د. هدى جلال محمد عبد الوهاب*
ظاهرة الضحك آية من آيات الله، فقد قال تبارك وتعالى {وأنَّه هو أضحك وأبكى}، [سورة النجم 43]. أي أن الضحك والبكاء من خَلق الله تعالى، فإذا نظرنا إلى الدنيا كلها نجد أن الضحك والبكاء موجودان عند البشر على اختلاف لغاتهم وأجناسهم وجنسياتهم – فعل مشترك لدى جميع البشر – إلا أن هناك قوانين تحكم عمليتي الضحك والبكاء.
ويعتبر الضحك من الانفعالات الفطرية النفسية ينجم عنها فوائد فيسيولوجية ونفسية للإنسان، فالضحك لغة إنسانية يولد بها الفرد، فنحن نتعلم كيف نتكلم ولكننا لا نتعلم كيف نضحك، فالضحك أمر يبدأ دون وعي وينطلق طبيعياً نتيجة لمسبب ما، ليرتقي إلى مستوى العقل والدماغ، ويضحك الإنسان بمفرده أقل مما يكون في جماعة، والضحك كبصمة اليد شيء خاص بكل فرد إذ من الصعب جداً إيجاد ضحكتين متشابهتين. وهو سلوك بشري يتحكم فيه وينتجه المخ. والشائع بين الناس أن الضحك نافع ولا سبيل إلى الشك في هذا الأمر. فقد كان الأقدمون يداوون بعض الأمراض بالضحك وإلى يومنا هذا، ولكن على الرغم من فوائد الضحك الجمة وخاصة للقلب، إلا أنه على الوجه الآخر فإن كثرته تسبب مشاكل صحية خطيرة كالسكتة الدماغية وأزمات القلب وغيرها.
واتفق الجميع على أن سلوك وفعل الضحك سلاح ذو حدين فإذا اعتدل وتوسط كان علاجًا فاعلاً لكثير من الأمراض ووقاية للصحة وخاصة من أمراض القلب، وإذا زاد وكثر عن الحدود انقلب ليصبح أحد مسببات الكثير من الأمراض الضارة للصحة وخاصة الأثر الأكيد على صحة القلب.
وسيظهر لنا الحل في اتباع سنة المصطفى عليّه السلام، أزكى وأروع الكلمات تفوح من فِيه صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول: “ولا تُكثر الضَّحك، فإنّ كثرة الضّحك تُميت القلب”.
ولا ريب أن هناك من الحكماء والأدباء والشعراء من ذم المزاح والضحك المفرط، وحذر من سوء عاقبته. وأغفل الجوانب الأخرى. يقول بعضهم: المزاح والضحك مجلبة للبغضاء، مثلبة للبهاء، مقطعة للإخاء، وهكذا قيل: إذا كان المزاح والضحك أول الكلام كان آخره الشتم واللكام، لما له من نقصان للمهابة وللنقص النفسي، وكذلك في القول المأثور للعرب نتذكر: (أحيوا قلوبكم بقلة الضحك وقلة الشبع وقلة الحسد). وينصح الأطباء والعلماء بأن كثرة الضحك ضارة للصحة، ويؤكد ويقر الباحثون والفلاسفة بأن القهقهة ليست من صفات الإنسان الحضارية، وإنما هي صفة تتميز بها القرود من بين الحيوانات. ولكن لم يتعرض أحد لقضية كثرة الضحك كما تناولها النبي الحبيب عليه السلام.
ولعل الكثير من الإستفهامات تدور حول الضحك، ما الضحك؟ ولماذ نضحك؟ ومتى نضحك؟ وكيف نضحك؟ وأين تقع الخلايا المسؤولة عن الضحك في مخ الإنسان؟… ورغم أن البحوث والدراسات في هذا المجال – مجال الضحك – قليلة وغير وافية، فإن غالبيتها تناولت الضحك بصورة عامة كأنواع ضحك والأسباب والآلية والفوائد. أما الجديد هنا فهو الحديث عن موضوع كثرة الضحك وأثره على القلب، من خلال تجميع الحقائق العلمية الموثقة والآراء الحديثة المتخصصة مع تحليل كل المعلومات وإضافة تفاسير الفلاسفة والباحثين المتخصصين في مجال التحليل الفسيولوجي والسيكولوجي للضحك.
وكثرة الضحك غير الضحك باعتدال لما يحققه من الفوائد العظيمة نفسياً وفسيولوجياً؛ وهذا ما اتفق عليه العلماء حديثًا…
-
النص الشرعي والحديث المعجز:
الإعجاز العلمي في فعله صلى الله عليه وسلم والتأكيد عليه في الكثير من الأحاديث ما ورد في النهي عن الإكثار من الضحك:
فمن حديث الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري قال: قلت: يا رسول الله أوصني… قال: “لا تكثر الضّحك فإنّه يميت القلب ويُذهِب نور الوجه”… رواه الطبراني في معجمه الكبير… ورواه ابن حبان في صحيحه… والحاكم وقال صحيح الإسناد.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليّه وسلم: “… ولا تكثر الضّحك، فإنّ كثرة الضّحك تُميت القلب…”، /الترمذي، وأحمد/ ورواه ابن ماجه، ومتنه: “لا تكثروا الضّحك، فإنّ كثرة الضّحك تُميت القلب…”. وفي حديث آخر: “وأقِلّ الضّحك، فإنّ كثرة كثرة الضّحك تميت القلب..”.
وعن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليّه وسلم: “من يأخذ من أمّتي خمس خصال، فيعمل بهنّ، أو يُعلمهن من يعمل بهنّ؟ قال: قلت: أنا يا رسول الله، قال: فأخذ بيدي فعدّهنّ فيها، ثمّ قال: اتّق المحارم تكن أعبد النّاس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى النّاس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضّحك، فإنّ كثرة الضّحك تميت القلب” أخرجه أحمد (2/310، رقم 8081).
وفي شروح الحديث قال المناوي في (فيض القدير):(ولا تكثر الضحك… وهو كيفية يحصل منها انبساط في القلب مما يعجب الإنسان من السرور ويظهر ذلك في الوجه، والإكثار منه مضر بالقلب منهي عنه شرعًا، وهو من فعل السفهاء والأراذل، مورث للأمراض النفسانية، ولذا قال: “فإن كثرة الضحك تميت القلب” أي تصيره مغموراً في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها شيئاً من مكروه؛ وحياته وإشراقه مادة كل خير، وموته وظلمته مادة كل شر؛ وبحياته تكون قوته وسمعه وبصره وتصور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه، ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني لا تكثر الضحك من غير عجب، ولا تمش من غير أرب، ولا تسأل عما لا يعنيك، ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك فإن مالك ما قدمت ومال غيرك ما أخرت… وفي صحف موسى: عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك، عجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، عجباً لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها…”.
وقال الطيبي:(إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب أي يغمسه في الظلمات فيصيره كالأموات، أي كثرة الضحك تورث قسوة القلب، وهي مفضية إلى الغفلة، وليس موت القلب إلا الغفلة…) ويذهب بنور الوجه (أي بإشراقه وضيائه وبهائه؛ قال الماوردي: (واعتياد الضحك شاغل عن النظر في الأمور المهمة، مذهل عن الفكر في النوائب المسلمة، وليس لمن أكثر منه هيبة ولا وقار، ولا لمن وسم به خطر ولا مقدار…). وقال حجة الإسلام: (كثرة الضحك والفرح بالدنيا سم قاتل يسري إلى العروق فيخرج من القلب الخوف والحزن وذكر الموت وأهوال القيامة وهذا هو موت القلب…).
وروى ابن حبان، في باب ذكر الزجر عن إفراط المرء في الضحك:(إذ مع كثرته لا تحمد عاقبته).
ولنا في رسول الله عليه السلام أسوة حسنة، أخرج الطبراني في الكبير: عن جابر بن سمرة قال: “كان النّبيُّ صلّى الله عليّه وسلّم لا ينبعث في الضّحك”، قال المناوي: (أي لا يسترسل فيه، بل إن وقع منه ضحك على ندور رجع إلى الوقار، فإنه كان متواصل الابتسام لا تنفك البسمة عنه أبداً)، ولهذا روى البخاري:”أنه ما رؤي مستجمعاً ضاحكاً قط”. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيت النّبي صلّى الله عليّه وسلّم مستجمعًا قطّاي ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته إنّما كان يتبسّم”، (البخاري). ومستجمعاً، أي مبالغًا في الضحك؛ واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمات في سقف أقصى الفم…
-
الحقائق العلمية والتفسير العلمي المتوافقة مع الحديث:
أظهرت البحوث العلمية الحديثة أن أجزاءًا في المخ لها دور كبير في عملية الضحك، وهما: (Amygdala & Hippocampus). وتربط فسيولوجيا الأعصاب الحديثة الضحك بتنشيط القشرة الأمامية الوسطى للدماغ (Ventro-medial perfrontal cortex)، التي تفرز مادة “الإندروفين” بعد أي نشاط يشعر فيه الإنسان بالمكافأة، كما يشعر بعد تناول وجبة لذيذة، أو بعد ممارسة النشاط الشديد، أو بعد فهم نكتة. وفي بحث بالمجلة الطبية الأمريكية، استطاع الباحثون وصف الأسباب المؤدية للضحك التي مصدرها الجهاز العصبي، على أن مركز الضحك بالمخ غير محدد بدقة، إلا أنه يعتمد التعبير عنه على مسارات عصبية متصلة بالدماغ المتوسط والخلفي القريبة من مراكز التنفس، (Telencephalic and diencephalic) أي أن تلك التأثيرات تظهر نتيجة عملية تنشيط الدماغ لفترة وجيزة، ولكن مع زيادة الإثارة المتكرر يحدث تثبيط لإفراز مادة الإندروفين من أجزاء المخ كنوع من التغذية المرجعية مما له التأثير غير المباشر على عضلة القلب، مما يسبب نوعاً من الضيق يشعر به الفرد بعد كثرة الضحك… وقد ينتهي بحالات مؤقتة من الاكتئاب.
كما أثبتت الدراسات الحديثة أن استمرار تنشيط خلايا الدماغ يتسبب بتلفها على المدى البعيد بسبب الإثارة المتكررة والمستمرة، علماً بأن هناك أولويات للمحافظة على تلك الخلايا يجب أن يعيها الفرد ليتحملها أهم من الضحك!! وتسبب الإثارة المستمرة للدماغ، والناجمة عن استمرار الضحك وكثرته، تلفاً تدريجياً لتلك المناطق، إضافة إلى قدرة تلك الخلايا المستثارة على إفراز مواد كيميائية كالابينفرين والأدرينالين والنورادرينالين والتي لها تأثير مباشر على عضلة القلب والأوعية الدموية.
وبمزيد الأبحاث العلمية حول تفسير أثر كثرة الضحك وارتباطه بالتأثير غير المباشر على الجهاز الدوري، أظهرت نتائج هذه الدراسات أن التفسير وراء ذلك هو اعتبار كثرة الضحك أحد أشكال الضغوط العقلية (Mental Stress) المستمرة التي تسبب خللاً لـ (Endothelium) البطانة الحامية للأوعية الدموية وخاصة المغذية للقلب، وبمجرد أن تتأثر هذه البطانة ينجم عنها عدد من ردود الفعل من الإلتهابات التي تؤدي إلى تراكم الكوليسترول على جدار الشرايين التاجية كنتيجة أخيرة تنتهي بحدوث الأزمات القلبية.
وقد كشف العلم الحديث عن الفسيولوجية والكيفية التي تنتجها كثرة الضحك المتكرر وبالتالي تسبب الأزمة القلبية، حيث تم قياس وملاحظة الألواح التصلبية المترسبة داخل جدر الشرايين التاجية بإستخدام مسبار وعائي مزود Intravascular Ultrasonography بجهاز دقيق للموجات فوق الصوتية، فلوحظ أن تكرار تمدد وانكماش هذه الشرايين المعتلة والفاقدة لليونة بسبب تصلبها يؤثر بطريقة ميكانيكية على هذه الألواح “الكوليسترولية”، فإذا حدث الإجهاد، أدى التسارع الكبير في ضربات القلب وقوتها وارتفاع الضغط المصاحب له إلى تمدد شديد للشريان الفاقد لليونته فيتشقق لويح الكوليسترول ثم يتمزق لتحدث الجلطة القلبية.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن الشرايين التاجية المتصلبة التي يتراكم بها الكالسيوم (المتكلسة) والتي تظهر عن طريق التصوير المحوري الطبقي (CT-Computed tomography) تكون أكثر عرضة للتمزق وإحداث الجلطة في شرايين القلب.
ويقول العلماء والباحثون: إن تشقق الشرايين والجلطات كأحد العوامل المساعدة على وجود عامل جرثومي مُسبب للإلتهابات القلبية، فقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن البكتيريا الحلزونية البوابية المسببّة لقرحات المعدة والإثنى عشر والمسماة بـ هيليكوباكتربايلوري (Helicobacter pylori) وفيروس سايتو ميجالو (CytoMegalo Virus CMV) وبكتيريا الكلاميديا الرئوية (Chlamydia pneumonae) المسببة لإلتهاب الرئة قد يكون ذلك كله سبباً في إحداث الأزمة القلبية!!!، وعلى الرغم من أن هذا الكلام قد يبدو غريباً وشاذاً عند البعض، لكن لابد لنا أن نؤكد على أن هذه النظرية الجرثومية لا تزال تشكل خلافًا حادًا بين العلماء كواحدة من مسببات أو نتائج تصلب الشرايين والأزمة القلبية الناتجة من الإجهاد الشرياني الناتج من الضغط المباشر وغير المباشر، فمؤيدو هذه النظرية استندوا إلى كشفهم لبكتيريا الكلاميديا الرئوية داخل الخلايا الموجودة في لويحات الكوليسترول داخل جدر الشرايين التاجية المتصلبة ودعموا رأيهم بكشفهم لوجود معدلات أعلى من الأجسام المضادة لهذه البكتيريا في دماء مرضى الشرايين التاجية. وهناك البعض من المعارضة لتلك النظرية، وما زال البحث مستمراً.
ويعتبر الباحثون بأن كثرة الضحك تمثل نوعًا من الضغط النفسي (Psychological stress) على الجسم مما ينتج عنه إثارة هرمون الكورتيزون (هرمون الضغط) فيحدث انقباض في جميع الأوعية الدموية في الجسم بما فيه القلب والشرايين التاجية المغذية للقلب فيسبب قصوراً في الدورة التاجية فتظهر الذبحة الصدرية، إضافة إلى الإنقباض في جدار الأوعية الدموية المسبب لارتفاع ضغط الدم، علماً بأن الضحك القليل يعتبره الباحثون والأطباء أحد الطرق العلاجية للضغوط الحياتية لأنه يسبب انخفاضاً في معدلات إفراز هرمون الضغط (الكورتيزون)، ويتفق مع ما سبق (ستيف سولطانوف) رئيس الرابطة الأمريكية للعلاج بالضحك: “عندما يضحك الإنسان بكثرة يفرز الجسم هرمون الكورتيزون (الهرمون الذي يُفرز عندما يكون الإنسان تحت تأثير الضغوط) مقارنة بالضحك القليل فإنه يقلل من معدلات الإفراز، وينصح بقوله: عندما يكون الإنسان في حالة ضغوط فإن عليه أن يتناول هذه الضغوط بالضحك القليل البسيط..
وكشفت دراسة أوروبية جانبًا آخر لكثرة الضحك واعتباره أحد أوجه الاجهاد البدني Physical stress المتكرر لعضلات الوجه والقفص الصدري ولعضلة القلب، إذ أظهرت نتائج بحث بريطاني التأثير السلبي لتكرار الضحك على القلب. حيث أُخضع كل المشاركين لقراءات مطولة من مقالات مضحكة ومواقف فكاهية على مدى ثلاث ساعات يوميًا قبل الظهيرة لمدة أسبوع ومن ثم قيست مستويات هرمون الكورتيزول المسبب لضيق الشرايين التاجية المسبب للأزمات القلبية. ولاحظ الباحثون أن المشاركين ممن أصيبوا بالإجهاد الناتج من كثرة الضحك خاصة في الصباح وقبل الظهيرة جراء القراءات والمواقف الفكاهية وذلك بالمقارنة مع ساعات المساء، قد كانوا الأكثر عرضة للإصابة بضيق الشرايين والتأثير المباشر على القلب وذلك من خلال تخطيط رسم القلب، عن أولئك الذين احتفظوا بهدوئهم وخاصة في فترات المساء، وفسر العلماء هذه المشاهدة الغريبة استنادًا إلى افتراض أن قدرة الصفائح الدموية (Platelets) الموجودة بالدم على التجمع والإلتصاق لتُحدث لنا الخثرات (الجلطات) الدموية تتغير بتغير الدورة اليومية للجسم البشري (Circadian rhythm)، نتيجة الهرمونات التي تفرز في الدم يومياً في أوقات معينة من النهار والليل لتنظم عمل أجهزة الجسم المختلفة ومن بين هذه الهرمونات هرمون الكورتيزون خفض حيوية الخلايا القاتلة الطبيعية (Natural Killer Cells Activity-NKCA) القادرة على إفراز كيميائيات السيتوكين (Cytokines) منها الإنترفيرون (Interferon gamma).
أظهر العلم الحديث آلية حدوث الضحك وهي أفيونات المخ التي يفرزها في هذه الحالات وتدعى الندروفينات، ولكنها تعاكس في تأثيرها على الجسم الهرمونات التي يفرزها في حالات شدة وكثرة الضحك المسبب للحالة المزمنة، وهي الكاتيكول أمينات “الأدرينالين” مما يؤدي إلى عدم انتظام عمل القلب والضغط الشرياني وعدم استرخاء وانقباض العضلات واضطراب إفراز الأحماض في المعدة.
بينت الأبحاث العلمية الحديثة أن استنشاق الإنسان لبعض المواد الكيميائية مثل الأكسيد النتري Nitrous Oxide ويطلق عليه أيضًا “الغاز المضحك” على اطلاق نوبات من الضحك الهستيري المتكرر وهو يعادل ما يعرف بالضحك المزمن وله نفس التأثير الناتج من كثرة الضحك، وهو نفس التأثير لاعتماد على بعض العقاقير مثل الحشيش التي تسبب نوبات الضحك القوية والمتكررة في تغيرات فسيولوجية وهرمونية وآلام في عضلات الجسم كإستجابة لهذه الحالة الشعورية القوية والتي قد تنتهي بحدوث أزمات قلبية.
ويزيد العلم الحديث بعض الآثار الضارة على الجسم الناتجة من كثرة الضحك ولكن ينتهي المطاف إلى أهم تلك الأثار وهي على القلب وكنتيجة أخيرة تنتهي بحدوث الأزمات القلبية…
كما كشف العلم الحديث أن: كثرة الضحك غير المبرر ينتج أيضًا من بعض الأمراض الخطيرة – سواء العضوية منها أو النفسية – كحالات الفشل الكبدي، وحالات الاكتئاب ثنائيّ القطبين وحالات الهستيريا وبعض حالات الفصام، ومع العلاج العقاري يتم تخفيف تلك النوبات من الضحك.
وجه الإعجاز في حديث كثرة الضحك
وأخيراً اكتشف علماء الدين والفلسفة الوجه المعجز في الحديث النبوي من حيث الإشارة إلى الأثر النفسي والروحاني الذي ذكرناه والأطباء يؤكدون ما سبق إيراده من أن كثرة الضحك تؤثر كعامل ضغط بصور مختلفة، فتسبب جميع اشكال التأثير المباشر وغير المباشر على القلب على المستويات التالية:
- النفسي والعقلي…
- العضوي والميكانيكي…
- الفسيولوجي…
- الهرموني والكيميائي…
لقد سبق الحديث الشريف كل العلماء بالنهي عن كثرة الضحك لماله من أثر على موت القلب على جميع المستويات التي شرحها وفصلها وأكد عليها العلم الحديث.
ويتضح الإعجاز في النهي عن كثرة الضحك (Laughing too much) لما لذلك من الأثر على القلب… وتغير لون الوجه حيث أثبت العلم الحديث أهمية الضحك المعتدل في حياة الإنسان وصحته وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حذر العلماء والأطباء من خطورة كثرة الضحك المتكرر والمعرف بأنه الضحك المزمن وهو الشائع بين الأفراد يلجأ إليه الكثير، على خلاف نوبات الضحك الشديد(laughter Excessive paroxysmal) وهو شكل آخر من الضحك المسبب للمضار، وقد ظهر سبق الحديث الشريف أكثر من 1400 عام، فالكثرة فيها استمرارية مما يحدث الأثر الصحي الطبي بالتكرار.
أما الوجه الآخر للإعجاز وهو موت القلب والذي فسره علماء الدين سابقًا أنه الأثر النفسي وقسوة القلب روحانياً… وقد أثبت العلم الحديث أن هذا الموت ليس فقط نفسياً وإنما عضوياً وفسيولوجياً.
أما الإعجاز العلمي الحقيقي فيتمثل في تطابق الحقائق العلمية مع ما جاء به الرسول الكريم، ففي زمنه صلى الله عليه وسلم:
- لم يكن هنالك مقاييس لهرمونات الجسم.
- لم يكن هناك تخطيط للقلب ولا للدماغ.
- لم يكن هناك أشعة وتصوير للأوعية الدموية لملاحظة الجلطات والترسبات.
- لم يكن هناك أدوات لقياس ارتفاع ضغط الدم.
- لم يكن هناك مجاهر للكشف عن الميكروبات ومعرفة أماكن التجمع وتماثلها على اللثة والقلب.
- لم يكن هناك أدوات لقياس قوة الضغط على القلب.
- لم يكن هناك علم الفسيولوجي ليعرف أثر الضحك وكثرته على الجسم كله.
فمن أخبر النبي بخطورة كثرة الضحك وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، إنه الله المربي والمعلم…
______________________________
* من جامعة الملك عبد العزيز.وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مع المراجع كاملة العودة الى الموقع www.eajaz.org