المراهقون السود والمتحولون جنسياً…. ينتحرون

أ. زينب ضاهر

 العدد الثاني والخمسون شتاء 2019

كلّما ابتعد الإنسان عن فطرته، كلما شقي وابتعد عن السعادة، واضطرب وزادت أمراضه النفسية والجسدية، وبات من الصعب انتشاله وتصحيح مساره ليعود إلى الحياة الطبيعية السليمة التي ينعم فيها بالسعادة والإنتاج والإيجابية في كل النواحي.
والأخطر هو أن يكون هذا الإنسان في سن المراهقة، حين يمرّ أساساً باضطرابات هرمونية واجتماعية، وهو يحاول إيجاد هويته وإثبات نفسه وتكوين شخصيته المستقلبية، ومتى ما تعرض لضغوط وتوجيه خاطئ، تغيّر مسار حياته بالكامل وهبط إلى الأسفل.
نستعرض أدناه ما نشره مؤخراً موقع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال حول نسب الانتحار المتزايدة بين المراهقين السود، والمرتفعة بين المراهقين المتحولين جنسياً.
فقد وجدت دراستان جديدتان حول الانتحار زيادة في محاولات الانتحار لدى المراهقين السود ومعدلات أعلى لمحاولات الانتحار لدى المراهقين المتحولين جنسياً مقارنة مع أقرانهم.
انتحار المراهقين آخذ في الارتفاع وهو السبب الرئيسي الثاني للوفاة في هذه الفئة العمرية:
سعى الباحثون من الدراستين لبحث عوامل الخطر من أجل إيجاد طرق للوقاية.

العرق والاتجاهات الجنسية (Gender trends)
اكتشف الباحثون اتجاهات في التفكير الانتحاري ومحاولة الانتحار من قبل العرق والجنس منذ عام 1991 وحتى عام 2017، اعتماداً على بيانات الدراسة الاستقصائية لسلوكيات مخاطر الشباب الممثلة وطنياً، والتي أجريت على 200 ألف طالب ثانوي.
وأظهرت النتائج أن 19% من المراهقين فكّروا بجدية بالانتحار، 15% وضعوا خطة للانتحار، 8% حاولوا الانتحار و 2.5% تعرضوا للأذى نتيجة محاولتهم للانتحار.
كتب مؤلفو دراسة “اتجاهات نحو السلوك الانتحاري لطلاب المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأميركية من عام 1991 وحتى عام 2017” (ليندسي م. أي. 2019): “على الرغم من الاهتمام المتزايد المُوجه إلى إنشاء حملات للحد من انتحار الشباب في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي، تشير هذه النتائج إلى أن استمرار الاهتمام بشأن السلوكيات الانتحارية بين الشباب في سن المدرسة الثانوية أمر ضروري”.
وقال الكتاب أن المراهقين السود قد لا يتلقون علاج الصحة الذهنية الذي يحتاجون إليه، وقد يتعرضون للتمييز العنصري أو لتجارب مؤذية في مراحل طفولتهم.

معدلات الانتحار لدى المتحولين جنسياً
في دراسة أخرى، قام باحثون من جامعة بيتسبرغ (Pittsburgh) بتحليل بيانات استفتاء أُجري عبر الإنترنت شمل 2020 شخصاً من عمر 14 إلى 18 عامًا لاستكشاف معدلات التفكير الانتحاري ومحاولات الانتحار لدى المراهقين المتحولين جنسياً.
ووجد الباحثون أن المراهقين المتحولين جنسياً (TGAs) لديهم معدلات أعلى من التفكير بالانتحار، ووضع الخطط، حتى أنهم وجدوا عدداً كبيراً من محاولات الانتحار الذي يصل إلى حد ضرورة التدخل الطبي مقارنة مع المراهقين الأسوياء. علاوة على ان المتحولين جنسياً معرضون أيضاً لنسب أعلى من الإصابات الأخرى غير الانتحار، وذلك بحسب دراسة تحت عنوان “الفرق بين انتحار المراهقين المتحولين جنسياً مقارنة بالأسوياء” (توماس ب. س. 2019).
وكتب المؤلفون: “يجب إعطاء الأولوية للمراهقين المتحولين جنسياً (TGAs) في الأبحاث المستقبلية التي تدرس انتحار المراهقين، بما في ذلك شرح آليات الانتحار بينهم لتحديد استراتيجيات التدخل والوقاية المستقبلية المصممة لتقليل الانتحار ضمن هذه الفئة السكانية الضعيفة” .

ومن المعلوم أن الشرع الحنيف لا يجيز التحول جنسياً كلما تولّدت لدى الشخص رغبة أو شهوة في تغيير جنسه، الذي فطره الله عليه، والله به أعلم وأحكم وأرحم. وقد حذّر تعالى من هذه الارتكابات التي سماها “تغيير خلق الله”، واعتبرها نتيجة لاتّباع الشيطان وإضلاله، ووعد مرتكبيها بأشد العقاب، فقال عن الذين يشركون به: { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) } [سورة النساء].
ومن الطبيعي ان من يتبع الشيطان يفقد الهداية والرشد كما يفقد العناية والحماية الربانية، والانسان ضعيف إذا ما اعتمد على نفسه من دون الله، يقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].
وفي وقت لاحق يكتشف ذلك الذي غيّر خلق الله في جسده أنه أخطأ وتسرّع فلا يستطيع العودة إلى ما كان عليه من الخلقة السويّة ولا أن يستمر في شذوذه المخالف للطبيعة، فيتلاعب به الشيطان حتى يوصله إلى الكآبة واليأس والقنوط، وفقدان الأمل، قال تعالى عن مثل هؤلاء: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج: 31]، فيتمنى الموت لينهي رحلة عذاباته بالانتحار، وأي خاتمة أسوأ من الانتحار والعياذ بالله.


[1]  ترجمة لمقالة “Studies: Suicide attempts high among transgender teens, increasing among black teens “، لميليسا جينكو (Melissa Jenco)، بتاريخ 14 تشرين الأول 2019، نقلاً عن موقع (American Academy of Pediatrics)، www.aappublications.org.