لا تنتحر

أ. زينب ضاهر*

13 كانون الأول 2019

لطالما ارتبط فعل “الانتحار”، بالعار والفضيحة، وعانى أهل المُنتحر على كل الأصعدة، خاصة على الصعيد الاجتماعي.

و”للأسف”، يعمد البعض مؤخراً إلى الانتحار للتخلص من العبء المعيشي الصعب الذي تمرّ به بلادنا، والمؤسف أيضاً، نشر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الحوادث على أنها ردة فعل منطقية تجاه الوضع الاقتصادي الصعب، وتُكتب المقالات حول الفقر الذي يعاني منه الأهل والمحيط والدوافع القاهرة التي أدّت إلى اليأس.

لا أحد ينكر الأزمة التي يمرّ بها لبنان، فكلنا موجوع وتتفاوت الآلام وعلينا جميعاً الوقوف إلى جانب بعضنا البعض. وعلينا أيضاً رفض خيار الانتحار الذي بات ينتشر على الساحة ولا نسمع الأصوات المنددة بهذا الفعل وعواقبه الوخيمة على المُنتحر نفسه انطلاقاً من الدين الاسلامي الذي حرّم الانتحار. وعلى عائلته التي ستعاني بعد موته أشدّ المعاناة.

الانتحار ليس حتى خياراً، والمُنتحر ليس بطلاً ولا ضحية، هو إنسان سمح لليأس أن يتحكم بحياته، وأودى بآخرته إلى النار، وشرّد أهله ويتّم أولاده.

المُنتحر لديه خيارات كثيرة أقلّها طلب المُساعدة، ولو كان السؤال شديداً على كرامة الإنسان، يظلّ أفضل بكثير من قتل النفس التي حرّم الله قتلها.

لا نملك أرواحنا، ولا يحقّ لنا اختيار النهاية بأنفسنا، البلاء واقع وعلى كل إنسان أن يتمسك بإيمانه ويلتمس المزيد ليزداد يقينه بأن الله قادر على أن يكشف الضر ما بين غمضة عين وانتبهاتها، وبأنه سيغير الحال إلى الأحسن.

علينا أن نعي ما يحصل ونطلب المساعدة ولا ننجر وراء العاطفة والمآسي والكآبة.

وعلينا التنبيه ثم التنبيه ثم التنبيه إلى حرمة النفس التي خلقها الله تعالى. و إلى أنّ الانتحار جريمة ومعصية، قال الله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم).

ونبّهنا رسول الله صل الله عليه وسلم من قتل النفس وقال: “ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم” (البخاري)، وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً: “من قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه؛ فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا” (مسلم).

وأخيراً، أيها الإنسان، أنت غالي على الله وغالي على عائلتك وأولادك ومجتمعك يحتاجك، أنت لست لا أحد، أنت كيان خلقه الله بيديه، فاصبر والفرج قادم بإذن الله تعالى، ولا تسمح للأفكار الشيطانية بأن تقودك إلى الهاوية. ارتدع واعلم يقيناً أن الموت ليس الحل، بل باب إلى ما هو أصعب على النفس البشرية ولن تطيق عذاب جهنم.


  • من أعضاء منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – بيروت لبنان