الإعجاز الرقمي عند النبي صلى الله عليه وسلم

أ.ع.

موعدنا اليوم مع بعض الأرقام التي أتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ذكرها في بعض أحاديثه الشريفة، وقد تبينت صحتها بعد قرون طويلة:

أولاً- عدد المفاصل في جسم ابن آدم:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصَلًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ صَدَقَةً» قَالَ: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا أَوِ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ»[1].

وفي رواية ابن عباس: “فِي ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةِ سُلَامَى – أَوْ عَظْمٍ، أَوْ مَفْصِلٍ – عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ…”[2].

وأطباء العظام والمفاصل يعلمون اليوم علم اليقين أن عدد مفاصل الجسم بين مختلف عظامه يبلغ بالتحديد 360 مفصلاً دون زيادة أو نقصان. فمن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد الدقيق قبل أربعة عشر قرناً وفي زمن كان معظم الطب فيه تخميناً؟

ثانياً- تساوي المسافة من مكة المكرمة إلى بصرى الشام ومن مكة إلى منطقة هجر على شاطيء الخليج:

جاء في الحديث الشريف: “والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى”[3].

وكان لا بد من الانتظار قروناً حتى يأتي عصر الطيران والأقمار الصناعية ليكشف المسح الجوي أن المسافتين فعلاً متساويتان،(1273 كلم)، على الرغم من اختلاف الاتجاهات وتعرج الطرقات واختلاف التضاريس بين المنطقتين. وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان الوصول إلى شاطيء الخليج يستغرق وقتاً أقل من الوقت اللازم لبلوغ بصرى الشام. فبأي آلة تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقارنة هاتين الرحلتين؟

ثالثاً-تحديده الدقيق لقبلة أهل صنعاء باليمن، في زمن لم تتوفر فيه أجهزة القياس والتوجيه:

قبل ألف وأربع مائة عام، حدد الرسول صلى الله عليه وسلم، اتجاه قبلة أهل صنعاء بخط مستقيم من البستان الذي صار مسجدا إلى جبل ضين، الكائن على بضع عشرات من الكيلومترات شمالاً وصولاً إلى الكعبة الشريفة التي تبعد حوالي 800 كلم عن صنعاء، فبدأ بتحديد موضع المسجد ومكانه بقوله: ” فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان”، وفيما كتبه عليه الصلاة والسلام لوبر بن يحنس بأن (يبني حائط باذان مسجدا ويجعله من الصخرة إلى موضع جدره)، وحدد عليه الصلاة والسلام زاوية ميل مسجد صنعاء من جبل ضين، والكعبة بقوله ص (فأجعله عن يمين جبل يقال له ضين). محدداً الاتجاه الدقيق للكعبة باستعمال معلم واضح لأهل صنعاء (القديمة) وهو جبل ضين.

وجاءت الطائرات، والأقمار الصناعية بعد قرون طويلة لتصور الأرض بدقة متناهية فقدمت لنا صورة حقيقية للأماكن الثلاثة التي بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: مسجد صنعاء، جبل ضين، والكعبة الشريفة، فإذا بها تقع على خط مستقيم، رغم بعد المسافة، وكرويّة الأرض، وعدم توفّر الشروط والوسائل العلمية زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

كل ذلك تم بعبارة سهلة، وعلامة واضحة جليه وقولٌ حاذقٌ دقيق، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يزر اليمن، ولا رأى جبل ضين، ولا شاهد بستان باذان·

وفي الخلاصة، إذا كان ثمة من لا يصدق الأرقام التي وردت في القرآن الكريم أو في الحديث الشريف، بشأن اليوم الآخر كعدد أبواب الجنة أو أبواب النار أو حول أحجام البشر بعد البعث، أو مساحات الجنان التي أعدت للمتقين، ومع أن المؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، موقن بأن كتاب الله حق وأن ما يقوله رسول الله حق، وأنه بشهادة الله عزّ وجلّ لا ينطق عن الهوى، وما كان له أن يبالغ وما ينبغي له ذلك، فها هي أرقام معروفة في الدنيا ما كان لبشرٍ قبل 1400 سنة أن يقيسها أو يحصيها. يقول الله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [سورة ق: 37].

 



[1]  عن أبي بريدة في صحيح ابن خزيمة (2/ 229) ، قال الأعظمي: إسناده صحيح. والبيهقي في شعب الإيمان بلفظ آخر عن أبي هريرة.

[2]   في الأدب المفرد عن عباس مرفوعاً، صححه الألباني.

[3]  اخرجه مسلم عن أبي هريرة في حديث الشفاعة.