بالحساب تزوّجت السيدة عائشة رضي الله عنها في سن الثامنة عشرة

لين علوان*

49 – العدد التاسع والأربعون ربيع 2019

في كتاب “المرأة والإسلام”، أشارت ليلى أحمد بأنّه لا يوجد ما يشير إلى أنّ أيّ شخص اعتبر زواج السيدة عائشة (رضي الله عنها) من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) غير لائق، علمًا بوجود أحاديث تدّعي أنّ عمرها لم يتجاوز التاسعة عندما اكتمل زواجها من سيدنا محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) والذي كان يبلغ الخمسين من عمره في تلك الفترة. كما ورد في صحيحي البخاري ومسلم .
إن محاولة الدفاع عن الإسلام ونبيّه صلى الله عليه وسلم في وجه النقّاد لم يكن قط شيئًا سهلاً، بتنا في زمننا هذا مضطرّين إلى تبرير معتقداتنا أمام الجميع، حتّى لإخوتنا في الإسلام، في كلّ مكان وفي كل موقف من حياتنا اليوميّة. ولكن حتّى بعد دفاعي لسنوات توازي فترة وعيي عن الإسلام واعتقادي أنّه أصبح لديّ الأجوبة لكلّ الأسئلة “المسيئة” لهذا الدين، قرأت كتاب المصريّة ليلى أحمد واضطررت إلى الجلوس لساعات أستمع إلى الطلاب المسلمين قبل غير المسلمين وهم يتفوّهون بما لا أجروء على قوله.
وقعت هذه الحادثة في جامعتي، في صفّ لدرس نظريّة المساواة بين الرجل والمرأة. كان علينا أن نكتب مقالة مستوحاة من الكتب التي قرأناها، فبقيت في الصفّ بعد انتهائه لأعبّر لأستاذي عن مدى استيائي لما يقال في الصفّ، فطلب أن أكتب مقالتي عن تشجيع الدين الإسلامي للزواج من الأطفال!؟.
بقيت أكتب في المقالة لمدّة أسبوعين، محوتها وأعدت كتابتها عدة مرات، وأنا أتجنّب موضوع زواج السيدة عائشة في ذلك العمر، لكن لم أكن راضية عن المعلومات التي كانت أمامي على الورق. لذلك قرّرت التحدّث إلى الأستاذ الدكتور محمّد فرشوخ.
ولما سألته عن الموضوع توقّعت منه تبريراً وشرحاً للحالة والتقاليد الإجتماعيّة خلال فترة الجاهليّة، لكنّه فاجأني بقوله أنّ الحديث يحتمل الخطأ في الرواية، وأنني سأجد الجواب الشافي في حساب الوفيات بدلاً من حساب الولادات.
تحمّست لمعرفة المزيد فبدأت أقوم بالأبحاث اللازمة.
ففي احتمال الخطأ في رواية الحديث، قرأت في فتح الباري في شرح صحيح البخاري ان الراوي هشام بن عروة بن الزبير (وهو أحد رواة هذا الحديث في صحيحي البخاري ومسلم)، قد اختلطت عليه الأمور في آخر أيامه بالعراق، فقال ابن حجر فيه: (أَنه فِي كبره تغير حفظه فَتغير حَدِيث من سمع مِنْهُ فِي قَدمته الثَّالِثَة إِلَى الْعرَاق). حتى نسب إليه شيء من التدليس .
وعند التدقيق في حساب الوفيات، وجدت أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد توفيت سنة 57 أو 58 هجرية، وانها تصغر أختها أسماء بعشر أو إحدى عشرة سنة ، وأن أسماء قد توفيت سنة 73 هجرية عن عمر بلغ مائة سنة .
فتبين لي حسابياً، أن عمر أسماء يوم وفاة السيدة عائشة كان لا يقل عن 84 سنة. أي أن السيدة عائشة وهي التي تصغر أسماء ببضع عشر سنة كان عمرها على الأقل 73 سنة. وذلك سنة 57 للهجرة، فتكون قد ولدت قبل الهجرة بـ 16 سنة.
قد تزوجت إذن وقد بلغت 18 سنة من العمر. للعقل والمنطق وللتحقيق دور في الإسلام، الحمد لله.


*طالبة جامعية
فتح الباري لابن حجر (1/ 448).
سير أعلام النبلاء ط الحديث (3/ 520).
سير أعلام النبلاء ط الحديث (3/ 523-524).