تواضعه وزهده صلى الله عليه وسلم

أ.ع.

خير خلق الله، صلى الله عليه وسلم لا يأبه للدنيا وينصرف لما يرضي الله، يفضل راحة الناس على راحته، يتواضع للخلق، ويحيا حياة الفقراء:

لم يكن صلى الله عليه وسلم يهتم لنعيم أو لراحة في الدنيا:

 قال صلى الله عليه وسلم يقول لأحد أصحابه: ” كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل” [1].

وعن عبد الله بن مسعود، قال : اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على حصير ، فأثر الحصير بجلده ، فجعلت أمسحه عنه ، وأقول : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ألا أذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك منه تنام عليه . فقال : ” ما لي وللدنيا ؟ … ، إنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها ” [2] .

 ‏واختار التواضع على الملك:

 كان ابن عباس يحدث: أن الله عز وجل ، أرسل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ملكا من الملائكة ، معه جبريل عليه السلام ، فقال الملك لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا ، وبين أن تكون ملكا نبيا “. فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ، عليه السلام ، كالمستشير له ، فأشار جبريل ، عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن تواضع . فقال صلى الله عليه وسلم: ” بل أكون عبدا نبيا “. قال ابن عباس : فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي ربه عز وجل [3].

وكان لا ينتقد طعاماً أبداً:

عن أبي هريرة ، قال : ” ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طعاما قط ، إن اشتهاه أكله ، وإلا تركه ” [4]

ولم يعود نفسه على الشبع:

فعن عائشة ، قالت : ” ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا حتى مضى لسبيله ” [5]

وعن النعمان بن بشير ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب ، فذكر ما فتح على الناس ، فقال :” لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي يومه من الجوع ، ما يجد من الدقل”. (التمر الرديء اليابس) [6].

ما نعّم نفسه يوماً بمائدة:

عن أنس بن مالك ، قال : ” ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان (مائدة أو طاولة) ولا في سكرجة (صحن مخصوص) ولا خبز له مرقق ” . قال : فقلت لأنس : فعلام كانوا يأكلون ؟ قال : ” على السفر ” [7].(على فرش على الأرض).

ولا تنعم بألوان الطعام: حدثنا قتادة ، قال : كنا نأتي أنس بن مالك ، وخبازه قائم فقال: “كلوا، فما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله تعالى ، ولا رأى شاة سميطا (مشوية) بعينه قط “. [8]

وما نام على فراش وثير لكي لا يغط في نوم عميق أو يسهو عن صلاة الفجر أو قيام الليل:

فعن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : ” كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم (جلد) ، وحشوه ليف (ليف النخل) ” [9].

وعنها أيضاً رضي الله عنها، قالت : دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عباءة مثنية ، فانطلقت ، فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف . فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ” ما هذا يا عائشة ؟ ” قالت : قلت : يا رسول الله، فلانة الأنصارية دخلت علي، فرأت فراشك، فذهبت، فبعثت إلي بهذا. فقال :  “رديه”، قالت : فلم أرده ؟ وأعجبني أن يكون في بيتي ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فقال : ” رديه يا عائشة ، فوالله لو شئت لأجرى الله تعالى معي جبال الذهب والفضة “.[10]

 



[1]   أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عمر.

[2]   حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك والضياء

[3]   من دلائل النبوة للبيهقي – (ج 1 / ص 320)

[4]   أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري وشعبة وأخرجه مسلم من حديث الثوري ، وزهير بن معاوية ، وجرير ، وأبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي حازم.

[5]   رواه مسلم ، عن إسحاق ، عن أبي معاوية.

[6]   ما يملأ به بطنه أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة

[7]   رواه البخاري في الصحيح ، عن عبد الله بن أبي الأسود وغيره ، عن معاذ بن هشام.

[8]   رواه البخاري في الصحيح عن هدبة.

[9]  رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن أبي رجاء ، عن النضر وأخرجه مسلم من أوجه أخر ، عن هشام.

[10] الديلمي وابن سعد والخطيب بلفظ آخر.