جيل زد، من هو؟

مريم عسكر*

 العدد 54 شتاء 2021

يقول الله تعالى: “وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” (سورة هود، الآية 118).
الاختلاف بين الخلق هو من سنن الله في هذا الكون وأساس في استمرار الحياة، ويدخل الاختلاف في مجالات عدة منها الاختلاف بالشكل، أو اللون، أو اللغة، أو التقاليد أو غير ذلك. وكما يوجد اختلاف بين الأفراد يوجد أيضاً بين الأجيال، فكل جيل يختلف عن الآخر بحسب الظروف المحيطة به والتي تلعب دوراً مهماً في تشكيل خصائص الجيل.

تعدد الأجيال:
التزم مركز (Pew Research Center) على مدى عقود بدراسة مواقف الناس من قضايا معينة وتسجيل الاختلافات بينهم بحسب الجيل، بغرض دراسة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على فترات من الزمن. ووفقاً لمركز (Pew) تنقسم الأجيال بحسب سنة الميلاد إلى الفئات الآتية مع الإشارة إلى اختلاف سنة الميلاد لكل جيل من مصدر لآخر:
– الجيل الأكبر ولد في عام 1924 وما قبل
– الجيل الصامت 1925-1945
– المواليد الجدد 1946-1964
– جيل اكس (X) 1965-1980
– جيل الألفية (Millennial) ويسمّى أيضاً بجيل واي (Y) 1981-1996
– جيل زد (Z) ولدوا في عام 1997
وبحسب الباحث (Mark McCrindle) فإن جيل ألفا (alpha) هو الجيل الذي يأتي بعد جيل زد وتبدأ سنة ميلاده عام 2010(1).

من هو جيل زد؟
أولاً يُعرف أيضًا باسم Gen Z أو iGen أو المئوية، ويشير إلى الجيل الذي وُلد عام 1997 أي بعد جيل الألفية. نشأ هذا الجيل على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي(2) ووفقا لمركز (Pew Research Center) يقيم غالبية هذا الجيل في المناطق الحضرية و 13% منه فقط يعيشون في المناطق الريفية كما التحق 64% من نساء هذا الجيل بالجامعة بزيادة 57% عن جيل الألفية و43% عن جيل اكس(1).
لا لوسائل التواصل الاجتماعي
وفقا لأحدث تقرير من (Fullscreen) والذي يستند إلى ردود 1500 من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و38 عامًا، إلى جانب 3 آلاف عضو من الجيل الأول من الألفية الجديدة، يتمنى أكثر من نصف جيل زد وجيل الألفية حياة بدون وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يعترف 83٪ بأن مزاجهم يتأثر بعدد الإعجابات والتعليقات والمشاركات التي يتلقونها على المحتوى الاجتماعي الذي ينشرونه.
علاوة على ذلك، يعتقد 54٪ أن الاتصال المستمر بأجهزتهم يزيد من سوء حالتهم العقلية، في حين يقول 51٪ أنهم يفكرون في كثير من الأحيان حول شكل الحياة بدون وسائل التواصل الاجتماعي(3).

الخصائص السبع التي تميز جيل زد بحسب كتاب (Generation Z Unfiltered) للكاتب تيم ألمور (Tim Elmore)(4):
1- هم أكثر خصوصية:
وفقا لمؤشر (Global Web Index)، يُعتبر جيل زد أكثر سرية من جيل الألفية ولا ينشر معلومات خاصة عنه ويتعامل بسريّة في ما يتعلق بملفّه الشخصي، لذلك يفضل مشاركة رسالة التلاشي (story) خاصة على موقع (Snapchat)، وهي منشور يظهر فقط لمدّة 24 ساعة ثمّ يختفي، فيكون من المستحيل الحصول عليه مجدّداً. ويبذل ما يقرب ستة من كل عشرة أشخاص جهودًا واعية لقضاء وقت أقل على مواقع التواصل الاجتماعي.
يعود ذلك إلى وقوع جيل الألفية فريسة للملاحقين والمتنمرين وحتى أصحاب العمل الذين شاهدوا منشوراتهم على انستغرام (Instagram) أو فايسبوك (Facebook) واختاروا عدم توظيفهم بسبب تلك المنشورات.

2- هم أكثر قلقاً:
هذه الحقيقة هي “أساس” تقريبًا في حياة جيل زد. يعاني الأطفال والمراهقين من هذا الجيل من مشاكل في الصحة العقلية أكثر من أي جيل آخر في تاريخ الولايات المتحدة. وتعجز المدارس الثانوية والكليات عن تأمين عدد كبير من المستشارين لمساعدة الطلاب الذين يطلبون المساعدة لتخطي هذا القلق ولحل المشاكل الأخرى التي يعانون منها.
يعيش جيل زد بمفارقة إذ أن حياة هؤلاء سهلة وصعبة، الحياة سهلة وسريعة من حيث الانتقال بين وسائل التكنولوجيا ولكن صعبة من حيث الانتقال النفسي والعاطفي. مثال على ذلك يستطيع أيّ كان الهروب إلى المنزل من التنمّر الذي يعاني منه في المدرسة أو الجامعة، ولكن لا يستطيع فرد من جيل زد التخلص من هذا التنمّر إذ يلاحقه إلى بيته عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وهم مع تعرّضهم لكمٍ كبيرٍ من المعلومات واطلاعهم اليومي على المآسي التي تحصل في أنحاء العالم عبر الهاتف الذكي فليس من الضروري أن يكونوا على استعداد للتعامل معها.

3- هم أكثر تعباً:
يستمدّ أفراد جيل زد هويّتهم من محيطهم والذي هو في تغيّر دائم، وتبيّن أن نسبة كبيرة من طلاب المدارس المتوسطة تستمدّ هويتها من وسائل التواصل الاجتماعي حيث يشعر الملايين بالقلق ويمضون لياليهم على شاشات الهاتف بدلاً من النوم، ويتغيّرون بشكل دائم استجابة للظروف.
ويعاني 11% من هذا الجيل من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).

4- هم أكثر ذكاءً تكنولوجياً:
يمضي جيل زد وقته في المنزل على الشاشة، بما يعادل وظيفة بدوام كامل (تسع ساعات في اليوم)، باستثناء الوقت الذي يمضيه لحلّ الواجبات الدراسية. ووفقًا لدراسة أجرتها “المعاهد الوطنية للصحة” عام 2018، يستخدم الأطفال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وألعاب الفيديو أكثر من سبع ساعات في اليوم وهم أكثر عرضة لتجربة ترقق القشرة المبكرة، وهي الطبقة الخارجية للمخ التي تعالج التفكير والعمل. ووفقًا لبحوث التسويق من شركة (Sparks and Honey) للاستشارات، يقوم أطفال جيل زد بالعديد من المهام على خمس شاشات، وليس اثنين كما حدث لجيل الألفية.

5- هم أكثر ثقافة:
يتعرض جيل زد لكثير من المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما يجعله أكثر وعياً وثقافة من الأجيال السابقة، يبدو هذا الأمر جيداً من ناحية، إلا أنه يسبب قلقاً كبيراً للأهل تجاه أطفالهم حيث يشعرون بالخوف وضرورة حمايتهم من معلومات قد لا يكونوا على استعداد للتعامل معها.
كما يُعتبر أفراد هذا الجيل حريصين على رأي الآخرين بهم.

6- لديهم روح مبادرة أكثر:
تعلّم جيل زد من جيل الألفية أنه ليس من الضروري اعتماد الطريق السهل والتقليدي لارتياد الجامعة والحصول على وظيفة. ويشعر أفراد هذا الجيل بالقدرة على تجاوز تسلق سلم الشركات وإنشاء شركتهم الخاصة أو العمل الحر وهم في العشرينيات من العمر. ووجدت دراسة أجرتها شركة (Sparks and Honey) عام 2014 أنه أراد 72% من طلاب المدارس الثانوية بدء مشروع تجاري وأنه بدأ حوالي ثلث الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والتاسعة عشرة بتحقيق هذا الأمر.

7-هم أكثر استعداداً للمواجهة:
يهتم جيل زد بالقيادة مقارنة بالأجيال الثلاثة السابقة وفقاً دراسة استقصائية عالمية لعام 2017 أجرتها (Universum)، ففي شهر مارس من عام 2018، شارك أكثر من 400 ألف مراهق في مسيرة من أجل دعم التشريعات التي تمنع العنف المسلح في الولايات المتحدة.

فيما يلي إحصائية قام بها (Deloitte Millennial) لمقارنة أولويات جيل زد بأولويات جيل الألفية(5):

إذا أرادت الأمم أن ترتقي وتتطور فعليها أن تهتم بأجيالها القادمة وأن توفر لهم أسساً متينة ينشأ عليها جيل قوي يتحمل المسؤولية، يكون مسلحاً بالإيمان والعلم ولتحقيق ذلك لا بد من تعاون الدولة والأسرة ووضع استراتيجيات معينة للتعامل مع كل جيل بحسب الظروف التي يمر بها.


* من أصدقاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة –لبنان، من فلسطين.
المصادر:
(1): مقالة للاعلامي “جون ستوارت” (Jon Stewart) تحت عنوان ” American Generation Fast Facts” على موقع الـ CNN، رابط المقالة: https://edition.cnn.com/2013/11/06/us/baby-boomer-generation-fast-facts/index.html
(2): مقالة على موقع (Business Insider) تحت عنوان “Generation Z
LATEST CHARACTERISTICS, RESEARCH, AND FACTS”، رابط المقالة: https://www.businessinsider.com/generation-z
(3): مقالة لـ”غافين أومالي” (Gavin O’Malley) تحت عنوان “Report: Gen Z, Millennials Unhappy With Social Media’s Impact On Their Lives”، على موقع (Media Post)، رابط المقالة: https://www.mediapost.com/publications/article/338497/report-gen-z-millennials-unhappy-with-social-med.html
(4): مقالة على موقع (Growing Leaders) تحت عنوان “Seven Characteristics That Distinguish Generation Z”، رابط المقالة: https://growingleaders.com/blog/seven-characteristics-that-distinguish-generation-z/
(5): مقالة لـ “”شان ماكابي” (Sean McCabe) تحت عنوان ” Millennials and Gen Z less optimistic about future of traditional business, survey finds “، على موقع (Accounting Today) رابط المقالة: https://www.accountingtoday.com/news/millennials-and-gen-z-less-optimistic-about-future-of-traditional-business-survey-finds?fbclid=IwAR2LW5i0Ea8BzvD9pYs2MUjgq046pGZhwH-yMeXCF3VCiJ6rraGnc1n2Kvs