خلق الكون من العدم والانفجار الكوني الكبير

بقلم العالم والداعية التركي هارون يحيى*

 

(…) قبل قرن مضى كان خلق الكون مفهوماً غامضاً ومهملاً لدى الفلكيين، والسبب في ذلك هو القبول العام لفكرة أن الكون أزلي في القدم وموجود منذ زمن لا نهائي وبفحص الكون افترض العلماء أنه كان مزيجاً من مادة ما ويظن أنها لم تكن ذات بداية، كما أنه لا توجد لحظة خلق . تلك اللحظة التي أتى فيها الكون وكل شيء للوجود .

تتلاءم هذه الفكرة وهي ” سرمدية الوجود ” تماماً مع الأفكار الأوربية المقتبسة من الفلسفة المادية، وهذه الفلسفة نمت وتقدمت أصلاً في العالم الإغريقي القديم .

و تضمنت أن المادة كانت الشيء الوحيد الموجود في الكون، وأن الكون وجد في الزمن اللانهائي، وسوف يبقى إلى الأبد.

هذه الفلسفة عاشت في أشكال مختلفة خلال الأزمنة الرومانية، لكن في فترة الإمبراطورية الرومانية القريبة والعصور الوسطى صارت المادية تنحدر نتيجة تأثير الكنيسة الكاثوليكية والفلسفة المسيحية (…) ثم بدأت تجد قبولاً واسعاً بين علماء أوروبا ومثقفيها، وكان سبب ذلك الاتساع هو الحب الشديد للفلسفة الإغريقية القديمة .

ثم ما لبث الفيلسوف ( إيمانويل كانت ) في عصر النهضة الأوربية أن أعاد مزاعم المادية ودافع عنها، وأعلن ( كانت ) أن الكون موجود في كل الأزمان، وأن كل احتمالية ( إن كانت موجودة ) فسوف ينظر إليها على أنها ممكنة .

و استمر أتباع ( كانت ) في الدفاع عن فكرته في أن الكون لا نهائي ومتماشٍ مع النظرية المادية، ومع بداية القرن التاسع عشر صارت فكرة أزلية الكون وعدم وجود لحظة لبدايته مقبولة بشكل واسع، وتم نقل تلك الفكرة إلى القرن العشرين من خلال أعمال الماديين الجدليين من أمثال ( كارل ماركس) و( فريدريك أنجلز ) .

تتلاءم هذه الفكرة عن الكون اللامتناهي تماماً مع الإلحاد، وليس من الصعب معرفة السبب لأن فكرة أن للكون بداية تقتضي أنه مخلوق، وطبعاً هذا يتطلب الإقرار بوجود خالق وهو الله، لذلك كان من المريح جداً وأكثر سلامة بأن يدار العرض بطريقة خادعة فتوضع أولاً فكرة أن ” الكون موجود سرمدي ” حتى ولو لم يكن هناك قاعدة علمية ولو كانت ضعيفة لتأكيد تلك الفكرة .

أعتنق ( جورج بوليتزر ) تلك الفكرة ودافع عنها في كتبه المنشورة في أوائل القرن العشرين، وكان النصير الغيور لكلا النظريتين الماركسية والمادية، وآمن بفكرة الكون اللامتناهي وعارض بولتزر فكرة الخلق في كتابه ” المبادئ الأساسية في الفلسفة ” حيث كتب:

” الكون ليس شيئاً مخلوقاً، فإذا كان كذلك فهذا يقتضي أنه خلق في لحظة ما من قبل إله، وبالتالي ظهر إلى الوجود من لا شيء، ولقبول الخلق يجب على الإنسان أن يقبل في المقام الأول أنه كانت توجد لحظة لم يكن فيها الكون موجوداً، ثم انبثق شيء من العدم، وهذا أمر لا يمكن للعلم أن يقبل به” .

كان بوليتزر يتصور أن العلم يقف إلى جانبه في رفضه لفكرة الخلق ودفاعه عن فكرة الكون السرمدي، بيد أنه لم يمض زمن طويل حتى أثبت العلم الحقيقة التي افترضها بوليتزر بقوله ” .. وإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي القبول بفكرة الخالق ..” بمعنى أنه أثبت حقيقة أن للكون بداية .

تمدد الكون واكتشاف الانفجار الكبير :

كانت الأعوام التي تلت 1920هامة في تطور علم الفلك الحديث، ففي عام 1922 كشف الفيزيائي الروسي ألكسندر فريدمان حسابات بين فيها أن تركيب الكون ليس ساكناً . حتى أن أصغر اندفاع فيه ربما كان كافياً ليسبب تمدد التركيب بأكمله أو لتقلصه وذلك طبقاً لنظرية أينشتاين في النسبية .

وكان جريج لوميتر أول من أدرك أهمية الأعمال التي كان فريدمان يقوم بها وبناء على تلك الحسابات أعلن الفلكي البلجيكي لوميتر أن للكون بداية، وأنه في تمدد متواصل، وصرح أيضاً أن معدل الإشعاع يمكن استخدامه كمقياس عقب حدوث ذلك الشيء .

لم تحض التأملات النظرية لهذين العالمين في تلك الفترة باهتمام يذكر، غير أن الأدلة التي نتجت عن الملاحظات العلمية في عام 1929 كان لها وقع الصاعقة في دنيا العلم، ففي ذلك العام توصل الفلكي الأمريكي الذي يعمل في مرصد جبل ويلسون في كاليفورنيا إلى واحد من أعظم الاكتشافات في تاريخ علم الفلك .

فمن رصده لعدد من النجوم من خلال تلسكوبه العملاق اكتشف أن ضوءها كان منحرفاً نحو الطرف الأحمر من الطيف وبشكل حاسم، وأن ذلك الانحراف كان مرتبطاً مباشرة مع بعد النجوم عن الأرض، وهذا الاكتشاف هز قواعد المفهوم الذي كان شائعاً للكون .

وفق القوانين الفيزيائية المميّزة إن أطياف الحزم الضوئية المسافرة نحو نقطة الرصد تميل نحو الطرف البنفسجي من الطيف، بينما أطياف حزم الضوء المسافرة بعيداً عن نقطة الرصد تميل نحو الأحمر، تماماً مثل صوت صفارة القطار أثناء حركته بعيداً عن الرصد فإن ذلك الصوت يكون خشناً غليظاً أما إذا كان القطار مقترباً فإن الصوت المسموع يكون حاداً ورفيعاً .

و قد أظهرت أرصاد هابل وفق هذا المبدأ أن الأجرام السماوية تتحرك بعيداً عنا، وبعد فترة وجيزة توصل هابل إلى اكتشاف آخر مهم، وهو أن النجوم لم تكن تتباعد عن الأرض بل كانت تتباعد عن بعضها البعض أيضاً، والاستنتاج الوحيد لتلك الظاهرة هو أن كل شيء في الكون يتحرك بعيداً عن كل شيء فيه، وبالتالي فالكون يتمدد بانتظام وتؤدة .

ووجد هابل دليلاً رصدياً لشيء ما كان جورج لوميتر تنبأ به قبل فترة قصيرة من الزمن، وأحد أعظم عقول عصرنا كان قد ميز ذلك الأمر قبل خمس عشرة سنة بعده، ففي عام 1915 استنتج العالم ألبرت أنشتاين أن الكون لا يمكن أن يكون ساكناً لأن حساباته المبنية على نظريته المكتشفة حديثاً وهي النسبية تشير إلى ذلك …

( وهكذا تحققت استنتاجات فريدمان ولوميتر) ولقد صدم أنيشتاين ذاته باكتشافاته فأضاف ثابتاً كونياً لمعادلاته لكي يجعل إجاباتها الناتجة عنها صحيحة، لأن الفلكيين أكدوا له أن الكون ثابت وأنه لا توجد طريقة أخرى لجعل معادلاته تتطابق مع مثل ذلك النموذج، وبعد سنوات اعترف أنيشتاين أن ذلك الثابت الكوني الذي أضافه كان أكبر خطأ ارتكبه في أعماله .

لقد قاد اكتشاف هابل لحقيقة الكون المتمدد لانبثاق نموذج آخر كان ضرورياً لكي لا يكون هناك عبث، ولكي يجعل نتائج معادلاته صحيحة، فإذا كان الكون يتضخم ويكبر مع مرور الوقت فهذا يعني أن العودة إلى الخلف تقودنا نحو كون أصغر، ثم إذا عدنا إلى الخلف أكثر (لمدى بعيد)، فإن كل شيء سوف ينكمش ويتقارب نحو نقطة واحدة، والنتيجة الممكن التوصل إليها من ذلك هو أنه في وقت ما كانت كل مادة الكون مضغوطة في كتلة نقطية واحدة لها حجم صفر بسبب قوة النقطية ذات الحجم الصفر، وهذا الانفجار الذي وقع سمي بالانفجار الكبير .

توجد حقيقة أخرى مهمة تكشفها نظرية الانفجار الكبير، فلكي نقول أن شيئاً ما له حجم صفر فهذا يكافئ القول بأنه لم يكن هناك شيء، وأن كل الكون خلق من ذلك اللاشيء، والأكثر من ذلك أن للكون بداية وهذا عكس ما ذهبت إليه المادية من أن الكون لا أول له ولا آخر .

فرضية الحالة الثابتة :

سرعان ما اكتسبت نظرية الانفجار الكبير قبولاً واسعاً في الأوساط العلمية بسبب الدليل الواضح القاطع لها، ومع ذلك فإن الفلكيين الذين فضلوا المادية وتشيعوا لفكرة الكون اللامتناهي والتي يبدو أن المادية تقر بها، صاروا يحملون على الانفجار الكبير ويناضلون ضدها ليدعموا العقيدة الأساسية لمذاهبهم الفكرية ( الإيديولوجية ) .

و السبب أوضحه الفلكي الإنكليزي آرثر أدينغتون الذي قال : ” فلسفياً : إن فكرة البداية المفاجئة ( المكتشفة ) في النظام الحالي للطبيعة هي بغيضة لي “

فلكي آخر عارض نظرية الانفجار الكبير هو فريد هويل، ففي منتصف القرن العشرين أتى هذا الفلكي ينموذج جديد ودعاه بالحالة الثابتة، وكان امتداداً لفكرة المتضمن أن الكون يتمدد، فافترض هويل وفق هذا النموذج أن الكون كان لامتناه في البعد والزمن، وأثناء التمدد تنبثق فيه مادة جديدة باستمرار من تلقاء نفسها بكمية مضبوطة تجعل الكون في حالة ثابتة . وواضح أن هدفه كان دعم عقيدة وجود المادة في زمن لامتناه والتي هي أساس فلسفة الماديين، وهذه النظرية كانت على خلاف كلي مع نظرية الانفجار الكبير، والتي تدافع عن أن للكون بداية، والذين دعموا نظرية هويل في ثبات الحالة ظلوا يعارضون بصلابة الانفجار الكبير لسنوات عديدة، ومع ذلك فالعلم كان يعمل ضدهم .

انتصار الانفجار الكبير :

في عام 1948 طور العالم جورج غاموف حسابات جورج لوميتر عدة مراحل إلى الأمام وتوصل إلى فكرة جديدة تتعلق بالانفجار الكبير، مفادها أنه إذا كان الكون قد تشكل فجأة فإن الانفجار كان عظيماً ويفترض أن تكون هناك كمية قليلة محددة من الإشعاع تخلفت عن هذا الانفجار والأكثر من ذلك يجب أن يكون متجانساً عبر الكون كله .

خلال عقدين من الزمن كان هناك برهان رصدي قريب لحدس غاموف، ففي عام 1965 قام باحثان هما آرنوبنزياس وروبرت ويلسون بإجراء تجربة تتعلق بالاتصال اللاسلكي وبالصدفة عثر على نوع من الإشعاع لم يلاحظه أحد قبل ذلك وحتى الآن، وسمي ذلك بالإشعاع الخلفي الكوني، وهو لا يشبه أي شيء ويأتي من كل مكان من الكون وتلك صفة غريبة لا طبيعية، فهو لم يكن موجوداً في مكان محدد.

و بدلاً من ذلك كان متوزعاً بالتساوي في كل مكان، وعرف فيما بعد أن ذلك الإشعاع هو صدى الانفجار الكبير، والذي مازال يتردد منذ اللحظات الأولى لذلك الانفجار الكبير .

و بحث غاموف عن تردد ذلك الإشعاع فوجد أنه قريب وله القيمة نفسها التي تنبأ بها العلماء، ومنح بنزياس وويلسون جائزة نوبل لاكتشافهم هذا .

في عام 1989 أرسل جورج سموت وفريق عمله في ناسا تابعاً اصطناعياً للفضاء، وسموه مستكشف الإشعاع الخلفي الكوني (cobe)وكانت ثمانية دقائق كافية للتأكد من النتائج التي توصل إليها كل من بنزياس وويلسون، وتلك النتائج النهائية الحاسمة قررت وجود شيء ما له شكل كثيف وساخن بقي من الانفجار الذي أتى منه الكون إلى الوجود، وقد قرر العلماء أن ذلك التابع استطاع التقاط وأسر بقايا الانفجار الكبير بنجاح .

و إلى جانب نظرية الانفجار الكبير فثمة دليل آخر مهم يتمثل في كمية غازي الهيدروجين والهليوم في الكون . فقد أشارت الأرصاد أن مزج هذين العنصرين في الكون أتى مطابقاً للحسابات النظرية لما يمكن أن يكون قد بقي منهما بعد الانفجار الكبير، مما أدى لدق إسفين قي قلب نظرية الحالة الثابتة، لأن إذا كان الكون موجوداً وخالداً ولم يكن له بداية فمعنى ذلك أن كل غاز الهيدروجين يجب أن يكون قد احترق وتحول إلى غاز الهليوم .

و بفضل جميع هذه الأدلة كسبت نظرية الانفجار الكبير القبول شبه الكامل من قبل الأوساط العلمية . وفي مقالة صدرت في عام ( 1994) في مجلة ( الأمريكية العلمية ) ذكر أن نموذج الانفجار الكبير هو الوحيد القادر على تعليل تمدد الكون بانتظام، كما أنه يفسر النتائج المشاهدة .

كان دفاع (دنيس سياما) عن نظرية الحالة الثابتة طويلاً مؤيداً في ذلك فريد هويل لكنه عندما واجه دليل الانفجار الكبير وصف ذلك المأزق بقوله : ” في البداية كان لي موقف مع هويل لكن عندما بدأ الدليل بالتعاظم كان يجب عليّ أن أقبل بأن المباراة انتهت وأن نظرية الحالة الثابتة يجب أن تلغى ” .

من الذي خلق الكون من لا شيء :

بانتصار الانفجار الكبير فإن دعوى الكون اللامتناهي الذي يشكل أساس العقيدة المادية أصبحت في مهب الريح، لكن الماديين أثاروا سؤالين اثنين وكانا غير ملائمين وهما ماذا كان يوجد قبل الانفجار الكبير ؟ وما هي القوة التي سببت الانفجار الأعظم الذي وقع في الكون ولم تكن موجودة قبلاً؟

ماديون آخرون مثل آرثر أدنيغتون أدركوا أن الإجابات على مثل تلك الأسئلة تشير إلى وجود خالق أسمى وهم لا يحبون ذلك . وقد علق الفيلسوف الملحد ( أنطوني فلو) على تلك النقطة بقوله :

” الاعتراض جيد للروح وهذا قول مشهور لذلك سأبدأ بالاعتراف بأنه على الملحد مهما كانت طبقته أن يرتبك من هذا التوافق العلمي الكوني المعاصر، لأنه على ما يبدو أن علماء الكون اليوم يقدمون برهاناً علمياً لما ناضل من أجله ( السيرتوماس ) ولم يستطع البرهان عليه فلسفياً، وبالتحديد الاسمى هو أن للكون بداية، وطالماً أن الفكرية مريحة في عدم وجود بداية أو نهاية للكون. فيبقى هذا الأمر بشكله الوحشي أسهل للمناقشة، ومهما كانت مظاهر الأساسية فيجب قبولها على أنها قمة التفسيرات، ومع اعتقادي بأن فكرة أن للكون بداية ستبقى صحيحة مع ذلك فهي ليست سهلة ولا مريحة، ونحن بالتأكيد سنحافظ على موقفنا في مواجهة قصة الانفجار الكبير.”

كثيرون هم العلماء الذين لا يجبرون أنفسهم على أن يقبلوا وجود خالق له قدرة لا نهائية فمثلاً عالم الفيزياء الفلكي الأمريكي (هيوج روس ) يفترض وجود خالق للكون، وهذا الخالق هو فوق كل الأبعاد الفيزيائية وهنا يقول (روس ) مايلي :

” بالتعريف : الزمن هو البعد الذي تحدث فيه ظواهر السبب والتأثير، وأنه بدون زمن لا يوجد سبب وتأثير، وإذا كانت بداية الكون كما تقول نظرية الفضاء والزمن عندئذ يكون سبب الكون هو كينونة عملت في بعد زمني مستقل تماماً ويسبق وجود هذا البعد الزمني للكون .. وهذا يخبرنا بأن الخالق متعال وخلف نطاق الخبرة والمعرفة، ويعمل من خلف الحدود البعيدة للكون، كما يخبرنا أن الله ليس هو الكون ذاته ولا هو محتوى ضمن الكون “

الاعتراضات على الخلق وفشلها :

من الواضح والمؤكد أن الانفجار الكبير تعني أن خلق الكون كان من لاشيء، وهذا بالتأكيد دليل الخلق المقصود، ومع الأخذ بالحسبان هذه الحقيقة فإن بعض الفلكيين الماديين والفيزيائيين حاول تقديم تفسيرات بديلة ليعارضها، وقد صيغ قول عن نظرية الحالة الثابتة ليدل على صلابتها وتماسكها، وكان ذلك من قبل هؤلاء الذين لم يكونوا مرتاحين لفكرة الخلق من العدم، وهذا القول يتضمن كل الأدلة المناقضة وذلك في محاولة لدعم فلسفتهم المادية .

يوجد عدد من النماذج الأخرى طورها ماديون قبلوا بنظرية الانفجار الكبير، لكنهم حاولوا إبعادها من فكرة الخلق، ومن تلك النماذج نموذج “الكون الهزاز” و “الكون ذي النموذج الكوانتي” وقد ظهر للعلماء بطلانهما سريعًا. (…)

قال تعالى : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47].

فسبحان الذي أثبت للعلماء وجوده وأظهر للخلق جوده.

 ______________________

* للراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.harunyahya.com.