الكلاب… جوانب علمية وأحكام فقهية

(بتصرف)

أ.د. كارم السيد غنيم*

تـمـهـيـد:

الكلب هو أوّل حيوان استأنسه الإنسان، وارتبط كل منهما بالآخر، وتولدت بينهما صداقة أخذت تنمو خلال العصور، لما يتمتع به الكلب من صفات الوفاء والإخلاص للإنسان وقدرته الكبيرة في الصبر وتحمل المشاق والشجاعة… ولا تزال الآثار الباقية تدل على وجود الكلب مع الإنسان منذ آلاف السنين، منذ أن كان الإنسان يعيش في الكهوف… وتحكي الكتب القديمة، والحديثة، الكثير من النوادر والطرائف المثيرة عن الكلاب، وكذلك الوقائع التي للكلب فيها دور قد يصل إلى مرتبة البطولة… ويستفيد الإنسان من الكلاب في أمور كثيرة كالحراسة والصيد والزينة وتعقب المجرمين، وإرشاد العميان إلى الطريق الآمن، وشدّ عربات المعاقين جسديًا، وشدّ الزحافات، وكشف المخدرات والمتفجرات إلخ…

وتعيش الكلاب البريّة في جماعات، وتتعاون على الصيد… ويقود الجماعة أكبر الكلاب سنًا وأكثرها خبرة وأعظمها شجاعة… وتتزاوج الكلاب مع الكلبة فتنجب جراءً (جمع جَرو) بعد فترة حمل تصل إلى 61 يومًا، ولا تقل عن 60 يومًا… ويُعرف عمر الكلب من أسنانه، فكلما اسودّت دلّ ذلك على كبره، وكلما كبر عمره غلظ صوته…

الـــكلب في عالم الحــيوان:

الكلب حيوان من اللبائن المشيمية، ويتبع فصيلة الكلبيات (Family: Canidae) ، من الضواري (mammals Placental) ، واسمه العلمي Canis familiaris. وقد استأنسه الإنسان منذ 14000-15000سنة. وقد وجدت هياكل عظام كلاب في الدانمارك وإنجلترا واليابان وألمانيا والصين، ترجع لعصور ما قبل التاريخ. وقد وُجدت سُلالة من الكلاب السلجوقية في مقابر قدماء المصريين، وكانت تُحنط منذ سنة 2100 قبل الميلاد بجوار الفراعنة داخل الأهرامات. واستطاع الرومان والإغريق إنتاج سلالات منها… ويقال: إن الكلب هو أول حيوان استأنسه الإنسان، وكان لسكان الكهوف منذ آلاف السنين كلابُهم الأليفة… والكلاب والذئاب تربطها قرابة وثيقة…

وتنتشر فصائل الكلاب في جميع قارات العالم ـ ما عدا القطب الجنوبي ـ وفي الأحراش والغابات بالمناطق المعتلة والمطيرة، وبالصحراء والجبال والتندرا. وتتجول الكلاب في مناطق شاسعة لحراستها من الذئاب (Wolves)، أو للبحث عن الطعام….

مـــــنافع الـــكلاب:

من الكلاب أنواع وسلالات عديدة ، مثل: كلب الصيد، كلب الحقول، كلب الرعاة، كلب الحراسة، كلب بوليسي، كلب الزلاقات (لجرّ العربات على الجليد)… وكان الإنسان يتخذ الكلاب في الحراسة والصيد وجرّ العربات. كما كانت تُستخدم في الحرب للحراسة وحمل الرسائل… وهناك الكلاب المدربة التي تقود العميان في الشوارع، والعمل المنزلي كتنبيه الصُم لجرس التليفون أو الباب، أو قيادة الأعمى للتجول داخل البيت أو عبور الشارع… وبعض أنواع الكلاب تتسم بحاسة شم قوية، ولهذا فإنها تُدرب على مهام أخرى كالكشف عن المخدرات والمفرقعات والديناميت والنمل الفارسي والغرقى في أعماق الماء. ويمكن استعمال الكلاب المدربة في البحث عن المفقودين في الزلازل والحرائق، وبعض الكلاب يمكنها التصنت على الأصوات التي لا يسمعها الإنسان بأذنيه، حتى إن الكلب يستطيع أن يسمع دقات الساعة على بُعد 40 قدمًا….

… واستخدم الانسان كلاب الرعي منذ قرون طويلة، لحماية الأبقار والأغنام ولمنعها من الهرب، ولحماية حظائر المواشي من الذئاب، وهى من السلالات الأليفة… وتقسم معارض الكلاب أصنافها إلى ست مجموعات، هي: الكلاب الرياضية، الكلاب غير الرياضية، الكلاب العاملة، كلاب الصيد، كلاب الحراسة، كلاب التسلية… وتقسم كل مجموعة إلى عدة سلالات… ومن المعروف أن هناك كلاب كبيرة الحجم، وأخرى صغيرة الحجم، وكلاب ناعمة الشعر، وأخرى مرحة لاهية، وكلاب ذات أنفة وكبرياء…إلخ.

وتُستخدم الكلاب (أنواع أو سلالات خاصة منها) في الاختبارات الطبية والتجارب الدوائية، وحتى في بحوث علم النفس والسلوك، وعلى سبيل المثال، يقوم الباحثون في جامعة كمبريدج بإجراء تجارب على الإصابة بسرطان البروستاتا، من خلال تدريب الكلاب على الاستجابة لخلايا السرطان الموجودة في عينات البول، وهو أسلوب مبتكر للكشف المبكر عن حالات الإصابة بسرطان البروستاتا.

ضرب المَـثل بالكلب، كما ورد في كتب التفسير:

استعمل القرآن الكريم تشبيهاً لعلماء السوء، ولمن يلهث وراء أعراض الدنيا الفانية، بمثل الكلب الذي يلهث على كل حال، طُورد أم لم يُطارد… يقول الله عز وجل: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{176}}.

جاء في “جـامع البيان في تفسير القرآن ” للطــبري (ت310هـ) في قول الله عز وجل: (وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ ): أصل الإخلاد في كلام العرب الإبطاء والإقامة. وكان بعض البصريين (من أصحاب اللغة ) يقول: معنى قوله: ” أخلد”: لزم وتقاعس وأبطأ. والمخلد أيضاً: هو الذي يبطئُ شَيْبهُ من الرجال…

وقد عمّم الطبري ضرب المثل بالكلب، وإن كان قد أشار إلى تخصيص البعض له بمن يُدعى (بلعام)، فقال:… ثم اختلف أهل التأويـل فـي السبب الذي من أجله جعل الله مثله كمثل الكلب، فقال بعضهم: مثَّله به فـي اللهث لتركه العمل بكتاب الله وآياته التـي آتاها إياه وإعراضه عن مواعظ الله التـي فـيها إعراض من لـم يؤته الله شيئاً من ذلك، فقال جلّ ثناؤه فـيه: إذا كان سواء أمره وُعظ بآيات الله التـي آتاها إياه، أم لـم يُوعظ فـي أنه لا يتعظ بها، ولا يترك الكفر به، فمثله مثل الكلب الذي سواء أمره فـي لهثه، طرد أو لـم يُطرد، إذ كان لا يترك اللهث بحال. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: ( فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ ) الـحكمة لـم يحملها، وإن ترك لـم يهتد لـخير، كالكلب إن كان رابضاً لهث وإن طُرد لهث.

ثم يأتي الفخر الرازي بعد الطبري بقرون، ليؤكد تعميم ضرب هذا المثل، بل ويفصّل فيه. يقول الفخر (ت606هـ) ( في “التفسير الكبير”) – بعد أن عرض لبعض اللغويات ومفردات اللغة في الآية الكريمة:… واعلم أن هذا التمثيل ما وقع بجميع الكلاب، وإنما وقع بالكلب اللاهث، وأخس الحيوانات هو الكلب، وأخس الكلاب هو الكلب اللاهث، فمن آتاه الله العلم والدين فمال إلى الدنيا، وأخلد إلى الأرض، كان مُشبهاً بأخسّ الحيوانات، وهو الكلب اللاهث. وفي تقرير هذا التمثيل وجوه:

الأول: أن كل شيء يلهث، فإنما يلهث من إعياء أو عطش، إلا الكلب اللاهث فإنه يلهث في حال الإعياء، وفي حال الراحة، وفي حال العطش، وفي حال الري، فكان ذلك عادة منه وطبيعة، وهو مواظب عليه كعادته الأصلية، وطبيعته الخسيسة، لا لأجل حاجة وضرورة، فكذلك من آتاه الله العلم والدين أغناه عن التعرّض لأوساخ أموال الناس، ثم إنه يميل إلى طلب الدنيا، ويُلقي نفسه فيها، كانت حاله كحال ذلك اللاهث، حيث واظب على العمل الخسيس، والفعل القبيح، لمجرد نفسه الخبيثة. وطبيعته الخسيسة، لا لأجل الحاجة والضرورة.

والثاني: أن الرجل العالِم إذا توسّل بعلمه إلى طلب الدنيا، فذاك إنما يكون لأجل أنه يورد (أي يعرض) عليهم أنواع علومه، ويظهر عندهم فضائل نفسه ومناقبها، ولا شك أنه عند ذكر تلك الكلمات، وتقرير تلك العبارات يدلي لسانه، ويخرجه، لأجل ما تمكن في قلبه من حرارة الحرص وشدة العطش إلى الفوز بالدنيا، فكانت حالته شبيهة بحالة ذلك الكلب الذي أخرج لسانه أبداً من غير حاجة ولا ضرورة، بل بمجرد الطبيعة الخسيسة.

والثالث: أن الكلب اللاهث لا يزال لهثه البتة، فكذلك الإنسان الحريص لا يزال حرصه البتة…. أما قوله عز وجل: ( إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ ) فالمعنى أن هذا الكلب إن شدّ عليه وهُيج لهث، وإن تُرك أيضاً لهث، لأجل أن ذلك الفعل القبيح طبيعة أصلية له، فكذلك هذا الحريص الضال إن وعظته فهو ضال، وإن لم تعظه فهو ضال، لأجل أن ذلك الضلال والخسّة عادة أصلية وطبيعية ذاتية له.

وقد اختلف المفسرون في تعيين الشخص الذي نزلت فيه الآيات، على أقوال أقربها إلى الحقيقة أن يكون صاحب هذا النبأ ممن كان للعرب إلمام بمجمل خبره، كأمية بن أبي الصلت الثقفي… وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (كاد أمية أبي الصلت أن يُسلم) وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (آمنَ شعره وكفرَ قلبه ) يريد أن شعره كشعر المؤمنين، وذلك أنه يوحّد الله في شعره، ويذكر دلائل توحيده من خلق السموات والأرض، وأحوال الآخرة، والجنة النار، والثواب والعقاب، واسم الله وأسماء الأنبياء. وروى عن أمية أنه قال لمـــا مرِض مرَض موته: أنا أعلم أن الحنيفية حق، ولكن الشك يداخلني في محمد (صلى الله عليه وسلم).

جوانب علمية في ضرب المَـثل بالكلب:

• الــكلب يلهــث في كل أحــواله:

تحدث عدد من المفسرين القدامى والمحدثين عن لهث الكلب، وذلك في معرض تفسير الآية (176) من سورة الأعراف، وقد اقترب البعض مما توصل إليه علم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا) حديثا. فهذا أبو السعود (ت951هـ) يقول في تفسيره “إرشاد العقل السليم”: واللهث إدلاع اللسان بالتنفس الشديد، أي هو ضيق الحال، مكروب دائم اللهث، سواء هيجته وأزعجته بالطرد العنيف، أو تركته على حاله، فإنه في الكلاب طبع، لا تقدر على نفض الهواء الساخن وجلب الهواء البارد بسهولة، لضعف قلبها وانقطاع فؤادها، بخلاف سائر الحيوانات، فإنها لا تحتاج إلى التنفس الشديد ولا يلحقها الكربُ والمضايقة إلا عند التعب والإعياء… وهذا محمد الطاهر بن عاشور (ت1393هـ) يقول في تفسيره “التحرير والتنوير”: واللهث: سرعة التنفس مع امتداد اللسان لضيق النفس، وفعله بفتح الهاء وبكسرها، ومضارعه بفتحها لا غير، والمصدر اللهث بفتح اللام والهاء ويقال اللهاث بضم اللام، لأنه من الأدواء، وليس بصوت.

ويذهب الشعراوي (ت1418هـ) في تفسيره “خواطر” إلى تفرّد الكلب من بين الحيوانات باللهث في كل أحواله، فالحيوانات تلهث إذا كانت جائعة أو متعبة أو مهاجمة، ولكن الكلب يلهث جائعاً أو شبعانًا، عطشانًا أو غير عطشان، مزجوراً أو غير مزجور، إنه يلهث دائماً. ثم هو أيضاً يصل إلى مغزى ضرب المثل القرآني لتشبيه الذي أخلد إلى الأرض بعد إذ أتاه الله آياته (علمه)، وذلك لأن الذي يظهر بهذه الصورة تجده مكروبًا دائماً، لأنه متبع لهواه، وتتحكم فيه الشهوات. وحين تتحقق له شهوة الآن، يتساءل هل سيفعل مثلها غدا ؟ وتتملك الشهوة كل وقته، لذلك يعيش في كـرب مستمر، لأنه يخاف أن يفوته النعيم أو أن يفوت هو النعيم، ويصير حاله كحال الكلب، يلهث آمناً أو غير آمن، جائعاً أو غير جائع، عطشانًا أو غير عطشان.

• لهــث الــكلب، من الناحية الفسيولوجية:

تبلغ درجة الحرارة الطبيعية لجسم الكلب 38.6م، وهى أعلى من درجة جسم الإنسان المعتادة، والبالغة 37م. وإذا كان جسم الإنسان يفرز عرقًا من غدده العرقية من أجل تبريد الحرارة إذا ارتفعت عن الدرجة المعتادة، فإن الكلب يسلك مسلكًا آخر هو “اللهث”، فيخرج لسانه ويلهث حتى عند الراحة، فيلهث بسرعة 10- 30 لهثه (أو نَفَسَ ) في الدقيقة. ولكن بعد بذل مجهود أو التعرض لخطر ما، فإنه يلهث بأكثر من عشرة أضعاف هذا المعدل. ويضطر الكلب لأن يلهث، في التعب والراحة، لعدم وفرة غدده العرقية (التي لا توجد سوى في وسادات أقدامه)، فهى لذلك لا تسهم في خفض درجة حرارة جسمه إلاّ بقدر ضئيل.

ولمزيد من التفصيل، فإن تدلي لسان الكلب وفتح فمه أثناء اللهث يؤدي إلى إدخال أكبر كمية ممكنة من الهواء الجوي إلى الجهاز التنفسي، وخلالها يتم تبخير جزء من الماء الموجود في الأنسجة التي يمرّ بها الهواء، وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم… كما يسلك الكلب مسلكًا مساعداً، فيلحس أرجله من جسمه، ويبلل لسانه بلعابه، فيتبخر هذا اللعاب، وهو ما يفيده في خفض درجة حرارة جسمه…

 

 لقد شبه الله تعالى علماء السوء بأشنع وأقبح ما يمكن للخيال أن يتصوره، شبههم بصورة الكلب اللاهث الذي لا يكف عن اللهث

 

• العبر المستقاة من مثل الناس اللاهثة كالكلاب:

هو مثل مخزي لعلماء السوء، صوّرهم بأشنع وأقبح ما يمكن للخيال أن يتصوره، صورة الكلب اللاهث الذي لا يكف عن اللهث، ولا ينفك عن التمرغ في الطين والأوحال… ولتلك بحق أقبح صورة مزرية لمن رزقه الله العلم النافع فاستعمله لجمع الحطام الفاني، وكان خزيًا ووبالاً عليه، لأنه لم ينتفع بهذا العلم، ولم يستقم على طريق الإيمان، وانسلخ من النعمة، وأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.

وفي تشبيه ذلك الضال في حال لهفه على الدنيا بالكلب في حال لهثه، سِرٌّ بديعٌ، وهو أنَّ هذا الذي حاله ما ذكره الله مِن انسلاخه مِن آياته واتباعه هواه، إنما كان لشدة لـهفه على الدنيا لانقطاع قلبه عن الله والدار الآخرة، فهو شديد اللهف عليها، ولـهفه نظير لـهف الكلب الدائم في حال إزعاجه وتركه، فإنه في الكلاب طبع لا تقدر على نفض الهواء المتسخن، وجلب الهواء البارد بسهولة، لضعف قلبها وانقطاع فؤادها، بخلاف سائر الحيوانات، فإنها لا تحتاج إلى التنفس الشديد ولا يلحقها الكرب والمضايقة إلاّ عند التعب والإعياء.

ولكن يبقى التشبيه حاويًا لحقيقة علمية لم يصل إليها علم الإنسان إلاّ في العقود المتأخرة من القرن العشرين الميلادي، ومؤداها أن الكلب هو الحيوان الوحيد الذي يلهث بطريقة تكاد تكون مستمرة، وذلك في محاولة منه لتبريد جسده الذي لا يتوفر له شئ يذكر من الغدد العرقية إلا في باطن أقدامه فقط، فيضطر إلى ذلك اللهاث في حالات الحرّ أو العطش الشديد أو المرض العضوي أو النفسي، أو الإجهاد والإرهاق أو الفزع والاستثارة….

• اقتــناء الــكلاب وتربيـتها:

اقتناء الكلاب وتربيتها وتدليلها حرام في الشريعة الإسلامية، جاء تحريمها في جملة من الأحاديث النبوية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنِ اقتنَى كلبًا، إلاّ كلب ماشية أو ضارٍ، نقص من عمله كل يوم قيراطان ) متفق عليه.

… وقد ردّ ابن حجر العسقلاني في”فتح الباري” على ابن عبد البر حين ذهب إلى أن اتخاذ الكلب مكروه وليس بمحرّم، وساق أدلة على هذا. وفي فتوى للدكتور خالد محمد عبد القادر، فإن المراد بنقص الأجر، أو الإثم الحاصل باتخاذ الكلب، يوازي قدر قيراط، أو قيراطين من أجر، فينقص من ثواب عمل متخذه قدر ما يترتب عليه من الإثم باتخاذه، وهو قيراط أو قيراطين… والتعليل يدلّ على حُرمة اتخاذ الكلب لغير ما ذكر الحديث، لا كراهيته… ومادام اقتناء الكلب لغير منفعة ضرورية يؤدي إلى نقصان أجر ممسكه، يكون إمساكه، أي اقتناؤه، إثم، لأنه لا ينقص الأجر إلاّ الإثم…

‎‎ وأما سبب نقصان الأجر، فقيل: لامتناع الملائكة من دخول بيته، أو لما يلحق المارّين من الأذى، أو عقوبة له لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه، أو لكثرة أكله النجاسات، أو لأن بعضها شيطان، أو لولوغها في الأواني عند غفلة صاحبها، فربما تنجس الطاهر منها، فإذا استعمل في العبادة لم يقع موقع الطاهر، أو لكراهة رائحتها…‏ ثم قال الدكتور عبد القادر: قلتُ: وأقربها إلى ظاهر الحديث، أن نقصان الأجر عقوبة لمخالفة النهي. أما سبب النهي فلجميع ما ذُكـــر، ويــزاد عليهـــا مــا يترتب على اقتنائها من أمراض خطيرة.‏.. ثم انتهى إلى أن تربية الكلاب للهواية مُحرّمة، كما أنها من العادات السيئة، وفيها إسراف بالإنفاق عليها ومعالجتها، وانتقال الأمراض منها إلى الإنسان…!!

__________________________________

* أستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر. وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.quran-m.com