الألوان في القرآن و السنَّة

إعداد حنان ناصر الشعراني(1)

 مقدمة

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

و الصلاة و السلام على قرَّة عيوننا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

استوقفتني الآية الكريمة في سورة البقرة:

﴿ بقرةٌ صفراءُ فاقعٌ لونها تسُرُّ النّاظرين﴾ (69.1)، فاسترعى انتباهي:

أنَّ النظر إلى اللون الأصفر الفاقع يبعث السرور في نفس الناظر اليه ويزيده بهجة!!؟

و هذا ما أثبته علماء النفس اليوم!!

تقصيت عن الموضوع، فجمعتُ الآيات الكريمة والأحاديث النبوية التي تحكي عن الألوان.

1- عموميات عن الألوان:

أ- اللون احساس وتأثير

اللون هو ذلك التأثير الفيزيولوجي الناتج على شبكية العين…سواء كان ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون…فهو إحساس إذن وليس له وجود خارج الجهاز العصبي للكائنات الحية…

ب- أهمية تنوع الألوان:

وليتصور الإنسان نفسه وقد انقلب هذا الوجود إلى اللون الرمادي والأسود والأبيض فقط مثل الصور الفوتوغرافية ومحيت الألوان من صفحة الوجود فلم يعد يرى شمس الاصيل، وغروب الشمس، وبزوغ القمر، والغابات ذات الالوان الساحرة، والطيور بألوانها الرائعة، والكون بألوانه الفذة، و الزهرة في الربيع، والنبتة في الحقل، والثمرة في البستان، كلها ألوان مع ألوان وجمال مع جمال، إنها ظاهرة الجمال في هذا الوجود ﴿ ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين﴾(الحجر،16) ﴿وأنبتت من كل زوج بهيج﴾(الحج،5)

﴿أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون﴾ ( النمل، 60).

ج- حقيقة الألوان:

أما علماء الطبيعة فيقصدون بكلمة لون نتيجة تحليل الضوء(الطيف الشمسي) أو طول موجة الضوء، فلكل لون طول خاص للموجة، وبعض الإشعاعات لا تستطيع العين أن تميزها مثل موجات تحت الحمراء وموجات فوق البنفسجية…

و أقصر طول موجة من موجات الألوان هي موجة اللون الأزرق.

و الموجة المتوسطة بين الألوان هي موجة اللون الأخضر.

و أطول طول موجة من موجات الألوان هي موجة اللون الأحمر.

تبلغ موجة اللون البنفسجي = 0.42 Mm

تبلغ موجة اللون النيلي = 0.44 Mm

تبلغ موجة اللون الأزرق = 0.47 Mm

تبلغ موجة اللون الاخضر = 0.51 Mm

تبلغ موجة اللون الأصفر = 0.55Mm

تبلغ موجة البرتقالي = 0.60 Mm

تبلغ موجة الأحمر = 0.65Mm

2- قدرات العين البشرية:

أ- تمييز العين للألوان:

سوف نرى أن الضوء الأبيض يتحلل إلى سبعة ألوان هي من الأعلى الى الأسفل اللون:

الأحمر – البرتقالي – الأصفر – الأخضر – الأزرق – النيلي – البنفسجي

إن هذه الألوان السبعة هي التي تتشكل في قوس قزح، وهي التي تتشكل بالتحليل الطيفي الذي ذكرناه، ولقد تبين أن هذه الألوان السبعة من مزيجها يتشكل اللون الأبيض فيما اذا قمنا بتجربة أخرى معاكسة لها وهي جمع الألوان المتشكلة بعدسة مقربة فنرى تشكل بقعة لونية بيضاء مرة أخرى، ولقد وجد ان لهذه الألوان أطوال موجات معينة، تبدأ من الاحمر حيث تكون طول الموجة (620-760) ميلي مكرون، وتنتهي بالبنفسجي وطول الموجة (290-340) ميلي ميكرون. والعين تميز ما بين هذه الحدود حوالي (128) لونًا أساسيًا أو ما يسمى بالنغم اللوني وقد وجد ان لكل لون تواتر معين، أي عدد إهتزازات الموجات في الثانية وأصغر التوترات هي اللون الأحمر حيث تبلغ 4 × 1014 هزة ثانية أي 400 مليون هزة في الثانية الواحدة، وأما اللون البنفسجي فيبلغ تواتره 780 مليون هزة في الثانية الواحدة، وكل تواتر يصيب العين يولد فيها إحساساً معيناً للون، وبهذا نعرف ان الألوان في تواتراتها التي لا حد لها بين اللون الأحمر والبنفسجي تؤلف عدداً لا نهائياً من أطياف الألوان المرئية…

ب- لون صعب! لون سهل!

والعين على درجة كبيرة من الحساسية خاصة اللون الأخضر، وتنعدم هذه الحساسية عند نهايتي الأحمر والبنفسجي، فالعين قادرة على إدراك أقل اختلاف فى اللون ويمكنها أن تميز من 200 إلى 250 لون.

وتميز العين بسهولة الألوان البنفسجية والحمراء ولا تستطيع بسهولة أن تقدِّر فروق درجات الألوان الصفراء، وكذلك فمن الصعب على عامل ” الديكو” عمل ترميم لسيارة باللون الأصفر.

ويريح العين الضوء الموحَّد خاصة الضوء الأبيض الخليط من الألوان السبع..

ج- كيف ترى العين الألوان ؟

يعتقد الأطباء أن هناك ثلاثة أنواع من النهايات العصبية الموجودة بشبكية العين (الأقماع) وهي:

* المجموعة الأولى: ذات حساسية خاصة لتأثير الموجات الطويلة أو اللون الأحمر.

* المجموعة الثانية: ذات حساسية خاصة للموجات المتوسطة أو اللون الأخضر.

* المجموعة الثالثة: ذات حساسية خاصة للموجات القصيرة أو اللون البنفسجي.

وعلى هذا فاللون الأحمر يؤثر بقوة على المجموعة الأولى وله تأثير ضعيف على المجموعتين الأخيرتين، وهكذا كل لون يثير مجموعة أو مجموعات مختلفة من هذه النهايات.

فإذا أمكن إثارة المجموعات الثلاث فى وقت واحد وبنفس القوة نتج الإحساس باللون الأبيض، وإذا لم تثر هذه المجموعات إطلاقا نتج الإحساس بالأسود.

3- الألوان في القرآن الكريم.

أ‌- جمال الكون من الألوان:

لقد خلق الله تعالى كل ما فى الكون وسخَّره لخدمة الإنسان وتحقيق راحته وهنائه، وحرصت القدرة الإلهية على أن تكون المخلوقات جميلة مع كونها نافعة، فيفيد الإنسان وينتفع، وفى الوقت ذاته يُسر بجمال الأشكال وتعدد الألوان: ذلك الجمال الرائع المنبث فى لوحة الكون.

وإذا غفلت عيوننا البشرية عن الإلتفات إلى مشاهد الجمال ذكَّرنا القرآن الكريم بها.

ومن بين آيات الجمال : جمال الألوان .

نجد الجبال ألواناً عدة، فى مقدرة الخالق سبحانه أن يجعلها لوناً واحداً، لكن السرور البشري يتحقق فى تعدد الألوان، لذا وجدنا فى الجبال طرائق بيض وحمر وذات ألوان أخرى.

يقول الحق سبحانه وتعالى:

﴿ ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ﴾( فاطر: 27)

* وكلمــة الجــدد: تعني الطرائق ومفردها جدة.

* أما الغرابيب السود: فهي الجبال السود الطوال.

وعندما نجيل ببصرنا من الجبال المتعددة الألوان إلى الجبل الأسود الغربيب أو منه إلى الجبال ذات الألوان المتعددة نستشعر تقابلاً فينبعث السرور كما فى استخدام المقابلة والطباق فى الشعر والأدب.

وهذه الآية تذكر اللون الأبيض واللون الأحمر، أما بقية الألوان وما أكثرها وما أشد اختلافها وتعددها فيذكرها إيجازاً وتركيزاً قوله تعالى ﴿ مختلف ألوانها ﴾.

إنَّ فى تعدد ألوان الأحجار وامتزاج أحدها بالآخر لجمالاً يبهر العين تماماً كما تبهرها ألوان الشعب المرجانية فى قاع البحر الأحمر…

والقرآن الكريم يذكر عبارة ﴿مختلف ألوانها﴾ بعد قوله تعالى “بيض وحمر” وكان فى هذا إشارة إلى أن اللونين الأساسيين هما الأبيض والأحمر: الأبيض للدلالة على البارد والأحمر للدلالة على الحار.

ب‌- الألوان في الأنعــــــــام :

فمن تعدد جلود الأنعام يتحقق ذلك الجمال الذى أشارت إليه تلك الآية الكريمة.

﴿ ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ﴾( النحل،6)

ونجد تعدد ألوان الأنعام فى قوله تعالى :

﴿ ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ﴾ (فاطر،28)

أي فيهم الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك وكل هذا- فيما يعبر الإمام القرطبي – دليل على صانع مختار. ﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ﴾(القصص،68)

وكلمة كذلك فى الآية السابقة لها دلالتها على تذكير الإنسان بأن تعدد الألوان وارد ليس فى الجبال فحسب، وإنما فى الكائنات الحية المتميزة بالروح والإحساس ﴿ الناس والدواب والأنعام﴾ وذكر” الأنعام” بعد” الدواب”من باب عطف الخاص على العام، وإقرار” الأنعام” لأهمية جمال ألوان الأنعام لنا كونها أكثر من غيرها حضوراً بيننا، فالأغنام مثلاً فى الحقول أما الثعالب والذئاب والأفيال ففي الغابات وربما تتعذر رؤيتها على كثيرين.

ج‌- الألــــــوان في النباتات

اللون الأخضر في القرآن:

نشاهد فى حياتنا اليومية كثيراً من الألوان المختلفة، وأكثرها انتشارا وأعظمها شأناً هو اللون الأخضر الذى يبعث فى نفس الإنسان كثيراً من البهجة والسرور و الراحة، خاصة عندما ينتشر اللون الأخضر في الوديان التي تمتد عبر الصحراء حيث تكسوها الأعشاب والنباتات الخضراء بعد هطول الأمطار عليها وهو ما تشير إليه الآية الكريمة التالية:

﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة ﴾ ( الحج،63)

ونقرأ قوله تعالى :

﴿ فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ﴾ (الأنعام ،99)

الأخضر لغوياً :

قيل الخضر ههنا: الزرع الأخضر، وشجرة خضراء أى غضه، وأرض خضرة ويخضور كثيرة الخضرة وخضر الزرع خضراً: نعم وأخضره الري و الأخضر لون الحياة و النماء.

د- أفضل الألوان

وكما ذكرنا أن أفضل الألوان كلها وأشرفها لون الخضرة وذلك لأمرين:

الأمـــر الأول :

أن الله سبحانه وتعالى وصف فى كتابه العزيز أهل جنته المخصوصين بتقريبه وميزته بلباس الثياب الخضر. فقال تعالى فى وصفهم ﴿عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ﴾(الإنسان،21 )

فى موضع آخر﴿ ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق ﴾ (الكهف،31)

فلو كان فى الألوان أفضل من الخضرة لوصفهم الله سبحانه بذلك.

الأمر الثاني :

ما فى لون الخضرة من تقوية للنظر والزيادة فى حاسة البصر، وسبب ذلك فيما يقوله أهل الطب أن اللون الأخضر يجمع الروح التي تبصر جمعاً رفيقاً مستلذا غير عنيف وإن كان اللون الأسود يجمع الباصر أيضاً لكنه يجمعه بعنف واستكراه على ضد ما يجمعه اللون الأخضر.

يقول تعالى : ﴿ فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ﴾ (النمل،60)

هـ -آيات الألوان

الآيات التي ذكرت فيها الألوان :

1- اللون الأخضر : (يس،80) (الأنعام ،99) ( يوسف،43)

(الكهف،31) (الحج،63) ( الرحمن،76) (الإنسان،21)

2-اللون الأصفر: (البقرة ،69) (الروم،51) (الزمر،21) (الحديد،20) (المرسلات،33)

3- اللون الأبيض: (البقرة،187) (آل عمران،106،107) ( الأعراف،108 )

(يوسف،84)(طه،22) (الشعراء،33)(النحل،12)(القصص،32)

(فاطر،27) (الصافات،46،49)

4- اللون الأسود: ( البقرة،187) (آل عمران،106) (النحل،58) ( الزمر،60)

(الزخرف،17) (فاطر،27)

5- اللون الأحمر: (فاطر،27)

6- اللون الأزرق:(طه، 102)

7- مختلف الألوان:عمومها: (النحل،13،69) (الروم،22) (الزمر،21) (فاطر،28،27)

وذكر في القرآن ماله لون مثل السماء و الحجر، والذهب و العسل و النحل و المرجان، اللؤلؤ…

4- تأثـــير الألـــوان

أ‌- الألوان الكريمة:

وسبحان الله الحكيم في أن جعل لنا هذه الألوان الأربعة الأصفر والأبيض والأحمر و الأخضر : في أعظم الأجساد وأشرفها وأبهجها وأحسنها منظراً وهي :

أ‌- الذهب الأصفر

ب‌- اللؤلؤ الأبيض، و الفضة

ج- الزمرد الأخضر

د- والياقوت الأحمر

ولم يجعل شيئاً من الأحجار أعز منها ولا أشرف وجعل غاية كل واحد منها أن يكون بهذا اللون المذكور﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ .

ب‌- تفاضل الألوان وتناسبها:

مزج الله عز وجل جسم الإنسان بعناصر وموجات كهربية وإشعاعات تتجانس مع الأشعة الكونية والموجات الكهرومغناطيسية والذبذبات اللونية ولكل شخص إشعاعات خاصة به تختلف في طول الموجة والتردد وعدد الذبذبات عن غيره تماماً كالبصمات، و كل إنسان يرسل حوله إشعاعات خاصة به تسمى الهالة ويستقبل من الآخرين إشعاعات مماثلة:

– فإذا كانت متقاربة نتج عن ذلك تفاهم و محبة قوية.

– و إذا كانت متنافرة نتج عنها العكس.

و قد يكون هذا تفسيرا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تنافر منها اختلف). وحدة الطباع توحد الهالة الناتجة عنها.

ج‌- هل يقتصر تأثير الألوان على الرؤية بالعين:

بالطبع لا، فإن تأثيرها ممتد لكل ما حولها، فللألوان تأثير حتى على مكفوفي البصر نتيجة لترددات الطاقة التي تتولد داخل أجسامهم؛ لذلك استخدم الصينيون القدماء الألوان في علاج الأمراض، كما استخدم الفراعنة اللون فوق الأخضر، داخل الأهرامات لمقاومة الجراثيم، و قتل البكتريا، و بالتالي المحافظة على الموميات.

د- الألوان الموجبة والألوان السالبة

تنقسم الألوان الى قسمين:

القسم الأول، الألوان الموجبة:

و تمتاز بتفاعلها الحمضي و إشعاعاتها المنشطة كالأحمر ( لون الدم لوجود الحديد فيه). و يُعتمد اللون الأحمر في علاج فقر الدم والاكزيما (وقديماً كانوا يلبسون الطفل ملابس حمراء عندما يصاب بمرض الحصبة).

و تحت الأحمر: في علاج فقر الدم و السل.

و الأسود: يعطي الإحساس بالإكتئاب ومثبط للشهية.

والبرتقالي: في علاج الإكتئاب و فتح الشهية.

القسم الثاني، الألوان السالبة:

تمتاز بتفاعلها القلوي و تأثيرها المهدئ

الأصفر: في علاج أمراض الجهاز التنفسي والكبد حيث أن هذا اللون له تأثير نفسي، فهو يسر النظر و يريحه قال تعالى في وصف بقرة بني إسرائيل﴿ لصفراء فاقع لونها تسر الناظرين﴾…

و قد أجريت بحوث عديدة في مختلف دول العالم عن الألوان فكان اللون الأصفر هو الأكثر انسجاماً مع البيئة وخصوصاً للطلبة، إذ تدهن الفصول الدراسية باللون الأصفر ..

الأزرق: فإنه يخفض ضغط الدم و تصلب الشرايين.

النيلي: ينشط الذاكرة.

البنفسجي: يمنع العدوى هوالأقرب للأشعة فوق البنفسجية التي تستخدم لتعقيم الماء وغيره…

الوردي: مهدىء، لذا يستخدم في غرف النوم كما انه يستخدم في مراكز علاج الادمان.

الأبيض: يستخدم في علاج صفراء حديثي الولادة.

الأخضر: ذكر اللون الأخضر في القرآن الكريم في آيات النعيم، فما هو سر هذا اللون؟

لقد ورد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم والتي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة والمتعة والأمان النفسي: وبسبب تأثير الألوان في أعماق النفس الإنسانية فقد أصبحت المستشفيات تستدعي الاختصاصين لاقتراح لون الجدران الذي يساعد أكثر في شفاء المرضى، و كذلك الملابس جعلت في غرفة العمليات للأطباء الجراحين لونها أخضر.

ونذكر هنا تجربة تمت في لندن على جسر(بلاك فرايار) الذي يعرف” بجسر الانتحار” – لأن أغلب حوادث الانتحار تتم من فوقه – حيث تم تغيير لونه الأغبر القاتم إلى اللون الأخضر الجميل، مما سبب انخفاض حوادث الانتحار بشكل ملحوظ. و اللون الأخضر يريح البصر ذلك لأن الساحة البصرية له أصغر من الساحات البصرية لباقي الألوان، كما أن طول موجته وسطى فليست بالطويلة كاللون الأحمر وليست بالقصيرة كالأزرق

و الأخضر هو لون إيجابي بنسبة 100%لذا جعله الله من نعيم أهل الجنة.

هـ – كيفية تأثير اللون في جسد الإنسان؟

في تجربة عملية وُضع أمام عيني أحدهم ورقة لونها أزرق.

ثم وضع أمام عينيه ورقة لونها زهري.

وجد أنه في حالة الورقة الزرقاء كانت لدى صاحب التجربة طاقة أكبر، واستطاع أن يغلب خصمه، بعكس الحال عند الورقة الزهرية اللون.

في العام 1978، بعد مشاهدة اختبار فورمان بدأ الدكتور “الكسندر” من المعهد الأميركي للأبحاث البيولوجية الإجتماعية، في ولاية واشنطن، يستكشف تأثيرات اللون الزهري، فأطلق نظرية مفادها ان اللون يؤثر على إنتاج الهورمونات في الجسم، مستنداً على نتائج اختبارات في سجن عسكري، حصل عليها تفيد أن اللون الزهري خفف من السلوك العدائي للسجناء:” هذا اللون عندما يحيط بشخص: لا يستطيع (هذا الشخص) ان يتصرف بعدائية، انه لونٌ مهدىء يُضعِّف الطاقة،حتى المصابين بعمى الألوان يهدؤون في الغرف الزهرية”…

وقد أقرَّت عالمة الألوان”هاوس”بضرورة القيام بالمزيد من التجارب للتعرف أكثرعلى تأثير الألوان، وفي ولاية تكساس قاموا بطلاء جميع جدران الزنزانات باللون الزهري والذي يطلقون عليه اللون النمري فتضاءلت الإعتداءات من قبل السجناء على بعضهم وعلى رجال الشرطة.

من ناحية أخرى، قام علماء بتجربة طلاء جدران سجن آخر باللون الأبيض، وقاموا بتنظيف السجن بكامله، فكان السجناء يرون: النظافة في كل مكان من السجن، وجدراناً لماعة، وطلاءًً جديداً و نظيفا… ومعطرجو منعش يعبق في الأجواء.

المفاجأة كانت ان المسؤولين عن السجناء قد حصلوا على نتائج مدهشة : سجناء لطفاء!!

اذن نظافة اللون ولمعانه وبريقه ونصاعته، وكذا نظافة المكان و البيئة التي يتواجد فيها الانسان، تؤثر فيه وتهدىء من روعه.فالإنسان منا لا يحب انعدام اللون، بل يمقته و يبغضه.

5- الألوان من وسائل رصد الفضاء:

الكون دائم الاتساع:

كيف ادرك العلماء هذه الحقيقة ؟

ما شأن الألوان – موضوع بحثنا – في الكون واتساعه؟!

القصة تبدأ عن طريق تجربة بسيطة أُجريت على مصدر للضوء يُنظر اليه من منشور زجاجي، يتحلل الضوء الأبيض عند اختراق هذا المنشور الزجاجي الى أطياف سبعة (كل طيف له طول موجي): الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق و النيلي و البنفسجي.

أ‌- إذا تحرك مصدر الضوء متباعداً عن المشاهد تنحاز هذه الحزمة الى الطيف الاحمر لانه أطول الأطياف، هذا يعني ان الكون في اتساع دائم ( وهذا حال كوننا اليوم ).

ب‌- و إذا كان مصدر الضوء ثابتاً تاتي هذه الحزمة متماثلة للأطياف السبعة هذا يعني أن الكون في استقرار: توازن.

ج- وإذا كان مصدر الضوء يتحرك قرباً إلينا تنحاز الحزمة الى الطيف الأزرق ثم الى البنفسجي، لأنه أقصر الأطياف هذا يعني أن الكون في انكماش.

د‌- تدرُُّج لون النار

لون السعير:

سُئل رئيس أكبر وكالة فضاء في العالم سؤالاً عن السّديم، و عن كتله المتوهجة الحمراء و البيضاء والسوداء، فقال هذا العالم الكبير، وهو أكبر علماء الأرض في علم الفلك، قال: الشموس المشتعلة أنواعٌ ثلاثة :

• النوع الأول :

شموس مشتعلة باللون الأحمر كشمسنا، وهي في منتصف عمرها، هكذا قال بعض العلماء، مضى على اتقادها خمسون مليار سنة، وستبقى كما يقولون – خمسين مليار سنة أخرى- إنها في منتصف عمرها.

• النوع الثاني :

شموس بعد أن تمر بمرحلة الإحمرار يزداد حجمها زيادة كبيرة، الى درجة أنها تنتفخ زيادة على الحد المعقول، ثم تنكمش انكماشاً عظيماً فجأة، بواقع من مئة الى واحد من حجمها الأصلي، وعندئذ تصبح بيضاء اللون، وتشُعُّ نوراً أبيض، ولكنه أشد حرارة بكثير من اللون الأحمر.

فالشمس التي تغير لونها من اللون الأحمر الى اللون الأبيض، شدة حرارتها أشد بكثير من حرارة الحمراء.

• النوع الثالث :

ويعد ذلك تمر هذه الشمس في مرحلة اخرى،هي مرحلة التكدُّس، كما يتكدس المتر المكعب من الحديد بحجم ذرةٍ لا ترى بالعين، ولا بالمجهر .

ومعنى ذلك أن كثافة هذه الشمس تصبح عالية جداً، ويصبح جذبها شديداً جداً، لدرجة أن النور لا يسطع منها، ولا يخرج. سمَّاها العلماء الآن الثقوب، هذه الثقوب لها قوة جذب مخيفة، لو أنها جذبت الأرض لأصبحت الأرض بحجم البيضة ولكن مع وزنها نفسه.

حديث مُعجز:

لنتصور الأرض بقاراتها الخمس، والبحار التي تشكل أربعة أخماس اليابسة، هذه الكتلة الضخمة كلها لو جذبها ثقب أسود لأصبحت بحجم البيضة. هذه مرحلة ثالثة، حيث لا يسطع منها نورُ، وفيها قوة جذب مخيفة، وحرارتها لا توصف. ماذا نفعل إذا مرَّ بنا حديثٌ شريفٌ قد أتى بهذه الحقيقة؟ يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” أٌوقِدَ على النار ألف سنة حتى احمرَّت ثم أُوقِدَ عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى إسودت فهي سوداء مظلمة”(1).

هذا من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، كيف عرف أن النار أُوقِدَ عليها ألف سنة حتى احمرَّت ؟

وقال الإمام المناوى في ” فيض القدير” في شرح الحديث:” و الظاهر انه أراد بالألف فيه وفيما يأتي التكثير، وان المراد الزمن الطويل”يعني زمناً طويلاً للتكثير والمبالغة” هنا لا بد من الإشارة الى أن 1000 سنة ليس بالضرورة من سني الأرض ربما من سني الله:

﴿ إن يوماً عند ربك كألف سنة ما تعدون﴾.(الحج،47)

ج‌- دلالة لون النجوم:

تُعرف درجة حرارة سطح النجم من لونه: فيتغير لون النجم مع تغير درجة حرارة سطحه، وهناك ثلاثة أنواع من النجوم (تصَّنف حسب درجة حرارتها) :

1- النجوم الباردة Etoiles Froides

2- النجوم الفاترة Etoiles tièdes

3- النجوم الحارة Etoiles Chaudes

وقد صنَّف العلماء النجوم بتغير درجة حرارتها:

1- النجوم الحمراء: درجة حرارتها أقل منº 4000 درجة.

2- النجوم الصفراء: درجة حرارتها من º4000 ←  º6500درجة.

3- النجوم البيضاء: درجة حرارتها من º6500   ← º10000  درجة.

4- النجوم الزرقاء: درجة حرارتها أكثر من 10000 º  درجة.

طبقاً لهذه الأرقام فإننا نجد ان الشمس نجم متوسط الحرارة فهو، نجم أصفر متوسط الحرارة تبلغ درجة حرارته = 5750 º درجة.

تترواح أطول موجات الأشعة البصرية بين :

0.01 ميكرون و 100 ميكرون ( و الميكرون = 0.001 ملم )

وتضم موجات الضوء المرئي و الاشعة تحت الحمراء و الأشعة فوق البنفسجية .

الخلاصة: العبرة من إعجاز الألوان :

إن ظاهرة اللون في القرآن الكريم من مظاهر الإعجاز. والتعبير الفني والجمالي، وحلية لفظية يتميز بها الأسلوب القرآني المعجز، جاءت متناسقة في النص، كي تؤدي وظيفة مهمة إلى جانب الوظائف التعبيرية التي حفل بها كتاب الله العزيز الحكيم. وهذه الظاهرة بالذات، تقدم للإنسان دلالات نفسية، بما تثير فيه من مشاعر وأحاسيس، تبعث على التفكير والتدبُّر فقد شغلت المفكرين والكتاب والشعراء، فأفردوا لها مؤلفات مشوقة بين معجم متخصص، ودراسة فنية. كما أن في اختلاف الألوان، دعوة للتأمل في هذا الكون كي يعرف أن توزيع الألوان لم يكن عبثاً، بل تكاملت واتصلت حركة الكون، صوتاً وصورة ، ليلاً ونهارا، شمساً وقمراً، كواكب ونجوماً… ولكل منها لونه المميز حين يتتبعه الإنسان يخر ساجداً لله جلت قدرته ..

وقد وردت كلمة اللون، ومشتقاتها في القرآن الكريم، تسع مرات، في سبع آيات كريمة، تحدث فيها عن اختلاف الناس والدواب والثمار والزرع والنفوس… وقد جعل الله تعالى  اختلاف الألوان آيات لقوم يتفكرون، ويتأملون ما هم فيه، من نعم تقع عليها العين، فتميز بين الأسود الحالك والأبيض الناصع، والأخضر الزاهي. في القرآن الكريم ستة ألوان: الأخضر – الأصفر- الأبيض- الأزرق- الأحمر – والأسود إضافة إلى وجود ألفاظ أخرى تحمل معاني الألوان من دون لفظها، كألفاظ( أحوى) و(مَدْهامتان) و ( وردة كالدهان)…

ونلاحظ أن وظيفة اللون، الجمالية والتزيينية، تكمن في توضيح الصورة، وإبراز الفكرة، وتعميق المعنى وبلاغة التعبير والتأثير بالتشويق أو التنفير، مما يوقظ القلب وينبه الحواس، ويثير الشهية للتذوق.

اللون آية من آيات الله في الكون، وشاهد على القدرة والإبداع الإلهي، ونعمة جعلها الخالق مرتبطة بالإبصار في الإنسان، ودعوة إلى التفكير بالعقل، لدراسة هذه الظاهرة دراسة واعية، نستخلص منها العبرة والموعظة، ونقر فيها للخالق بالتفرد والإبداع والإعجاز.

__________________________________

لائحة المصادر و المراجع:

-التحرير و التنوير، الشيخ الطاهر بن عاشور.
-الطب محراب الإيمان، مؤسسة الرسالة، د. خالص جبلي.
-في ظلال القرآن، الطبعة الحادية عشر لدار الشروق، ج5، سيد قطب.
-سر الزخرفة الاسلامية، بشر فارس.

-مجلة الإعجاز في القرآن والسنة، بيروت، العدد الأول.
-قناة المستقبل الفضائية، برنامج الألوان.
-موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، آيات الله في الآفاق، د. محمد راتب النابلسي.
-من آيات الإعجاز العلمي، السماء، د. زغلول راغب محمد النجار.

-www.nooran.org

-جريدة حديث المدينة،1 مارس 2006 م.

(*) رسالة أعدت إستكمالاً لنيل درجة دبلوم الإعجاز العلمي في  القرآن و السنة في جامعة الجنان بطرابلس بإشراف د. خالد حسين

(1) مراجعة الباحثة للحصول على الدراسة بكاملها.