربعمائة سنة في زمن لم يكن أحدٌ على وجه الأرض يتخيل شيئاً عن هذه المخلوقات الكونية، وكما أنكم تدركون أن هذه الأجسام موجودة لا شك فيها ينبغي عليكم أن تدركوا أن هذا القرآن هو قول رسول كريم ليس كلام بشر، ليس بقول شاعر، أو كاهن، ليس من تعليم بشر!

(…) ولذلك عندما تعرض الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم وانتقدوه {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5] أمر الله تبارك وتعالى نبيه أن يرد عليهم: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 6] أي أن الله تبارك وتعالى هو من أنزل هذا القرآن وهو أعلم بأسرار السماوات والأرض فإذا أردتم أن تدركوا وتستيقنوا صدق هذا الكتاب فعليكم أن تتعمقوا في أسرار الكون.

ـــــــــــــــــ

* للراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.kaheel7.com

هوامش

1- www.hubblesite.org, Black Holes.

2- معجم القاموس المحيط، دار المعرفة 2005.

3- Black Holes: The Deadliest Force in the Universe,www.abcnews.go.com, Aug. 28, 2006.

4- Black Hole Sound Waves, www.nasa.gov

المراجع

1- http://hubblesite.org/reference_desk/faq/all.php.cat=exotic

2- Hawking, Stephen. A Brief History of Time, Bantam Publishing, 1996.

3- At the heart of every galaxy lurks a black hole, astronomers believe, www.chron.com, Jan. 14, 1997.

4- No Escape: The Truth About Black Holes, www.amazing-space.stsci.edu

5- Boslough, John. Stephen Hawking’s Universe. Morrow Publishing, 1985.

6- Hawking, Stephen. A Brief History of Time. Bantam Publishing, 1996.

7- Novikov, Igor. Black Holes and the Universe. Cambridge University Press, 1995.