الإيمان بالآخرة يمنح الأمل للبشر والإيمان بجهنم يحمي الشباب من الانحراف

المهندس الدكتور عبد الدائم كحيل*

العدد الثامن والثلاثون صيف 2016 -38

الإيمان بالآخرة يمنح الأمل
هل تعلم أن العلم الحديث اكتشف أن الإيمان بالآخرة ضروري جداً لسعادة الإنسان ومنحه الأمل في الدنيا… بل وزيادة استقراره وتخلصه من الاكتئاب والقلق؟

بحث جديد لجامعة كنت University of Kent ونشر في موقع Science Daily بتاريخ 14-5-2015 تقول بأن الإيمان بالآخرة ضروري جداً للبشر، ولكن لماذا؟
تؤكد جميع الدراسات العلمية أن الموت هو أكبر لغز في تاريخ البشرية، وأن سلوك الإنسان يختلف تماماً أثناء التفكير بالموت. حيث يؤكد الباحثان Dr Arnaud Wisman and Dr Nathan Heflick من جامعة University’s School of Psychology أن الإنسان يفقد الأمل أثناء التفكير بالموت، ولكن الإيمان باليوم الآخر يعزز الأمل لدى الناس حتى أثناء التفكير بالموت.
والنتيجة أن الإنسان بحاجة للأمل ليعيش حياة سعيدة… ولذلك فهو يكره الموت وبالتالي فإن المشكلة ليس في الموت نفسه، بل بما بعد الموت!! وهنا نود أن نتذكر حديثاً للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذكر هادم اللذات، يعني الموت) [رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه].
وكأن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام يريد أن يمنحنا الأمل من خلال تذكر الموت! لأن المؤمن عندما يتذكر الموت والقبر وعذابه أو نعيمه لابد أن يتذكر الجنة ونعيمها أو النار وجحيمها… ويتذكر الوقوف بين يدي الخالق في يوم مدته 50,000 سنة!!! وفي هذه اللحظة تهون عليه مصائب الدنيا وهمومها.. ويمتلئ بالأمل والسرور والفرح بلقاء الله تعالى… فينقلب هذا الموقف من تعاسة لدى الملحد إلى فرح لدى المؤمن…
فالملحد عندما يتذكر الموت يخاف… وتبدأ حساباته وآلامه وحسرته على الدنيا التي سيتركها وربما تعرض لظلم أو مرض أو مشاكل… ولم يتمكن من حلّها… فيصاب بضيق شديد واكتئاب وخوف وقلق… فأسوأ شيء على الملحد هو أن يتذكر الموت واليوم الآخر ووقوفه بين يدي الله… فهو لا يدري هل الله موجود أو هناك احتمال أن يكون موجوداً وماذا سيصنع وقتها…

لذلك أخي المؤمن… مهما كانت مشكلتك كبيرة وعظيمة سوف تزول وتصغر بمجرد أن تتذكر لحظة الموت ونزول القبر… وبعد ذلك الوقوف لمدة خمسين ألف سنة، وبعدها لا تدري ما هو مصيرك… فهل تفرح معي بلقاء الله تعالى وتتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه… ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه) [متفق عليه].
وأخيراً فقد ذكّرنا القرآن في آية عظيمة بهذا الموت، فقال مخاطباً سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر: 30]… فهل تكثروا يا أحبتي من ذكر الموت؟!

الإيمان بجهنم يحمي الشباب من الانحراف
هل تتصور عزيزي القارئ أن علماء الغرب بدأوا يكتشفون أسرار الإيمان… وهذه دراسة علمية لجامعة أوريغون تؤكد أهمية الإيمان بنار جهنم!!….

ظل الملحدون يرددون عبارة أن الدين جاء لتخويف الناس وتهديديهم واستغلالهم… وأن الوسيلة الأفضل للحياة السعيدة هو التخلص من فكرة الدين أو وجود خالق للكون والتخلص من فكرة عذاب جهنم… وغير ذلك.
ولكن تبين بأن الإلحاد يعزز لدى الملحد فعل مختلف الجرائم وبخاصة في فئة الشباب… ولذلك قامت جامعة أوريغون عام 2012 بدراسة مجموعات من الذين يؤمنون بيوم الحساب ووجود عقاب للجرائم التي يرتكبها المجرم في الدنيا وأنه سيعذب في نار جهنم… وتبين أن هؤلاء هم الأقل ارتكاباً للجرائم.


وخرجوا بنتيجة تؤكد أن الخوف من العقاب يمنع الإنسان من ارتكاب المحرمات.. وبالتالي فإن الإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب، هو طريقة سهلة لمنع المجرمين من ارتكاب الجرائم.

إذاً هذا ما يقوله العلم، فما رأي الملحدين بعد هذه الدراسة؟ لابد أن يعترفوا بأن الإيمان بجهنم شيء جيد لأنه يمنع ارتكاب الجريمة… وبما أن الملحد ينادي بالعدل، إذاً يجب أن يؤمن بيوم الحساب لكي يحاسب الله كل ظالم ويعطي حق كل مظلوم وهذا هو العدل…
وسبحان الله، نجد الملحد ينادي بالعدل ثم ينكر يوم الحساب… وينادي بالعلم ثم ينكر دراسات العلماء… ونجده ينادي بالأخلاق ثم ينكر الأخلاق التي جاء بها الأنبياء من الله تعالى… الملحد ينكر وجود الله ولكن العلم يؤكد أن الإيمان بالله هو جزء من فطرتنا… ولذلك فإن الملحد متناقض في كل شيء. وهذا ما أنبأ عنه القرآن في قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}[ق: 5]. ومعنى كلمة (مَرِيجٍ) أي مضطرب ومختلف ومتناقض ومختلط…
نسأل الله تعالى أن يصرف عنا نار جهنم وأن نكون ممن يقولون: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65]…
وأخيراً نقول: إذا كان الغرب اليوم بجامعاته العريقة… قد وجد أن الإيمان بوجود إله قوي يعاقب الظالم وينصف المظلوم، قد ساهم ويساهم في بقاء المجتمعات الإنسانية… ولذلك يدعون للاعتقاد بيوم الحساب… وسبحان الله يخرج في بلداننا الإسلامية من يدعو لإنكار الخالق والكفر بيوم القيامة… ولذلك فإن الإلحاد مدمر مثله مثل التطرف بل هو أسوأ أنواع التطرف… فالحمد لله على نعمة الإسلام.
____________________________________________________

* وللراغبين بمتابعة البحث بكامله مراجعة الموقع www.kaheel7.com
المراجع
Afterlife belief preserves hope when thinking about death, University of Kent, May 14, 2015. https://www.kent.ac.uk/news/society/5466/afterlife-belief-preserves-hope-when-thinking-about-death
https://uonews.uoregon.edu/archive/news-release/2012/6/belief-hell-according-international-data-associated-reduced-crime
https://www.psychologytoday.com/blog/the-big-questions/201403/exploring-belief-in-god-punisher