مفهوم المساواة بين الجنسين: الحركة النسوية

أ.غنى بغدادي*

47- العدد السابع والأربعون خريف 2018

بتعريف الحركة النسوية وفقا لقاموس أوكسفورد: هو الدفاع عن المساواة بين الجنسين. النسوية هي مجموعة من الحركات التي تهدف إلى تحقيق وتقاسم الحقوق المتساوية للنساء والرجال. لقد ظهرت الحالة النضالية النسوية لأول مرة في القرن التاسع عشر. قامت الحركات النسائية بحملات من أجل حقوق المرأة، بما في ذلك الحق بالتصويت، وبتولّي المناصب العامة، والعمل، والحصول على أجور عادلة أو متساوية، وامتلاك العقارات، وتلقي التعليم، وإبرام العقود، ولحصول على حقوق متساوية في الزواج، والحصول على إجازة الأمومة. عملت الحركة النسوية أيضاً على تعزيز الاستقلالية الجسدية والنزاهة، وحماية النساء والفتيات من الاغتصاب والتحرش الجنسي والعنف المنزلي.

حقوق المرأة والإسلام
تعريف حق المرأة وفقا لقاموس أوكسفورد: هو مجموعة الحقوق التي تعزز المساواة الاجتماعية والقانونية بين المرأة والرجل. يدّعي المجتمع الغربي أن المجتمع الإسلامي يقمع المرأة المسلمة ويحرمها حقوقها الإنسانية. فالحديث الغربي عن تحرير المرأة ليس سوى خطة تهدف إلى عرض جسدها، وحرمانها من الشرف وإهدار روحها. بينما الإسلام قدأعطى المرأة حقوقها منذ أكثر من 1400 سنة. إن المسلمين يمثلون 20٪ إلى 25٪ من مجموع السكان في العالم، والإسلام هو الدين الأكثر انتشارا وتزايدا وثلثا الداخلين الجدد إلى الإسلام هم من النساء مما يعني أنهن رأين في الإسلام ما يحفظهن ويحفظ لهن وجودهن وحقوقهن وكرامتهن، لذلك ينبغي الحكم على الإسلام بأوامر الإسلام المتمثلة في القرآن الكريم والحديث الشريف لا بما يفعله بعض المسلمين أو ما تقوم به بعض المجتمعات الإسلامية.

المرأة في الديانات الأخرى
• في الحضارة البابلية، كان الرجل إذا ارتكب جريمة، عوقبت زوجته بدلاً عنه ونُفيت.
• وفي الحضارة اليونانية، كانوا يؤمنون بامرأة تدعى باندورا أنها سبب الشر وسوء الحظ. وكانت النسوة مكرسات فقط من أجل الجنس واللهو والتضحية للآلهة.
• وزعمت الحضارة الرومانية أن المرأة لا تملك روحًا، ولم يُسمح لها بتناول اللحوم أو الضحك أو الكلام بدون إذن، بالإضافة إلى السماح للرجال بقتل زوجاتهم.
• وفي الحضارات المصرية كان يُعتقد أن النساء هن علامة الشيطان وسبب المتاعب والمرض.
• قبل الإسلام في الحضارة العربية كانت بعض الفتيات تدفنّ وهنّ على قيد الحياة.

الرجال والنساء في الإسلام متساوون
في الإسلام يتساوى الرجال والنساء على حد سواء، لكن المساواة لا تعني التطابق. في الأصل الرجال والإناث من نفس واحدة، يقول الله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا](سورة النساء، الآية 1)، وبعض الاختلافات سببها الخلفية البيولوجية والخلفية الفيزيائية والخلفية النفسية. كما ثبت في الطب، وفي علم النفس وفي الفلسفة وحتى في قانون الألعاب الأولمبية.
1. الحقوق الروحية
يتساوى الرجل والمرأة والرجل في عبادة الله ويتساويان في الحساب [فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ ] (سورة آل عمران، 195). وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يلقي باللوم على حواء على الخطيئة الأولى التي ارتًكبت {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْتَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20].
2. الحقوق الاقتصادية
أعطى الإسلام المرأة حقوقا اقتصادية قبل 1300 سنة قبل العالم الغربي. فالمرأة في الإسلام لها الحق في امتلاك أو تبرئة الممتلكات والحق في الاحتفاظ بالملكية بعد الزواج وعدم مشاركة زوجها في أي شيء، قال تعالى: [فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا] (سورة النساء، 4). أما أول مرة امتلكت المرأة الغربية المتزوجة فيها الحق بامتلاك العقارات والتنازل عنها كان حتى سبعينيات القرن التاسع عشر، وذلك تحت امتياز الزواج فقط. وللمرأة المسلمة الحق في أن ترث وتأخد نصيبها المفروض من الميراث بحسب قربها ونسبها وتكليفها من الله تعالى القائل: [لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا] (سورة النساء، 7)
كما أعطى الإسلام المرأة الحق في الدلال، فالرجال في الاسلام لديهم درجة إضافية من المسؤولية وخدمة إضافية للنساء تتضمن تأمين الحماية لهنّ ورعاية احتياجاتهنّ المالية، يقول الله تعالى:[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ](سورة النساء،34) وللمرأة في الإسلام الحق في هدية الزواج (المهر)، قال عزّ وجلّ:[وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ ](سورة النساء 4).
فالمرأة مالياً أشد اكتفاء في الإسلام، فقبل الزواج، يكون من واجب الأب والأخ تأمين احتياجاتها المادية، وبعد الزواج تنتقل هذه المسؤولية إلى الزوج والابن. وبذلك أعطى الإسلام الحق للمرأة في عدم تحمل العبء المالي. ولكن إن شاءت وأحبت لديها الحق بالعمل وبامتلاك مشروع تجاري مثال أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى ذلك، إذا حصلت على الطلاق، تحصل على النفقة خلال فترة العدة، وفترة الرضاعة للأطفال وفترة حضانة أطفالها.
3. الحقوق الاجتماعية
أعطى الإسلام المرأة الحق في الزواج بشريك من اختيارها الخاص ولها شراكة متساوية في مسؤوليات الزواج، قال تعالى:[هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ](سورة البقرة، 187) ووظيفة اللباس التجميل والستر والحماية، وذلك من مهام كلا الزوجين تجاه بعضهما البعض. ولها الحق في الشروع في الطلاق (الخلع) بالإضافة إلى الحق في حضانة الأطفال. وللأم على اولادها واجب الحق الأكبر في الصحبة والبر(الرعاية) قبل الأب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:”يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي” قال:”أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك”. قال:”ثم من؟” قال:”ثم أبوك”.(صحيح البخاري كتاب الأدب 5626).
أما في ما يتعلق بحق التعليم، فالإسلام يساوي بين المرأة والرجل في الحصول عليه بل يأمر ويحث جميع أفراد المجتمع بالسعي إليه، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة” (ابن ماجة والطبراني وغيرهما).
4. الحقوق القانونية
يتساوى الرجال والنساء في الإسلام من الناحية الشرعية. تُطبّق نفس العقوبة على الرجال والنساء في الجريمة [السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] (سورة المائدة، 38). ويمنح الإسلام المرأة الحق في أن تكون شاهدة، بينما لم يُسمح للنساء اليهوديات بذلك إلا عام 1950.
ويحمي الإسلام سمعة المرأة في القانون، إذا ادعى أحدهم على امرأة وأساء سمعتها، ينبغي عليه أن يأتي بأربعة شهود شهدوا النشاط الجنسي المُدعى في نفس الوقت، وإذا لم يستطع ذلك، يُحكم عليه بعقوبة ثمانين جلدة مع كل شاهد إذا لم يتطابق الادعاء، قال عزّ وجلّ: [وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ](سورة النور، 24). وللنساء في الإسلام الحق في الاحتفاظ باسمائهن التي كنّ يحملنها قبل الزواج.

5. الحقوق السياسية
للمرأة في الإسلام حق المشاركة في صنع القانون، فقد رقى عمرُ بْنُ الخطابِ المِنْبَرَ ونهى الرجال ان يزيدوا في مهور النساء على اربعمائة درهم، ثُمَّ نزلَ فَاعْتَرَضَتْهُ امرأةٌ من قريشٍ فقالتْ:”يا أَمِيرَ المؤمنينَ نَهَيْتَ الناسَ أنْ يزيدُوا النِّساءَ صَدَاقَهُمْ على أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ” قال:”نَعَمْ”، فقالتْ:”أَما سَمِعْتَ ما أنْزَلَ اللهُ في القرآنِ”، قال:”وأيُّ ذلكَ” فقالتْ:”أَما سَمِعْتَ اللهَ يقولُ [وآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا] الآية” قال: فقال:”اللهمَّ غَفْرًا كلُّ الناسِ أَفْقَهُ من عمرَ” ثُمَّ رجعَ فَرَكِبَ المِنْبَرَ فقال:”إنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أنْ تَزِيدُوا النِّساءَ في صَدَاقِهِنَّ على أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فمَنْ شاءَ أنْ يُعْطِيَ من مالِهِ ما أحبَّ” قال أبو يَعْلَى وأَظُنُّهُ قال:”فمَنْ طَابَتْ نفسُهُ فليفعلْ”(الراوي : مسروق بن الأجدع بن مالك المحدث : ابن كثير الصفحة أو الرقم: 2/212 كتاب سنن النسائي الزواج 3349).
وللمرأة الحق في المشاركة في ساحات المعارك، ولها الحق في التصويت قبل 1400 سنة (بيعة العقبة الأولى) كما ان لها كرامة إبداء الرأي، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ](سورة الممتحنة، 12).


*من صديقات منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.