خير خلق الله

بقلم أ.ع.

حين يقال عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه خير خلق الله لا يجب أن يتبادر إلى الأذهان أن في الأمر عصبية أو انحياز ولا يعني ذلك مفاضلة بين أنبياء الله ورسله لأن الله تعالى قال:{ لانفرق بين أحد من رسله}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تخيروا بين الأنبياء”. وكل نبي هو خير قومه وأفضلهم، لكن القصد من ذلك أن في الدعوة إلى الله منافسة محمودة قال تعالى:{ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما نزلت الآية الكريمة من سورة الإسراء: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {78} وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا {79} طلب من أصحابه ومن أمته قال: ” من سمع الأذان فقال: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة”. وفي رواية ثانية: ”  إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة “.

ولئن كان مدح الناس للنبي هو من أدنى إلى من هو أرقى فإن مدح الله تعالى لنبيه وتفضيله هو بالطبع أهم وأجدى. فقد أرسل كثيراً من الأنبياء والرسل إلى أقوامهم فقط وأرسله رحمة للعالمين وللناس كافة. ولمن يعرف تفاصيل ليلة الإسراء إلى بيت المقدس يعرف أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بالأنبياء كافة.

ومن تابع من الإسراء إلى المعراج يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ مكاناً لم يصل إليه ملك ولا نبي غيره.

وتفضيل الله تعالى عمّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ورسالته والقرآن وحتى أمته ، فجعل الدين تاماً كاملاً فقال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (سورة المائدة). وأنزل على قلب نبيه قرآناً كاملاً فيه تبيان وتفصيل لكل ما تحتاجه البشرية: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى … (سورة النحل)، وجعله أحسن الكتب: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا (سورة الزمر). وجعل أمته خير أمة على وجه الأرض: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} بل جعلها أيضاً شاهدة على أعمال بقية الأمم، ثم جعل النبي على عملها شاهدا، قال تعالى في ذلك: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ {78} (سورة الحج). وقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

“يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الثلاثة وأكثر من ذلك فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا فيقال له من يشهد لك فيقول: محمد وأمته فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم فيقال: وما علمكم بذلك فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه…”.

وأما يوم القيامة فهو يوم مشهود، ليس فيه إلا الصدق والحق ونبينا يومذاك في أحسن موقف، للحديث الذي رواه الإمامان مسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه:-ح:” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع”.

وإلى لقاء آخر إن شاء الله.