مصير الشمس في ضوء القرآن

د. محمد دودح*

clip_image697صورة تخيلية للشمس عندما تصبح عملاقا أحمرلتبيد كل ما على وجه الأرض

        عرض القرآن الكريم لأهوال نهاية العالم في صور بيانية تعكس الحقيقة بتلطف؛ والتي بالكاد أوشكت أن تدركها الفيزياء الفلكية اليوم, وفي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ الرحمن: 37, المعنى المتبادر أن يُفْسِح جو الأرض والمعهود بالزرقة حين يبدأ في التفسخ والتلاشي عن كتلة حمراء ضخمة ملتهبة تتأجج وتغطي معظم السماء بدلا عن الشمس؛ أشبه في اللون والتضخم بوردة حمراء تتفتح, وفي الالتهاب والسيولة واللمعان والتموج بزيت الدهان وهو يتأجج على النار, ونطالع في التصورات العلمية المتوقعة لمصير الشمس؛ أنها ليست من الضخامة بحيث تنتهي إلى ما يسمى فيزيائيًّا ثقب أسود Black Hole, أو إلى ما يُسمى نجم نيوتروني NeutronStar؛ وإنما تنتفخ وتتحول إلى عملاق أحمر Red Giant من شدة الحرارة, يبلغ قطره من 15 إلى 45 مرة مثل قطر الشمس حاليًّا، ويعادل لمعانه حوالي مائة مرة أو أكثر مثل لمعان الشمس، ويبتلع في طريقه ما يجاوره, والحد الذي يُحدد مصير النجم بعد انفجاره قيمته 1.4 قدر كتلة الشمس (…) يتحول النجم دونه لقزم أبيض؛ وهذا هو حال الشمس, وفي المقابل يعرض القرآن الكريم لمشاهد تُكْمِل الصورة؛ كإبادة الكواكب وجمع الشمس والقمر وانشقاق الجو لينفتح المشهد على عملاق أحمر ينتفخ من شدة الانفجار ويدفع بألسنة النار في كل صوب مثل وردة حمراء تتفتح أوراقها؛ وكزيت الدهان يتأجج ناثرًا قطرات حارقة, وتقترب الشمس فتطال الأرض وتصهِر كل ما عليها.

وتنفجر الأرض وتطرح ما فيها من أثقال وتتخلى عن كل ما عليها؛ وتُمحى كل مظاهر الحياة, ولا وجود حينئذ لبشر يُشاهد فخلا الوصف من المُشَاهد؛ وفي الختام تنكمش الشمس وتُطوى كلفافة وتُكَوَّر لتصبح قزمًا أبيض White Dwarf ثم تموت, ويمنح السياق فسحة كبيرة لتتصور المخيلة ما لم تُصَرِّح به الكلمات من مشاهد القدرة المفزعة؛ التي أحالت كل العالم خراب!.

 clip_image698صورة تخيلية للشمس عندما تتفجر

 وقبل اكتشاف علم الفيزياء الفلكية حديثًا لحياة النجوم ومصيرها خاصة الشمس؛ بذل المفسرون الأعلام الفضلاء (رحمهم الله تعالى جميعًا) غاية جهدهم في تصور تفاصيل حدث رهيب لم يألفه بشر, فانتزعوا وُجُوهًا تكاد تُنَاظر تصور الفيزياء, ويؤخذ من كلامهم الأشبه بالاتفاق ما يعني تحول مشهد السماء المحيطة بالأرض إلى الحمرة والتموج كالزيت من شدة الحرارة, قال المراغي: “(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) أي.. احمر لونها وأذيبت حتى صارت كأنها الزيت”, وقال الخطيب: “هذه السماء التي تبدو في لونها الأزرق؛ تأخذ.. لونا ورديا.. أحمر..، و(كالدهان).. هو الشحم حين يُصْهَر”,

… (و) الآيات التي وردت في صفة الكون (حينئذٍ).. تشير كلها إلى وقوع دمار كامل.., منها: (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).., (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ).., (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).., (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ).., (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ)”, “فهذه الآيات كلها تنبئ بأن نهاية عالمنا هذا ستكون.. مُرَوِّعَة”.
_________________________

* طبيب وباحث في الاعجازالقرآني. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.quran-m.com

المراجع:
(1) تفسير المراغي, (2) تفسير الخطيب, (3) تفسير ابن عاشور, (4) تفسير محيي الدين درويش, (5) تفسير القاسمي, (6) تفسير أسعد حومد, (7) تفسير الزحيلي, (8) تفسير الشنقيطي, (9) تفسير أحمد حطيبة, (10) تفسير سيد قطب, (11) الموسوعة العربية العالمية, (12) Encyclopaedia Britannica 2008 Ultimate Reference Suite, (13) Encarta, (14) Wikipedia, (15) الانترنت.